تونس: «النهضة» تكشف خبايا محاولات إقصائها من الحكم

TT

تونس: «النهضة» تكشف خبايا محاولات إقصائها من الحكم

أكد عبد اللطيف المكي، قيادي حركة النهضة التونسية (إسلامية) ووزير الصحة المقترح في حكومة الفخفاخ الجديدة، تعرض حزبه خلال المشاورات التي قادها الحبيب الجملي، ومن بعده رئيس الحكومة المكلف إلياس الفخفاخ، لمحاولة إبعاد عن الائتلاف الحاكم، وتشكيل حكومة جديدة دون حركة النهضة.
وقال المكي في تصريح إعلامي إن مجموعات «كوماندوز سياسي اشتغلت خلف الستار لتشكيل حكومة دون حركة النهضة، لكنها فشلت في مسعاها، وفي محاولة لاستعادة سيناريو إخراج التيار الإسلامي من الحكم».
وسبق أن طالب محمد عبو زعيم حزب التيار الديمقراطي (يساري)، وزهير المغزاوي رئيس حزب «حركة الشعب» (قومي) خلال الأيام الأخيرة بتعويض الحقائب الوزارية الممنوحة لحركة النهضة، وتوسيع دائرة الأحزاب المشاركة في الائتلاف الحاكم وتشكيل حكومة وحدة وطنية موسعة، بعد تهديد «النهضة» بانسحابها من حكومة الفخفاخ. كما سعى حزب «قلب تونس» خلال مشاورات تشكيل حكومة الحبيب الجملي إلى تنظيم تحالف مع حزب التيار و«حركة الشعب» وحركة «تحيا تونس» لتشكيل حكومة جديدة، دون حركة النهضة، وكان من تبعات هذا التحالف أن صوتت حركة النهضة وائتلاف الكرامة لوحدهما لصالح حكومة الجملي، وهو ما أدى إلى فشل حصولها على ثقة البرلمان. بهذا الخصوص، يرى المحلل السياسي التونسي ناجي العباسي أن حركة النهضة غيرت طريقة تعاملها مع هذه الأحزاب السياسية، من خلال ضغطها خلال مشاوراتها مع إلياس الفخفاخ لأجل إشراك حزب «قلب تونس»، الذي يتزعمه نبيل القروي، في الحكومة الجديدة، رغم اتهامه بشبهات الفساد، وذلك حتى تتمكن من تجاوز المناورات، التي قادها حزبا التيار الديمقراطي وحركة الشعب بهدف إبعاد حركة النهضة من الائتلاف الحاكم. وفي انتظار عقد جلسة برلمانية الأربعاء المقبل للتصويت على حكومة إلياس الفخفاخ، تشهد الساحة السياسية التونسية جدلا حول الوزراء المقترحين والوزراء المغادرين، حيث دعا عدد من السياسيين إلى الإبقاء على وزراء الثقافة والصحة والسياحة، بالنظر إلى النتائج الإيجابية التي حققها كل واحد منهم في ميدانه. غير أن رئيس الحكومة المكلف لم يبق سوى أحمد عظوم وزير الشؤون الدينية، وأنور معروف وزير تكنولوجيات الاتصال، الذي نقله إلى وزارة النقل واللوجيستيك، فيما أعاد وزراء شاركوا في حكومات تونسية سابقة، مثل عبد اللطيف المكي، الذي شغل نفس وزارة الصحة، ومنجي مرزوق وزير الطاقة والمناجم، ومحمد عبو المكلف الوظيفة العمومية، وشكري بن حسين في مجال البيئة، وأحمد قعلول في مجال الشباب والرياضة.
وحظي ملف روني الطرابلسي، وزير السياحة بنصيب هام من التساؤلات والجدل، بعد أن صرح زهير المغزاوي، رئيس حركة الشعب، بأن اسم الطرابلسي لم يعرض على قيادات حزبه طوال المشاورات الحكومية، وأنه لم يشترط إبعاد وزير السياحة اليهودي الأصل من حكومة الفخفاخ. وكان الطرابلسي قد حقق لقطاع السياحة أرقاما قياسية خلال الموسم السياحي الماضي، بفضل علاقاته القوية مع كبرى وكالات الأسفار العالمية، حيث تمكن لأول مرة في تاريخ البلاد من جلب نحو 9.5 مليون سائح إلى تونس. في المقابل، اتهم المغزاوي قيادات في حركة النهضة، من بينهم نور الدين البحيري، بإثارة هذه القضية التي تميز بين أبناء الوطن الواحد، معتبرا أنه لا يجب التفرقة بين أبناء تونس على أساس الدين أو اللون، ولمّح إلى أن التيار الإسلامي «له مشكلة مع اليهود، ويعتبر أن الصراع العربي - الإسرائيلي صراع ديني» محض.



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.