«إنسينيتاس» كاليفورنيا: مدينة شاطئية حيث ترتفع الأسعار مع المد والجزر

ندرة ملحوظة في المساكن ذات الأسعار المعقولة

هناك عروض مستمرة للمنازل الشاطئية الكلاسيكية وغيرها من المنازل ذات المساحات الكبيرة على واجهة المحيط
هناك عروض مستمرة للمنازل الشاطئية الكلاسيكية وغيرها من المنازل ذات المساحات الكبيرة على واجهة المحيط
TT

«إنسينيتاس» كاليفورنيا: مدينة شاطئية حيث ترتفع الأسعار مع المد والجزر

هناك عروض مستمرة للمنازل الشاطئية الكلاسيكية وغيرها من المنازل ذات المساحات الكبيرة على واجهة المحيط
هناك عروض مستمرة للمنازل الشاطئية الكلاسيكية وغيرها من المنازل ذات المساحات الكبيرة على واجهة المحيط

لن يكون من السهل عليك العثور على مدينة مثالية للتزلج على الأمواج في كاليفورنيا أفضل من إنسينيتاس، وهي موضع مفعم بأشعة الشمس الدافئة في المقطع الساحلي الشمالي من مدينة سان دييغو، حيث تلاحظ تدلي السترات المبتلة أمام مختلف الشاليهات مع المتاجر التي تحمل في المعتاد عبارة «لا قميص، ولا حذاء، فلا مشكلة».
لكن عندما عاد مورغان وتريفور غيتس إلى المنطقة في عام 2018 بعد قضاء عام كامل في بولدر بولاية كولورادو، لم تكن الأنشطة الشاطئية المتعددة في إنسينيتاس هي السبب المقنع لهما وراء شراء منزل في حي كارديف المطل على المحيط، مع منحدراته الكثيرة، ومجموعة المطاعم المطلة على الساحل الجميل. بل كان السبب يرجع إلى المدارس الابتدائية في المنطقة.
وقال مورغان غيتس، عن مدينة إنسينيتاس، التي تبلغ مساحتها نحو 20 ميلاً مربعاً، وتضم تعداداً سكانياً لا يتجاوز 60 ألف نسمة فقط «لقد عشقنا الأجواء، والمناظر الطبيعية الجميلة، ووسط المدينة الذي يشعرك وكأنه مدينة صغيرة في حد ذاته. لكن أولاً وقبل كل شيء، كانت المنطقة التعليمية هي أول اهتماماتنا».
تبلغ مورغان غيتس 39 عاماً من عمرها، وهي مستثمرة عقارية ووالدة لثلاثة أطفال صغار. ولقد عاشت رفقة زوجها تريفور غيتس – البالغ 40 عاماً من عمره، ويعمل نائباً للرئيس التنفيذي بالشؤون المالية في شركة للرهون العقارية – في مجتمعات عدة في نورث كاونتي بمدينة سان دييغو قبل العام الذي أمضياه في ولاية كولورادو، بما في ذلك حي كارديف، الذي يدير مدرسة ابتدائية أهلية صغيرة من مبنيين اثنين فقط. واستأجر الزوجان شقة في بداية الأمر، وأمضيا 9 أشهر في مقارنة مختلف العروض العقارية مع زيارة الشقق والعقارات بغرض الشراء. وتراوحت ميزانية الزوجين لما يصل إلى 1.3 مليون دولار، وما زالا يملكان منزلهما السابق في كولورادو، وهو عبارة عن منزل على شكل حرف (A) من سبعينات القرن الماضي، ويستقر على مساحة من الأرض تبلغ 17 فداناً.
لكن على غرار العقارات كافة في مدينة إنسينيتاس، فإن أسعار المنازل مرتفعة للغاية في حي كارديف وتواصل الصعود، وأصبح من الواضح بعد فترة وجيزة من الزمن أنه لا بد لهما من إعادة النظر في خططهما للشراء.
تقول السيدة مورغان غيتس: «كنا نأمل أن نتمكن من الحفاظ على منزلنا السابق في كولورادو. لكن بمجرد نزولنا إلى سوق العقارات، بدأنا التفكير في المنازل حتى مبلغ 1.5 مليون دولار. وأدركنا أنه من الضروري اعتبار الأمر من النواحي كافة أولاً».
وفي أوائل عام 2019، تمكّن الزوجان من بيع منزل كولورادو لقاء 1.1 مليون دولار، ثم انتقلا بعد مرور بضعة أشهر للعيش في منزل يرجع لعام 1966 ومكون من طابق واحد و3 غرف للنوم وحمامين مع إطلالة على المحيط في مدينة إنسينيتاس. وكان السعر المطلوب يبلغ 1.5 مليون دولار، غير أنه كان يحتاج إلى بعض الإصلاحات؛ إذ كشفت معاينة المنزل عن وجود لحشرات النمل الأبيض وبعض القوارض. واستقر السعر عند مبلغ 1.34 مليون دولار، ثم سددا 100 ألف دولار أخرى على أعمال التجديد، بما في ذلك خلع الأرضيات والحمامات كافة مع استبدال المطبخ. وكانت النتيجة تستحق كل العناء، كما قالت السيدة مورغان غيتس. حيث يتمكن زوجها العاشق للتزلج على الأمواج من الوصول إلى شاطئ المحيط في غضون 10 دقائق فقط. وأحب أطفالهما الكثير من المعارض المتناثرة في مختلف الشوارع، وورش العمل، ومتاجر المزارعين في المدينة. وقالت السيدة مورغان «إن مدينة إنسينيتاس، ولا سيما حي كارديف، بهما الكثير من الفعاليات العشوائية والمتجددة. إنني عاشقة للأجواء الصاخبة والمناخ غير التقليدي في هذه المدينة».

معالم المدينة
تقع مدينة إنسينيتاس على مسافة 25 ميلاً من الساحل في سان دييغو، وتحيط بها بحيرتان: بحيرة سان إيليجو الجنوبية، وبحيرة باتيكيتوس الشمالية. وينطلق طريق 101 الأميركية السريعة إلى الغرب من حدود المدينة، وهي تعتبر شريان الحياة التي تنتشر فيها المطاعم، والمقاهي، ومنافذ ركوب الأمواج.
ويمكن العثور على المنازل الكبيرة، والمنازل بأسعار معقولة، في حيي أوليفهين وفيلاج بارك، واللذان يقعان إلى الشرق من الطريق السريعة رقم 5، وهناك عروض مستمرة للمنازل الشاطئية الكلاسيكية، وغيرها من المنازل ذات المساحات الكبيرة على واجهة المحيط في أحياء ليوكاديا وكارديف. ويقع حي نيو إنسينيتاس على ضواحي المدينة، ويشتهر بوجود متاجر التجزئة الكبيرة مثل تارجت وهوم ديبوت، مع الكثير من المنازل الصغيرة المتراصة جنباً إلى جنب، في حين يضم حي أولد إنسينيتاس منطقة وسط البلد، والشواطئ المحبوبة، فضلاً عن مظاهر مجتمع الشاطئ الكلاسيكي الراقي.
وتنتشر المساكن والتجمعات السكنية ذات الأسعار المعقولة في أنحاء المدينة كافة، ويقع الكثير منها بالقرب من الساحل على طول الطريق 101 السريعة؛ مما يجذب الكثير من صغار المستأجرين.

الأسعار المتوقعة
تواصل الأسعار في مدينة إنسينيتاس ارتفاعها المستمر، مع ندرة ملحوظة في المساكن ذات الأسعار المعقولة – وهو الاتجاه الذي لفت انتباه حكومة الولاية. وفي عام 2019، كان هناك 430 منزلاً للأسر المنفردة في سوق العقارات، بمتوسط سعر البيع يبلغ 1.4 مليون دولار للمنزل الواحد. وفي عام 2018، كانت سوق العقارات تضم 417 منزلاً فقط من هذه الفئة، بمتوسط سعر البيع يبلغ 1.28 مليون دولار. وفي عام 2017، كان العدد يقترب من 446 منزلاً فقط، بمتوسط سعر البيع يبلغ 1.2 مليون دولار، وذلك وفقاً إلى البيانات الصادرة عن خدمة العروض العقارية الإقليمية المتعددة في ولاية كاليفورنيا.
وتُعرض الاستوديوهات في مدينة إنسينيتاس للإيجار لقاء مبلغ لا يقل عن 1400 دولار في الشهر، في حين يبلغ إيجار الشقة من غرفتين للنوم نحو 2500 دولار في الشهر. والمستأجرون الباحثون عن الشقق الفاخرة أو المطلة على المحيط لا بد أن يتوقعوا أن تبلغ قيمة الإيجار نحو 4000 دولار في الشهر.

الأجواء المدنية
يقول دين سودربيرغ (41 عاماً)، وهو وكيل عقاري من أبناء مدينة إنسينيتاس «عندما كنت في المرحلة الثانوية، كان وسط المدينة يضم مغسلة آلية، وداراً للسينما، ومطعمين صغيرين، مع بعض المتاجر القليلة على شاطئ المحيط»، ولا يزال والد سودربيرغ، المخرج السينمائي وعاشق ركوب الأمواج، يعيش في المدينة حتى اليوم، «حافظت إنسينيتاس على ثقافة ركوب الأمواج وتراثها الممتد مع التحسينات الكبيرة التي شهدتها سوق العقارات ومتاجر التجزئة المتنوعة».
كما شهدت المدينة تطوراً ملموساً على مدار العشرين سنة الماضية، بما في ذلك إنشاء حي إنسينيتاس رانش المتكون من 500 منزل، فضلاً عن كوكبة من المتاجر والمطاعم والمقاهي القريبة. (ويبلغ عمر دار السينما الوحيدة هناك – دار لا بالوما – نحو 100 عام الآن).
انتقل بيتر كاسبيرسن (39 عاماً)، للعيش في إنسينيتاس رفقة زوجته تشيلسي منذ عام 2009، وذلك قبيل زواجهما بفترة وجيزة. وكان إنجاب الأطفال من أهداف حياتهما، وكانت إنسينيتاس – بمدارسها الجيدة وشواطئها الجميلة، تعد من أفضل الاختيارات بالنسبة إليهما.
يقول السيد كاسبيرسنن، الوكيل العقاري المتخصص في مجتمعات سان دييغو الساحلية: «لا أعتقد أن هناك مكاناً أفضل من إنسينيتاس، وتشعر زوجتي بسعادة كبيرة للمتاجر الكثيرة المتناثرة على طول الشاطئ. وأحب الشاطئ مثلها تماماً، والحياة الساحلية جميلة بطبعها».

المدارس
تدير منطقة اتحاد مدارس إنسينيتاس 9 مدارس ابتدائية في المدينة، وتقع خمس منها: مدرسة كابري، ومدرسة فلوا فيستا، ومدرسة أوشن نول، ومدرسة أوليفهين بايونير، ومدرسة بول إيك سنترال الابتدائية، ضمن حدود المدينة. كما تقع مدرستا كارديف وأدا هاريس الابتدائيتان، وتديرهما منطقة مدارس كارديف التعليمية، ضمن حدود المدينة كذلك. وخلال العام الدراسي 2018 – 2019، استوفت نسبة 68 في المائة من طلاب الصف الثالث في مدارس المدينة، ونسبة 72 في المائة من طلاب مدارس كارديف معايير اللغة الإنجليزية وآدابها وفق اختبار التقييم الأكثر ذكاءً في ولاية كاليفورنيا، مع نسبة 70 في المائة المحققة في منطقة إنسينيتاس، ونسبة 90 في المائة في منطقة كارديف التعليمية التي تجاوزت معايير الولاية في مادة الرياضيات. وينتقل طلاب المدارس الإعدادية والثانوية في منطقة سان دييغو الثانوية إلى مدرسة دييغو أو مدرسة أوك كريست الإعدادية للصفين الدراسيين السابع والثامن على التوالي. ويحضر طلاب المستوى الثانوي في مدرسة لا كوستا كانيون، حيث استوفى الطلاب الخاضعون لاختبار مادة SAT الدراسي نسبة 92 في المائة من علامات اللغة الإنجليزية، أو أكاديمية سان دييغو، حيث حقق الطلاب نسبة 94 في المائة من اختبارات المادة نفسها. وعلى مستوى المنطقة التعليمية، استوفى الطلاب نسبة 96 في المائة من المعايير الدراسية، مقارنة بنسبة 81 في المائة في منطقة سان دييغو التعليمية الموحدة، فضلاً عن نسبة 71 في المائة فقط على مستوى ولاية كاليفورنيا. وفي مادة الرياضيات، حقق الطلاب من مدرسة لا كوستا كانيون نسبة 81 في المائة، مع نسبة 87 في المائة لطلاب أكاديمية سان دييغو من اختبار مادة SAT الدراسي في عام 2017 – 2018 الدراسي، مقارنة بنسبة 87 في المائة للطلاب على مستوى المناطق التعليمية، ونسبة 60 في المائة في منطقة سان دييغو التعليمية الموحدة، ونسبة 50 في المائة على مستوى الولاية. (بالنسبة إلى اختبار مادة SAT الدراسي، يعرف مجلس الكليات الطلاب على اعتبار التأهل للكليات عندما تبلغ درجات الاختبار 480 درجة في اللغة الإنجليزية و530 درجة في الرياضيات).

الانتقالات
إن كنت ترغب في الالتحاق بركب سكان إنسينيتاس يومياً، فما عليك سوى تذكر حركة المرور المتجهة شمالا في ساعة الذروة. فإن الرحلة بالسيارة من وسط مدينة سان دييغو عند تمام الخامسة مساءً تستغرق أكثر من ساعة كاملة في حين يمكن القيام بها في غضون 25 دقيقة على الطرق غير المزدحمة بالسيارات.
ويسير قطار الركاب المحلي شمالاً وجنوباً عبر مقاطعة سان دييغو، وهو يخدم 8 محطات على طول الطريق، بما في ذلك مدينة إنسينيتاس، ويبلغ سعر التذكرة 5 دولارات في كل اتجاه، ويصل إلى 182 دولاراً بالاشتراك الشهري.

التاريخ
في عام 1669، قاد غاسبار دي بورتولا، حاكم باها كاليفورنيا القديمة، أول رحلة استكشافية إلى ما يُعرف الآن بمدينة إنسينيتاس. وفي عام 1881، استقر جيبيز بيتشر في تلك المنطقة، الذي يعتبر الوالد المؤسس لمدينة إنسينيتاس.

- خدمة «نيويورك تايمز»



جدل أميركي حول تأثير بناء الشقق الفاخرة في الأحياء الفقيرة

المباني الجديدة مشكلة وحل في الوقت نفسه
المباني الجديدة مشكلة وحل في الوقت نفسه
TT

جدل أميركي حول تأثير بناء الشقق الفاخرة في الأحياء الفقيرة

المباني الجديدة مشكلة وحل في الوقت نفسه
المباني الجديدة مشكلة وحل في الوقت نفسه

غالباً ما ينظر النشطاء في مجال الإسكان بالولايات المتحدة الأميركية إلى بناء المباني السكنية الجديدة على أنه هو المشكلة، حيث يتم السماح للمطورين العقاريين ببناء مزيد من المساكن، لا سيما في الأحياء الفقيرة، مما يجعل المستأجرين والجيران في هذه المناطق يخشون من ارتفاع أسعار السوق وزيادة تكلفة الإيجارات عليهم، في حين يميل الاقتصاديون، من ناحية أخرى، إلى رؤية المباني الجديدة بوصفها الحل وليست المشكلة، حيث يقولون إن الطريقة الوحيدة لتخفيف النقص في عدد الشقق، الذي بدوره يؤدي إلى رفع الإيجارات، هي بناء مزيد من المساكن، فهم يؤكدون أن بناء ما يكفي من المساكن سيؤدي لانخفاض الإيجارات بشكل عام.
وتعدّ الإشكالية بين هذين الرأيين أساس حالة الجدل المثارة حول البناء الفردي والمعارك الأوسع حول كيفية تخفيف أزمة الإسكان في الولايات المتحدة. وحتى وقت قريب، لم تكن هناك أي بيانات تقريباً على نطاق الأحياء لحل هذه الأزمة، ويبدو أن كلا الرأيين صحيح في الوقت نفسه، فالمساكن الجديدة قد تساعد في خفض الإيجارات في مناطق المترو على سبيل المثال وذلك حتى في الوقت الذي قد يعني فيه ذلك زيادة الطلب على هذه المناطق مما يزيد من قيمة الإيجارات فيها.
وتقدم دراسات جديدة عدة أخيراً بعض الأدلة المشجعة، إن لم تكن كاملة، حيث نظر الباحثون في جامعة نيويورك و«معهد آب جون»، وجامعة مينيسوتا، إلى ما يحدث بشكل مباشر مع بناء المساكن الجديدة، واسعة النطاق، والتي تُباع بسعر السوق (دون قيود على قيمة الإيجار)، حيث تشير دراسات عدة بالفعل إلى أن المناطق التي تبني مزيداً من المساكن تكون أسعارها معقولة، وتتساءل هذه الدراسات الحديثة عما إذا كان هذا النمط يظل ثابتاً عند النظر إلى بناء المساكن الفردية وليس المجمعات السكنية الكبيرة.
وتشير النتائج، مجتمعة، إلى أن المساكن الجديدة يمكن أن تخفف من حدة ارتفاع الإيجارات في المباني الأخرى القريبة، لكن جاء رأي هذه النتائج مختلطاً حول ما إذا كان المستأجرون من ذوي الدخل المنخفض يستفيدون بشكل مباشر من المباني الجديدة أيضاً.
وتمثل أنواع المباني التي تصفها هذه الدراسات، والتي تخضع لسعر السوق وتتكون من 50 وحدة سكنية أو أكثر، غالبية المباني الجديدة الآن، كما تستهدف الغالبية العظمى من الشقق الجديدة اليوم المستأجرين من ذوي الدخل المرتفع، حيث يبلغ متوسط الإيجار لوحدة جديدة الآن 1620 دولاراً أميركياً في الشهر، أي أعلى بنسبة 78 في المائة من متوسط الإيجار على مستوى البلاد، وذلك وفقاً لـ«مركز هارفارد المشترك للدراسات الإسكانية»، (كما أن الهوة بين هذه الأرقام آخذة في الاتساع)، وتميل هذه المباني أيضاً إلى أن تكون الأكثر ظهوراً في المعارك المتعلقة بالإسكان في مختلف الأحياء الأميركية.
وتقول الزميلة في «مركز فورمان» بجامعة نيويورك، والتي درست تأثير المباني الجديدة في نيويورك، شياودي لي: «المستأجرون لا يحبون فكرة بناء المباني الشاهقة الجديدة، وذلك لأنهم يجدون هناك ارتفاعاً أيضاً في قيمة الإيجارات لديهم».
وقد يفترض الجيران أن المباني الجديدة تتسبب في ارتفاع الإيجارات، وهذا أمر مبرر إذا كانت المباني الجديدة تجذب كثيراً من السكان الأكثر ثراءً، والذين بدورهم يجذبون وسائل الراحة الراقية التي تجعل الحي مرغوباً فيه بشكل أكبر.
وتضيف لي: «السؤال الرئيسي هنا هو: ما التأثير الحقيقي لبناء هذه المباني؟». وقد وجدت لي أن المباني الجديدة في نيويورك تجذب مزيداً من المطاعم والمقاهي في المناطق المجاورة، لكنها خلصت إلى أن أي تأثير قد يؤدي لرفع الإيجارات في المناطق المجاورة لهذه المرافق، سيتم وقفه بسبب زيادة المعروض من المباني، وهو الأمر الذي يؤدي لخفض الإيجارات، كما وجدت أنه مقابل كل زيادة بنسبة 10 في المائة في المعروض من المساكن، فإن إيجارات العقارات التي تقع على مسافة 500 قدم تنخفض بنسبة واحد في المائة، وذلك مقارنة بالمناطق الأخرى التي يرتفع فيها الطلب.
ولكن يبدو أن هذه الفوائد ستذهب للمستأجرين في المباني الراقية والمتوسطة القريبة، حيث يفترض أن مالكي العقارات يرون منافسة جديدة في الجوار مما يدفعهم لتعديل قيمة إيجارات مساكنهم بما يتناسب مع هذه المنافسة، لكن «لي» وجدت أن المباني الجديدة ليس لها أي تأثير على إيجار العقارات التي تقع على بُعد أكثر من 500 قدم، وأنها لا تؤثر أيضاً على إيجارات الوحدات منخفضة التكلفة القريبة، وذلك لأنه ربما لا يرى ملاك هذه الوحدات الأبراج الفاخرة الجديدة على أنها منافسة لهم بشكل مباشر.
وفي دراسة منفصلة، وجد براين أسكويث وإيفان ماست من «معهد آب جون»، وديفين ريد في «بنك فيلادلفيا الفيدرالي»، مجموعة مماثلة من النتائج في 11 مدينة رئيسية، بما في ذلك أتلانتا وأوستن وشيكاغو ودنفر، وشملت الدراسة المباني الجديدة التي تضم 50 وحدة على الأقل والتي تم بناؤها في أحياء يقطنها ذوو الدخل المنخفض في وسط المدينة، ويقدر هؤلاء الباحثون أن هذه المباني الجديدة تؤدي لخفض الإيجارات بنسبة بين 5 و7 في المائة في المناطق المجاورة بشكل مباشر، وذلك مقارنة بقيمة الإيجارات المتوقعة في حال لم يكن قد تم بناء هذه المباني الجديدة.
ولكن لا تعني الدراسة أن الإيجارات تنخفض بالفعل، إلا إنها تشير، بدلاً من ذلك، إلى أن المباني الجديدة تبطئ وتيرة زيادة الإيجارات في أنواع الأحياء التي يصفها المطورون العقاريون بأنها مرتفعة بالفعل، حيث إنه بحلول الوقت الذي يصل فيه هؤلاء المطورون إلى حي ما، خصوصاً مع وجود خطط لمشاريع كبيرة الحجم، فإنه من المرجح أن ترتفع الإيجارات بشكل سريع.
وعن تفسيره النتائج التي توصل إليها في اجتماع عام بشأن الرؤية السابقة، يقول ماست: «الأثرياء يتطلعون بالفعل إلى الانتقال إلى حي ما، ولذلك فإنه يمكننا بناء ذلك المبنى الذي يمنحهم شكل الوحدة التي يريدون أن يعيشوا فيها، وفي حال لم نفعل ذلك، فإنهم سيقومون بشراء وحدة في مكان قريب ثم سيقومون بتجديدها».
وقد يكون هذا الرأي غير مريح بالنسبة للمقيمين في الأحياء منذ فترة طويلة، خصوصاً أولئك الذين يشعرون بالقلق من التغيرات التي تحدث في أحيائهم والتي تتجاوز فكرة قيمة الإيجارات فقط، لكنه يمثل رداً على نقطة واحدة على الأقل فيما يخص الجدل المثار حول بناء المباني السكنية الجديدة.
ويقول الأستاذ في جامعة نيويورك، إنغريد غولد إيلين: «هذه النتائج تشير ببساطة إلى أن بناء مزيد من المساكن في أحد الأحياء لن يؤدي إلى تفاقم أعباء الإيجار المرتفعة، ولكنه قد يساعد في التخفيف من حدتها».
ويأتي أحد التحذيرات في الأبحاث التي أجراها أنتوني داميانو وكريس فرينير، اللذان يدرسان للحصول على الدكتوراه في جامعة مينيسوتا، حيث قاما بدراسة المباني الجديدة واسعة النطاق التي بنيت في مينابولس، وقد وجدوا أن بناء المساكن الجديدة قد ساعد في تخفيف حدة ارتفاع قيمة الإيجارات للوحدات الراقية القريبة، لكنهم خلصوا إلى أنه في الثلث الأسفل من السوق يكون للمباني الجديدة تأثير معاكس، حيث ترتفع قيمة الإيجار بشكل سريع.
ومن الممكن في بعض السياقات أن يتسبب بناء الشقق الجديدة، التي تباع وفقاً لسعر السوق، في قيام ملاك العقارات في المناطق القريبة بكبح جماح قيمة إيجار شققهم، لكنه قد يتسبب أيضاً في رؤية مجموعة أخرى من الملاك أن قيمة إيجاراتهم تعد قليلة مقارنة بالأسعار الجديدة، ومن المحتمل أن يشعر المستأجرون من ذوي الدخل المنخفض بالغضب من المساكن الجديدة في البداية، وذلك حتى لو كانوا سيستفيدون منها على المدى الطويل، وذلك لأنه مع تقدم عُمر هذه المباني الجديدة، فإن أسعارها تصبح في المتناول.
وبشكل عام، فإن هناك أدلة في هذه الدراسات كافة على أن العرض والطلب يعملان على النحو الذي يتوقعه الاقتصاديون، وذلك حتى على نطاق الحي الواحد، ولكن هناك أيضاً أدلة على تحقيق مخاوف المستأجرين الأكثر فقراً.
ويقول داميانو: «هؤلاء هم الأشخاص الذين مروا بعدد كبير من التجديدات الحضرية، وإنشاء الطرق السريعة، والاستثمار العام في الإسكان، وإخفاقات التخطيط الأوسع والمؤسسات الحكومية على مرّ الأجيال، وأعتقد أن الخوف من مجرد جملة (مبنى جديد) هو خوف حقيقي ومبرر، والأمر متروك للمخططين وصانعي السياسات للنظر إلى تلك المخاوف بشكل جيد».

* خدمة «نيويورك تايمز»