4 عوامل وراء دعوة ميركل وماكرون إلى قمة رباعية

TT

4 عوامل وراء دعوة ميركل وماكرون إلى قمة رباعية

إذا صدقت توقعات الرئيس التركي رجب طيب إردوغان التي تحدث عنها أمس أمام الصحافة، فإن قمة رباعية روسية - تركية - فرنسية - ألمانية يمكن أن تعقد في إسطنبول يوم 5 مارس (آذار) المقبل، للبحث في ملف إدلب.
الدعوة أطلقتها المستشارة الألمانية والرئيس الفرنسي معاً، من بروكسل، بمناسبة القمة الأوروبية. وبحسب المستشارية الألمانية، فإن أنجيلا ميركل وإيمانويل ماكرون «عبّرا عن رغبتهما في لقاء الرئيسين (فلاديمير) بوتين وإردوغان من أجل العثور على حل سياسي للأزمة». كذلك فقد تشاورا هاتفياً مع الرئيس الروسي، بداية، أول من أمس، ومع الرئيس التركي أمس. ويبدو من ردود الفعل الأولية أن مصير القمة مرهون بجواب الرئيس الروسي.
تقول مصادر دبلوماسية أوروبية في باريس لـ«الشرق الأوسط»، إن 4 عوامل رئيسية دفعت ميركل وماكرون إلى التحرك وعدم الاكتفاء بإصدار البيانات؛ إن على المستوى الفردي أو الجماعي «الأوروبي». ويتمثل العامل الأول بخوفهما من تدهور الأوضاع في إدلب بحيث يفضي خطأ في الحسابات أو التقدير إلى اندلاع مواجهة مباشرة بين تركيا وروسيا، مشيرة إلى إسقاط المقاتلات التركية قاذفة روسية من طراز «سوخوي» نهاية يناير (كانون الثاني) 2016، بحجة أنها انتهكت الأجواء التركية.
وبحسب هذه المصادر، فإن التصريحات الحربية الصادرة عن الطرفين وتحميل كل منهما المسؤولية للطرف الآخر وعدم استعداد أي منهما لخطو خطوة إلى الوراء يجعل المواجهة «أمراً ممكناً»، وهو ما يتعين استبعاده. وما يزيد من قلق باريس وبرلين تلويح تركيا بدعوة الولايات المتحدة إلى نشر بطاريات صواريخ «باتريوت» على حدودها الجنوبية، الأمر الذي يزيد الأمور تعقيداً ويدخل الحلف الأطلسي في «مغامرة» لا يريدها الأوروبيون. وما يقلق الأوروبيين أيضاً أن موسكو وأنقرة فشلتا حتى اليوم في التوصل إلى تفاهم لـ«إدارة خلافاتهما»، إما عن طريق إعادة تفعيل اتفاق سوتشي السابق أو التوصل إلى تفاهم جديد رغم جولتين مطولتين من المفاوضات في أنقرة وموسكو.
أما العامل الثاني فعنوانه فشل وشلل مجلس الأمن الذي لم ينجح أعضاؤه، هذا الأسبوع المنتهي، في التوصل ليس إلى قرار ملزم، بل إلى مجرد بيان يحتاج لموافقة جماعية، وذلك بسبب رفض موسكو دعوة النظام إلى وقف عملياته العسكرية في محافظة إدلب.
وبكلام آخر، وفق المصادر الأوروبية، فإن التحرك الثنائي الأوروبي أصبح «ضرورة» بسبب غياب الوسطاء الآخرين القادرين على نزع فتيل التفجير، فيما واشنطن تسعى للاستفادة من الخلاف الروسي - التركي لإعادة ترتيب علاقاتها مع أنقرة وإعادتها إلى الحضن الأميركي. يضاف إلى ما سبق، بحسب القراءة الأوروبية، عاملان اثنان؛ مزيد من تدهور الوضع الإنساني شمال غربي سوريا، والتخوف من حصول موجات هجرة جديدة ومكثفة شبيهة بما عرفته أوروبا في 2015 و2016.
وتجدر الإشارة إلى أن المستشارة الألمانية التي استقبلت بلادها في الفترة المشار إليها نحو مليون لاجئ غالبيتهم العظمى من سوريا هي التي أقنعت إردوغان بإقفال حدود وشواطئ بلاده لمنع تدفق اللاجئين إلى أوروبا مقابل 6 مليارات دولار ووعود بتسهيل تنقل الأتراك في أوروبا. كذلك تتعين الإشارة إلى أن الجانب التركي يستخدم بين وقت وآخر ورقة اللاجئين لـ«ابتزاز» أوروبا، وفق تعبير وزير الخارجية الفرنسية جان إيف لو دريان تارة إذا رفضت أوروبا مشاريعه في المناطق الكردية أو تمنعها عن تمويل «المنطقة الآمنة» التي يريد إقامتها شمال سوريا لإيواء النازحين السوريين فيها.
وخلال المكالمة الهاتفية أمس، بين إردوغان من جهة وميركل وماكرون من جهة أخرى، أشارت الرئاسة التركية إلى أن الأول «طلب من المسؤولين الأوروبيين مبادرات ملموسة لمنع حصول كارثة إنسانية».
ورغم صوابية الدعوة الأوروبية، فإن السؤال الذي تطرحه المصادر المشار إليها تتناول قدرة ميركل وماكرون في التأثير على الوضع في سوريا. وقال مصدر فرنسي رسمي لـ«الشرق الأوسط» إن مشكلة الأوروبيين وليس فقط باريس وبرلين أنهم «أصبحوا خارج اللعبة»، وبالتالي فإن «قدرتهم على التأثير أصبحت شبه معدومة لأن الأطراف المؤثرة في الساحة السورية هي التي لديها قوات ميدانياً».
ورغم المحاولات التي قام بها الرئيس الفرنسي للعمل مع نظيره الروسي، «فإن باريس لم تحصل منه عملياً على أي شيء». بيد أن هذا التشخيص المتشائم لا يعني أن فرنسا وألمانيا، ووراءهما الاتحاد الأوروبي، لا يستطيعان ممارسة الضغوط الدبلوماسية والسياسية على الطرفين أو التلويح بالورقة الوحيدة التي يمتلكانها، وهي المساهمة بإعادة إعمار سوريا لعلمهما أن موسكو ومعها طهران غير قادرتين على تحمل أعباء التمويل. ثم إن الرئيس ماكرون يعاني من مشاكل مع نظيره التركي وآخر تجلياتها قوله الأربعاء الماضي، إنه «لا يمكن أن يقبل أبداً تطبيق القوانين التركية على الأراضي الفرنسية»، في تناوله لملف تعليم التركية على أيدي أساتذة أتراك لا تمارس وزارة التربية الفرنسية الرقابة عليهم.
وجاء هذا الملف ليضاف إلى سلسلة من الخلافات بخصوص الحلف الأطلسي وسياسة تركيا إزاء الأكراد ونقلها السلاح والمرتزقة إلى ليبيا وتعديها على حقوق دولتين عضوين في الاتحاد الأوروبي، وهما قبرص واليونان بخصوص المياه الإقليمية بعد الاتفاق بين إردوغان ورئيس حكومة الوفاق الليبية فائز السراج.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».