متورط في «تجارة الكوكايين» يبرئ نجل رئيس الجزائر من «تهمة فساد»

شيخي قال إن المستهدف من القضية هو تبون شخصياً

TT

متورط في «تجارة الكوكايين» يبرئ نجل رئيس الجزائر من «تهمة فساد»

«تعرضت لعنف جسدي لانتزاع تصريحات مني لتورط خالد تبون، بينما الحقيقة هي أنه لا علاقة له بالقضية، وأنا أيضاً بريء».
بهذا التصريح الصادم فاجأ المتهم الرئيسي في «قضية حجز 7 قناطير من الكوكايين»، هيئة قضاة محكمة بالعاصمة الجزائرية، أمس، أثناء معالجة ملف مثير للجدل، اتهم فيه ستة أشخاص، من بينهم خالد تبون، نجل رئيس الجمهورية المسجون منذ قرابة عامين.
وخيّم الصمت على قاعة المحاكمة بـ«محكمة سيدي امحمد» الشهيرة، عندما كان كمال شيخي، مستورد اللحوم الحمراء المعروف، يدافع عن ابن الرئيس الذي اتهمته النيابة، بناءً على تحقيقات الشرطة القضائية التابعة للدرك، بتلقي رشى من رجل الأعمال لقاء تسليمه تراخيص بناء عمارات في أماكن راقية بالعاصمة. وحسب التحقيقات، فقد حصل خالد تبون على التراخيص الضرورية من والده، الذي كان وزيراً للسكن والعمران (2012 - 2014).
ويمثل الاستثمار في البناء والعقار أهم أنشطة شيخي المدعو «البوشي»، والمحاكمة التي جرت أمس تخص فساداً في هذا الجانب من أعماله. أما ملف اللحوم التي كانت مصحوبة بسبعة قناطير من الكوكايين، والتي حجزها خفر السواحل على ظهر سفينة قادمة من إسبانيا في مايو (أيار) 2017، فلم يعالجه القضاء بعد.
وأكد شيخي في معرض حديثه عن وقائع القضية، أن خالد تبون كان يزوره في مكتبه، وقد أظهرته كاميرات الشركة، التي يسيرها شيخي، وهو يستلم منه عطراً، قال المتهم الرئيسي إنه «كان هدية مني له من دون مقابل». وأضاف شيخي أمام دهشة الحاضرين في قاعة المحاكمة: «خالد تبون لا علاقة له بالقضية، وتم توريطه من أجل الإيقاع بوالده. خالد تبون لم يساعدني في مشروعاتي، ولم يتدخل يوماً أو يتوسط لصالحي بعكس ما يزعم البعض». كما اتهم شيخي قوات الدرك بضربه «من أجل أن أشهد ضد خالد ووالده».
وكان تبون قد صرح خلال حملة «رئاسية» نهاية العام الماضي، بأن سجن ابنه «مؤامرة دُبرت ضده، لكنها تستهدفني أنا في الحقيقة»، واتهم ضمناً من سُمُّوا «العصابة»، وهم رجال الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة، وزراء ورجال أعمال، وخاصة شقيقه السعيد (يوجدون في السجن)، والذين يتهمهم بعزله من منصبه كرئيس للوزراء بعد شهرين فقط من تسلم المهمة (صيف 2017). والسبب - حسبه - أنه اتخذ إجراءات هددت مصالح رجال أعمال مقربين من السعيد بوتفليقة.
وأضاف شيخي، أن «العصابة» مارست عليه ضغطاً ليشهد ضد خالد ووالده الوزير آنذاك.
ومن شأن هذا التصريح أن يثير جدلاً كبيراً؛ لأن القاضي لم يطلب من شيخي إعطاءه أسماء «العصابة»، ولم يبد أي رغبة لاستدعاء من اتهمهم شيخي بـ«الضغط عليه» لإجراء مواجهة بين الطرفين بهدف الوصول إلى الحقيقة كاملة. كما أكد المتهم الرئيسي، أنه «بريء» من التهمتين المتعلقتين بفضائح العقار، وبالمخدرات التي كانت محمّلة بالسفينة مع شحنات كبيرة من اللحوم الحمراء، التي استوردها شيخي لقائد ثكنات الجيش. ويوجد من بين المتهمين الستة في «ملف فضائح العقار»، الخاصة بشيخي، السائق الشخصي لمدير الشرطة السابق اللواء عبد الغني هامل، وهو دركي. ويوجد هامل وثلاثة من أبنائه في السجن بتهم فساد. كما يوجد ضمن المتهمين قاضيان ورئيس بلدية بأعالي العاصمة، جاء في التحقيقات أنهم منحوه تسهيلات من أجل إطلاق بنايات سكنية فخمة، مقابل استفادتهم من شقق بها.
وقال قاضٍ، رفض نشر اسمه، لـ«الشرق الأوسط»، إن المحكمة «ستمنح البراءة لخالد تبون بعد شهادة شيخي، أو في أسوأ الأحوال سيأخذ حكماً يعادل فترة السجن الاحتياطي التي قضاها، وسيغادر السجن في كل الأحوال». مشيراً إلى أن إدارة السجن، حيث يوجد ابن الرئيس، نقلته من الزنزانة إلى عيادة المؤسسة العقابية منذ أن وصل والده إلى الرئاسة في 19 من ديسمبر (كانون الأول) الماضي.
وطلب ممثل النيابة في مرافعته بإنزال عقوبة 10 سنوات ضد شيخي، وعامين سجناً بحق ابن الرئيس. وتراوحت الأحكام الأخرى ضد باقي المتهمين، بين 7 سنوات و10 سنوات. واستمرت المحاكمة أمس إلى آخر النهار، في انتظار النطق بالأحكام النهائية.



أوضاع متردية يعيشها الطلبة في معاقل الحوثيين

طلبة يمنيون في مناطق سيطرة الحوثيين يتعرضون للشمس والبرد والمطر (الأمم المتحدة)
طلبة يمنيون في مناطق سيطرة الحوثيين يتعرضون للشمس والبرد والمطر (الأمم المتحدة)
TT

أوضاع متردية يعيشها الطلبة في معاقل الحوثيين

طلبة يمنيون في مناطق سيطرة الحوثيين يتعرضون للشمس والبرد والمطر (الأمم المتحدة)
طلبة يمنيون في مناطق سيطرة الحوثيين يتعرضون للشمس والبرد والمطر (الأمم المتحدة)

قدَّم تقرير أممي حديث عن أوضاع التعليم في مديرية رازح اليمنية التابعة لمحافظة صعدة؛ حيثُ المعقل الرئيسي للحوثيين شمالي اليمن، صورة بائسة حول الوضع الذي يعيش فيه مئات من الطلاب وهم يقاومون من أجل الاستمرار في التعليم، من دون مبانٍ ولا تجهيزات مدرسية، بينما يستخدم الحوثيون كل عائدات الدولة لخدمة قادتهم ومقاتليهم.

ففي أعماق الجبال المرتفعة في المديرية، لا يزال الأطفال في المجتمعات الصغيرة يواجهون التأثير طويل الأمد للصراعات المتكررة في المحافظة، والتي بدأت منتصف عام 2004 بإعلان الحوثيين التمرد على السلطة المركزية؛ إذ استمر حتى عام 2010، ومن بعده فجَّروا الحرب الأخيرة التي لا تزال قائمة حتى الآن.

الطلاب اليمنيون يساعدون أسرهم في المزارع وجلب المياه من بعيد (الأمم المتحدة)

وفي المنطقة التي لا يمكن الوصول إليها إلا من خلال رحلة برية تستغرق ما يقرب من 7 ساعات من مدينة صعدة (مركز المحافظة)، تظل عمليات تسليم المساعدات والوصول إلى الخدمات الأساسية محدودة، وفقاً لتقرير حديث وزعته منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف)؛ إذ بينت المنظمة فيه كيف يتحمل الأطفال بشكل خاص وطأة الفرص التعليمية المحدودة، والمرافق المدرسية المدمرة.

مدرسة من دون سقف

وأورد التقرير الأممي مدرسة «الهادي» في رازح باعتبارها «مثالاً صارخاً» لتلك الأوضاع، والتي لا تزال تخدم مئات الطلاب على الرغم من الدمار الذي تعرضت له أثناء المواجهات بين القوات الحكومية والحوثيين، أثناء التمرد على السلطة المركزية؛ حيث تُركت هياكل خرسانية من دون سقف أو جدران.

ويؤكد مدير المدرسة -وفق تقرير «اليونيسيف»- أنها منذ أن أصيبت ظلت على هذه الحال، من ذلك الوقت وحتى الآن. ويقول إنهم كانوا يأملون أن يتم بناء هذه المدرسة من أجل مستقبل أفضل للطلاب، ولكن دون جدوى؛ مشيراً إلى أن بعض الطلاب تركوا الدراسة أو توقفوا عن التعليم تماماً.

مدرسة دُمّرت قبل 15 سنة أثناء تمرد الحوثيين على السلطة المركزية (الأمم المتحدة)

ويجلس الطلاب على أرضيات خرسانية من دون طاولات أو كراسي أو حتى سبورة، ويؤدون الامتحانات على الأرض التي غالباً ما تكون مبللة بالمطر. كما تتدلى الأعمدة المكسورة والأسلاك المكشوفة على الهيكل الهش، مما يثير مخاوف من الانهيار.

وينقل التقرير عن أحد الطلاب في الصف الثامن قوله إنهم معرضون للشمس والبرد والمطر، والأوساخ والحجارة في كل مكان.

ويشرح الطالب كيف أنه عندما تسقط الأمطار الغزيرة يتوقفون عن الدراسة. ويذكر أن والديه يشعران بالقلق عليه حتى يعود إلى المنزل، خشية سقوط أحد الأعمدة في المدرسة.

ويقع هذا التجمع السكاني في منطقة جبلية في حي مركز مديرية رازح أقصى غربي محافظة صعدة، ولديه مصادر محدودة لكسب الرزق؛ حيث تعمل أغلب الأسر القريبة من المدرسة في الزراعة أو الرعي. والأطفال -بمن فيهم الطلاب- يشاركون عائلاتهم العمل، أو يقضون ساعات في جلب المياه من بعيد، بسبب نقص مصادر المياه الآمنة والمستدامة القريبة، وهو ما يشكل عبئاً إضافياً على الطلاب.

تأثير عميق

حسب التقرير الأممي، فإنه على الرغم من التحديات والمخاوف المتعلقة بالسلامة، يأتي نحو 500 طالب إلى المدرسة كل يوم، ويحافظون على رغبتهم القوية في الدراسة، في حين حاول الآباء وأفراد المجتمع تحسين ظروف المدرسة، بإضافة كتل خرسانية في أحد الفصول الدراسية، ومع ذلك، فإن الدمار هائل لدرجة أن هناك حاجة إلى دعم أكثر شمولاً، لتجديد بيئة التعلم وإنشاء مساحة مواتية وآمنة.

واحد من كل 4 أطفال يمنيين في سن التعليم خارج المدرسة (الأمم المتحدة)

ويشير تقرير «يونيسيف»، إلى أن للصراع وانهيار أنظمة التعليم تأثيراً عميقاً على بيئة التعلم للأطفال في اليمن؛ حيث تضررت 2426 مدرسة جزئياً أو كلياً، أو لم تعد تعمل، مع وجود واحد من كل أربعة طلاب في سن التعليم لا يذهبون إلى المدرسة، كما يضطر الذين يستطيعون الذهاب للمدرسة إلى التعامل مع المرافق غير المجهزة والمعلمين المثقلين بالأعباء، والذين غالباً لا يتلقون رواتبهم بشكل منتظم.

وتدعم المنظمة الأممية إعادة تأهيل وبناء 891 مدرسة في مختلف أنحاء اليمن، كما تقدم حوافز لأكثر من 39 ألف معلم لمواصلة تقديم التعليم الجيد، ونبهت إلى أنه من أجل ترميم أو بناء بيئة مدرسية أكثر أماناً للأطفال، هناك حاجة إلى مزيد من الموارد.