معضلة إردوغان في إدلب قد تحوله الخاسر الأكبر

TT

معضلة إردوغان في إدلب قد تحوله الخاسر الأكبر

يواجه الرئيس التركي رجب طيب إردوغان معضلة صعبة لتجنّب تحوّله إلى الخاسر الأكبر في معركة إدلب، في ظل مواصلة نظام الرئيس السوري بشار الأسد حملته العسكرية بلا هوادة، بينما يتجمّع نازحون عند الحدود التركية، فيما يبدو أن حليفه الروسي تخلّى عنه، ذلك حسب تقرير لوكالة الصحافة الفرنسية.
قُتل هذا الشهر نحو 17 جندياً تركياً على أيدي قوات النظام السوري في محافظة إدلب، بشمال غربي سوريا، بينما حوصرت عدة نقاط مراقبة تركية في المناطق التي استعادتها قوات النظام، بعدما اعتقدت أنقرة أنها في مأمن بموجب اتفاقاتها مع روسيا، الحليف الأبرز لدمشق.
وفي محاولة لمنع «انتصار الأسد» وتجنّب تدفق مزيد من اللاجئين الذين يتجمعون عند المعابر الحدودية لبلاده، هدد إردوغان بشن عملية ضد قوات دمشق ما لم تنسحب بحلول نهاية الشهر الحالي.
لكن على وقع توتّر العلاقات مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، إثر الخلافات بشأن سوريا، تحمل أي عملية عسكرية محتملة ضد النظام خطر إشعال مواجهة مع موسكو، وهو أمر غير مطروح بالنسبة لإردوغان.
وقّع إردوغان ونظيره الروسي على اتفاق في سوتشي عام 2018 لإقامة «منطقة منزوعة السلاح» تفصل قوات النظام السوري عن تلك التابعة لفصائل المعارضة المسلحة والمجموعات الجهادية في محافظة إدلب. لكن الاتفاق انهار قبل أسابيع، بينما تبادلت أنقرة وموسكو الاتهامات بإفشاله.
وقال المحلل السياسي في أنقرة، علي باكير: «إذا فشل نظام الأسد في التراجع إلى الخطوط السابقة في نهاية الشهر، وإذا فشلت تركيا وروسيا في التوصل إلى اتفاق، فهناك فرصة كبيرة بأننا سنشهد مواجهة مباشرة بين تركيا ونظام الأسد». وأضاف أن «المشكلة بالنسبة لتركيا ليست النظام السوري، بل الروس».
واستقبلت تركيا حتى الآن 3.6 مليون لاجئ سوري، وأكدت أنها غير مستعدة لفتح حدودها أمام موجة جديدة من الهاربين من إدلب.
ومع تزايد التململ من السوريين في تركيا، يخطط المسؤولون لتخفيف العبء عبر إعادة بعضهم إلى المناطق الخاضعة حالياً لسيطرة الجيش التركي في أعقاب 3 عمليات نفّذتها أنقرة منذ العام 2016.
وقال باكير إن «الموجة الجديدة من اللاجئين الواصلين ستمثّل أسوأ سيناريو ممكن بالنسبة لتركيا، لا الدخول في مواجهة مباشرة مع نظام الأسد».
وفي حال فشلت تركيا وروسيا في إعادة إحياء اتفاقية سوتشي، فإن خيارات إردوغان محدودة. وأفاد باكير: «أحد السيناريوهات المحتملة بالنسبة لتركيا هو إقامة منطقة آمنة فيما سيتبقى من إدلب، ولن تربط هذه المنطقة أي اتفاقيات مع روسيا أو نظام الأسد».
ومن شأن منطقة كهذه أن تسمح لتركيا بإيواء الأشخاص الذين نزحوا داخلياً هرباً من القتال في الأراضي السورية.
بدوره، أفاد الباحث لدى «شاتهام هاوس» حايد حايد أن «إردوغان يدرك الامتعاض الشديد في تركيا تجاه اللاجئين السوريين». وأضاف: «لذلك تصوّر (أنقرة) عملياتها العسكرية في إدلب على أنها وسيلة لمنع عبور مزيد من اللاجئين. سيكون الثمن (السياسي) أعلى بالنسبة إليه إذا خسر كثيراً من الجنود في سوريا، وفشل مع ذلك بمنع اللاجئين من العبور إلى تركيا». وأوضح: «لكنه قد يتمكن من تحقيق مكاسب من الأزمة إذا كانت نتيجة تدخله إيجابية».
ويرى حايد كذلك أن شن تركيا عملية ضد قوات النظام السوري «لا يزال محتملاً» إذا ثبت أن المفاوضات السياسية بين أنقرة وموسكو غير مجدية. وأضاف أن «السماح للأسد بالسيطرة على إدلب لن يؤذي إردوغان داخلياً فحسب، بل سيضر على الأرجح بسمعة تركيا وقدرتها على فرض سلطتها».
وبالنسبة لحايد، لن تعني مواجهة من هذا النوع بالضرورة انتهاء التحالف التركي - الروسي، نظراً لتوطد العلاقات بين البلدين في السنوات الأخيرة، خصوصاً في مجالي الطاقة والدفاع.
وقال إن «التحالف الحالي بين تركيا وروسيا يتجاوز سوريا». وأضاف: «لهذا السبب لا يرغب أي منهما على الأقل في الوقت الراهن بتقويضه. إدلب مهمّة بالنسبة لتركيا، لكنها ليست المسألة الحاسمة في العلاقة بين الجانبين».



بلينكن في الأردن مستهِلاً جولته لبحث الأزمة في سوريا

أنتوني بلينكن يستقل طائرته في طريقه إلى الأردن (رويترز)
أنتوني بلينكن يستقل طائرته في طريقه إلى الأردن (رويترز)
TT

بلينكن في الأردن مستهِلاً جولته لبحث الأزمة في سوريا

أنتوني بلينكن يستقل طائرته في طريقه إلى الأردن (رويترز)
أنتوني بلينكن يستقل طائرته في طريقه إلى الأردن (رويترز)

وصل وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن (الخميس) إلى الأردن، مستهِلاً جولة لبحث الأزمة في سوريا بعد إطاحة الرئيس السوري بشار الأسد، وفق ما أفاد صحافي من «وكالة الصحافة الفرنسية» كان ضمن فريق الصحافيين المرافق له في الطائرة.

وقال مسؤولون أميركيون، للصحافيين المرافقين، إن بلينكن المنتهية ولايته سيلتقي العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني، ووزيرَ خارجيته في مدينة العقبة (نحو 325 كيلومتراً جنوب عمان) على البحر الأحمر، في إطار سعيه إلى عملية «شاملة» لاختيار أعضاء الحكومة السورية المقبلة. وفور وصوله، توجَّه بلينكن إلى الاجتماع، ومن المقرر أن يسافر في وقت لاحق من اليوم إلى تركيا.

ودعا بلينكن إلى عملية «شاملة» لتشكيل الحكومة السورية المقبلة تتضمَّن حماية الأقليات، بعدما أنهت فصائل معارضة بقيادة «هيئة تحرير الشام» حكم بشار الأسد المنتمي إلى الطائفة العلوية التي تُشكِّل أقلية في سوريا.

وقالت وزارة الخارجية الأميركية، لدى إعلانها عن جولة بلينكن، إنه سيدعو إلى «قيام سلطة في سوريا لا توفر قاعدة للإرهاب أو تُشكِّل تهديداً لجيرانها»، في إشارة إلى المخاوف التي تُعبِّر عنها كل من تركيا، وإسرائيل التي نفَّذت مئات الغارات في البلد المجاور خلال الأيام الماضية. وأشار المتحدث باسم وزارة الخارجية ماثيو ميلر إلى أنه خلال المناقشات في العقبة على البحر الأحمر «سيكرر بلينكن دعم الولايات المتحدة لانتقال جامع (...) نحو حكومة مسؤولة وتمثيلية». وسيناقش أيضاً «ضرورة (...) احترام حقوق الأقليات، وتسهيل إيصال المساعدات الإنسانية، ومنع تحول سوريا إلى قاعدة للإرهاب أو أن تُشكِّل تهديداً لجيرانها، وضمان تأمين مخزونات الأسلحة الكيميائية وتدميرها بشكل آمن». وهذه الزيارة الثانية عشرة التي يقوم بها بلينكن إلى الشرق الأوسط منذ 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، وهجوم حركة المقاومة الإسلامية (حماس) على إسرائيل، التي ردَّت بحملة عنيفة ومُدمِّرة ما زالت مستمرة على قطاع غزة.

وانتهت رحلة بلينكن السابقة بخيبة أمل بعد فشله في تأمين صفقة تنهي فيها إسرائيل و«حماس» الحرب في مقابل إطلاق سراح الرهائن المحتجزين في غزة. وسيغادر بلينكن منصبه في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل مع إدارة الرئيس جو بايدن.

ووصف الرئيس المنتخب دونالد ترمب الوضع في سوريا بـ«الفوضى». وقال إن الولايات المتحدة لا ينبغي أن تتدخل، رغم أنه لم يوضح السياسة الأميركية منذ سقوط الأسد.