مجلات: «الجندر والاستبداد» في العدد الرابع من مجلة رابطة الكتاب السوريين

غلاف المجلة
غلاف المجلة
TT

مجلات: «الجندر والاستبداد» في العدد الرابع من مجلة رابطة الكتاب السوريين

غلاف المجلة
غلاف المجلة

صدر العدد الجديد من «أوراق»، مجلة رابطة الكتاب السوريين، التي يرأس تحريرها صادق جلال العظم، الذي غاب عن هذا العدد لأسباب صحية، فكتب حسام الدين محمد افتتاحية المجلة تحت عنوان «السلطة حريم الطاغية / الإبادة فعل اغتصاب معمم»، التي اختتمها بفكرة «أن تحليل العلاقة بين الاستبداد والجنسانية يستأدي الخروج من السياسي إلى الثقافي حيث يستوي أحيانا الطرفان، المستبد وضحاياه، محيلا القضية برمتها إلى ثقافة شعبية عامة تساوي بين الجنس والعنف وترتبط أشد الارتباط بالاستبداد».
وفي مقالة عنوانها «نوعان من المراحل الانتقالية وما من نظرية»، كتب عزمي بشارة عن صعوبة الحديث عن نظرية تاريخية خاصة بالمراحل الانتقالية، معتبرا النظريات التي نشأت لدراسة المراحل تتعلق جميعها بنشوء النظام الرأسمالي رغم أنها طبقت فيما بعد على التاريخ بأكمله، وهكذا استنسخ الكثير من العلوم الاجتماعية لدراسة الانتقال من مجتمع تقليدي إلى مستعمر ومن بلدان مستعمرة إلى مستقلة. ويدحض سمير سعيفان، في دراسته «هل إقامة (الدولة الإسلامية) ممكنة؟»، إمكانية نشوء دولة تحت اسم الدولة الإسلامية لأن «بناء الدولة يشمل ما هو أوسع بكثير وأهمية من وجهة نظر إدارة الحياة على الأرض».
وفي مقدمة لكتاب للفرنسي ميشيل سورا، يكتب جيل كيبيل وأوليفييه مونجان مقالة تنشرها المجلة تحت عنوان «ميشيل سورا: الفرنسي ابن بير زيت: حين يغتال النظام السوري السوسيولوجيا».
فادي عزام، قام بتقديم الملف الذي أشرف عليه، وتضمن مقالات كثيرة في الجندر، تحت عنوان: تجريد الضحية، فكتبت سارة أبو عسلي دراسة بعنوان: «النساء في سوريا من(العورة) إلى(الثورة)»، وتناولت خولة دنيا «المرأة في الثورة السورية: آمال كبيرة وتحديات أكبر»، وكتبت ليلى العودات مقالا بعنوان: النزاع المسلح والعبء المجحف على النساء، وجاء مقال خضر الآغا بعنوان: «كتابة المرأة - تأنيث العالم»، وأيمن بكر بعنوان: «المرأة، الثورة، والمرونة الشريرة»، وكتبت د. خولة حسن الحديد مقالة بعنوان: «لماذا يعادي العرب مفهوم (الجندر)»، وغيرها من المقالات. في الأعمال الإبداعية ضمن الملف، شارك عبد الله العتيبي، ورامي سويد، ومحمد غندور مصطفى الموسى، وفادي عزام «الشلكّة»، وفاطمة ياسين فتحكي أيضا عن مومس تتعامل مع كل أشكال المتحاربين المتنازعين.
وساهم في الكتابة في ملف «أوراق الشعر» كل من خالد سليمان الناصري، إذ جاء نصه بعنوان «رُقم»، وحمل نص سميح شقير عنوان «وردة الشباك»، بينما كتبت مريم مشتاوي نصا بعنوان: «3 قصائد»، كما حمل نص ميسون شقير عنوان «قصائد»، وجاء نص أنور عمران بعنوان: «قريبا تنتهي الحرب». وتنوعت الموضوعات التي جاءت ضمن ملف «أوراق النقد والفن»، إذ قدم هشام الواوي قراءة في رواية «رمش إيل» لفخر الدين فياض، وكتب خالد محمود في «التكوين التاريخي للجزيرة السورية»، وكتب محمد شاويش تحت عنوان: «لماذا كان أحمد فؤاد نجم (شاعرا شعبيا)؟»، وقدم محمد المطرود قراءة في رواية «كان الرئيس صديقي»، بينما قدمت ماري عيسى قراءة في رواية «بدر الزمان» للروائي السوري فاضل السباعي، وتناول إبراهيم اليوسف سرقة الكنوز الأثرية السورية كعمل منظم.
وفي أوراق التحقيق مقال للصحافي ماركوس سفينسون ترجمته ناديا دريعي عن مشاهدات طالبة الطب لينا ميرتز عن بشاعات الحرب، ومن بينها تقطيع أوصال ضحية في إحدى المحافظات. كما نقرأ متابعة وكلمات وردت في سياق فعاليات جائزة المزرعة للرواية التي نظمتها رابطة الكتاب السوريين في أنطاكيا بتركيا 2014، وفاز بها كل من فخر الدين فياض عن روايته «رمش إيل» وغسان الجباعي عن روايته «قهوة الجنرال» وسوسن جميل حسن عن روايتها «قميص الليل».



قانون الآثار الإسرائيلي الجديد «يهوّد» الضفة الغربية

قانون الآثار الإسرائيلي الجديد «يهوّد» الضفة الغربية
TT

قانون الآثار الإسرائيلي الجديد «يهوّد» الضفة الغربية

قانون الآثار الإسرائيلي الجديد «يهوّد» الضفة الغربية

كانت الأراضي الفلسطينية طوال آلاف السنين مقراً وممراً للعديد من الحضارات العريقة التي تركت وراءها آلاف المواقع الأثريّة ذات الأهميّة الفائقة، ليس في تاريخ المنطقة فحسب، بل ومُجمل التجربة البشرية. وقد أصبحت المواقع بمحض القوة بعد قيام الدولة العبرية عام 1948 خاضعة لسلطة دائرة الآثار الإسرائيلية، التي لا تدخر وسعاً في السعي لتلفيق تاريخ عبراني لهذه البلاد، وإخفاء ما من شأنه أن يتعارض مع سرديات الحركة الاستعماريّة الصهيونيّة عنها.

على أن أراضي الضفة الغربيّة التي احتُلَتْ عام 1967 وتحتوى على ما لا يَقِلُّ عن 6 آلاف موقع أثَري ظلّت قانونياً خارج اختصاص دائرة الآثار الإسرائيلية، بينما تمّ بعد اتفاق أوسلو بين الدولة العبريّة ومنظمة التحرير الفلسطينية في 1995 تقاسم المنطقة لناحية اللقى والحفريات بشكل عشوائيّ بين السلطة الفلسطينية ووحدة الآثار في الإدارة المدنية الإسرائيلية، وفق تقسيمات الأراضي الثلاث المعتمدة للحكم والأمن (أ- سلطة فلسطينية، باء: سيطرة مدنية فلسطينية وسيطرة أمنية مشتركة مع الجانب الإسرائيلي، ج: سيطرة إسرائيلية تامة).

ويبدو أن غلبة التيار اليميني المتطرّف على السلطة في الدّولة العبريّة تدفع الآن باتجاه تعديل قانون الآثار الإسرائيلي لعام 1978 وقانون سلطة الآثار لعام 1989 بغرض تمديد صلاحية سلطة الآثار لتشمل مجمل الأراضي الفلسطينية المحتلّة عام 1967، بينما سيكون، حال إقراره، انتهاكاً سافراً للقانون الدّولي الذي يحظر على سلطات الاحتلال القيام بأنشطة تتعلق بالآثار ما لم تتعلق بشكل مباشر باحتياجات السكان المحليين (في هذه الحالة السكان الفلسطينيين).

ولحظت مصادر في الأرض الفلسطينية المحتلّة بأن الأوضاع الأمنيّة في الضفة الغربيّة تدهورت بشكل ملحوظ منذ بدء الحرب على غزة في أكتوبر (تشرين الأول) من العام 2023، وكثّفت السلطات الإسرائيليّة من توسعها الاستيطاني بشكل غير مسبوق منذ ثلاثة عقود، ورفعت من وتيرة هجماتها على بؤر المقاومة، وأطلقت يد المستوطنين اليهود كي يعيثوا فساداً في القرى والبلدات العربيّة تسبب بهجرة آلاف الفلسطينيين من بيوتهم، مما يشير إلى تكامل الجهد العسكري والاستيطاني مع التعديلات القانونية المزمعة لتحضير الأرضية المناسبة لتنفيذ النيات المبيتة بتهويد مجمل أراضي فلسطين التاريخيّة.

ويأتي مشروع القانون الذي قدمه عضو الكنيست عن حزب الليكود اليميني أميت هاليفي، في أعقاب حملة استمرت خمس سنوات من قبل رؤساء المجالس الإقليمية للمستوطنين ومنظمات مثل «حراس الخلود» المتخصصة في الحفاظ على ما يزعم بأنه تراث يهودي من انتهاكات مزعومة على أيدي العرب الفلسطينيين. وتردد الحملة أكاذيب مفادها أن ثمة مواقع في الضفة الغربية لها أهمية أساسية بالنسبة إلى ما أسمته «التراث اليهودي»، وخلقت انطباعاً بوجود «حالة طوارئ أثرية» تستدعي تدخل الدّولة لمنع الفلسطينيين من «نهب وتدمير آثار المواقع اليهودية ومحاولاتهم المتعمدة لإنكار الجذور اليهودية في الأرض» – على حد تعبيرهم.

وكانت اللجنة التشريعية الحكوميّة قد وافقت على التعديل المقترح لقانون الآثار، وأرسلته للكنيست الإسرائيلي (البرلمان) لمراجعته من قبل لجنة التعليم والثقافة والرياضة التي عقدت اجتماعها في شهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، وذلك تحضيراً لعرضه بالقراءة الأولى و«التصويت» في الكنيست بكامل هيئته خلال وقت قريب.

وبينما اكتفت السلطة الفلسطينية والدول العربيّة بالصمت في مواجهة هذه الاندفاعة لتعديل القانون، حذرّت جهات إسرائيلية عدة من خطورة تسييس علم الآثار في سياق الصراع الصهيوني الفلسطيني، واعتبرت منظمة «إيميك شافيه» غير الحكومية على لسان رئيسها التنفيذي ألون عراد أن «تطبيق قانون إسرائيلي على أراضي الضفة الغربية المحتلة يرقى إلى مستوى الضم الرسمي»، وحذَّر في حديث صحافيّ من «عواقب، ومزيد من العزل لمجتمع علماء الآثار الإسرائيليين في حالة فرض عقوبات دوليّة عليهم بسبب تعديل القانون»، كما أكدت جمعيّة الآثار الإسرائيليّة أنها تعارض مشروع القانون «لأن غايته ليست النهوض بعلم الآثار، بل لتعزيز أجندة سياسية، وقد يتسبب ذلك في ضرر كبير لممارسة علم الآثار في إسرائيل بسبب التجاوز على القانون الدولي المتعلق بالأنشطة الأثرية في الضفة الغربية»، ولا سيّما قرار محكمة العدل الدولية في التاسع عشر من يوليو (تموز) الماضي، الذي جدَّد التأكيد على أن وجود إسرائيل في الأراضي الفلسطينية المحتلة برمته غير قانوني، وطالب الدّولة العبريّة بـ«إزالة مستوطناتها في الضفة الغربية والقدس الشرقية في أقرب وقت ممكن»، وألزمت سلطة الاحتلال بتقديم تعويضات كاملة للفلسطينيين بما في ذلك إعادة «جميع الممتلكات الثقافية والأصول المأخوذة من الفلسطينيين ومؤسساتهم».

وتشير الخبرة التاريخيّة مع سلطة الآثار الإسرائيلية إلى أن الحكومة تقوم لدى إعلان السلطة منطقة ما موقعاً تاريخيّاً بفرض حماية عسكريّة عليها، مما قد يتطلّب إخلاء السكان أو فرض قيود على تحركاتهم وإقامة بنية تحتية أمنية لدعم الحفريات، وتمنع تالياً الفلسطينيين أصحاب الأرض من تطويرها لأي استخدام آخر، الأمر الذي يعني في النهاية منع التنمية عنها، وتهجير سكانها وتهويدها لمصلحة الكيان العبريّ، لا سيّما وأن الضفة الغربيّة تحديداً تضم آلاف المواقع المسجلة، مما يجعل كل تلك الأراضي بمثابة موقع أثري ضخم مستهدف.

وتبرر الحكومة الإسرائيلية الحاليّة دعمها مشروع القانون للجهات الأُممية عبر تبني ادعاءات منظمات ومجالس مستوطني الضفة الغربيّة بأن الفلسطينيين يضرون بالمواقع ويفتقرون إلى الوسائل التقنية والكوادر اللازمة للحفاظ عليها، هذا في وقت قامت به قوات الجيش الإسرائيلي بتدمير مئات المواقع الأثريّة في قطاع غزة الفلسطيني المحتل عبر استهدافها مباشرة، مما يعني فقدانها إلى الأبد.

لن يمكن بالطبع للفلسطينيين وحدهم التصدي لهذا التغوّل على الآثار في فلسطين، مما يفرض على وزارات الثقافة ودوائر الآثار والجامعات في العالم العربيّ وكل الجهات الأممية المعنية بالحفاظ على التراث الإنساني ضرورة التدخل وفرض الضغوط للحيلولة دون تعديل الوضع القانوني للأراضي المحتلة بأي شكل، ومنع تهويد تراث هذا البلد المغرِق في عراقته.