«الكلاود»... نشاط اقتصادي غير مرئي أرباحه بالمليارات

***أونلاين*** إيرادات قياسية لتقنيات «الحوسبة السحابية» في 2019 (غوغل)
***أونلاين*** إيرادات قياسية لتقنيات «الحوسبة السحابية» في 2019 (غوغل)
TT

«الكلاود»... نشاط اقتصادي غير مرئي أرباحه بالمليارات

***أونلاين*** إيرادات قياسية لتقنيات «الحوسبة السحابية» في 2019 (غوغل)
***أونلاين*** إيرادات قياسية لتقنيات «الحوسبة السحابية» في 2019 (غوغل)

في كلّ فصل تحقّق كلّ من الشركات «أمازون» و«مايكروسفت» و«غوغل» إيرادات قياسية من «الحوسبة السحابية» (كلاود) التي تعدّ راهناً بمثابة العمود الفقري غير المرئي للعديد من الخدمات الأساسية المتوفرة في الحياة اليومية.
تطوّرت الحوسبة السحابية بالتوازي مع انتشار تقنية الجيل الرابع والهواتف الذكية. فتسمح القوة المشتركة للشبكة والخواديم المعلوماتية، الاستماع إلى الموسيقى ومشاهدة الفيديوهات والعمل عن بُعد والنشر على شبكات التواصل الاجتماعي، وحتى طلب سيّارة تاكسي ومراقبة وصولها إلى المكان المُحدد في الوقت الحقيقي على خريطة.
تعمد الشركات وكذلك الأفراد إلى شراء مساحات للتخزين، وإنّما أيضاً القدرة الحسابية والخدمات والبرامج الموجودة فعلياً في مراكز بيانات، وليس على الهاتف والحواسيب.
يوجد حالياً خدمات حوسبة سحابية لألعاب الفيديو التي هي بطبيعتها ذات حجم أكبر، وبالتالي تتطلّب مساحات أوسع لحفظ البيانات وسرعة أكبر عند الاستخدام. وكما هو الحال مع كثير من الاستخدامات الأخرى، تسمح «الألعاب السحابية» بالاستغناء عن المعدّات باهظة الثمن والتي تتقادم تقنياً بسرعة، وفق ما ذكرت وكالة الصحافة الفرنسية.
تلجأ معظم الشركات والمؤسّسات الكبرى إلى تقنية «كلاود»، إمّا من خلال امتلاكها على خواديمها الخاصّة، أو من خلال استئجار مساحات محدّدة، أي «كلاود عام»، من خلال مزود أساسي مثل «أمازون» و«مايكروسفت» و«غوغل»، التي تقدّم مجموعة واسعة من الخيارات، بدءاً من الاستضافة البسيطة، وصولاً إلى الخدمات الكاملة عبر الإنترنت، مع توفير الأدوات والبرامج وضمان الصيانة والأمان.
تقدّم خدمات الحوسبة السحابية العامة خيارات عديدة تسمح بتوفير بعض النفقات مع الحصول على مرونة أكبر لتلبية تطوّر الحاجات.
عملياً، تختار العديد من الشركات نظاماً «هجيناً» يجمع بين التكلفة والقوة والمرونة التي توفّرها الحوسبة السحابية العامة وبين الأمان الممكن الحصول عليه من خلال «كلاود خاص».
يقول بوب أودونل من شركة «تيكنالسيز» للبحوث إن «الشركات تستعين بثلاثة مزودي خدمات كلاود مختلفين بمعدّل وسطي».
ومن المتوقّع أن تصل قيمة سوق خدمات الحسوبة السحابية العامة إلى 266 مليار دولار في عام 2020. أي بارتفاع بنسبة 17 في المائة بالمقارنة مع العام الماضي وفقاً لشركة «غارتنر». في حين تتوقّع «آي دي سي» بأن تتضاعف قيمتها في عام 2023 وأن تصل إلى 500 مليار دولار.
وبعد إطلاق خدمة «أمازون ويب سيرفيسز» في عام 2006. اتخذ عملاق التكنولوجيا العديد من التدابير التي سمحت له بتجاوز منافسيه. وتقدّر شركات الأبحاث حصوله حالياً على 30 إلى 50 في المائة من سوق خدمات «كلاود» العامة في العالم.
وحقّقت «أمازون ويب سيرفيسز» إيرادات بقيمة 35 مليار دولار في عام 2019 عبر استقطابها ملايين المستخدمين في العالم.
النتيجة السلبية الوحيدة التي سجّلتها الشركة كانت في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، بعدما منحت وزارة الدفاع الأميركية عقداً ضخماً بقيمة 10 مليارات دولار لمجموعة «مايكروسفت»، التي تحتلّ المرتبة الثانية في السوق.
لا تقدّم «مايكروسفت» أرقاماً دقيقة عن «أزور»، وهي خدمة «كلاود» عامة توفرها وذلك تجنّباً للمقارنات مع منافسيها. إلّا أن هذه التقنية تؤمّن للمجموعة المعلوماتية أفضل أداء مالي تحققه فصلاً تلو الآخر.
تستحوذ «أزور» على 15 في المائة من السوق العالمية، تليها «غوغل كلاود» بنسبة 6 في المائة، ومن ثمّ «علي بابا» الصينية بنسبة 5 في المائة.
في الواقع، تعدّ تقنية الحوسبة السحابية أولوية متزايدة لمحرّك البحث الأميركي الأول عبر الإنترنت (غوغل)، الذي يشدد على قدراته على تحليل البيانات، وإمكانية قيام مستخدمي الكلاود الهجين أو المتعدّد من نقل البيانات من مزود إلى آخر.
وقد حقّقت «غوغل كلاود» نحو 9 مليارات دولار في عام 2019 أي بزيادة نسبتها 53 في المائة في عام واحد.
يركّز جميع موزعي هذه الخدمات على الأمن الإلكتروني، خصوصاً أن السمعة المرتبطة بحماية البيانات تعدّ أمراً أساسياً في أعمالهم، ولكن أيضاً وقبل كلّ شيء لتحسين قدرات التعلّم الآلي للتمكّن من تحليل واستخدام الكم الهائل من البيانات المُنتجة في كلّ لحظة بشكل أفضل.
يهدف العقد الضخم المبرم مع البنتاغون، على سبيل المثال، إلى تحديث جميع الأنظمة المعلوماتية للقوى المسلّحة الأميركية عبر نظام يدار من خلال الذكاء الصناعي.
أيضاً تهدف هذه التطويرات إلى تقليص التكاليف البيئية، لا سيّما أن مراكز البيانات تستهلك الكثير من الطاقة لتبريد الخواديم المعلوماتية.
إلى ذلك، ستؤدّي تقنيات الجيل الخامس والسيّارات الذاتية القيادة إلى تشجيع تطوير «الحوسبة الطرفية» (إدج كومبيوتينغ).
مؤخراً تحالفت كلّ من «أمازون ويب سيرفيسز» مع شركة «فيرايزون» المشغّلة لشبكات الخلوي، و«مايكروسفت» مع شركة «آي تي أند تي» لنشر التقنيات السحابية مباشرة من خلال الهوائيات، وذلك بهدف معالجة البيانات التي تجمع من خلال أجهزة الاستشعار الموجودة في المنازل والمصانع والمركبات وغيرها، في الوقت الحقيقي لبثها من دون المرور عبر الخواديم المعلوماتية.
ويكمن التحدّي بإلغاء أي فترة انتظار وهو ما يعدّ بفتح الأفق نحو الكثير من المجالات الممكنة.


مقالات ذات صلة

الجفاف في منطقة الأمازون يعرّض نحو نصف مليون طفل للخطر

أميركا اللاتينية أطفال يمشون على شريط رملي في طريقهم إلى المدرسة في مجتمع سانتو أنطونيو في نوفو أيراو، ولاية أمازوناس، شمال البرازيل، 1 أكتوبر 2024 (أ.ف.ب)

الجفاف في منطقة الأمازون يعرّض نحو نصف مليون طفل للخطر

قالت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف)، يوم الخميس، إن ندرة المياه والجفاف يؤثران على أكثر من 420 ألف طفل في 3 دول بمنطقة الأمازون.

«الشرق الأوسط» (ريو دي جانيرو)
الولايات المتحدة​ جيف بيزوس مؤسس شركة «أمازون» (رويترز)

جيف بيزوس يهنئ ترمب على «العودة غير العادية... والنصر الحاسم»

هنأ جيف بيزوس، مؤسس شركة «أمازون»، دونالد ترمب على «العودة السياسية غير العادية والنصر الحاسم» بعد فوز المرشح الجمهوري بالإنتخابات الرئاسية.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
خاص خلال مشاركة «أمازون» في مؤتمر «ليب 24» وإعلانها عن استثمارات ضخمة في السعودية (الشرق الأوسط)

خاص «أمازون»: السعودية والإمارات الأسرع نمواً في التجارة الإلكترونية

كشف مسؤول في شركة «أمازون» أن المنطقة تشهد تطورات مهمة فيما يتعلق بالتجارة الإلكترونية، مؤكداً أن السعودية والإمارات هما أسرع الأسواق نمواً.

عبير حمدي (الرياض)
خاص كاميرا «بان تيلت» أول كاميرا داخلية من «أمازون» تدور بزاوية 360 درجة وتميل بزاوية 169 درجة (أمازون)

خاص الكاميرات الذكية أمْ «سي سي تي في»... كيف يغيّر الذكاء الاصطناعي معايير الأمان المنزلي؟

لا تُعد الكاميرات الذكية مجرد موضة عابرة، بل ضرورة في المنازل الحديثة.

نسيم رمضان (دبي)
تكنولوجيا شعار شركة «أمازون» (أ.ف.ب)

حال لم تعجبهم سياسة العمل الجديدة... مدير في «أمازون» يدعو الموظفين للاستقالة

اقترح أحد كبار المسؤولين التنفيذيين في شركة «أمازون» على الموظفين الذين لا يحبون سياسة العمل الجديدة أن يقدموا استقالاتهم.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

واشنطن تحذّر من الاستثمارات الصينية على هامش افتتاح ميناء في بيرو

رافعات عملاقة في الميناء الجديد المُنشأ بتمويل صيني قرب العاصمة البيروفية ليما (أ.ف.ب)
رافعات عملاقة في الميناء الجديد المُنشأ بتمويل صيني قرب العاصمة البيروفية ليما (أ.ف.ب)
TT

واشنطن تحذّر من الاستثمارات الصينية على هامش افتتاح ميناء في بيرو

رافعات عملاقة في الميناء الجديد المُنشأ بتمويل صيني قرب العاصمة البيروفية ليما (أ.ف.ب)
رافعات عملاقة في الميناء الجديد المُنشأ بتمويل صيني قرب العاصمة البيروفية ليما (أ.ف.ب)

دعت الولايات المتحدة الخميس بلدان أميركا اللاتينية إلى توخي الحذر من الاستثمارات الصينية، تزامناً مع تدشين الرئيس الصيني شي جينبينغ ميناءً رئيسياً في بيرو.

ويفتتح شي الذي يزور بيرو إلى جانب الرئيس الأميركي جو بايدن في إطار قمة «آبيك»، أول ميناء بتمويل صيني في أميركا الجنوبية، وهو مجمّع بكلفة 3.5 مليار دولار في تشانساي شمال ليما مصمم ليكون مركزاً تجارياً إقليمياً.

ومن شأن الميناء أن يسمح لبلدان أميركا الجنوبية بتجاوز المواني في المكسيك والولايات المتحدة لدى التعامل تجارياً مع آسيا.

وقال وكيل وزير الخارجية الأميركية لشؤون أميركا اللاتينية براين نيكولز: «نعتقد أنه من الضروري أن تضمن البلدان في نصف الكرة الأرضية الجنوبي بأن أنشطة الصين تحترم القوانين المحلية وتحافظ على حماية حقوق الإنسان والبيئة».

وفي إشارة إلى العلاقة التاريخية بين الولايات المتحدة وبيرو، قال نيكولز: «سنركّز على بناء هذه العلاقات، وضمان أن البيروفيين يفهمون تعقيدات التعامل مع بعض المستثمرين الآخرين في حين يمضون قدماً في ذلك».

ولفت إلى أن الولايات المتحدة قدمت مؤخراً الدعم لبيرو، بما في ذلك التبرّع بقطارات لمدينة ليما، والتنسيق في مجال الفضاء بقيادة «ناسا»، والتبرع بتسع مروحيات من طراز «بلاك هوك» لمساعدة الشرطة على التعامل مع الجريمة العابرة للحدود.

وقال وكيل وزارة الخارجية الأميركية لشؤون شرق آسيا، دان كريتنبرينك، إن الولايات المتحدة تأتي بـ«أجندة إيجابية»، ولا تسعى لإجبار البلدان على الاختيار بين القوى المتنافسة. وأفاد الصحافيين: «نريد التأكد من أن البلدان لديها إمكانية الاختيار وبأنها قادرة على القيام بخياراتها بحرية ومن دون إكراه».

وعدَّت الولايات المتحدة على مدى قرنين أميركا اللاتينية ضمن دائرة اهتمامها، لكنها واجهت منافسة متزايدة حول العالم، خصوصاً في الجانب الاقتصادي، من قِبل الصين. ويشير صانعو السياسات في الولايات المتحدة عادة إلى الديون المرتبطة بالمشاريع الصينية واعتماد الصين على عمالها في المشاريع الكبرى.

ويأتي افتتاح الميناء بينما يحضر الرئيس الأميركي جو بايدن ونظيره الصيني شي جينبينغ، الجمعة، اليوم الأول من قمة زعماء منطقة آسيا والمحيط الهادي (آبيك)، قبل اجتماع ثنائي في ظل حالة من الغموض الدبلوماسي بعد فوز دونالد ترمب في الانتخابات.

ومن المقرر أن يعقد بايدن وشي محادثات السبت، في حين رجَّح مسؤول في الإدارة الأميركية أنه سيكون الاجتماع الأخير بين زعيمي أكبر اقتصادين في العالم قبل أن يؤدي ترمب اليمين في يناير (كانون الثاني). ومع تبني الرئيس الجمهوري المنتخب نهج مواجهة مع بكين في ولايته الثانية، يحظى هذا الاجتماع الثنائي بمتابعة وثيقة.

تأسست مجموعة «آبيك» في عام 1989 بهدف تحرير التجارة الإقليمية، وهي تجمع 21 اقتصاداً تمثل معاً نحو 60 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي العالمي، وأكثر من 40 في المائة من التجارة العالمية.

كان من المقرر أن يركز برنامج القمة على التجارة والاستثمار للنمو الشامل، كما يُطلق عليه مؤيدوه، لكن عدم اليقين بشأن الخطوات التالية لترمب يخيّم الآن على الأجندة، كما هي الحال بالنسبة لمحادثات المناخ «كوب 29» الجارية في أذربيجان، وقمة مجموعة العشرين في ريو دي جانيرو الأسبوع المقبل.

وأعلن ترمب خلال الأسبوع أنه سيعين السيناتور ماركو روبيو المعروف بمواقفه المتشددة حيال الصين وزيراً للخارجية. والخميس، عقد وزراء منتدى «آبيك»، ومن بينهم وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن اجتماعاً مغلقاً في ليما لتحديد توجهات القمة.

وتحضر القمة أيضاً اليابان، وكوريا الجنوبية، وكندا، وأستراليا وإندونيسيا، من بين دول أخرى، لكن سيغيب عنها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.

تستند أجندة ترمب «أميركا أولاً» إلى اتباع سياسات تجارية حمائية، وزيادة استخراج الوقود الأحفوري وتجنب الصراعات الخارجية، وتهدد بالتالي التحالفات التي بناها بايدن بشأن قضايا تتراوح بين الحرب في أوكرانيا والشرق الأوسط، وتغير المناخ والتجارة العالمية.

وهدَّد الرئيس الجمهوري المنتخب بفرض تعريفات جمركية تصل إلى 60 في المائة على واردات السلع الصينية لتعديل ما يقول إنه خلل في التجارة الثنائية. ومن جانبها، تواجه الصين أزمة إسكان مطولة وتباطؤاً في الاستهلاك، وهو ما سيزداد سوءاً في حال اندلاع حرب تجارية جديدة مع واشنطن... لكن خبراء الاقتصاد يقولون إن فرض رسوم عقابية سيضرّ أيضاً بالاقتصاد الأميركي وباقتصادات دول أخرى.