«شرعية أكتوبر» انتصرت للرئيس الراحل... حيّاً وميتاً

استند إليها مبارك في حكمه... ومنحته تكريماً بعد وفاته

الرئيس السيسي يواسي أرملة الرئيس الراحل أمس (إ.ب.أ)
الرئيس السيسي يواسي أرملة الرئيس الراحل أمس (إ.ب.أ)
TT

«شرعية أكتوبر» انتصرت للرئيس الراحل... حيّاً وميتاً

الرئيس السيسي يواسي أرملة الرئيس الراحل أمس (إ.ب.أ)
الرئيس السيسي يواسي أرملة الرئيس الراحل أمس (إ.ب.أ)

خلال ثلاثة عقود من حكمه، لم يجد صانعو حملات الترويج الانتخابي للرئيس المصري الراحل حسني مبارك سوى الاستناد بشكل أساسي على «شرعية حرب أكتوبر»، في إطار الدعوات لاستمراره في السلطة، وهو المبرر نفسه الذي تم تقديمه أخيراً لتشييعه في جنازة عسكرية، رغم إدانته بحكم قضائي نهائي.
وكان مبارك قائداً لسلاح القوات الجوية خلال حرب «أكتوبر 1973»، حيث عهد إليه ببدء العمليات العسكرية، تمهيداً لانطلاق معارك من أسلحة أخرى، بهدف استعادة السيطرة على شبه جزيرة سيناء، التي كانت تحتلها إسرائيل. وأصبح مبارك نائباً للرئيس الراحل أنور السادات، الذي كان يعرفه مؤيدوه بـ«بطل الحرب والسلام». غير أن مبارك، وبحكم دوره في الحرب، استند أيضاً إلى نفس الشرعية، والمتابعون لأدبيات الغناء السياسي في مصر خلال حكمه يعرفون كيف كان الوصف المصاحب لمبارك في أوبريتات التمجيد، التي صُنعت في عهده، بأنه «صاحب أول ضربة جوية فتحت باب الحرية».
وكذلك فإن الانتخابات الرئاسة التعددية الوحيدة، التي خاصها مبارك عام 2005، بعد ربع قرن من قيادته للبلاد بموجب الاستفتاء، كانت هي الأخرى ساحة للإشارة إلى دوره في «حرب أكتوبر»، والدعوة لانتخابه باعتباره بطلاً للحرب. وفي فترة أحداث «ثورة 25 يناير (كانون الثاني) 2011»، التي أزاحت مبارك من السلطة، شهدت خطاباته في فترة الاحتجاجات، التي دامت 18 يوماً، إلحاحاً دائماً من الرئيس الراحل على دوره في «أكتوبر»، وعبر ثلاثة خطابات مختلفة ألقاها للمتظاهرين لم يخل واحد منها من الفكرة نفسها.
ففي خطابه الأول في 28 يناير 2011. قال مبارك للمتظاهرين: «لا أتحدث إليكم اليوم كرئيس للجمهورية فحسب، وإنما كمصري شاءت الأقدار أن يتحمل مسؤولية هذا الوطن، وأمضى حياته من أجله حرباً وسلاماً». وفي الأول من فبراير (شباط) 2011، عاد مبارك ليشدد على فكرة «شرعية الحرب» ذاتها، قائلاً: «حسني مبارك الذي يتحدث إليكم اليوم...يعتز بما قضاه من سنين طويلة في خدمة مصر وشعبها. وهذا الوطن العزيز هو وطني (...) فيه عشت وحاربت من أجله»، مضيفاً: «يعلم الشعب الظروف العصيبة التي تحملت فيها المسؤولية... وما قدمته للوطن حرباً وسلاماً، كما أنني رجل من أبناء قواتنا المسلحة».
وبطبيعة الحال فإن رسالة مبارك الأخيرة كرئيس في 10 من فبراير 2011 تضمنت إشارة مشابهة، إذ نوه بأنه يكتفي بما «قدمه من عطاء للوطن لأكثر من 60 عاماً في سنوات الحرب والسلام».
ورغم إزاحته من السلطة منذ عام 2011؛ فإن «شرعية أكتوبر» عادت لتنتصر له مجدداً بعد وفاته، إذ نعته المؤسسات الرسمية الكبيرة في مصر، مركزة بشكل متشابه على «دوره في الحرب»، دون إشارة أخرى لفترة حكمه الطويلة رئيساً للبلاد.
ونعت المؤسسة العسكرية مبارك باعتباره «ابناً من أبنائها، وقائداً من قادة حرب أكتوبر المجيدة». وعلى النهج نفسه جاء تعليق رئاسة البلاد، التي أشارت إلى «ما قدمه لوطنه كأحد قادة وأبطال حرب أكتوبر المجيدة».



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.