50 ألف مصلٍ في الأقصى يتظاهرون تمسكاً بعروبة القدس

عشرات الإصابات من جراء بطش شرطة الاحتلال في الضفة الغربية

جانب من احتجاجات أمس التي شملت مناطق عدة من الضفة الغربية وقطاع غزة (أ.ف.ب) و(أ.ب)
جانب من احتجاجات أمس التي شملت مناطق عدة من الضفة الغربية وقطاع غزة (أ.ف.ب) و(أ.ب)
TT

50 ألف مصلٍ في الأقصى يتظاهرون تمسكاً بعروبة القدس

جانب من احتجاجات أمس التي شملت مناطق عدة من الضفة الغربية وقطاع غزة (أ.ف.ب) و(أ.ب)
جانب من احتجاجات أمس التي شملت مناطق عدة من الضفة الغربية وقطاع غزة (أ.ف.ب) و(أ.ب)

رد الفلسطينيون على مشاريع التهويد والاستيطان في القدس وممارسات البطش الاحتلالية والخروقات لباحات الحرم الشريف، بالتدفق بآلافهم على المسجد الأقصى وإقامة صلاة الفجر، بحضور واسع، ثم حضور صلاة الجمعة ظهراً بمشاركة 50 ألف مصل. وقالت دائرة الأوقاف الإسلامية في القدس الشرقية المحتلة، في بيان لها، إن هذا الحضور المهيب جاء رغماً عن قيام الاحتلال بنشر عناصره على البوابات والطرق المؤدية للمسجد، وأعاق دخول الشبان ودقق في بطاقاتهم الشخصية.
كانت قوات الاحتلال، كعادتها في الشهور الأخيرة، قد استهلت نهار أمس بالهجوم التقليدي على صلاة الفجر، التي تم تكريسها أمس في مصلى باب الرحمة، لمناسبة الذكرى السنوية الأولى لإعادة فتحه، بعد 16 عاماً من الإغلاق القسري. فاقتحم ضباط وقوات الاحتلال الخاصة المصلى عقب انتهاء الصلاة، وشرعوا بمصادرة يافطات وبالونات علقت على أبوابه بشكل احتفالي. وقام أحد الضباط بتخريب البالونات مستخدماً السكين. واعتلت قوة من الوحدات الخاصة سطح مصلى باب الرحمة وقامت بتنزيل يافطة علقت على سطحه كتب عليها «مصلى باب الرحمة» بعدة لغات، فيما قامت قوة خاصة باقتحام مصلى باب الرحمة، وصادروا لافتات أخرى علقت على أبوابه كتب عليها «من باب الأسباط إلى باب الرحمة والقادم أعظم... باب الرحمة من هنا يطل النصر. باب الرحمة مصلى رغم الأنوف». كما قام الضباط باقتحام المصلى بأحذيتهم، وبعد تفتيشه قاموا بمصادرة برادي فيه. واعتقلت قوات الاحتلال 4 شبان من ساحات الأقصى، كما اعتقلت أحد كبار السن خلال خروجه من المسجد.
وفي ساعات بعد الظهر من أمس، اعتقلت قوات الاحتلال فتاة مقدسية بحجة محاولتها تنفيذ عملية طعن. وادعت أن الشابة، مسلحة بسكين، حاولت طعن أحد المارة في قصر المفوض في القدس، وتمكن ضباط الشرطة الذين كانوا هناك من القبض عليها، من دون وقوع إصابات في المكان. وتواصلت المظاهرات السلمية في مختلف أنحاء الضفة الغربية، أمس، تحت شعارات وطنية عامة وشعارات محلية. واعتدت قوات الاحتلال على قسم منها. ففي بلدة تقوع جنوب شرقي بيت لحم أصيب عدد من المواطنين بالاختناق عقب إطلاق قوات الاحتلال الإسرائيلي قنابل الغاز المسيل للدموع، في مواجهات. واحتجز الجنود المصور الصحافي عماد جبرين أثناء تغطية المواجهات. وفي منطقة إسر، قرب بلدة الشيوخ قضاء الخليل، قمعت قوات الاحتلال، اعتصاماً سلمياً، واعتقلت الشاب محمود وراسنة (19 عاماً) بعد اعتداء شرس عليه. وقد نظم أهالي قرية الشيوخ اعتصاماً، وزرعوا الأشجار في الأراضي التي قام الاحتلال بتجريفها خلال الفترة الماضية.
كذلك اعتقلت قوات الاحتلال الشاب أحمد عادل الطيطي، بعد أن أصابته بعيار معدني مغلف بالمطاط، خلال مواجهات شهدها مخيم الفوار جنوب الخليل. وأصيب مجموعة من المشاركين بالاختناق الشديد خلال قمع قوات الاحتلال الإسرائيلي مسيرة بلعين الأسبوعية التي انطلقت عقب صلاة الجمعة من وسط القرية باتجاه جدار الفصل العنصري الجديد في منطقة أبو ليمون. ورفع المشاركون الأعلام الفلسطينية، وجابوا شوارع القرية وهم يرددون الهتافات الداعية إلى الوحدة الوطنية، ومقاومة الاحتلال الإسرائيلي وإطلاق سراح جميع الأسرى والحرية لفلسطين وعودة جميع اللاجئين إلى ديارهم وأراضيهم التي هجروا منها. وعند وصول المتظاهرين إلى جدار الفصل العنصري بالقرب من منطقة أبو ليمون، قاموا بإحراق الإطارات وقذف الإطارات المحروقة خلف الجدار، وقام الجنود بإطلاق القنابل الصوتية والغاز المسيل للدموع بكثافة تجاههم من فوق التلال المحاذية لجدار الفصل العنصري، ما أدى إلى إصابة عدد من المشاركين بالاختناق الشديد. وقد شارك في المسيرة التي دعت إليها اللجنة الشعبية لمقاومة الجدار والاستيطان في بلعين، نشطاء سلام إسرائيليون، ومتضامنون أجانب، وأهالي قرية بلعين.
وأصيب عدد من المواطنين، بينهم طفل وصحافي، جراء قمع قوات الاحتلال مسيرة قرية كفر قدوم الأسبوعية، المناهضة للاستيطان، والمطالبة بفتح شارع القرية المغلق منذ 18عاماً. وأفاد مسؤول المقاومة الشعبية في القرية مراد شتيوي، بأن جرافة عسكرية لاحقت المواطنين وهي تدفع بالصخور أمامها، ما أدى لإصابة الطفل مؤمن مراد أشتيوي (9 سنوات) جرى علاجه ميدانياً، ومصور «تلفزيون فلسطين» محمد عناية (28 عاماً) الذي نقل إلى «مستشفى درويش نزال» الحكومي بقلقيلية، حيث وصفت إصابته بالمتوسطة. وأضاف شتيوي أن الاحتلال أطلق الرصاص المعدني المغلف بالمطاط، وقنابل الصوت، والغاز المسيل للدموع، صوب المواطنين، ما أدى لإصابة العشرات بحالات اختناق، جرى علاجهم ميدانياً.
كما أصيب عدد من المواطنين بالاختناق، نتيجة استنشاقهم الغاز المسيل للدموع وقنابل الصوت، التي أطلقتها جيش الاحتلال على مسيرة قرية نعلين الأسبوعية السلمية، غرب رام الله. وأصيب عدد من المواطنين بالرصاص المعدني المغلف بالمطاط، وآخرون بالاختناق بالغاز المسيل للدموع، خلال قمع قوات الاحتلال الإسرائيلي مسيرة سلمية في بلدة عصيرة القبلية، جنوب نابلس. وانطلقت المسيرة من وسط القرية باتجاه الأراضي المهددة بالاستيلاء لصالح مستوطنة «يتسهار»، بهدف زراعة الأشجار، لمناسبة الذكرى الـ51 لانطلاق «الجبهة الديمقراطية»، إلا أن جنود الاحتلال قمعوا المشاركين، وحالوا دون زراعة الأشجار.
وأصيب أيضاً شابان، بعد اعتداء مستوطنين عليهما، في تجمع رأس عين العوجا شمال مدينة أريحا. وأفاد المحامي محمود الغوانمة، من تجمع رأس العوجا، بأن عشرات المستوطنين المسلحين ترافقهم الكلاب، اقتحموا التجمع وحاولوا سرقة أغنام أحد المواطنين، واعتدوا بالضرب على الشبان الذين حاولوا التصدي لهم، ما أسفر عن إصابة الشابين هاني عطا داود زايد (24 عاماً)، وهيثم سليمان داود زايد (20 عاماً) بجروح بالرأس، نقلا إثرها إلى مستشفى أريحا الحكومي، حيث وصفت حالتهما بالمتوسطة. وأضاف الغوانمة أن قوات الاحتلال اقتحمت المنطقة لتوفير الحماية للمستوطنين، واحتجزت شابين آخرين عدة ساعات.



الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)

كثّفت الجماعة الحوثية استهدافها مدرسي الجامعات والأكاديميين المقيمين في مناطق سيطرتها بحملات جديدة، وألزمتهم بحضور دورات تعبوية وزيارات أضرحة القتلى من قادتها، والمشاركة في وقفات تنظمها ضد الغرب وإسرائيل، بالتزامن مع الكشف عن انتهاكات خطيرة طالتهم خلال فترة الانقلاب والحرب، ومساعٍ حثيثة لكثير منهم إلى الهجرة.

وذكرت مصادر أكاديمية في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن مدرسي الجامعات العامة والخاصة والموظفين في تلك الجامعات يخضعون خلال الأسابيع الماضية لممارسات متنوعة؛ يُجبرون خلالها على المشاركة في أنشطة خاصة بالجماعة على حساب مهامهم الأكاديمية والتدريس، وتحت مبرر مواجهة ما تسميه «العدوان الغربي والإسرائيلي»، ومناصرة فلسطينيي غزة.

وتُلوّح الجماعة بمعاقبة مَن يتهرّب أو يتخلّف من الأكاديميين في الجامعات العمومية، عن المشاركة في تلك الفعاليات بالفصل من وظائفهم، وإيقاف مستحقاتهم المالية، في حين يتم تهديد الجامعات الخاصة بإجراءات عقابية مختلفة، منها الغرامات والإغلاق، في حال عدم مشاركة مدرسيها وموظفيها في تلك الفعاليات.

أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

وتأتي هذه الإجراءات متزامنة مع إجراءات شبيهة يتعرّض لها الطلاب الذين يجبرون على حضور دورات تدريبية قتالية، والمشاركة في عروض عسكرية ضمن مساعي الجماعة لاستغلال الحرب الإسرائيلية على غزة لتجنيد مقاتلين تابعين لها.

انتهاكات مروّعة

وكان تقرير حقوقي قد كشف عن «انتهاكات خطيرة» طالت عشرات الأكاديميين والمعلمين اليمنيين خلال الأعوام العشرة الماضية.

وأوضح التقرير الذي أصدرته «بوابة التقاضي الاستراتيجي»، التابعة للمجلس العربي، بالتعاون مع الهيئة الوطنية للأسرى والمختطفين، قبل أسبوع تقريباً، وغطّي الفترة من مايو (أيار) 2015، وحتى أغسطس (آب) الماضي، أن 1304 وقائع انتهاك طالت الأكاديميين والمعلمين في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية التي اتهمها باختطافهم وتعقبهم، ضمن ما سمّاها بـ«سياسة تستهدف القضاء على الفئات المؤثرة في المجتمع اليمني وتعطيل العملية التعليمية».

أنشطة الجماعة الحوثية في الجامعات طغت على الأنشطة الأكاديمية والعلمية (إكس)

ووثّق التقرير حالتي وفاة تحت التعذيب في سجون الجماعة، وأكثر من 20 حالة إخفاء قسري، منوهاً بأن من بين المستهدفين وزراء ومستشارين حكوميين ونقابيين ورؤساء جامعات، ومرجعيات علمية وثقافية ذات تأثير كبير في المجتمع اليمني.

وتضمن التقرير تحليلاً قانونياً لمجموعة من الوثائق، بما في ذلك تفاصيل جلسات التحقيق ووقائع التعذيب.

ووفق تصنيف التقرير للانتهاكات، فإن الجماعة الحوثية نفّذت 1046 حالة اختطاف بحق مؤثرين، وعرضت 124 منهم للتعذيب، وأخضعت اثنين من الأكاديميين و26 من المعلمين لمحاكمات سياسية.

وتشمل الانتهاكات التي رصدها التقرير، الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري والتعذيب الجسدي والنفسي والمحاكمات الصورية وأحكام الإعدام.

عشرات الأكاديميين لجأوا إلى طلب الهجرة بسبب سياسات الإقصاء الحوثية وقطع الرواتب (إكس)

وسبق أن كشف تقرير تحليلي لأوضاع الأكاديميين اليمنيين عن زيادة في طلبات العلماء والباحثين الجامعيين للهجرة خارج البلاد، بعد تدهور الظروف المعيشية، واستمرار توقف رواتبهم، والانتهاكات التي تطال الحرية الأكاديمية.

وطبقاً للتقرير الصادر عن معهد التعليم الدولي، ارتفعت أعداد الطلبات المقدمة من باحثين وأكاديميين يمنيين لصندوق إنقاذ العلماء، في حين تجري محاولات لاستكشاف الطرق التي يمكن لقطاع التعليم الدولي من خلالها مساعدة وتغيير حياة من تبقى منهم في البلاد إلى الأفضل.

إقبال على الهجرة

يؤكد المعهد الدولي أن اليمن كان مصدر غالبية الطلبات التي تلقّاها صندوق إنقاذ العلماء في السنوات الخمس الماضية، وتم دعم أكثر من ثلثي العلماء اليمنيين داخل المنطقة العربية وفي الدول المجاورة، بمنحة قدرها 25 ألف دولار لتسهيل وظائف مؤقتة.

قادة حوثيون يتجولون في جامعة صنعاء (إعلام حوثي)

لكن تحديات التنقل المتعلقة بالتأشيرات وتكلفة المعيشة والاختلافات اللغوية الأكاديمية والثقافية تحد من منح الفرص للأكاديميين اليمنيين في أميركا الشمالية وأوروبا، مقابل توفر هذه الفرص في مصر والأردن وشمال العراق، وهو ما يفضله كثير منهم؛ لأن ذلك يسمح لهم بالبقاء قريباً من عائلاتهم وأقاربهم.

وخلص التقرير إلى أن العمل الأكاديمي والبحثي داخل البلاد «يواجه عراقيل سياسية وتقييداً للحريات ونقصاً في الوصول إلى الإنترنت، ما يجعلهم يعيشون فيما يُشبه العزلة».

وأبدى أكاديمي في جامعة صنعاء رغبته في البحث عن منافذ أخرى قائمة ومستمرة، خصوصاً مع انقطاع الرواتب وضآلة ما يتلقاه الأستاذ الجامعي من مبالغ، منها أجور ساعات تدريس محاضرات لا تفي بالاحتياجات الأساسية، فضلاً عن ارتفاع الإيجارات.

إجبار الأكاديميين اليمنيين على المشاركة في الأنشطة الحوثية تسبب في تراجع العملية التعليمية (إكس)

وقال الأكاديمي الذي طلب من «الشرق الأوسط» التحفظ على بياناته خوفاً على سلامته، إن الهجرة ليست غاية بقدر ما هي بحث عن وظيفة أكاديمية بديلة للوضع المأساوي المعاش.

ويقدر الأكاديمي أن تأثير هذه الأوضاع أدّى إلى تدهور العملية التعليمية في الجامعات اليمنية بنسبة تتجاوز نصف الأداء في بعض الأقسام العلمية، وثلثه في أقسام أخرى، ما أتاح المجال لإحلال كوادر غير مؤهلة تأهيلاً عالياً، وتتبع الجماعة الحوثية التي لم تتوقف مساعيها الحثيثة للهيمنة على الجامعات ومصادرة قرارها، وصياغة محتوى مناهجها وفقاً لرؤية أحادية، خصوصاً في العلوم الاجتماعية والإنسانية.

وفي حين فقدت جامعة صنعاء -على سبيل المثال- دورها التنويري في المجتمع، ومكانتها بصفتها مؤسسة تعليمية، تُشجع على النقد والتفكير العقلاني، تحسّر الأكاديمي اليمني لغياب مساعي المنظمات الدولية في تبني حلول لأعضاء هيئة التدريس، سواء في استيعابهم في مجالات أو مشروعات علمية، متمنياً ألا يكون تخصيص المساعدات لمواجهة المتطلبات الحياتية للأكاديميين غير مشروط أو مجاني، وبما لا يمس كرامتهم.