في البداية، يجب أن نتوجه بالشكر للمدير الفني الفرنسي آرسين فينغر على اقتراحاته بضرورة إحداث تغيير جذري على قانون التسلل في لعبة كرة القدم، بعدما أصبح أول شخص لديه تقدير حقيقي للعبة يتدخل بشكل قوي لمنع المسؤولين عن تطبيق تقنية حكم الفيديو المساعد (الفار) من شغل أنفسهم بحالات تافهة وغير ضرورية، وإلغاء كثير من الأهداف بحجة تسلُّل المهاجم بجزء من جسده قد لا يتعدى المليمترات.
ويقترح فينغر، بصفته رئيساً للجنة التطوير العالمي بالاتحاد الدولي لكرة القدم (الفيفا)، بأن تُلغى معاقبة اللاعبين على التسلل بأي جزء من الجسد يمكن للاعب تسجيل هدف به (كل الجسم عدا الذراعين) في حال وجود المهاجم على خط واحد مع آخر مدافع، وهو ما يعني عدم إلغاء الأهداف بداعي التسلل إذا كان المهاجم متقدماً بإبطه أو بإصبع قدمه الكبير بمليمترات عن آخر مدافع!
في الحقيقة، تبدو هذه المقترحات منطقية تماماً، ويجب أن يتم تطبيقها بنجاح، على الرغم من أننا نعرف أن المسؤولين عن تطبيق تقنية حكم الفيديو المساعد لن يتوقفوا عن رسم خطوطهم الوهمية عبر الملعب من أجل اتخاذ قراراتهم المثيرة للجدل في حالات التسلل. وما سنراه على الأرجح، خلال الموسم المقبل، في حال تطبيق التعديلات التي اقترحها فينغر، هو سلسلة من الحجج الواهية لتقرير ما إذا كان كعب المهاجم أو مؤخرته متقدمة على آخر مدافع أم لا!
إن المقترحات التي تقدم بها فينغر تهدف في الأساس إلى عدم إلغاء الأهداف، عندما لا يسعى المهاجم إلى الحصول على أي ميزة بشكل غير عادل، لكن المشكلة الحقيقية في تقنية الفار، كما رأيناها حتى الآن في إنجلترا تتمثل في عنصر التحكيم عن بُعد، الذي يتسبب بقراراته في حالة من الارتباك في هذه اللعبة.
وقد عبّر المدير الفني لنادي أستون فيلا، دين سميث، عن هذا الأمر بشكل واضح، في نهاية الأسبوع، عندما اشتكى من أن سلطة حكم اللقاء، مارتن أتكينسون، داخل الملعب قد تم تقويضها عندما قام حكام تقنية حكم الفيديو المساعد بإلغاء قراره بمنح ركلة مرمى لأستون فيلا، وانتهى الأمر باحتساب ركلة جزاء لتوتنهام هوتسبر. من حيث القرار الفعلي، ربما تكون تقنية حكم الفيديو المساعد محقة، حيث كان الأمر يبدو للشخص المتابع للمباراة بالعين المجردة أن مدافع أستون فيلا، بيورن إنغلز قد أخرج الكرة بشكل سليم، لكن إعادة اللعبة أظهرت أن المدافع قد أمسك بلاعب توتنهام هوتسبر بدلاً من أن يلعب الكرة. وهذا هو ما قاله كثير من المعلقين والمحللين رداً على تصريحات سميث، وهذا هو بالضبط ما يفترض أن تقوم به تقنية الفار، بمعنى أنه يتعين عليها أن تتدخل في الحالات المهمة التي تستحق التدخل، لا أن تشغل نفسها بأمور تافهة وبتقدم لاعب على آخر بمليمترات قليلة.
لكنها، بدلاً من ذلك، قوضت سلطة أتكينسون ومنحت ركلة جزاء لتوتنهام هوتسبر، بعدما قامت بدراسة الحالة من عدة زوايا، لكن ألم يكن يكفي، حسبما أشار إليه سميث، أن يتجه حكم المباراة لإلقاء نظرة سريعة على الشاشة الموجودة بجوار خط التماس للتأكد من صحة القرار الذي اتخذه؟ صحيح أن تقنية حكم الفيديو المساعد قد اتخذت القرار الصحيح في هذه الحالة، ولا يوجد أدنى شك في ذلك، لكن المشكلة أن الوصول للقرار الصحيح لا يستحق أن تتوقف المباراة لهذا الوقت الطويل ورؤية الحالة من أكثر من زاوية، بل كان يمكن لحكم المباراة أن يلقي نظرة سريعة على الشاشة الخارجية.
ومع ذلك، ربما يكون هناك بعض التعاطف مع وجهة نظر سميث التي ترى أن 42 ألف متفرج في ملعب فيلا بارك كانوا سعداء بما يكفي لقبول قرار حكم المباراة، وأن لاعب توتنهام هوتسبر نفسه، ستيفن بيرغوين، لم يُبدِ أيّ اعتراض على قرار حكم اللقاء في البداية باحتساب اللعبة ضربة مرمى. وفي الحقيقة، لم يكن هذا الخطأ واضحاً للغاية، وبالتالي لم يكن قرار الحكم في البداية يمثل خطأ فادحاً. وإذا كنت على قناعة بأن كل قرار يجب أن يكون دقيقاً قدر الإمكان، فسيتعين عليك بالتالي الاعتماد على التكنولوجيا المتاحة في كل الحالات، لكن نتيجة ذلك سيكون تعطيل المباراة وتوقفها لفترات طويلة، وهو ما سيفقد اللعبة إثارتها ومتعتها، كما أنه سيسلب حكم المباراة سلطاته تماماً داخل الملعب.
في الواقع، لم يكن هذا هو الشكل الذي كان يتخيله معظم الناس لتقنية حكم الفيديو المساعد. لقد كانت الغالبية العظمى من مشجعي ومحبي كرة القدم يريدون بكل بساطة وجود آلية يمكن من خلالها مراجعة القرارات المثيرة للجدل بسرعة، أو تُمكن حكم المباراة من إعادة مشاهدة اللعبة سريعاً عندما يساوره الشك بشأن أحد القرارات. لقد كانت الشاشة الموجودة بجوار خط التماس كافية تماماً لتحقيق هذه الأهداف، خاصة إذا سُمح للمتفرجين من داخل الملعب بمتابعة هذه الإعادة عبر الشاشات الكبيرة الموجودة في الاستادات، وهو الأمر الذي سيحدث في حال تطبيق مقترحات فينغر. لكن تحويل القرارات إلى مسؤولي تقنية حكم الفيديو المساعد، الذين ربما يوجدون في غرف على بُعد أميال من الملعب، هو أمر غير منطقي، ولم يطالب به أي شخص، وربما يكون الطرف الوحيد الذي يريد هذا الأمر هو الحكام أنفسهم!
ويبدو أن من يؤيدون إدارة التقنية بهذه الطريقة قد نسوا أن المشجعين يدفعون الأموال في المقام الأول والأخير من أجل الاستمتاع بالمباريات، وبالتالي من غير المنطقي أن نفسد متعة كرة القدم من خلال إيقاف المباريات لفترات طويلة.
وبعبارة أخرى، ووفقاً لردود فعل جمهور أستون فيلا في ملعب «فيلا بارك» عند الإعلان عن قرار تقنية حكم الفيديو المساعد باحتساب ركلة جزاء لتوتنهام هوتسبر: «لم تعد هذه كرة قدم».
ويبدو أن هذا الشعور ينتاب الكثيرين أيضاً، بما في ذلك فينغر نفسه. ومن المؤكد أن سميث يشعر بالأمر ذاته، على الرغم من أنه لم يكن لديه أي شكاوى بشأن حالة مماثلة وقعت قبل دقائق قليلة في المباراة ذاتها عندما كان بيرغوين يطالب باحتساب ركلة جزاء له بزعم أن الكرة لمست يد مدافع أستون فيلا، لكن تقنية حكم الفيديو المساعد رفضت الأمر ولم تحتسب شيئاً. ولم يقل جمهور أستون فيلا أي شيء عن هذه الحالة أيضاً!
من المؤكد أن القرارات التحكيمية كانت وستظل دائماً مصدر جدل، وهذا هو الطبيعي في عالم كرة القدم، لكن أكثر ما يميز حضور مباريات كرة القدم هو أن تكون قريباً من الحدث، وأن تكون جزءاً منه، وحتى لو تم تسريع الوتيرة التي يتم بها اتخاذ قرارات تقنية حكم الفيديو المساعد وأصبحت أفضل، فمن الصعب على أي شخص أن يتقبل فكرة أن يتم اتخاذ القرارات من قبل أشخاص موجودين خارج الملعب!
مقترحات فينغر لتغيير قانون التسلل منطقية لكن لن تحل مشكلات تقنية «الفار»
لا يجب إلغاء الأهداف بداعي أن يد المهاجم أو طرف حذاء كان متقدماً عن آخر مدافع
مقترحات فينغر لتغيير قانون التسلل منطقية لكن لن تحل مشكلات تقنية «الفار»
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة