«نفروخان»... علامة مصرية تبحث عن حلول عصرية في عمق التراث

مجموعة أفروديت تعكس الدلال الأنثوي
مجموعة أفروديت تعكس الدلال الأنثوي
TT

«نفروخان»... علامة مصرية تبحث عن حلول عصرية في عمق التراث

مجموعة أفروديت تعكس الدلال الأنثوي
مجموعة أفروديت تعكس الدلال الأنثوي

هل يمكن اقتناء قطعة حلي أو حقيبة جلدية تتحدى وتنافس صرعات الموضة؟ سؤال يراود كل هواة القطع التي تعكس هويتهم وذوقهم، وأحياناً ثقافتهم. ومن بين هؤلاء العلامة المصرية - الأميركية «نفروخان» التي بدأت خطواتها الأولى في عالم صناعة الحلي والحقائب الجلدية ما بين القاهرة وواشنطن، ويقول صناعها إنهم يستهدفون تقديم قطع «لا تموت بمرور الزمن».
ويبدو أن اختيار اسم «نفروخان» يعكس حرصهم على الهوية المصرية عبر دمجها مع ثقافات أخرى. فـ«نفرو» تعني الصفات الجميلة أو الجمال باللغة المصرية القديمة، بينما «خان» تستخدم في عدة لغات للدلالة على الهيبة والعظمة، أو مرادفاً للملك، أو بمعنى نُزل السفر أو الفندق الصغير، وأحياناً تشير إلى الأسواق.
يروي أحمد البوهي، مؤسس ومالك علامة «نفروخان» لـ«الشرق الأوسط» قصة تأسيس العلامة وهدفه، قائلاً: «تخصصي الأساسي هو الهندسة المعمارية، وكانت بدايتي في ريادة الأعمال في 3 شركات للتكنولوجيا، ثم قررت أن أغير مساري المهني من خلال تصميم الحلي والحقائب، وبالفعل أطلقت العلامة منذ عام ونصف، وهي مسجلة بالولايات المتحدة الأميركية كعلامة تجارية».
تستلهم «نفروخان» الخطوط الهندسية بصرامتها ودقتها، وتبرز جمال القطع بإضفاء لمسة من الغموض عليها. ويشرح البوهي أن «الهدف الأساسي لقطعه هو إبراز الثراء الثقافي عبر قطع مستوحاة من الحضارات القديمة في مختلف أنحاء العالم، إذ فكرت أن تسرد كل قطعة إما أسطورة معمارية وإما حضارية، ترتبط بحضارات قديمة كاليونانية والرومانية والمصرية القديمة، وأساطير قبائل أفريقيا، وغيرها».
وتقدم العلامة الحلي بخلفيات فنية وثقافية متنوعة، إذ تستحضر من الميثولوجيا اليونانية التي ارتبطت بأشهر أساطير الحب، مجموعة أفروديت للأقراط والقلائد والخواتم. فهذه تعكس الجمال الأنثوي وسط تركيز على الدقة، بينما تقدم مجموعة أخرى تحاكي حضارة الأشانتي، وتسمى مجموعة «Adinkra Filigree»، يظهر فيها تراث واحدة من أكبر وأعرق قبائل غانا، عبر موتيفات ترمز إلى القوة والحكمة، وتتخذ فكرة أنها تلهم مرتديها القوة والتحدي لمواجهة صعوبات الحياة، أما مجموعات إيزيس، وألف ليلة وليلة، وسيوة، فتركز على روح الشرق في سياق عصري.
وعن المزج بين الجديد والحديث، يقول البوهي: «أجد نفسي في ربط التراث بالحاضر، وأتصور أن ذلك يحدث عبر نسج الكلاسيكية مع إيقاع الحياة السريع الذي لا مفر منه».
«قطع تتحدث عنك» هو المبدأ الذي تستعين به «نفروخان»، لتستهدف الفئات العمرية من 13 عاماً وأكبر بالنسبة للرجال والنساء؛ حيث تقدم للمراهقين تصاميم مميزة، باعتبارها الفئة التي تبحث عن التميز ورسم ملامح شخصيتها عبر ما ترتديه.
ويبدو أن العلامة وما تقدمه من حقائب وحلي استهوت نجوماً مصريين وعرباً، حسبما يقول البوهي مُعدداً: «يسرا، وليلى علوي، وشيرين رضا، وصبا مبارك، وكذلك الممثل الشاب أحمد مجدي».
وحول خوضه لمجال التصميم، يؤكد البوهي: «لم أخشَ من خوض التجربة؛ بل على العكس أعتبرها نوعاً من التحدي لتحقيق شغف ورغبة في تقديم قطع لا يُؤثر عليها الزمن».
وفي محاولة لاستدعاء خبرته في الهندسة، يشرح البوهي أن «تصاميمه في مجال الحلي تنقسم إلى فئتين، هما: أولاً الفضة الرفيعة عيار 925، المطلية بالذهب أو البلاتين والمطعمة باللؤلؤ والزمرد والياقوت؛ والفئة الثانية قطع الذهب من عيار 18، التي تعيد للذهب رونقه وتجعل منه مجوهرات عملية تناسب الحياة اليومية. بعض القطع تستلهم عمارة المرابطين بإسبانيا».
ووفق ما يقول البوهي، فإنهم يستهدفون الحفاظ على الحرف اليدوية في مصر، ومنها تكنيك «الشفتشي» في تصميم الحلي، وفي سبيل ذلك يستعين بالمصمم المصري هاني ياقوت، وهو من فناني منطقة خان الخليلي التراثية في القاهرة القديمة، ويرتكز تخصصه على استخدام خيوط رفيعة من أسلاك الذهب أو الفضة، ثم تشكيلها بتناغم ودقة، فضلاً عن الاستعانة بـ5 مصممين من الموهوبين في المجوهرات الرفيعة.
مجال آخر لـ«نفروخان» هو الحقائب، ويقول إنه مصنوع من جلود ناعمة مع تصاميم تقدم حلولاً عملية: «فمثلاً حرصنا على أن تشمل أماكن مخصصة للهاتف المحمول، وأخرى للنقود، والمفكرة، أو جواز السفر، وغيرها، لتكون أكثر تنظيماً، وكل ذلك بصناعة يدوية».
وعن الفلسفة الكامنة وراء هذه العملية حسبما يقول، فإن «جدول أعمالنا اليومي مشحون، ونضطر لقضاء يوم كامل في التنقل ما بين العمل ثم عشاء رسمي أو حفل كوكتيل؛ لذا عملنا على تصميم حقائب ظهر عملية، تجمع بين الشكل العصري والمظهر الأنيق، يمكن ارتداؤها مع ملابس كاجوال شبابية، ومع فستان كلاسيكي، وهي المعادلة الصعبة التي نعمل عليها دائماً، وتحققت في حقائب الخصر التي تمزج أسلوب الملابس الكاجوال والكلاسيك، وحقائب مخصصة لأجهزة الـ(آيباد)، مما يساعد على الظهور بشكل أنيق وعملي في الآن ذاته».
الآن بدأ البوهي يخطط لإطلاق خط خاص للعطور، يقول إنه يعمل على تصنيعه حالياً في سويسرا، فضلاً عن نيته التسجيل في أسابيع نيويورك.



5 أشياء تدين بها صناعة الموضة العربية لإيلي صعب

كان حب إيلي صعب الإنسان الخيط الذي جمع كل الفنانين الذين حضروا الاحتفالية (رويترز)
كان حب إيلي صعب الإنسان الخيط الذي جمع كل الفنانين الذين حضروا الاحتفالية (رويترز)
TT

5 أشياء تدين بها صناعة الموضة العربية لإيلي صعب

كان حب إيلي صعب الإنسان الخيط الذي جمع كل الفنانين الذين حضروا الاحتفالية (رويترز)
كان حب إيلي صعب الإنسان الخيط الذي جمع كل الفنانين الذين حضروا الاحتفالية (رويترز)

انتهى عرض إيلي صعب في الرياض، أو الأحرى احتفالية «1001 موسم من إيلي صعب» بمرور 45 على انطلاقته في بيروت، ولم تنته ردود الأفعال. فالعرض كان خيالياً، شارك فيه باقة من نجوم العالم، كان القاسم المشترك بينهم إلى جانب نجوميتهم وشعبيتهم العالمية، حبهم لإيلي صعب... الإنسان.

كان حب إيلي صعب الإنسان الخيط الذي جمع كل الفنانين الذين حضروا الاحتفالية (رويترز)

المهتمون بالموضة، من جهتهم، يكنون له الاحترام، لرده الاعتبار لمنطقة الشرق الأوسط بوصفها تملك القدرة على الإبهار والإبداع. طبعاً تقديم العرض الضخم بدعم الهيئة العامة للترفيه ضمن فعالية «موسم الرياض 2024» كان له دور كبير في إنجاح هذه الفعالية. فقد توفرت كل اللوجيستيات المطلوبة لتسليط الضوء على أيقونة عربية لها تأثير كبير على الساحة العربية والعالمية، نذكر منها:

1-أول عربي يقتحم باريس

عرضه لخريف وشتاء 2024 ضمن عروض «الهوت كوتور» كان لوحة رومانسية من «ألف ليلة وليلة» (إيلي صعب)

هو أول من وضع الموضة العربية ضمن الخريطة العالمية بوصفه أول مصمم عربي يخترق العالمية وينافس كبار المصممين بأسلوب شرقي معاصر. استقبلته باريس بالأحضان ودخل البرنامج الرسمي لـ«هوت كوتور» من باب الفيدرالية الفرنسية للموضة كأول مصمم عربي مُبدع. فالصورة المترسخة في أذهان خبراء الموضة العالميين عن المصممين العرب في الثمانينات من القرن الماضي أنهم مجرد خياطين يقلدون إصداراتهم. كان عز الدين علايا الاستثناء الوحيد قبله.

2-احترام المرأة العربية

من تشكيلته لخريف وشتاء 2024... أزياء تتميز بالرومانسية وسخاء التطريز (إيلي صعب)

هو من فتح عيون الغرب، ليس على قدرة المرأة العربية الشرائية فحسب، بل وعلى تأثيرها على المشهد الإبداعي، بالتالي رد لها اعتبارها. فرغم أنها ومنذ السبعينات تُنعش قطاع «الهوت كوتور» كزبونة متذوقة ومقتدرة، فإنها لم تحصل على الحظوة نفسها التي كانت تتمتع بها مثيلاتها في الولايات المتحدة الأميركية مثلاً. نجاحه في الثمانينات وبداية التسعينات يعود إلى هذه المرأة، التي أقبلت على تصاميمه، وهو ما استوقف باقي المصممين، وفتح شهيتهم لدخول «الهوت كوتور» ومخاطبتها بلغة أكثر احتراماً. دار «فيرساتشي» مثلاً أطلقت خطها في عام 1989، فيما أطلق جيورجيو أرماني خطه «أرماني بريفيه» في عام 2005 إلى جانب آخرين وجهوا أنظارهم شرقاً متسابقين على نيل رضاها.

3- ارتقى بمهنة التصميم

تحول إلى مدرسة قائمة بذاتها، كما تخرج على يده العديد من المصممين الشباب الذين نجحوا (إيلي صعب)

نجاحه غيّر النظرة إلى مهنة تصميم الأزياء في الوطن العربي، من المغرب الأقصى إلى الشرق. بدأ الجميع يأخذها بجدية أكبر، فلا المجتمع بات يراها قصراً على المرأة أو على الخياطين، ولا الرجل يستسهلها. أصبحت في نظر الجميع صناعة وفناً يحتاجان إلى صقل ودراسة وموهبة.

4-قدوة للشباب

من تشكيلته لـ«هوت كوتور خريف وشتاء 2024» (إيلي صعب)

تخرج على يده العديد من المصممين الشباب. كان قدوة لهم في بداية مشوارهم، ثم دخلوا أكاديميته وتعلموا على يده وفي ورشاته. كلهم يشهدون له بالإبداع ويكنون له كل الاحترام والحب. من بين من هؤلاء نذكر حسين بظاظا ورامي قاضي وغيرهم كثيرون.

5-اقتناع برؤيته الفنية

لم يغير جلده أو أسلوبه رغم كل التحديات. كان له رؤية واضحة تمسك بها وكسب (رويترز)

أكد للجميع أنه يمتلك رؤية خاصة لم يغيرها في أي مرحلة من مراحل تطوره. حتى الانتقادات التي قُوبل بها في باريس في البداية، واجهها بقوة وتحدٍ، ولم يخضع لإملاءاتهم لإرضائهم أو لتجنب هجماتهم الشرسة على شاب عربي يتكلم لغة فنية جديدة في عُقر دارهم. بالعكس زاد من جرعة الرومانسية وسخاء التطريز، وأعطاهم درساً مهماً أن الرأي الأول والأخير ليس لهم، بل للمرأة عموماً، والسعودية تحديداً. كانت خير مساند له بحيث أدخلته القصور والبلاطات، وجعلته ضيفاً مرحباً به في أعراسها ومناسباتها المهمة.