موريتانيا تحتضن قمة لدول الساحل بحضور فرنسا

الإرهاب والتنمية يهيمنان على أعمال القمة المرتقبة

TT

موريتانيا تحتضن قمة لدول الساحل بحضور فرنسا

استقبلت العاصمة الموريتانية نواكشوط، أمس (السبت)، وزراء خارجية دول الساحل الخمس (موريتانيا، مالي، النيجر، تشاد، وبوركينا فاسو)، الذين سيعقدون اجتماعات تحضيرية لقمة رؤساء هذه الدول الخمس يوم الثلاثاء المقبل، بحضور وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان، وهي قمة تناقش تطور الحرب على الإرهاب في هذه المنطقة من العالم التي تنشط فيها تنظيمات تابعة لـ«داعش» و«القاعدة». الاجتماع التحضيري لوزراء الخارجية يستمر ليومين، ومن شأنه أن يحدد جدول أعمال القمة والملفات التي ستطرح خلالها، في ظل أنباء عن هيمنة الملفات «الاقتصادية والأمنية»، على جدول الأعمال، ومدى تقدم تمويل مشروعات التنمية للحد من الفقر والتهميش والحرمان المصنفة من أهم أسباب التطرف والإرهاب.
وقالت مصادر خاصة لـ«الشرق الأوسط»، إن القمة ستتطرق إلى تقدم تنفيذ «البرنامج الاستثماري الأولوي» الذي أطلقته دول الساحل نهاية عام 2018، ويتكون من 40 مشروعاً تنموياً موجهة إلى المناطق الحدودية التي تستهدفها الجماعات الإرهابية، وحصلت هذه المشروعات على تعهدات تمويل وصلت آنذاك إلى 2.2 مليار يورو.
كانت دول الساحل قد وضعت خطة لتنفيذ هذه المشروعات الكبيرة في مدة تمتد لثلاث سنوات (2019 - 2021)، ولكنها واجهت مشكلات في تعبئة التمويلات التي تم الالتزام بها في «مؤتمر نواكشوط» أكتوبر (تشرين الأول) 2018، وسيهيمن هذا الموضوع على مجريات القمة المرتقبة في نواكشوط، إذ توصلت دول الساحل والجهات الدولية الداعمة لها إلى قناعة بأن الحل العسكري لن يكون كافياً للقضاء على الإرهاب، ولا بد من تكثيف الجهود التنموية.
كانت مجموعة من الخبراء قد اجتمعت الخميس الماضي في نواكشوط، وأعدت تقريراً أولياً سيعرض على وزراء الخارجية والدفاع المجتمعين في نواكشوط، قبل تمريره نحو القمة يوم الثلاثاء المقبل.
ورغم التأخر في تنفيذ الكثير من المشروعات التنموية التي أعلنت عنها مجموعة دول الساحل الخمس، إلا أن الأمانة الدائمة للمجموعة التي يوجد مقرها في نواكشوط، أعلنت في بيان صحافي أن العام الماضي (2019) شهد تنفيذ مشروعات تنموية في ميادين المياه والصحة والزراعة والثروة الحيوانية والأمن الغذائي. وأضافت الأمانة الدائمة أن المشروعات التي تم تنفيذها ركزت على «المناطق الحدودية مع الأخذ في الحسبان احتياجات النازحين واللاجئين الماليين في دول الجوار والمهجرين من الدول الأخرى جراء الأعمال الإرهابية».
وقال الأمين الدائم لمجموعة الدول الخمس مامان صامبو سيديكو، خلال افتتاح اجتماعات الخبراء بنواكشوط، إن القمة ستركز على «مراجعة ما تم إنجازه خلال عام 2019، واستخلاص أفضل الدروس لوضع تصور مدروس لما يجب القيام به خلال 2020»، مشيراً إلى أن الدورة الحالية «ستركز على البرامج والمشروعات ذات الأولوية في المجالين الأمني والإنمائي للمنطقة». من جانبه، قال الأمين العام لوزارة الاقتصاد والصناعة الموريتانية علي سوماري، إن من أهداف القمة «تعزيز الاندماج في المنطقة وإنشاء دبلوماسية فعالة لصالح السلم وترقية التنمية في منطقة الساحل»، مضيفاً أن هناك 7 نقاط بارزة، أورد منها «تفعيل تعليمات وتوصيات الدورات السابقة لمجلس وزراء دول المجموعة، ومؤتمر رؤساء الدول، وتقرير أعمال المجلس لسنة 2019 للأمانة الدائمة للمجموعة، وتقرير تنفيذ ميزانية 2019 وبرنامج الأعمال السنوي لسنة 2020، بالإضافة إلى بعض النقاط الأخرى المدرجة على جدول أعمال الدورة».
من جهة أخرى، سيجري وزراء الخارجية والدفاع في دول الساحل، تقييماً شاملاً للتقدم الحاصل في تفعيل وتنشيط القوة العسكرية المشتركة لمحاربة الإرهاب، التي شكلتها دول الساحل قبل عدة سنوات، ولا تزال تعاني من مشكلات في التمويل والتجهيز والتدريب.
وعلى هامش القمة، سينعقد مؤتمر «تحالف الساحل» وهو أكبر تجمع دولي داعم لدول الساحل، يضم فرنسا والاتحاد الأوروبي والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، والعديد من الدول وجهات التمويل، وهو أكبر ممول للحرب على الإرهاب في المنطقة.
ومن المنتظر أن يتم خلال القمة تسليم الرئاسة الدورية لمجموعة دول الساحل الخمس للرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني، وذلك للمرة الأولى منذ انتخابه رئيساً للبلاد في شهر يونيو (حزيران) من العام الماضي، وهو الذي يملك خلفية عسكرية وتجربة كبيرة، إذ كان يحمل رتبة جنرال في الجيش وكان يتولى منصب قائد الأركان العامة للجيوش الموريتانية لسنوات عديدة.
وتأسست مجموعة دول الساحل في نواكشوط في 19 ديسمبر (كانون الأول) 2014، لتكون آلية للتعاون بين موريتانيا ومالي وبوركينا فاسو والنيجر وتشاد من أجل تنسيق وتضافر جهود الدول في مجالات الأمن والتنمية.



بوركينا فاسو تعلن القضاء على 100 إرهابي وفتح 2500 مدرسة

أسلحة ومعدات كانت بحوزة إرهابيين في بوركينا فاسو (صحافة محلية)
أسلحة ومعدات كانت بحوزة إرهابيين في بوركينا فاسو (صحافة محلية)
TT

بوركينا فاسو تعلن القضاء على 100 إرهابي وفتح 2500 مدرسة

أسلحة ومعدات كانت بحوزة إرهابيين في بوركينا فاسو (صحافة محلية)
أسلحة ومعدات كانت بحوزة إرهابيين في بوركينا فاسو (صحافة محلية)

تصاعدت المواجهات بين جيوش دول الساحل المدعومة من روسيا (مالي، والنيجر، وبوركينا فاسو)، والجماعات المسلحة الموالية لتنظيمَي «القاعدة» و«داعش»؛ خصوصاً في بوركينا فاسو؛ حيث قُتل أكثر من 100 إرهابي، وفي النيجر التي قُتل فيها 39 مدنياً.

وبينما كان جيش بوركينا فاسو يشن عملية عسكرية معقدة شمال غربي البلاد، لمطاردة مقاتلي «القاعدة»، شن مسلحون يعتقد أنهم من تنظيم «داعش» هجوماً دامياً ضد قرى في النيجر، غير بعيد من الحدود مع بوركينا فاسو.

أسلحة ومعدات كانت بحوزة إرهابيين في بوركينا فاسو (صحافة محلية)

بؤرة «داعش»

وقالت وزارة الدفاع في النيجر، السبت، إن الهجوم استمر ليومين، واستهدف عدة قرى في محافظة تيلابيري، الواقعة جنوب غربي البلاد، على الحدود مع بوركينا فاسو، وتوصف منذ عدة سنوات بأنها بؤرة يتمركز فيها تنظيم «الدولة الإسلامية في الصحراء الكبرى» الموالي لتنظيم «داعش».

وأضافت الوزارة أن «مأساتين فظيعتين وقعتا في منطقتي ليبيري وكوكورو»؛ لافتة إلى أن «مجرمين حُوصِروا بسبب العمليات المتواصلة لقوات الدفاع والأمن، هاجموا -بجُبن- مدنيين عُزلًا».

وتحدَّث الجيش عن «حصيلة بشرية مرتفعة»؛ مشيراً إلى «مقتل 39 شخصاً: 18 في كوكورو، و21 في ليبيري»، مبدياً أسفه؛ لأن هناك «الكثير من النساء والأطفال» بين ضحايا «هذه الأعمال الهمجية».

في غضون ذلك، تعهَّد جيش النيجر بتعقب منفِّذي الهجومين، واتخاذ تدابير إضافية لتعزيز الأمن في المنطقة المحاذية لبوركينا فاسو؛ حيث وقعت سلسلة هجمات دامية خلال الأيام الأخيرة، آخرها هجوم استهدف قافلة مدنية في منطقة تيلابيري، قُتل فيه 21 مدنياً الأسبوع الماضي، وبعد ذلك بيومين قُتل 10 جنود في هجوم إرهابي.

أحد القتلى ومعدات كانت بحوزة إرهابيين في بوركينا فاسو (صحافة محلية)

مطاردة الإرهاب

على الجانب الآخر، أعلن جيش بوركينا فاسو أنه نجح الأسبوع الماضي في القضاء على أكثر من 100 إرهابي، خلال عمليات عسكرية متفرقة في مناطق مختلفة من محافظة موهون التي تقع شمال غربي البلاد، غير بعيد من حدود دولة مالي.

وتُعد هذه المحافظة داخل دائرة نفوذ تنظيم «القاعدة»، وخصوصاً «جماعة نصرة الإسلام والمسلمين» التي توسعت فيها خلال السنوات الأخيرة، قادمة من الحدود مع مالي، وتنطلق منها لشن هجمات في عمق بوركينا فاسو.

وقال جيش بوركينا فاسو في بيان صحافي نشرته وكالة الأنباء البوركينية (رسمية)، إن «القوات المسلحة لبوركينا فاسو تمكَّنت من تصفية 102 إرهابي في هذه العمليات التي نُفِّذت على مدار يومي 10 و11 من شهر ديسمبر (كانون الأول) الحالي».

وأوضح الجيش أن عملياته العسكرية مستمرة في منطقة بومبوروكوي التابعة لدائرة موهون، بينما كان رئيس المجلس العسكري الحاكم في بوركينا فاسو الكابتن إبراهيم تراوري، قد وجَّه القوات المسلحة لبلاده باستئناف عمليات مكافحة الإرهاب بطريقة فعَّالة، في كلمة بثها التلفزيون الوطني.

جاء ذلك بعد إقالة الحكومة، وتشكيل حكومة جديدة الأسبوع الماضي، ورفعت هذه الحكومة شعار الحرب على الإرهاب، بينما قال وزير الدفاع الجديد -وهو القائد السابق للجيش- إن الانتصار على الإرهاب أصبح «قريباً».

أسلحة كانت بحوزة إرهابيين في بوركينا فاسو (صحافة محلية)

عودة المدارس

ورغم تصاعد المواجهات بين الجيش والجماعات المسلحة، أعلنت السلطات في بوركينا فاسو إعادة فتح أكثر من 2500 مدرسة كانت مغلقة منذ سنوات بسبب الإرهاب.

وقالت وزارة التعليم إنه «على مدى عامين، سمحت العمليات الأمنية التي نفذتها قوات الدفاع والأمن، إلى جانب تضحيات العاملين في قطاع التعليم، بإعادة فتح أكثر من 2500 مدرسة، وتسجيل أو إعادة تسجيل ما يقارب نصف مليون تلميذ».

وأضافت الوزارة أن «عدد المؤسسات التعليمية المغلقة بسبب انعدام الأمن يتناقص يوماً بعد يوم، وذلك بفضل استعادة السيطرة على المناطق من طرف الجيش وقوات الأمن».

وتوقعت وزارة التعليم أن «تساعد العمليات الأمنية المستمرة، في إعادة توطين القرى في الأسابيع المقبلة، وبالتالي فتح مزيد من المدارس، مما يمنح الأطفال الصغار فرصة الوصول إلى التعليم»، وفق تعبير الوزارة.

إرهاب متصاعد

رغم كل النجاحات التي تتحدث عنها جيوش دول الساحل، فإن مؤشر الإرهاب العالمي صنَّف منطقة الساحل واحدةً من أكثر مناطق العالم تضرراً من الهجمات الإرهابية خلال عام 2023.

وجاء في المؤشر العالمي لعام 2024، أن منطقة الساحل شهدت وحدها نسبة 48 في المائة من إجمالي قتلى الإرهاب على مستوى العالم، خلال عام 2023، مقارنة بـ42 في المائة عام 2022، و1 في المائة فقط خلال 2007.

وبيَّن المؤشر أن بوركينا فاسو والنيجر ونيجيريا والكاميرون، شهدت زيادة في عدد قتلى العمليات الإرهابية بنسبة 33 في المائة على الأقل خلال العام الماضي، ما يجعل منطقة الساحل وغرب أفريقيا مركزاً للإرهاب العالمي.