ضغوط «محامي الثورة» تحدّ من اعتقال الناشطين

TT

ضغوط «محامي الثورة» تحدّ من اعتقال الناشطين

على الرغم من تراجع وتيرة الانتفاضة الشعبية في لبنان نسيباً، فإن التحركات الميدانية للناشطين على الأرض، والمواقف التي يطلقونها عبر الإعلام أو وسائل التواصل الاجتماعي، تشكّل حالة قلق لدى القيادات السياسية وأحزاب السلطة، التي لا تتردد في استخدام القضاء والأجهزة الأمنية عصا غليظة لملاحقتهم، وإرغامهم على توقيع تعهدات بعدم التعرّض لهم، إلا أن «لجنة محامي الثورة» معززة بعشرات الناشطين، شكّلت «لوبياً قانونياً»، مدعوماً من نقيب المحامين في بيروت ملحم خلف، ونقيب المحامين في الشمال محمد المراد، ونجحت في الضغط على المراجع الأمنية والقضائية للإفراج عن هؤلاء الناشطين، واستدعى هذا الأمر تدخلاً مباشراً من النقيب خلف، الذي انتقل مرات عدّة إلى أماكن التوقيف، وأجرى اتصالات مع المعنيين ساهمت بالإفراج عنهم فوراً.
توقيف الناشط شربل خوري أول من أمس (الاثنين)، كان عينة عن ملاحقة قوى السلطة للناشطين، حيث جرى توقيفه أمام مكتب مكافحة جرائم المعلوماتية، بأمر من النائب العام الاستئنافي في جبل لبنان القاضية غادة عون، بناءً على شكوى مقدّمة ضدّه من الدكتور شارل قرداحي، المستشار الاقتصادي لرئيس «التيار الوطني الحرّ» النائب جبران باسيل، بجرم شمته وتحقيره.
وأفادت مصادر واكبت عملية توقيف خوري، بأن ملاحقة الأخير تندرج في سياق سياسة الترهيب التي تمارس على الناشطين لتخويفهم، وأوضحت لـ«الشرق الأوسط»، أن «وفداً من (لجنة محامي الثورة)، زار النائب العام التمييزي القاضي غسان عويدات، وبحث معه خطورة المضي بتوقيف الناشطين لأسباب سياسية». وأكدت المصادر، أن «مساعي القاضي عويدات هي التي أفضت إلى الإفراج عن خوري، قبل أن يخرج مستشار باسيل بتغريدة يعلن فيها تراجعه عن الدعوى التي أقامها ضدّ خوري».
ولا تتوقف جهود «لجنة المحامين» على السعي لإطلاق الناشطين، بل تذهب إلى فضح الممارسات التي تحصل معهم خلال التوقيف، وهذا ما بحثه وفد المحامين مع القاضي عويدات، خلال زيارته في مكتبه في قصر العدل، وأطلعه على حقيقة ما يتعرض له الناشطون. ولفتت المحامية هبة فرحات لـ«الشرق الأوسط»، إلى أن «الضغوط التي مارسها المحامون والناشطون أفضت إلى إطلاق سراح خوري؛ لأنها باتت تحرج متخذي قرارات التوقيف المسيسة». وأشارت إلى أن «القاضي عويدات، أبلغ وفد المحامين بأن القضاء سيتخذ الإجراء الذي ينصف خوري بعد الانتهاء من استجوابه، وبالفعل لعب دوراً إيجابياً في مسألة التراجع عن توقيفه». وكشفت فرحات عن أن «ضغوطاً كبيرة مورست على الناشط المذكور، من أجل تقديم اعتذار من مستشار باسيل، والتوقيع على تعهد خطي، بعدم التعرض لقيادة (التيار الوطني الحر) في تغريداته وتدويناته عبر وسائل التواصل الاجتماعي، إلا أنه رفض ذلك؛ ما استدعى صدور الأمر من القاضية غادة عيد بتوقيفه».
ولا تزال القيادات السياسية، تتمسّك بتعيين قضاة محسوبين عليها في المواقع الحساسة، ولا سيما على رأس النيابات العامة التي تتخذ قرارات التوقيف؛ ما يؤخّر صدور التشكيلات القضائية، التي كان منتظراً أن تبصر النور الأسبوع الماضي، وهو ما كان سبباً لاعتصام عشرات المحامين أمام قصر العدل أول من أمس، مطالبين باستقلالية القضاء وإطلاق يده لملاحقة الفاسدين واسترداد الأموال المنهوبة.
إلى ذلك، أشار مصدر قضائي لـ«الشرق الأوسط»، إلى أن «استدعاء بعض الناشطين يحصل بناءً على دعاوى قضائية مقامة ضدّهم، من قبل سياسيين أو أحزاب أو أشخاص نافذين بسبب تغريدات، أو تصرفات يلجأون إليها». وشدد على أن «التحقيقات التي تحصل من قبل الأجهزة الأمنية دائماً ما تكون بإشراف النيابات العامة المختصة»، مؤكداً أن «القضاء لن يقبل أن يكون وسيلة ضغط أو قمع بيد السياسيين، بقدر ما يشكّل ضمانة وحماية لكل اللبنانيين، والمرجع الوحيد في محاربة الفساد». وقال «بالتأكيد لن يكون القضاء في مواجهة الثوار، بل هو الضامن لحرية التعبير والنشاطات المنسجمة مع روح القانون، شرط أن تشكل هذه التصرفات تعدياً على مؤسسات الدولة والممتلكات العامة والخاصة».
وسبق للضغوط التي مارسها محامون، أن نجحت في إطلاق سراح الناشطين شربل قاعي وعماد المصري وربيع الزين، قبل أن يعود قاضي التحقيق في جبل لبنان بسام الحاج ويصدر مذكرة توقيف غيابية بحق الزين، بعد إقامة دعوى قضائية ضده بجرائم جنائية، تشكل مبرراً لإعادة توقيفه، كما أدت تحركات المحامين إلى الإفراج عن عشرات الموقوفين، الذين تم اعتقالهم جراء المواجهات التي حصلت بينهم وبين القوى الأمنية في وسط بيروت والحمراء، وفي شمال لبنان وجنوبه، وغيرها من المناطق.



مصر وسلطنة عمان تبحثان سلامة الملاحة في البحر الأحمر

نائب رئيس الوزراء لشؤون مجلس الوزراء بسلطنة عُمان يستقبل وزير الخارجية المصري (الخارجية المصرية)
نائب رئيس الوزراء لشؤون مجلس الوزراء بسلطنة عُمان يستقبل وزير الخارجية المصري (الخارجية المصرية)
TT

مصر وسلطنة عمان تبحثان سلامة الملاحة في البحر الأحمر

نائب رئيس الوزراء لشؤون مجلس الوزراء بسلطنة عُمان يستقبل وزير الخارجية المصري (الخارجية المصرية)
نائب رئيس الوزراء لشؤون مجلس الوزراء بسلطنة عُمان يستقبل وزير الخارجية المصري (الخارجية المصرية)

بحث وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، في سلطنة عمان، الاثنين، ملفَ التوترات الأمنية في البحر الأحمر، مؤكداً أهمية سلامة الملاحة البحرية وحرية التجارة الدولية، وارتباط ذلك بشكل مباشر بأمن الدول المشاطئة للبحر الأحمر.

وحسب بيان صادر عن وزارة الخارجية المصرية، أشار عبد العاطي إلى «تأثير تصاعد حدة التوترات في البحر الأحمر على مصر، بشكل خاص، في ضوء تراجع إيرادات قناة السويس».

وأدى تصعيد جماعة «الحوثيين» في اليمن لهجماتها على السفن المارة في مضيق باب المندب والبحر الأحمر، منذ نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، بداعي التضامن مع الفلسطينيين في غزة، إلى تغيير شركات الشحن العالمية الكبرى مسارها من البحر الأحمر، واضطرت إلى تحويل مسار السفن إلى طرق بديلة منها مجرى رأس الرجاء الصالح.

وتراجعت إيرادات قناة السويس من 9.4 مليار دولار (الدولار الأميركي يساوي 50.7 جنيه في البنوك المصرية) خلال العام المالي (2022 - 2023)، إلى 7.2 مليار دولار خلال العام المالي (2023 - 2024)، حسب ما أعلنته هيئة قناة السويس في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.

وخلال لقاء الوزير عبد العاطي مع فهد بن محمود آل سعيد نائب رئيس الوزراء لشؤون مجلس الوزراء، أشار إلى تقدير مصر الكبير للقيادة الحكيمة للسلطان هيثم بن طارق، وللدور الإيجابي الذي تضطلع به سلطنة عمان على المستويين الإقليمي والدولي.

وأكد عبد العاطي أهمية التعاون المشترك لتعزيز الأمن العربي، وحرص مصر على التنسيق والتشاور مع السلطنة لتثبيت دعائم الأمن والاستقرار في المنطقة، لا سيما في ظل الاضطرابات غير المسبوقة التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط على عدة جبهات.

وطبقاً للبيان، تناول اللقاء مناقشة عدد من القضايا الإقليمية ذات الاهتمام المشترك، على رأسها القضية الفلسطينية واستمرار العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، والجهود المصرية لاحتواء التصعيد في المنطقة، والتوصل لاتفاق لوقف إطلاق النار وإطلاق سراح الرهائن، كما تم تبادل الرؤى حول الأوضاع في سوريا واليمن والسودان وليبيا.

وخلال لقائه مع بدر البوسعيدي، وزير خارجية سلطنة عُمان، في إطار زيارته الرسمية إلى مسقط، ناقش عبد العاطي مجمل العلاقات الثنائية والتنسيق المشترك حيال القضايا الإقليمية محل الاهتمام المشترك.

مباحثات سياسية بين وزير الخارجية المصري ونظيره العماني (الخارجية المصرية)

تناول الوزيران، حسب البيان المصري، أطر التعاون الثنائي القائمة، وسبل تعزيز مسار العلاقات بين مصر وسلطنة عُمان، والارتقاء بها إلى آفاق أوسع تنفيذاً لتوجيهات قيادتي البلدين.

وزار الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، مسقط، في يونيو (حزيران) 2022، بينما زار السلطان هيثم بن طارق القاهرة في مايو (أيار) 2023.

وأكد الوزيران على أهمية التحضير لعقد الدورة السادسة عشرة للجنة المشتركة بين البلدين خلال الربع الأول من عام 2025، لتعزيز التعاون الثنائي بين البلدين في مختلف المجالات.

وشدد عبد العاطي على الأهمية التي توليها مصر لتطوير وتعزيز علاقاتها مع سلطنة عُمان، مشيداً بالعلاقات الوطيدة والتاريخية التي تجمع بين البلدين. وأشار إلى الاهتمام الخاص الذي توليه مصر للتعاون مع أشقائها في الدول العربية في مجال جذب الاستثمارات والتعاون الاقتصادي والتبادل التجاري، مستعرضاً برنامج الإصلاح الاقتصادي والاجتماعي الجاري تطبيقه في مصر، والخطوات التي تم اتخاذها لتهيئة المناخ الاستثماري وتوفير الحوافز لجذب الاستثمارات الأجنبية.

كما أشار إلى أهمية العمل على تعزيز التعاون بين المنطقة الاقتصادية لقناة السويس وهيئة المنطقة الاقتصادية الخاصة بـالدقم، وكذلك الربط البحري بين ميناءي «الدقم» و«صلالة»، والموانئ المصرية مثل ميناء الإسكندرية وميناء العين السخنة وغيرهما، بما يعزز التبادل التجاري بين البلدين، ويساهم في تعميق التعاون بينهما في مجالات النقل الملاحي والتخزين اللوجستي، في ضوء ما تتمتع به مصر وعُمان من موقع جغرافي متميز يشرف على ممرات ملاحية ومضايق بحرية استراتيجية.

وفيما يتعلق بالأوضاع الإقليمية في ظل التحديات المتواترة التي تشهدها المنطقة، ناقش الوزيران، وفق البيان المصري، التطورات في سوريا، والحرب في غزة، وكذلك الأوضاع في ليبيا ولبنان، وتطورات الأزمة اليمنية وجهود التوصل لحل سياسي شامل، وحالة التوتر والتصعيد في البحر الأحمر التي تؤثر بشكل مباشر على أمن الدول المشاطئة له، كما تطرق النقاش إلى الأوضاع في منطقة القرن الأفريقي والتطورات في السودان والصومال.

وأكد البيان أن اللقاء عكس رؤيةً مشتركةً بين الوزيرين للعديد من التحديات التي تواجه المنطقة، وكيفية مواجهتها، وأكدا على أهمية تعزيز التعاون بين البلدين والحرص على تكثيف التشاور والتنسيق بشأن مختلف القضايا، كما اتفق الوزيران على تبادل تأييد الترشيحات في المحافل الإقليمية والدولية.