يحتفظ السودانيون بذكرى «سيئة» عن اللجان الحكومية، التي يتم تكوينها للتحقيق في حدث ما، قائلين إن الحكومة «لو أرادت إفشال أمر ما... كونت له لجنة». فخلال اليومين الماضيين، استعادت هذه الذكرى السيئة حضورها بعد إعلان رئيس الوزراء عبد الله حمدوك، تكوين لجنة جديدة للتحقيق في الاعتداء على المتظاهرين السلميين من قبل الشرطة، وما تثيره تصريحات رئيس لجنة التحقيق في أحداث فض الاعتصام من أمام القيادة العامة، التي راح ضحيتها عدد من المعتصمين، ولم تكمل أي من اللجان تحقيقاتها، ولم تقدم تقاريرها للجهات المختصة.
من بين اللجان التي كونت في عهد الحكومة الانتقالية، اللجنة الوطنية للتحقيق في فض اعتصام القيادة العامة، برئاسة المحامي نبيل أديب، وعلى الرغم من أن القرار حدد ثلاثة أشهر للجنة لإكمال مهامها، فإن الكثير من «الشكوك» حامت حول مدى قدرتها على تنفيذ مهمتها في الوقت المحدد، وتقديم المتهمين للنيابة لاتخاذ إجراءات قانونية ضدهم.
وقال رئيس اللجنة الوطنية للتحقيق في فض اعتصام القيادة العامة نبيل أديب، أمس، إن لجنته «لن تصدر توصيات، ولن تعقد مؤتمراً صحافياً لإعلان نتائج تحقيقاتها»، مضيفاً: «هي لجنة تحقيق جنائي تقوم بتحديد المسؤوليات الجنائية التي قد يترتب عليها توجيه اتهامات جنائية لمن يظهر اسمه في نتائج التحقيقات، بوجود ما يدعو لاتهامه بارتكاب جريمة بعينها، لتحول للمحكمة عبر النائب العام». لكن تصريحات أديب لم تقنع الكثيرين، فما إن نشرها على صفحته على منصة التواصل الاجتماعي «فيس بوك»، حتى توالت الإفادات من المتداخلين التي تسير في نهج التشكيك، ووجهت له الناشطة لنا جعفر، اتهامات بالتأخير والتلكؤ، وقالت: «حقيقي أنا غير مطمئنة بالمرة. اعرف أنك أمام شارع ومسؤولية تاريخية وأمانة وحقوق ودماء يا أستاذ».
وتم تكوين عدد من اللجان للتحقيق في عدد من الأحداث التي أعقبت انتصار الثورة السودانية في أبريل (نيسان) 2019، على أيام المجلس العسكري الانتقالي وفي عهد الحكم المدني، من بينها: «لجنة التحقيق في أحداث مدينة الأبيض، ولجنة التحقيق في أحداث مجزرة رمضان، ولجنة التحقيق في مجزرة شنقل طوباي، ولجنة التحقيق في مقتل شرطي، ولجنة تحقيق مجزرة معسكر كريندق، ولجنة التحقيق في مفقودي القيادة، ولجنة التحقيق في أحداث بورتسودان، وأخيراً لجنة التحقيق في أحداث الخميس الماضي، التي كونها رئيس الوزراء، إضافة للجنة فض الاعتصام، ولجان أخرى»، لكن هذه اللجان لم تقدم تقاريرها بعد.
وأخيراً، أصدر رئيس الوزراء حمدوك، قراراً أول من أمس بالتحقيق في أحداث الاعتداءات على المواكب التي شهدتها البلاد الخميس الماضي، احتجاجاً على إحالة ضباط بالجيش دعموا الثورة الشعبية ضد نظام المعزول البشير للتقاعد، وحدد لها «فترة أسبوع» لتقدم تقريرها، لكن الكثيرين يشككون في وصول هذه اللجنة أسوة بغيرها لنتائج قريباً.
وكون مجلس السيادة لجنة أطلق عليها «لجنة تفكيك نظام الإنقاذ»، ومهمتها تتلخص في إنهاء تمكين الإسلاميين، ومحاربة الفساد، واسترداد الأموال، وبدورها كونت لجاناً فرعية عددها 48 لجنة فرعية، وتكاد تكون اللجنة الوحيدة التي خلصت إلى نتائج محددة صادرت بموجبها عقارات ومنشآت وممتلكات حزب «المؤتمر الوطني» الذي كان حاكماً، ومع ذلك فإن الكثيرين يزعمون أن عملها يشوبه الكثير من البطء. ورداً على ذلك قال نائب رئيس اللجنة محمد الفكي سليمان لـ«الشرق الأوسط»، إن لجنته «تتأنى» لتجويد العمل، حتى لا تضطر لاتخاذ قرارات يمكن مراجعتها أو استئنافها. في متابعاتها لأداء هذه اللجان، لم تفلح «الشرق الأوسط» في الحصول على معلومات رسمية عن المرحلة التي بلغها عمل هذه اللجان، ومتى تكمل مهمتها، وهو الأمر ذاته الذي يثير جدلاً واسعاً وشكوكاً حول جدوى اللجان المتناسلة ذاتها.
شكوك تحيط بلجان التحقيق الحكومية في السودان
شكوك تحيط بلجان التحقيق الحكومية في السودان
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة