تقارير إعلامية: تقدم في المفاوضات الإسرائيلية مع «حماس»

على وقع تدخل قطري ودعم مالي بعد زيارة سرية للدوحة

طفلان فلسطينيان يتزلجان في موقع مخصص للتدريب في مدينة غزة (أ.ب)
طفلان فلسطينيان يتزلجان في موقع مخصص للتدريب في مدينة غزة (أ.ب)
TT

تقارير إعلامية: تقدم في المفاوضات الإسرائيلية مع «حماس»

طفلان فلسطينيان يتزلجان في موقع مخصص للتدريب في مدينة غزة (أ.ب)
طفلان فلسطينيان يتزلجان في موقع مخصص للتدريب في مدينة غزة (أ.ب)

قالت صحيفة «يسرائيل هيوم» الإسرائيلية، أمس، إن هناك تقدماً في الاتصالات غير المباشرة بين إسرائيل وحركة حماس على طريق التوصل لترتيبات واسعة.
ونقلت الصحيفة عن مصادر فلسطينية قولها إن الوفد الأمني المصري الذي زار غزة مؤخراً التقى مسؤولين أمنيين رفيعي المستوى في إسرائيل وغزة لإزالة العقبات التي ظهرت مؤخراً. وأضافت أن «التسهيلات الأخيرة، بما فيها زيادة عدد تصاريح التجار، جميعها خطوات مرتبطة بشكل مباشر بالتقدم الذي يتم إحرازه في أثناء الاتصالات بين الجانبين».
وبحسب المصادر، فإن هذه التسهيلات وزيادة عدد تصاريح التجار هي جزء من الصيغة التي تقدمها إسرائيل لـ«حماس» عبر الوسطاء، وإن الحركة قبلت بها، وعملت في المقابل على وقف البالونات، ومنع أي عمليات من شأنها خلق التوتر على الحدود. ولفتت المصادر إلى أن هناك أيضاً مفاوضات جارية بشأن قضية الأسرى الإسرائيليين لدى «حماس»، مشيرة إلى أن هناك اتصالات سرية بهذا الصدد.
ووفقاً للمصادر، فإن «حماس» ستقدم مطالبها بشأن قضية إجراء صفقة تبادل، تتمثل بالإفراج عن مئات الأسرى الفلسطينيين، من بينهم نساء وأطفال، مقابل الجنود الإسرائيليين أو رفاتهم المحتجز لدى «حماس» في قطاع غزة.
ورجحت المصادر ألا يتم التوصل إلى هذه الصفقة قبل الانتخابات الإسرائيلية التي ستجري في الثاني من الشهر المقبل.
ويجري الوفد الأمني المصري زيارات متكررة لقطاع غزة والضفة الغربية وإسرائيل، في إطار استكمال المباحثات في ملف المصالحة الفلسطينية والتهدئة في غزة. والتقرير الإسرائيلي جاء بعد يومين من لقاء رئيس حركة «حماس» في قطاع غزة، يحيى السنوار، برئيس اللجنة القطرية لإعادة إعمار القطاع، محمد العمادي، الذي قدم سلسلة من المشاريع والتسهيلات للحركة في القطاع، بما فيها ربط خط الغاز الخاص بمحطة توليد الكهرباء الوحيدة بغزة.
وأكدت «حماس» أن العمادي اتفق مع السنوار على صرف 12 مليون دولار، بواقع 100 دولار لمائة وعشرين ألف عائلة محتاجة، ودعم زواج 500 شاب من الشباب غير القادرين على الزواج والمتقدمين في السن، بواقع مليوني دولار، كما اتفقا على تخصيص مليون دولار لترميم كثير من بيوت الفقراء، وتقديم مليون دولار لخريجي الجامعات لاستخراج شهاداتهم الجامعية، بحسب البيان.
ووصل العمادي بعدما اجتمع رئيس الموساد الإسرائيلي وقائد الجبهة الجنوبية في الجيش الإسرائيلي مع كبار المسؤولين في أجهزة الأمن القومي في قطر قبل أسبوعين، في زيارة سرية إلى الدوحة. ونشر موقع «واللا» العبري أن رئيس الموساد الإسرائيلي يوسي كوهين، وقائد الجبهة الجنوبية في الجيش الإسرائيلي هرتسي هليفي، أجريا زيارة سرية إلى الدوحة قبل أسبوعين، واجتمعا مع كبار المسؤولين في أجهزة الأمن القومي، ورئيس جهاز المخابرات في قطر، ورئيس اللجنة القطرية لإعادة إعمار قطاع غزة محمد العمادي.
وبحسب الموقع، تأتي الزيارة في إطار محادثات التهدئة مع الفصائل الفلسطينية في قطاع غزة. وتلعب قطر دوراً رئيسياً في عملية التهدئة بين الفصائل الفلسطينية في غزة وإسرائيل. وأشار الموقع إلى أن كوهين وهليفي سافرا إلى قطر عبر الأردن في طائرة خاصة غادرت مطار بن غوريون القريب من تل أبيب في 4 فبراير (شباط) الماضي، وعادا إلى إسرائيل بعد انقضاء أقل من 24 ساعة على زيارتهما.
ورغم أن قطر دولة تدعم إيران و«حماس» والإخوان المسلمين، فإن إسرائيل تحتفظ بعلاقات وثيقة معها من خلال المبعوث القطري السفير محمد العمادي الذي يجتمع بانتظام مع المسؤولين الإسرائيليين، بحسب القناة. ووفقاً للأرقام المقدمة إلى مجلس الوزراء الإسرائيلي المصغر للشؤون السياسية والأمنية العام الماضي، قامت قطر في الأعوام 2012-20182 بتحويل أكثر من 1.1 مليار دولار إلى قطاع غزة، بموافقة الحكومة الإسرائيلية.
وأكد وزير الدفاع السابق رئيس حزب «إسرائيل بيتنا»، أفيغدور ليبرمان، أن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو طلب من كوهين أن يسافر إلى قطر، ليطلب من الدوحة مواصلة دعم حركة حماس. وقال ليبرمان، في حديث للقناة الـ12 للتلفزيون الإسرائيلي، إن «رئيس الموساد وقائد القيادة الجنوبية طلبا من القطريين مواصلة تقديم الأموال لـ(حماس) بعد 30 مارس (آذار)»، مضيفاً أن القطريين كانوا يعتزمون وقف التمويل في 30 مارس (آذار). وتابع أن «مصر وقطر غاضبتان من (حماس)، وكانتا تعتزمان قطع العلاقات معها. وفجأة، ظهر نتنياهو مدافعاً عن (حماس) كأنها (منظمة بيئية)»، واصفاً سياسات نتنياهو بأنها تمثل «رضوخاً للإرهابيين».



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم