شغور المراكز الحيوية في السلطة النقدية يختبر توجهات الحكومة

TT

شغور المراكز الحيوية في السلطة النقدية يختبر توجهات الحكومة

يبرز استحقاق تعيينات إدارية رفيعة المستوى في المواقع المالية الوازنة، بما لا يقل أهمية عن المواضيع العاجلة التي تفرض نفسها على جدول أعمال مجلس الوزراء اللبناني الذي بدأ عقد جلساته بعد نيل ثقة المجلس النيابي، وذلك بالتزامن مع انهماك الحكومة وفريقها الاقتصادي بالمعالجة المعقدة الخاصة باستحقاق أول شريحة من سندات الدين الدولية بقيمة مليار و200 مليون دولار، في التاسع من مارس (آذار) المقبل، من أصل استحقاقات بالعملات الصعبة بين أصول سندات دولارية وفوائد تناهز 4.6 مليارات دولار هذا العام.
فبعد أيام من موعد الاستحقاق المالي، تنتهي يوم 18 من الشهر المقبل الولاية القانونية للجنة الرقابة على المصارف، برئيسها وأعضائها الأربعة، مما يوجب على الحكومة الإسراع في بتّ هذا الملف الحيوي لمنع الشغور في أحد أهم مكونات السلطة النقدية، والتي تضم حاكمية البنك المركزي ولجنة الرقابة وهيئة الأسواق المالية وهيئة التحقيق الخاصة.
وبحسب معلومات توفرت لـ«الشرق الأوسط»، تم طرح القضية على أعلى المستويات بمنأى عن التداولات في المجالس وذلك توخياً للحدّ من التدخلات، وبالترافق مع عدم وجود حماسة للتجديد من قبل رئيس اللجنة سمير حمود أو أقله عدم سعيه لتغليب هذا الخيار، وفي ظل قلق مالي ومصرفي من ضيق الوقت وحراجته لنقل المهام الحيوية إلى لجنة جديدة بالكامل، بالأخص حساسية موقع رئيس اللجنة الذي شغله حمود بكفاءة مشهودة طوال 5 سنوات، والذي يتطلب أعلى مستويات المهنية والاحتراف في الظروف العادية، بخلاف السائدة حاليا والمتخمة بالوقائع والهواجس التي تسيطر على اهتمامات السلطتين المالية والنقدية.
ومن المرجح، وفقاً لمصادر مصرفية متابعة، أن يتم إدراج القضية قريباً على جدول أعمال مجلس الوزراء، نظير أهميتها الاستثنائية في ظل الأزمة المالية والنقدية المستفحلة. وهو ما يفرض حسمها بمقاييس القانون والنأي عن المحاصصة المعهودة، وهي بذلك، والكلام للمصادر، تشكل اختبارا لتصرفات الحكومة وقراراتها الخاصة بملء الشغور في المراكز الرئيسية والمهمة، وسواء تم ذلك عبر التجديد الجزئي أو الكامل أو بالتعيين المنتظر قبل منتصف الشهر المقبل، مع حقها باستكمال بعض الاتصالات ذات الخصوصية بالمواقع الطائفية الخاصة بتوزع أعضاء اللجنة.
ويكتسب موضوع تعيين لجنة الرقابة أهمية استثنائية، لكون الشغور في ملاكها الإداري الأعلى سيضع المهام النقدية والرقابية على عاتق حاكم البنك رياض سلامة بمفرده، وبعد مضي نحو 11 شهرا على انتهاء الولاية القانونية لنوابه الأربعة منذ مطلع أبريل (نيسان) من العام الماضي، وفشل الحكومة السابقة في تسويق صيغة توافقية تقوم على التجديد لثلاثة، بينهم الأول والثاني والرابع (شيعي، سني وأرمني) وتعيين النائب الثالث (الدرزي)، حيث برزت مطالبة بتغيير النائب الرابع أيضا.
ووفق العرف المتبع يعود مركز رئاسة اللجنة إلى الطائفة السنية، ويتوزع الأعضاء الأربعة على الطوائف المارونية والشيعية والأرثوذكسية والكاثوليكية. بينما يركز قانون النقد والتسليف على المعايير المهنية، حيث ينص على أن «تؤلف اللجنة من خمسة أعضاء يعينون بمرسوم يتخذ في مجلس الوزراء لمدة 5 سنوات، بناء على اقتراح وزير المالية، ويتولى رئاستها اختصاصي في الشؤون المصرفية أو المالية أو أستاذ جامعي متخصص في هذه الشؤون. ويكون من بين الأعضاء عضو تقترحه جمعية المصارف، وعضو تقترحه مؤسسة ضمان الودائع».
ويكمن تبرير العجلة ليس بجسامة التحديات المالية التي تواجهها البلاد فحسب، بل بتوسع الشغور في الهيئة المصرفية العليا التي تضم في عداد تشكيلتها أحد نواب الحاكم (شاغر) والعضو المقترح من جمعية المصارف في لجنة الرقابة، من أصل 5 أعضاء وبرئاسة حاكم البنك المركزي، وتتخذ قراراتها بأكثرية ثلاثة أصوات على الأقل، ولا تكون اجتماعاتها قانونية إلا إذا حضر أربعة أعضاء على الأقل، فيما يحول قانون النقد دون مواصلة أعضاء اللجنة تأدية أي مهمات بعد انتهاء ولايتهم. وتوكل الصلاحيات إلى الحاكم أيضا بواسطة مديرين مؤقتين يعينهما.
ويحق للجنة أن تضع لأي مصرف برنامجاً لتحسين أوضاعه وضبط نفقاته وأن توصيه بالتقيد به. وهي تتيح للسلطة النقدية ممارسة الرقابة عبر «التدقيق في البيانات والمستندات والمعلومات والإيضاحات والإثباتات التي يجب على المصارف أن تقدمها أو التي يحق للمصرف المركزي أن يطلبها منها».
في المقابل، «لا يحق للمراقبين، في أي حال، أن يلزموا مديري المصارف بإفشاء أسماء زبائنهم، باستثناء أصحاب الحسابات المدينة، كما لا يحق لهم الاتصال بأي شخص غير مدير المصرف المسؤول. ولذا، يمكن للمصارف أن تنظم حساباتها بشكل لا تظهر فيه أسماء الزبائن باستثناء أصحاب الحسابات المدينة. ويحظر على مراقبي المصرف المركزي، بمناسبة ممارستهم رقابتهم، أن يستطلعوا أي أمر من الأمور ذات الصفة الضرائبية أو أن يتدخلوا فيها أو أن يخبروا عنها أي شخص كان».
وبموجب مرسوم أقره مجلس الوزراء في ربيع عام 2015، عيّنت لجنة الرقابة على المصارف لمدة خمس سنوات على الشكل التالي: سمير حمود - رئيساً، والأعضاء أحمد صفا، وسامي العازار، ومنير آليان (ممثل جمعية المصارف) وجوزيف سركيس (ممثل المؤسسة الوطنية لضمان الودائع).



رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
TT

رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

حظيت رسائل «طمأنة» جديدة أطلقها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، خلال احتفال الأقباط بـ«عيد الميلاد»، وأكد فيها «قوة الدولة وصلابتها»، في مواجهة أوضاع إقليمية متوترة، بتفاعل واسع على مواقع التواصل الاجتماعي.

وقال السيسي، خلال مشاركته في احتفال الأقباط بعيد الميلاد مساء الاثنين، إنه «يتابع كل الأمور... القلق ربما يكون مبرراً»، لكنه أشار إلى قلق مشابه في الأعوام الماضية قبل أن «تمر الأمور بسلام».

وأضاف السيسي: «ليس معنى هذا أننا كمصريين لا نأخذ بالأسباب لحماية بلدنا، وأول حماية فيها هي محبتنا لبعضنا، ومخزون المحبة ورصيدها بين المصريين يزيد يوماً بعد يوم وهو أمر يجب وضعه في الاعتبار».

السيسي يحيّي بعض الأقباط لدى وصوله إلى قداس عيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

وللمرة الثانية خلال أقل من شهر، تحدث الرئيس المصري عن «نزاهته المالية» وعدم تورطه في «قتل أحد» منذ توليه المسؤولية، قائلاً إن «يده لم تتلوث بدم أحد، ولم يأخذ أموال أحد»، وتبعاً لذلك «فلا خوف على مصر»، على حد تعبيره.

ومنتصف ديسمبر (كانون الأول) الماضي، قال السيسي في لقاء مع إعلاميين، إن «يديه لم تتلطخا بالدم كما لم تأخذا مال أحد»، في إطار حديثه عن التغييرات التي تعيشها المنطقة، عقب رحيل نظام بشار الأسد.

واختتم السيسي كلمته بكاتدرائية «ميلاد المسيح» في العاصمة الجديدة، قائلاً إن «مصر دولة كبيرة»، مشيراً إلى أن «الأيام القادمة ستكون أفضل من الماضية».

العبارة الأخيرة، التي كررها الرئيس المصري ثلاثاً، التقطتها سريعاً صفحات التواصل الاجتماعي، وتصدر هاشتاغ (#مصر_دولة_كبيرة_أوي) «التريند» في مصر، كما تصدرت العبارة محركات البحث.

وقال الإعلامي المصري، أحمد موسى، إن مشهد الرئيس في كاتدرائية ميلاد المسيح «يُبكي أعداء الوطن» لكونه دلالة على وحدة المصريين، لافتاً إلى أن عبارة «مصر دولة كبيرة» رسالة إلى عدم مقارنتها بدول أخرى.

وأشار الإعلامي والمدون لؤي الخطيب، إلى أن «التريند رقم 1 في مصر هو عبارة (#مصر_دولة_كبيرة_أوي)»، لافتاً إلى أنها رسالة مهمة موجهة إلى من يتحدثون عن سقوط أو محاولة إسقاط مصر، مبيناً أن هؤلاء يحتاجون إلى التفكير مجدداً بعد حديث الرئيس، مؤكداً أن مصر ليست سهلة بقوة شعبها ووعيه.

برلمانيون مصريون توقفوا أيضاً أمام عبارة السيسي، وعلق عضو مجلس النواب، محمود بدر، عليها عبر منشور بحسابه على «إكس»، موضحاً أن ملخص كلام الرئيس يشير إلى أنه رغم الأوضاع الإقليمية المعقدة، ورغم كل محاولات التهديد، والقلق المبرر والمشروع، فإن مصر دولة كبيرة وتستطيع أن تحافظ علي أمنها القومي وعلى سلامة شعبها.

وثمّن عضو مجلس النواب مصطفى بكري، كلمات السيسي، خاصة التي دعا من خلالها المصريين إلى التكاتف والوحدة، لافتاً عبر حسابه على منصة «إكس»، إلى مشاركته في الاحتفال بعيد الميلاد الجديد بحضور السيسي.

وربط مصريون بين عبارة «مصر دولة كبيرة» وما ردده السيسي قبل سنوات لقادة «الإخوان» عندما أكد لهم أن «الجيش المصري حاجة كبيرة»، لافتين إلى أن كلماته تحمل التحذير نفسه، في ظل ظهور «دعوات إخوانية تحرض على إسقاط مصر

وفي مقابل الكثير من «التدوينات المؤيدة» ظهرت «تدوينات معارضة»، أشارت إلى ما عدته تعبيراً عن «أزمات وقلق» لدى السلطات المصرية إزاء الأوضاع الإقليمية المتأزمة، وهو ما عدّه ناجي الشهابي، رئيس حزب «الجيل» الديمقراطي، قلقاً مشروعاً بسبب ما تشهده المنطقة، مبيناً أن الرئيس «مدرك للقلق الذي يشعر به المصريون».

وأوضح الشهابي، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أنه «رغم أن كثيراً من الآراء المعارضة تعود إلى جماعة الإخوان وأنصارها، الذين انتعشت آمالهم بعد سقوط النظام السوري، فإن المصريين يمتلكون الوعي والفهم اللذين يمكنّانهم من التصدي لكل الشرور التي تهدد الوطن، ويستطيعون التغلب على التحديات التي تواجههم، ومن خلفهم يوجد الجيش المصري، الأقوى في المنطقة».

وتصنّف السلطات المصرية «الإخوان» «جماعة إرهابية» منذ عام 2013، حيث يقبع معظم قيادات «الإخوان»، وفي مقدمتهم المرشد العام محمد بديع، داخل السجون المصرية، بعد إدانتهم في قضايا عنف وقتل وقعت بمصر بعد رحيل «الإخوان» عن السلطة في العام نفسه، بينما يوجد آخرون هاربون في الخارج مطلوبون للقضاء المصري.

بينما عدّ العديد من الرواد أن كلمات الرئيس تطمئنهم وهي رسالة في الوقت نفسه إلى «المتآمرين» على مصر.