«إنسينيتاس» كاليفورنيا: مدينة شاطئية حيث ترتفع الأسعار مع المد والجزر

ندرة ملحوظة في المساكن ذات الأسعار المعقولة

هناك عروض مستمرة للمنازل الشاطئية الكلاسيكية وغيرها من المنازل ذات المساحات الكبيرة على واجهة المحيط
هناك عروض مستمرة للمنازل الشاطئية الكلاسيكية وغيرها من المنازل ذات المساحات الكبيرة على واجهة المحيط
TT

«إنسينيتاس» كاليفورنيا: مدينة شاطئية حيث ترتفع الأسعار مع المد والجزر

هناك عروض مستمرة للمنازل الشاطئية الكلاسيكية وغيرها من المنازل ذات المساحات الكبيرة على واجهة المحيط
هناك عروض مستمرة للمنازل الشاطئية الكلاسيكية وغيرها من المنازل ذات المساحات الكبيرة على واجهة المحيط

لن يكون من السهل عليك العثور على مدينة مثالية للتزلج على الأمواج في كاليفورنيا أفضل من إنسينيتاس، وهي موضع مفعم بأشعة الشمس الدافئة في المقطع الساحلي الشمالي من مدينة سان دييغو، حيث تلاحظ تدلي السترات المبتلة أمام مختلف الشاليهات مع المتاجر التي تحمل في المعتاد عبارة «لا قميص، ولا حذاء، فلا مشكلة».
لكن عندما عاد مورغان وتريفور غيتس إلى المنطقة في عام 2018 بعد قضاء عام كامل في بولدر بولاية كولورادو، لم تكن الأنشطة الشاطئية المتعددة في إنسينيتاس هي السبب المقنع لهما وراء شراء منزل في حي كارديف المطل على المحيط، مع منحدراته الكثيرة، ومجموعة المطاعم المطلة على الساحل الجميل. بل كان السبب يرجع إلى المدارس الابتدائية في المنطقة.
وقال مورغان غيتس، عن مدينة إنسينيتاس، التي تبلغ مساحتها نحو 20 ميلاً مربعاً، وتضم تعداداً سكانياً لا يتجاوز 60 ألف نسمة فقط «لقد عشقنا الأجواء، والمناظر الطبيعية الجميلة، ووسط المدينة الذي يشعرك وكأنه مدينة صغيرة في حد ذاته. لكن أولاً وقبل كل شيء، كانت المنطقة التعليمية هي أول اهتماماتنا».
تبلغ مورغان غيتس 39 عاماً من عمرها، وهي مستثمرة عقارية ووالدة لثلاثة أطفال صغار. ولقد عاشت رفقة زوجها تريفور غيتس – البالغ 40 عاماً من عمره، ويعمل نائباً للرئيس التنفيذي بالشؤون المالية في شركة للرهون العقارية – في مجتمعات عدة في نورث كاونتي بمدينة سان دييغو قبل العام الذي أمضياه في ولاية كولورادو، بما في ذلك حي كارديف، الذي يدير مدرسة ابتدائية أهلية صغيرة من مبنيين اثنين فقط. واستأجر الزوجان شقة في بداية الأمر، وأمضيا 9 أشهر في مقارنة مختلف العروض العقارية مع زيارة الشقق والعقارات بغرض الشراء. وتراوحت ميزانية الزوجين لما يصل إلى 1.3 مليون دولار، وما زالا يملكان منزلهما السابق في كولورادو، وهو عبارة عن منزل على شكل حرف (A) من سبعينات القرن الماضي، ويستقر على مساحة من الأرض تبلغ 17 فداناً.
لكن على غرار العقارات كافة في مدينة إنسينيتاس، فإن أسعار المنازل مرتفعة للغاية في حي كارديف وتواصل الصعود، وأصبح من الواضح بعد فترة وجيزة من الزمن أنه لا بد لهما من إعادة النظر في خططهما للشراء.
تقول السيدة مورغان غيتس: «كنا نأمل أن نتمكن من الحفاظ على منزلنا السابق في كولورادو. لكن بمجرد نزولنا إلى سوق العقارات، بدأنا التفكير في المنازل حتى مبلغ 1.5 مليون دولار. وأدركنا أنه من الضروري اعتبار الأمر من النواحي كافة أولاً».
وفي أوائل عام 2019، تمكّن الزوجان من بيع منزل كولورادو لقاء 1.1 مليون دولار، ثم انتقلا بعد مرور بضعة أشهر للعيش في منزل يرجع لعام 1966 ومكون من طابق واحد و3 غرف للنوم وحمامين مع إطلالة على المحيط في مدينة إنسينيتاس. وكان السعر المطلوب يبلغ 1.5 مليون دولار، غير أنه كان يحتاج إلى بعض الإصلاحات؛ إذ كشفت معاينة المنزل عن وجود لحشرات النمل الأبيض وبعض القوارض. واستقر السعر عند مبلغ 1.34 مليون دولار، ثم سددا 100 ألف دولار أخرى على أعمال التجديد، بما في ذلك خلع الأرضيات والحمامات كافة مع استبدال المطبخ. وكانت النتيجة تستحق كل العناء، كما قالت السيدة مورغان غيتس. حيث يتمكن زوجها العاشق للتزلج على الأمواج من الوصول إلى شاطئ المحيط في غضون 10 دقائق فقط. وأحب أطفالهما الكثير من المعارض المتناثرة في مختلف الشوارع، وورش العمل، ومتاجر المزارعين في المدينة. وقالت السيدة مورغان «إن مدينة إنسينيتاس، ولا سيما حي كارديف، بهما الكثير من الفعاليات العشوائية والمتجددة. إنني عاشقة للأجواء الصاخبة والمناخ غير التقليدي في هذه المدينة».

معالم المدينة
تقع مدينة إنسينيتاس على مسافة 25 ميلاً من الساحل في سان دييغو، وتحيط بها بحيرتان: بحيرة سان إيليجو الجنوبية، وبحيرة باتيكيتوس الشمالية. وينطلق طريق 101 الأميركية السريعة إلى الغرب من حدود المدينة، وهي تعتبر شريان الحياة التي تنتشر فيها المطاعم، والمقاهي، ومنافذ ركوب الأمواج.
ويمكن العثور على المنازل الكبيرة، والمنازل بأسعار معقولة، في حيي أوليفهين وفيلاج بارك، واللذان يقعان إلى الشرق من الطريق السريعة رقم 5، وهناك عروض مستمرة للمنازل الشاطئية الكلاسيكية، وغيرها من المنازل ذات المساحات الكبيرة على واجهة المحيط في أحياء ليوكاديا وكارديف. ويقع حي نيو إنسينيتاس على ضواحي المدينة، ويشتهر بوجود متاجر التجزئة الكبيرة مثل تارجت وهوم ديبوت، مع الكثير من المنازل الصغيرة المتراصة جنباً إلى جنب، في حين يضم حي أولد إنسينيتاس منطقة وسط البلد، والشواطئ المحبوبة، فضلاً عن مظاهر مجتمع الشاطئ الكلاسيكي الراقي.
وتنتشر المساكن والتجمعات السكنية ذات الأسعار المعقولة في أنحاء المدينة كافة، ويقع الكثير منها بالقرب من الساحل على طول الطريق 101 السريعة؛ مما يجذب الكثير من صغار المستأجرين.

الأسعار المتوقعة
تواصل الأسعار في مدينة إنسينيتاس ارتفاعها المستمر، مع ندرة ملحوظة في المساكن ذات الأسعار المعقولة – وهو الاتجاه الذي لفت انتباه حكومة الولاية. وفي عام 2019، كان هناك 430 منزلاً للأسر المنفردة في سوق العقارات، بمتوسط سعر البيع يبلغ 1.4 مليون دولار للمنزل الواحد. وفي عام 2018، كانت سوق العقارات تضم 417 منزلاً فقط من هذه الفئة، بمتوسط سعر البيع يبلغ 1.28 مليون دولار. وفي عام 2017، كان العدد يقترب من 446 منزلاً فقط، بمتوسط سعر البيع يبلغ 1.2 مليون دولار، وذلك وفقاً إلى البيانات الصادرة عن خدمة العروض العقارية الإقليمية المتعددة في ولاية كاليفورنيا.
وتُعرض الاستوديوهات في مدينة إنسينيتاس للإيجار لقاء مبلغ لا يقل عن 1400 دولار في الشهر، في حين يبلغ إيجار الشقة من غرفتين للنوم نحو 2500 دولار في الشهر. والمستأجرون الباحثون عن الشقق الفاخرة أو المطلة على المحيط لا بد أن يتوقعوا أن تبلغ قيمة الإيجار نحو 4000 دولار في الشهر.

الأجواء المدنية
يقول دين سودربيرغ (41 عاماً)، وهو وكيل عقاري من أبناء مدينة إنسينيتاس «عندما كنت في المرحلة الثانوية، كان وسط المدينة يضم مغسلة آلية، وداراً للسينما، ومطعمين صغيرين، مع بعض المتاجر القليلة على شاطئ المحيط»، ولا يزال والد سودربيرغ، المخرج السينمائي وعاشق ركوب الأمواج، يعيش في المدينة حتى اليوم، «حافظت إنسينيتاس على ثقافة ركوب الأمواج وتراثها الممتد مع التحسينات الكبيرة التي شهدتها سوق العقارات ومتاجر التجزئة المتنوعة».
كما شهدت المدينة تطوراً ملموساً على مدار العشرين سنة الماضية، بما في ذلك إنشاء حي إنسينيتاس رانش المتكون من 500 منزل، فضلاً عن كوكبة من المتاجر والمطاعم والمقاهي القريبة. (ويبلغ عمر دار السينما الوحيدة هناك – دار لا بالوما – نحو 100 عام الآن).
انتقل بيتر كاسبيرسن (39 عاماً)، للعيش في إنسينيتاس رفقة زوجته تشيلسي منذ عام 2009، وذلك قبيل زواجهما بفترة وجيزة. وكان إنجاب الأطفال من أهداف حياتهما، وكانت إنسينيتاس – بمدارسها الجيدة وشواطئها الجميلة، تعد من أفضل الاختيارات بالنسبة إليهما.
يقول السيد كاسبيرسنن، الوكيل العقاري المتخصص في مجتمعات سان دييغو الساحلية: «لا أعتقد أن هناك مكاناً أفضل من إنسينيتاس، وتشعر زوجتي بسعادة كبيرة للمتاجر الكثيرة المتناثرة على طول الشاطئ. وأحب الشاطئ مثلها تماماً، والحياة الساحلية جميلة بطبعها».

المدارس
تدير منطقة اتحاد مدارس إنسينيتاس 9 مدارس ابتدائية في المدينة، وتقع خمس منها: مدرسة كابري، ومدرسة فلوا فيستا، ومدرسة أوشن نول، ومدرسة أوليفهين بايونير، ومدرسة بول إيك سنترال الابتدائية، ضمن حدود المدينة. كما تقع مدرستا كارديف وأدا هاريس الابتدائيتان، وتديرهما منطقة مدارس كارديف التعليمية، ضمن حدود المدينة كذلك. وخلال العام الدراسي 2018 – 2019، استوفت نسبة 68 في المائة من طلاب الصف الثالث في مدارس المدينة، ونسبة 72 في المائة من طلاب مدارس كارديف معايير اللغة الإنجليزية وآدابها وفق اختبار التقييم الأكثر ذكاءً في ولاية كاليفورنيا، مع نسبة 70 في المائة المحققة في منطقة إنسينيتاس، ونسبة 90 في المائة في منطقة كارديف التعليمية التي تجاوزت معايير الولاية في مادة الرياضيات. وينتقل طلاب المدارس الإعدادية والثانوية في منطقة سان دييغو الثانوية إلى مدرسة دييغو أو مدرسة أوك كريست الإعدادية للصفين الدراسيين السابع والثامن على التوالي. ويحضر طلاب المستوى الثانوي في مدرسة لا كوستا كانيون، حيث استوفى الطلاب الخاضعون لاختبار مادة SAT الدراسي نسبة 92 في المائة من علامات اللغة الإنجليزية، أو أكاديمية سان دييغو، حيث حقق الطلاب نسبة 94 في المائة من اختبارات المادة نفسها. وعلى مستوى المنطقة التعليمية، استوفى الطلاب نسبة 96 في المائة من المعايير الدراسية، مقارنة بنسبة 81 في المائة في منطقة سان دييغو التعليمية الموحدة، فضلاً عن نسبة 71 في المائة فقط على مستوى ولاية كاليفورنيا. وفي مادة الرياضيات، حقق الطلاب من مدرسة لا كوستا كانيون نسبة 81 في المائة، مع نسبة 87 في المائة لطلاب أكاديمية سان دييغو من اختبار مادة SAT الدراسي في عام 2017 – 2018 الدراسي، مقارنة بنسبة 87 في المائة للطلاب على مستوى المناطق التعليمية، ونسبة 60 في المائة في منطقة سان دييغو التعليمية الموحدة، ونسبة 50 في المائة على مستوى الولاية. (بالنسبة إلى اختبار مادة SAT الدراسي، يعرف مجلس الكليات الطلاب على اعتبار التأهل للكليات عندما تبلغ درجات الاختبار 480 درجة في اللغة الإنجليزية و530 درجة في الرياضيات).

الانتقالات
إن كنت ترغب في الالتحاق بركب سكان إنسينيتاس يومياً، فما عليك سوى تذكر حركة المرور المتجهة شمالا في ساعة الذروة. فإن الرحلة بالسيارة من وسط مدينة سان دييغو عند تمام الخامسة مساءً تستغرق أكثر من ساعة كاملة في حين يمكن القيام بها في غضون 25 دقيقة على الطرق غير المزدحمة بالسيارات.
ويسير قطار الركاب المحلي شمالاً وجنوباً عبر مقاطعة سان دييغو، وهو يخدم 8 محطات على طول الطريق، بما في ذلك مدينة إنسينيتاس، ويبلغ سعر التذكرة 5 دولارات في كل اتجاه، ويصل إلى 182 دولاراً بالاشتراك الشهري.

التاريخ
في عام 1669، قاد غاسبار دي بورتولا، حاكم باها كاليفورنيا القديمة، أول رحلة استكشافية إلى ما يُعرف الآن بمدينة إنسينيتاس. وفي عام 1881، استقر جيبيز بيتشر في تلك المنطقة، الذي يعتبر الوالد المؤسس لمدينة إنسينيتاس.

- خدمة «نيويورك تايمز»



«المنازل الذكية»... طريق الحياة الجديدة باستخدام التقنية

المنازل الذكية تستعد للانضمام إلى القطاعات التي يمكن التحكم بها عن طريق الأجهزة الذكية (الشرق الأوسط)
المنازل الذكية تستعد للانضمام إلى القطاعات التي يمكن التحكم بها عن طريق الأجهزة الذكية (الشرق الأوسط)
TT

«المنازل الذكية»... طريق الحياة الجديدة باستخدام التقنية

المنازل الذكية تستعد للانضمام إلى القطاعات التي يمكن التحكم بها عن طريق الأجهزة الذكية (الشرق الأوسط)
المنازل الذكية تستعد للانضمام إلى القطاعات التي يمكن التحكم بها عن طريق الأجهزة الذكية (الشرق الأوسط)

تبرز المنازل الذكية خياراً جديداً في أسلوب الحياة مع التسارع الذي تشهده التقنيات المنزلية؛ مما يعتقد أنها تجعل الحياة أسهل من خلال التحكم في مرافق المنازل عبر الهاتف المحمول، الأمر الذي يضم هذا الاستخدام ضمن استخدامات كثيرة عبر تلك الأجهزة المحمولة.
ويمكن الآن التحكم بكل شيء في المنزل وفق طرق سهلة، سواء كان ذلك تشغيل الإضاءة أو فتح الستائر، أو تشغيل الواي فاي، أو تعديل درجة الحرارة، وفتح وإغلاق قفل الباب الأمامي، وحتى إشعال وإطفاء الموقد، حيث يقضي معظم الأفراد أغلب أوقاته في المنزل أكثر من أي مكان آخر، ومع ذلك التفكير بالتكنولوجيا عندما التواجد في المنزل يكون أقل مقارنة بالخارج فيما عدا تقنية الواي فاي.
غدت الصورة عن المنزل التي تتمثل بأنه مكان خالٍ من التكنولوجيا على وشك التغيير، فحان وقت النظر إلى الأجهزة الكثيرة المتناثرة في أنحاء المنزل، سواء كان التلفزيون في غرفة المعيشة، أو الثلاجة في المطبخ، أو المكيّف في غرف النوم، أو حتى جهاز تسخين المياه في الحمامات. وأصبح الأفراد محاطين بالإلكترونيات التي يتم وصفها بالأجهزة الذكية بشكل متزايد كل يوم، فهي تملك أجهزة استشعار تمكّنها من تسجيل البيانات ومشاركتها عبر الإنترنت. ويوجد اليوم نحو 31 مليار جهاز متصل بالإنترنت، ومن المفترض أن يرتفع هذا العدد إلى 75.4 مليار بحلول عام 2025، وفقاً لتقديرات وكالة الأبحاث «ستسيتا».
ولا شك بأن السؤال الذي يسيطر في الوقت الحالي هو، متى ستصبح المنازل أكثر ذكاءً عبر وصل جميع هذه الأجهزة بمركز واحد، ليتم التمكن من القياس والتحكم بكل شيء داخل المنازل. وتتجاوز رؤية المنزل الذكي مفهوم الراحة، حيث ستكون التقنيات الجديدة ذات تأثير عميق وإيجابي على الصحة من خلال مراقبة النظام الغذائي وظروف البيئة المحيطة في الأشخاص ورفاهيتهم بشكل عام. وسيتمكن الأطباء بفضل التكنولوجيا من معرفة حالة الأشخاص بالوقت الفعلي كما سيكون تاريخهم الطبي في متناول اليد قبل حتى إخبار الأطباء به. وعلاوة على ذلك، ستمكن المنازل الذكية العاملين في الرعاية الصحية من علاج الأمراض بشكل استباقي.
وسيمتد تأثير التكنولوجيا أيضاً إلى طريقة التعليم والتعلُّم عند وصل أجهزة التعلم الخاصة بالأطفال بأجهزة معلميهم، لتعزيز التفاعل والتعليم المخصص، وسيزداد التركيز على التدريس عبر الوسائط المتعددة، حيث سنتمكن من تحقيق فكرة غرف الدراسة الافتراضية على أرض الواقع، وسيتمكن البالغون أيضاً من إكمال دراستهم من النقطة التي توقفوا عندها، وذلك عبر الدورات التي تم تطويرها للتعلّم المنزلي والتي يمكن بثها على شاشات الأجهزة.
وتعد البيئة المحرك الأهم لتقنيات المنزل الذكي، وخاصة بما يتعلق بتأثير الأشخاص عليها، حيث تستطيع الأتمتة المنزلية الذكية أن تخفّض استهلاك الطاقة والمياه في المباني إلى حد كبير. وصحيح بأن المستهلك سيستخدم المزيد من الأجهزة التي تعمل بالطاقة الكهربائية، إلا أن حلول المنزل الذكي المدعمة بالذكاء الصناعي تستطيع أن تتعرف على سلوك من يعيشون في المنزل وتشغيل الأجهزة أو إيقافها استناداً إلى الروتين اليومي للمستخدم. وسنتمكن مع هذه الحلول الذكية عبر نظرة واحدة على الهواتف المحمولة من معرفة مقدار الطاقة والمياه المستهلكة وتكلفتها. وبالنظر إلى ارتفاع تكلفتهما بشكل مستمر، سيضطر أصحاب المنازل والمرافق والحكومات إلى البحث عن طرق أفضل وأكثر فاعلية للحد من التلوث البيئي، وجعل الحياة أكثر استدامة.
وقد تبدو هذه الأفكار التقنية بعيدة التحقيق، إلا أنها حالياً في مراحل التصميم في مشاريع مثل «نيوم»، المبادرة التي تبلغ تكلفتها 500 مليار دولار، والتي تعد حجر الأساس في «رؤية السعودية 2030»، كما أنها وصفت كأضخم مشروع حضري في العالم اليوم. وستعيد هذه المبادرة تعريف طريقة العيش وستركز في جزء كبير منها على المنازل.
وقال نجيب النعيم، رئيس مجلس إدارة العمليات في «شنايدر إلكتريك» السعودية: «سيكون لمبادرة (نيوم) تأثير غير مباشر على المنطقة بشكل عام، وينبغي أن تصبح المنازل الذكية القاعدة السائدة في الشرق الأوسط بحلول عام 2030. ويبدو لنا أن المنازل الذكية ستستمر في النمو مستقبلاً؛ مما يعني أن طريقة عيشنا اليومية ستتغير بشكل كبير». وبدأت الشركة الاستثمار في أتمتة المنزل الذكي منذ عقود من الزمن، ويعتقد النعيم بأن طريقة عيشنا «ستكون مختلفة بشكل جذري في المستقبل».

التطورات في تقنيات المنزل الذكي
تتطور التكنولوجيا اليوم بوتيرة متسارعة وتقنيات المنزل الذكي ليست استثناءً، والتساؤل يتمحور في معنى هذا التطور من حيث الأداء العملي، وكيف يمكن أن تؤثر البيوت الذكية على الحياة.
الذكاء الصناعي: سيكون الذكاء الصناعي في صميم التقنيات في المنازل المستقبلية، وستتمكن المنازل الذكية من تتبع موقع الأشخاص داخل المنزل، إما عن طريق جهاز استشعار إلكتروني يتم تركيبه على الملابس أو أجهزة استشعار إلكترونية داخل المنزل. وسيمتلك المنزل القدرة على تحديد هوية الأشخاص وأماكنهم، وسيستخدم هذه المعلومات لتلبية الاحتياجات وتوقعها أيضاً. وسيكون المنزل قادراً على ضبط كل شيء بدءاً من التدفئة والتبريد إلى الموسيقى والإضاءة، وكل ذلك حسب احتياجات الشخص الذي سيدخل من باب المنزل.
الإضاءة الذكية: ستُحدث الإضاءة الذكية ثورة في طريقة إضاءة المنازل، فهي تعمل على ضبط نفسها تلقائياً من خلال الكشف عن وجود الأشخاص في الغرفة، وحال خروجهم من هناك، تصبح الأنوار خافتة أو يتم إطفاؤها تماماً. كما يمكن أن تطبق الإضاءة الذكية على نشاطات الأشخاص؛ فعلى سبيل المثال، يمكن لأجهزة استشعار الضغط إطفاء الأنوار عند الاستلقاء في السرير بعد وقت معين، وستكتشف المستشعرات استيقاظ الأفراد لاستخدام الحمام وتقوم بتشغيل الإنارة. وتضبط الإضاءة درجة سطوعها تلقائياً وفقاً لفترات اليوم، وسيتذكر المنزل الذكي الروتين الخاص بالمستخدم ليتمكن من تخصيص كل جهاز في منزلك حسب الرغبة.
الأقفال الذكية: يمكن أيضاً برمجة الأقفال الذكية وفقاً لاحتياجات الأفراد، فيمكن السماح للزوار بالدخول أو منعهم بناءً على سمات تعريفية محددة. كما يمكنك السماح بالدخول لشخص ما، مثل حامل البريد عن بُعد. ويمكن إرسال رموز فتح الأقفال الافتراضية عبر تطبيق إلكتروني وفتح الباب عبر استخدام الهاتف المحمول.
مراقبة المنزل: تستطيع الأنظمة الأمنية الذكية مراقبة المنزل بشكل مستقل، والإبلاغ عن أي حوادث غير مسبوقة لمالك المنزل، وإبلاغ خدمات الطوارئ إذا لزم الأمر. وتستطيع المنازل الذكية أيضاً مراقبة كبار السن الذين يعيشون بمفردهم، فتقدم لهم يد المساعدة كتذكيرهم بتناول أدويتهم وضمان إتمامهم للمهام اليومية بنجاح وأمان. وفي حالات الطوارئ كالسقوط أو الحوادث، سيتمكن نظام المنزل الذكي من إخطار خدمات الطوارئ والسماح لهم بالدخول تلقائياً.
نظام التكييف: يعد التكييف من الضروريات الأساسية في دول الخليج، وعلى الرغم من ذلك لن يتغير قريباً، فإن الحلول المنزلية الذكية يمكن أن تقلل استهلاك الطاقة التي نستخدمها لتشغيل أنظمة التبريد لدينا في الصيف وأنظمة التدفئة في الشتاء بشكل كبير. فمن خلال التعلم الذاتي لسلوك واحتياجات الأسرة بالنسبة لتدفئة وتبريد المنزل مع مرور الوقت وإقران تلك المعلومات مع درجة الحرارة داخل المنزل وخارجه، يستطيع منظم الحرارة الذكي تقليص قيمة فواتير استهلاك الطاقة بنسبة 15 في المائة أو أكثر؛ مما سيختصر على الوالدين تأنيب الأطفال للتوقف عن العبث بمفتاح الطاقة.
طريقة دمج الأجهزة الذكية بنظام المنزل الذكي: يملك كل واحد منا الكثير من الأجهزة الذكية في المنزل والتي يمكن وصلها بشبكة الإنترنت. وما يحتاج إليه معظم الأشخاص هو وسيلة بسيطة بأسعار معقولة لإيصال جميع هذه الأجهزة بنظام واحد. ويؤمن نجيب النعيم من شركة «شنايدر إلكتريك» بأن تطبيق ويزر الذي أطلقته الشركة ومفهوم المنزل المتصل المتطور (سكوير دي) ربما يكون الحل المثالي لمن يبحثون عن تقنية المنزل الذكي الرائدة اليوم.
وقال النعيم «سيتطلب تحقيق ذلك شركة ذات خبرة بالطاقة والكهرباء والخدمات الرقمية والأجهزة والبرامج لتنشئ جهاز تحكم المنزل الذكي الذي نحتاج إليه جميعاً. ويعمل تطبيق (ويزر) من جهاز واحد نحمله بيدنا دائماً هو الهاتف المتحرك. ومن خلال وصل كل جهاز لدينا في المنزل بالإنترنت والتحكم به عبر (ويزر) سنتمكن من مراقبة كافة أجهزتنا والتحكم بها بطريقة آمنة ومن جهاز واحد».
وتهدف «شنايدر» على المدى الطويل إلى إضافة مستشعرات في جميع المعدات الكهربائية في المنزل لتتيح قياس استهلاك الطاقة والتحكم بالأجهزة، إما مباشرة أو من خلال الذكاء الصناعي، ومساعدة أصحاب المنازل والمباني على إنشاء «شبكات كهربائية صغيرة» من خلال دمج البطاريات وأجهزة الطاقة المتجددة مثل الألواح الشمسية. وبهذا قد تصبح الأسلاك الكهربائية والمقابس والقواطع الخاصة بك العمود الفقري الذكي لمنزلك المستقبلي.
«شنايدر» هي من المشاركين في مبادرة «موطن الابتكار» التابعة لشركة «سابك»، وهي مشروع يهدف إلى إنشاء منزل تجريبي متكامل بأثاثه لتوفير تجربة عيش حديثة ومريحة ومستدامة، وإلى رفد السعودية بالمشاريع المستدامة. ويعرض مشروع «موطن الابتكار» ما يمكن تحقيقه عندما تتعاون الشركات العالمية مع رواد الأبحاث مثل «سابك» لابتكار أفكار جديدة من شأنها أن تثير اهتمام السعوديين وتُطلعهم على ما ستبدو عليه منازلهم في المستقبل.
وقال النعيم: «لم تتغير منازلنا كثيراً على الرغم من كمية التقنيات المحيطة بنا. وأصبح ذلك على وشك التغيير، فسنستذكر مستقبلاً الماضي بعد عقد من الزمن، ونتساءل لماذا لم نختر مفهوم المنزل الذكي في وقت أبكر. وسيحدث ذلك ثورة في طريقة راحتنا وعملنا ولعبنا. وأعتقد أن السعودية ستقود مسيرة التطور التقني في المنازل الذكية بفضل مشاريعها الرائدة مثل (نيوم)».