انطلاق حوار جنيف السياسي حول ليبيا... وترحيب برسائل الدعم

«الجيش الوطني» يتهم القوات الموالية لحكومة «الوفاق» بخرق الهدنة في طرابلس

ليبيون يحتفلون في ساحة الشهداء بالذكرى التاسعة لإطاحة العقيد معمر القذافي وسط طرابلس أمس (أ.ف.ب)
ليبيون يحتفلون في ساحة الشهداء بالذكرى التاسعة لإطاحة العقيد معمر القذافي وسط طرابلس أمس (أ.ف.ب)
TT

انطلاق حوار جنيف السياسي حول ليبيا... وترحيب برسائل الدعم

ليبيون يحتفلون في ساحة الشهداء بالذكرى التاسعة لإطاحة العقيد معمر القذافي وسط طرابلس أمس (أ.ف.ب)
ليبيون يحتفلون في ساحة الشهداء بالذكرى التاسعة لإطاحة العقيد معمر القذافي وسط طرابلس أمس (أ.ف.ب)

تجدد تبادل الاتهامات بين حكومة «الوفاق» الليبية برئاسة فائز السراج، والجيش الوطني برئاسة المشير خليفة حفتر، أمس، بشأن انتهاك «الهدنة الهشة» التي ترعاها بعثة الأمم المتحدة في منذ الشهر الماضي، في وقت تغاضت فيه البعثة الأممية لدى ليبيا عن تعليق مجلسي النواب والأعلى للدولة حضور ممثليهما حوار «المسار السياسي» بجنيف، وقالت: «إنه سيُعقد في موعده اليوم»، مرحّبةً برسائل الدعم من المجتمع الدولي، المتمثل في بيان مشترك لسفارات سفارات فرنسا وألمانيا وإيطاليا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة الأميركية، بالإضافة إلى الاتحاد الأوروبي، وتصريحات وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان.
وقال جان علم، المتحدث باسم البعثة، لوكالة الصحافة الفرنسية، أمس، إن «الحوار السياسي الليبي سيبدأ غداً (اليوم) كما هو مقرر»، وذلك رغم تمسك مجلسي النواب والأعلى للدولة بتعليق مشاركتهما في المباحثات التي تنظّمها الأمم المتحدة، وتحدث كل منهما عن اشتراطات طالبوا بتوفرها قبيل مشاركتهما.
وجددت البعثة دعوتها في بيان، أمس، «مختلف الأطراف الليبية لوضع مصلحة ليبيا والليبيين فوق أي اعتبارات أخرى من أجل الإسراع في إنهاء معاناة أهلهم، الذين يدفعون أثماناً باهظة عن كل يوم تأخير».
ودعت سفارات ألمانيا وإيطاليا وفرنسا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة، في بيان أمس، إلى إطلاق المفاوضات السياسية، التي ترعاها الأمم المتحدة، على النحو المنصوص عليه في قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2150، مطالبةً الأطراف المتنازعة بـ«تجنب العرقلة، والانخراط بحسن نية، بينما تمضي ليبيا قُدماً في تحولها الديمقراطي». ورحبت هذه السفارات وبعثة الاتحاد الأوروبي بالتقدم المحرز خلال محادثات اللجنة العسكرية «5 + 5» للتوصل إلى وقف دائم لإطلاق نار في ليبيا.
وكان سلامة قد التقى وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان، على هامش أعمال الدورة الـ43 لمجلس حقوق الإنسان في جنيف، وتباحثا حول مستجدات الأوضاع في ليبيا وسبل دعم الأمن والاستقرار.
في غضون ذلك، اجتمع رئيس المجلس الرئاسي لحكومة «الوفاق» فائز السراج، صباح أمس، على هامش مشاركته في أعمال الدورة الـ43 لمجلس حقوق الإنسان في جنيف، مع سفراء دول الاتحاد الأوروبي بالمجلس. ونقل مكتبه في بيان أمس، أنه «تحدث عن روابط التاريخ والجغرافيا، التي تجمع ليبيا مع أوروبا، وبما يؤكد أهمية بناء شراكة استراتيجية بينهما».
وأوضح السراج أن ما يقع في ليبيا «يؤثر سلباً أو إيجاباً على الجيران الأوروبيين، ولذلك يتوجب عليهم المساهمة الفعالة في حل الأزمة الليبية»، مشيراً إلى أن «بداية الحل تكمن في وقف التدخلات الأجنبية، التي أسهمت وتسهم في تفاقم الأزمة».
ميدانياً، اتهم «الجيش الوطني» القوات الموالية لحكومة «الوفاق»، بانتهاك وقف إطلاق النار في العاصمة طرابلس. وقال اللواء أحمد المسماري، الناطق باسم الجيش في بيان مقتضب مساء أول من أمس، إن من وصفها بـ«الميليشيات الإرهابية المعززة بعناصر الجيش التركي اخترقت الهدنة، واستهدفت الأحياء المدنية جنوب العاصمة طرابلس بالمدفعية الثقيلة». وأضاف، دون أن يكشف عن حجم الخسائر التي تسبب فيها القصف المدفعي جنوب طرابلس: «ما زالت قواتنا تلتزم بالهدنة، ولم تقم بالرد على مصادر النيران المعروفة لدينا».
بدورها، أعلنت وسائل إعلام محلية، موالية لحكومة السراج، عن سقوط سبع قذائف على أحياء سكنية في منطقة السبعة بالعاصمة طرابلس، ونقلت عن الناطق باسم وزارة الصحة إصابة 5 مدنيين، من بينهم 3 أطفال إثر سقوط قذائف عشوائية ببلدية أبو سليم جنوب طرابلس، بينما ألقت قوات الحكومة بالمسؤولية على قوات الجيش في القصف، الذي قالت إنه يمثل «خرقاً جديداً ومتكرراً لوقف إطلاق النار».
في السياق ذاته، جددت جامعة الدول العربية في بيان، أمس، دعوتها إلى «ضرورة التوصل إلى وقف دائم للعمليات العسكرية في ليبيا»، مشيرة إلى ما تم إحرازه من تقدم خلال الجولة الثانية من محادثات المسار العسكري في جنيف بين وفدي «الوفاق» و«الجيش الوطني» في سبيل التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار بين الجانبين.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».