بأسلوب هادئ ومتزن، استطاع الإعلامي المصري شريف عامر، مقدم برنامج «يحدث في مصر» على شاشة «إم بي سي مصر» نقل نبض الشارع المصري في برنامجه عبر فقرة «التاكسي» التي لاقت ردود فعل لافتة من الجمهور المصري، وفيها يقود شريف سيارة أجرة بالشوارع المصرية، ليلتقي بالمواطنين لمناقشتهم في الشؤون العامة والسياسات الداخلية بالبلاد.
شريف الذي بدأ مشواره بالتلفزيون المصري، قبل انتقاله للعمل بقناة «الحرة» الأميركية لمدة 4 سنوات، ثم انتقاله إلى قناة الحياة المصرية، حقق نجاحاً لافتاً وفق المتابعين في قناة «إم بي سي مصر»، ويقول عامر في حواره مع «الشرق الأوسط» إن خلط المذيع بين الرأي والخبر خطأ كبير جداً، مشيراً إلى أنه استفاد كثيراً من تجربته في الإعلام الأميركي، وأكد أن موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك» أفسد الإعلام، مشيراً إلى أنه لا يعتبره مصدراً للأخبار في برنامجه... وإلى نص الحوار:
يبدأ عامر حديثه عن فقرة «التاكسي» التي خرج ببعض حلقاتها إلى محافظات أخرى غير العاصمة المصرية القاهرة، قائلاً: «بدأنا هذه الفقرة منذ ثلاثة أشهر، وتعرض بواقع 10 دقائق لمرة واحدة أسبوعياً، وكان الهدف منها هو الاقتراب أكثر من الناس، الذين كان يعتقد الكثير منهم أن مصر هي ما يطالعه على الشاشة فقط، لذلك أردنا التأكيد من خلال «التاكسي» أن مصر أكبر من كل الشاشات، مشيراً إلى أن «فريق البرنامج يقيس نجاح هذه الفقرة بشكل خاص، عبر ردود فعل المشاهدين، فأنا أعمل في مؤسسة كبيرة كل شيء فيها يخضع للتقييم، ولديها قواعد تحكمها، وتقييمات داخلية للعمل».
وأوضح: «رغم أن هذه الفقرة لا تستغرق عشر دقائق على الشاشة، فإن تصويرها شاق جداً من الناحية التقنية، لأننا نؤجر تاكسي قبل التصوير بيوم لتجهيزه بالكاميرات ونتحرك باستديو كامل في الشارع ومعي فريق تقني على أعلى مستوى، وعند إجراء حوارات مع الركاب لا بد من الحصول على موافقتهم قبل العرض، فإذا لم يوافقوا فلا أعرض مشاهدهم، وبالتالي هناك عدد مماثل تقريباً لما عرضناه تم استبعاده من العرض، كما أننا لا نخدع أحداً فالكاميرات ظاهرة داخل التاكسي، كما خرجنا إلى محافظات أخرى بعدما كانت الفقرة مقتصرة على القاهرة فقط.
وعن رؤيته لأسباب نجاح هذه الفقرة يقول: «فكرة التاكسي قائمة على أن الراكب هو الذي يطرح موضوع الحوار فلا تحضير ولا توجيه مسبق للحوار، ولا خطوط حمراء فلو تكلم في السياسة سأتكلم معه في السياسة، وفي ظل أزمة سد النهضة ركبت معي عائلة سودانية مقيمة في مصر منذ ثلاث سنوات، ترسل أطفالها لمدرسة سودانية في مصر، هذه وحدها رسالة سياسة، أيضاً اتجهنا إلى المحافظات بعد أن ذهبنا إلى كل أحياء القاهرة، وكانت أول زيارة لمحافظة كفر الشيخ (دلتا مصر) ولأول مرة يستقل المحافظ التاكسي معنا دون مرافقين وذهبنا لقرية في أعماق المحافظة (شباس عمير) مسقط رأس الروائي الكبير الراحل خيري شلبي، والتي كتب عنها روايته الشهيرة «الوتد» التي تحولت إلى مسلسل فيما بعد، الناس هناك لم تكن تصدق ما يحدث، لذلك أعتز جداً بثقة المحافظ في البرنامج، وخصوصاً بعد دخولنا مدرسة كان يجري بها امتحانات التابلت، أليست هذه رسالة أيضاً... البعض قال لي هذه الفقرة ليست قيمتك، لكني سعيد بها جداً. وطوال مشواري أقدم برامجي لكل الناس، وبالمناسبة أنا سائق التاكسي الوحيد في العالم الذي لا يحصل على أجرة من الركاب، وبعض ضيوفي حين يغادرون التاكسي لا يصدقون ذلك.
كان شريف قد عمل لمدة أربع سنوات في قناة الحرة الأميركية كمقدم برنامجها الرئيسي «ساعة حرة» وعن هذه التجربة يؤكد: «الأميركيون هم الأب الشرعي للتلفزيون تاريخياً وواقعياً، لذلك سافرت إليهم لأتعلم المزيد حول فنيات العمل التلفزيوني في أهم عاصمة بالعالم، وقد استفدت منها وتعلمت فيها أن آخر شيء يفعله مذيع الهواء هو الظهور على الهواء، فلا بد أن يكون المذيع شريكاً في التفاصيل كافة، وقد تعبت من المقارنة بيننا وبينهم، واقتنعت أن (كل ميديا ابنة مجتمعها)، فنحن لا نتحمل الحرية من أبنائنا، فأنا لا أسمح لابني أن يقول لي أنت مخطئ، على سبيل المثال، لكن أكثر شيء لمسته هناك هو الحرص على الدقة، وهو أمر نفتقده في ظل سيطرة ثقافة (الفيسبوك) واعتماد البعض عليه كوسيلة معرفة، وفي برنامجي لا نعتمد عليه، ولا أعتبره مصدراً فالمصدر عندنا الشخص نفسه، وأرى أن اعتماد البعض عليه كمصدر رئيسي للأخبار ساهم في فساد الإعلام إلى حد ما. وعكس هذا الأسلوب لمست انضباطاً في (إم بي سي) في هذا الشأن، وأنا أعتبر أن أسلوب العمل بها هو الأفضل في العالم العربي، وهي تفصلها مساحات شاسعة عن أقرب قناة تليها».
ويؤكد شريف أنه يعتز كثيراً باستطلاع الرأي الذي أجراه في برنامجه بعد الانتخابات الرئاسية المصرية الأخيرة، والتي قارب النسبة الحقيقية التي تم الإعلان عنها رسمياً في وقت لاحق، بعد اعتمادنا على شركة متخصصة في هذا المجال، كما أعتز أيضاً بالحلقة التي قدمتها عقب حركة المحافظين الجديدة، واستضفت فيها 6 محافظين في وقت واحد، وتم تقسيم الشاشة بينهم ليعرض كل منهم خططه وتصوره للتطوير، كما لو كان مجلس محافظين مصغر.
وبسؤاله عن إمكانية انتقاله إلى قناة أخرى، قال: «أنا لا أفكر في مغادرة بيتي (MBC) لأني أشعر بالارتياح فيه، فلماذا أذهب إلى مكان آخر... أنا عمري 50 سنة، وتحقق لي في القناة مساحة من الحرية وآليات عمل واضحة ساهمت في نجاح (يحدث في مصر) الذي يعد أحد أفضل 3 برامج (توك شو في مصر)، وفقاً لاستطلاعات الرأي».
ولشريف عامر تجربة مهمة مع قناة «سي إن إن» الإخبارية الأميركية يقول عنها: «قدمت حلقة كاملة من برنامج (الحياة اليوم) من داخل (محطة سي إن إن)، بعدما أرسلت لهم خطاباً بأن برنامجي هو رقم واحد في مصر على مدار ست سنوات، وإننا نرغب في الظهور عبر أهم قناة إخبارية في العالم، فوافقوا بعد أن تحروا الأمر وهناك تعلمت متى يمكن للمذيع أن يناور الضيف، ومتى يكون مباشراً معه، وفي (بي بي سي) البريطانية اكتشفت أنهم لا يضعون مقعداً وثيراً للضيف، حتى لا يشعر بالثقة فيسيطر على الحلقة، بل يجب أن يشعر بعدم الارتياح في جلوسه، ليجيب بسرعة، فالثانية لها ثمن، وحينما تمت استضافتي في قناة (فوكس نيوز) الأميركية كانوا يحددون وقتاً لإجاباتي لا يتجاوز 20 ثانية». ووفق شريف، فإن أكبر خطأ يرتكبه الإعلامي العربي هو خلطه بين الرأي والخبر، موضحاً: «هناك برامج رأي واضحة تعلن خلالها القنوات أن هذا رأي مقدمها، فمثلاً قناة (فوكس نيوز) تؤيد التيار اليميني وتريد مغازلة التيار الليبرالي فتقدم برنامج رأي مغاير لقناعاتها، لكن البرامج الإخبارية لا يجوز فيها أن يبدي المذيع رأيه».
ويرى شريف أن «الإعلاميين العرب مظلومون»، فنحو 75 في المائة من الانتقادات الموجهة ضدهم، ليس في محلها، لأن نقص المعلومات يتسبب في سيطرة الشائعات.
ويعتز شريف بعمله الصحافي والإعلامي الذي جاء بتأثير من أبيه الصحافي منير عامر، قائلاً: «كان أبي يصطحبني وأنا طفل إلى عمله بمجلة (صباح الخير) لأجلس بجوار مكتبه، وكان يقدم لي الفنان جمال كامل ألواناً، وحسن فؤاد أوراقاً لأرسم عليها، وكان يطلب لي الأديب فتحي غانم، القهوة مثلهم، كما كان يصطحبني أبي للإذاعة لتسجيل برنامجه (تحت العشرين) فالتقي بإيناس جوهر، وسناء منصور».
وبدأ شريف عامر مشواره مذيعاً بقناة «نايل تي في» ثم قناة «النيل للأخبار» التي عمل خلالها مراسلاً بفلسطين، وقدم تقارير إخبارية عدة من الأراضي المحتلة، كما كتب وقدم ثلاثة أفلام وثائقية هي «أيام مقدسية»، و«القدس خارج نشرات الأخبار»، و«الحائط»، ويقول عنها: «تم ذلك بتشجيع من أساتذتي حسن حامد، وسميحة دحروج، اللذان منحاني الثقة الكاملة، لذلك تركت التلفزيون المصري حينما تم تغييرهما فأنا أحب العمل مع الذين أشعر معهم بالراحة والثقة.
وأكد أنه يشاهد ما يقدمه زملاؤه الذين ينافسونه في برامج التوك شو الأخرى على موقع «يوتيوب» على غرار عمرو أديب، ووائل الإبراشي، وغيرهم، قائلاً: «لأننا نعمل على منتج واحد، أهتم بالمتابعة لأنها جزء من عملي لكنى في النهاية أركز على طريقتي ومنهجي والأسلوب الذي يناسبني وهذا أهم شيء.
ويعبر شريف عن إعجابه ببعض المذيعين قائلاً: «على المستوى الأميركي كان يعجبني والتر كرونكايت الذي نعتته مجلة (تايم) عند وفاته بمانشيت (وفاة السيد مصداقية)، كما يعجبني لاري كينغ كمحاور، ومن الإعلاميين العرب تعجبني رايا أبي راشد، ببرامجها السينمائية، بالإضافة إلى جورج قرداحي، ومصطفى الآغا».
شريف عامر: «فيسبوك» أفسد الإعلام ولا أعتبره مصدراً للأخبار
قال لـ «الشرق الأوسط» إن خلط الرأي بالخبر من أخطر أخطاء المذيعين
شريف عامر: «فيسبوك» أفسد الإعلام ولا أعتبره مصدراً للأخبار
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة