إردوغان يعترف للمرة الأولى بإرسال مقاتلين سوريين إلى ليبيا

السراج يلتقى السفير الأميركي بعد لقاء مفاجئ مع الرئيس التركي

TT

إردوغان يعترف للمرة الأولى بإرسال مقاتلين سوريين إلى ليبيا

اعترف الرئيس التركي طيب رجب إردوغان، أمس، بإرسال بلاده مقاتلين من فصائل المعارضة السورية المسلحة، المنضوية تحت ما يسمى «الجيش الوطني السوري»، إلى ليبيا، مستنكراً الاتهامات الموجهة إلى بلاده في هذا الشأن.
وقال إردوغان إن تركيا «موجودة في ليبيا عبر قوّة تجري عمليات تدريب... وهناك كذلك أشخاص من الجيش الوطني السوري»، في إشارة إلى مقاتلي المعارضة الذين كان يطلق عليهم سابقاً اسم «الجيش السوري الحر».
وأضاف الرئيس التركي: «هم يقولون إن تركيا أرسلت مرتزقة من سوريا، فلماذا لا يتحدث أحد عن 2500 عنصر من المرتزقة التابعين لشركة (فاغنر) الروسية، أو عن 15 ألفاً من المرتزقة من السودان وتشاد الذين يقاتلون إلى جانب قوات خليفة حفتر؟ لماذا فقط يريدون إخراج هؤلاء؟ نحن موجودون في ليبيا بناء على استدعاء من الشعب الليبي، ومن الحكومة الشرعية التي تمثله»، في إشارة إلى حكومة الوفاق الوطني برئاسة السراج، وذلك بموجب مذكرة تفاهم للتعاون العسكري والأمني مع الحكومة. وتابع إردوغان بلهجة متحدية: «لن نخرج حتى يتحقق السلام والاستقرار في ليبيا».
وكانت تقارير متعددة قد أشارت إلى إرسال تركيا عناصر من المرتزقة السوريين، بعد أن أغرتهم بحوافز مختلفة، مثل منح الجنسية التركية ورواتب تصل إلى ألفي دولار شهرياً للقتال إلى جانب الميليشيات الموالية لحكومة الوفاق الوطني. لكن هذه هي المرة الأولى التي يعترف فيها إردوغان بإرسال هذه العناصر التي قدر «المرصد السوري لحقوق الإنسان» أعدادهم بنحو 3600 مقاتل من الفصائل والألوية الموالية لتركيا في سوريا.
وجدد الرئيس التركي التأكيد على أن بلاده ستواصل دعمها لحكومة الوفاق الوطني الليبية. كما جدد أمس هجومه على قائد الجيش الوطني الليبي، المشير خليفة حفتر، قائلاً إنه «ليس مخاطباً لتركيا»، ووصفه بأنه «مرتزق ووضعه غير شرعي وغير قانوني».
وجاءت تصريحات إردوغان عقب لقاء مفاجئ في إسطنبول، مساء أول من أمس، مع السراج، بعد انسحابه من محادثات جنيف للسلام في ليبيا التي تعقد برعاية الأمم المتحدة، والتي تستهدف إقراراً دائماً لوقف إطلاق النار. وقالت الرئاسة التركية إن الاجتماع المغلق بين إردوغان والسراج في قصر دولما بهشة لم يكن مدرجاً ضمن أجندة لقاءات الرئيس التركي الرسمية، ولم تعطِ أي تفاصيل عما دار خلال الاجتماع.
وقالت مصادر دبلوماسية لـ«الشرق الأوسط» إن السراج أطلع إردوغان على ما دار في مفاوضات جنيف، والموقف بعد قصف الجيش الليبي ميناء طرابلس، ورجحت أن يكون قد طلب مزيداً من الدعم العسكري التركي لوقف تقدم الجيش الوطني، وتضييقه الخناق على وصول السلاح ومقاتلي الفصائل السورية المسلحة الذين ترسلهم تركيا إلى طرابلس كمرتزقة. وجاءت زيارة السراج إلى إسطنبول بعد أقل من 48 ساعة على زيارة قام بها حفتر إلى موسكو، حيث التقى وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو، واتفق الطرفان على ضرورة تنفيذ قرارات مؤتمر برلين بشأن الأزمة الليبية، الذي عقد الشهر الماضي.
ومن جهته، قال وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو، أول من أمس، إن التزامات تركيا في ليبيا «مرتبطة بوقف إطلاق النار... وإذا لم يستمر وقف إطلاق النار، فسيكون الانتقال إلى العملية السياسية صعباً للغاية... العالم يدين، لكن ماذا يفعل لوقف حفتر؟».
وفي المقابل، قال أمر الله إيشلار، المبعوث التركي إلى ليبيا، في تصريحات أمس، إن تركيا «موجودة في ليبيا باتفاق مع الحكومة الشرعية»، في إشارة إلى حكومة السراج، ونفى أن تكون تركيا قد أقامت قاعدة عسكرية في طرابلس، لكنه أشار إلى أن عناصر القوات التركية في ليبيا «تستخدم قواعد ومعسكرات كانت موجودة بالأساس في طرابلس».
وبعد لقائه الرئيس التركي، التقى السراج سفير الولايات المتحدة لدى تركيا، ديفيد ساترفيلد، في إسطنبول، أمس. وقالت مصادر قريبة من الاجتماع إن الجانبين أكدا ضرورة الالتزام بقرار مجلس الأمن الدولي الذي يعزز نتائج مؤتمر برلين، وعلى جملة المقررات التي تنص على وقف الأعمال العدائية، وحظر دخول الأسلحة إلى ليبيا.



رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
TT

رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

حظيت رسائل «طمأنة» جديدة أطلقها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، خلال احتفال الأقباط بـ«عيد الميلاد»، وأكد فيها «قوة الدولة وصلابتها»، في مواجهة أوضاع إقليمية متوترة، بتفاعل واسع على مواقع التواصل الاجتماعي.

وقال السيسي، خلال مشاركته في احتفال الأقباط بعيد الميلاد مساء الاثنين، إنه «يتابع كل الأمور... القلق ربما يكون مبرراً»، لكنه أشار إلى قلق مشابه في الأعوام الماضية قبل أن «تمر الأمور بسلام».

وأضاف السيسي: «ليس معنى هذا أننا كمصريين لا نأخذ بالأسباب لحماية بلدنا، وأول حماية فيها هي محبتنا لبعضنا، ومخزون المحبة ورصيدها بين المصريين يزيد يوماً بعد يوم وهو أمر يجب وضعه في الاعتبار».

السيسي يحيّي بعض الأقباط لدى وصوله إلى قداس عيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

وللمرة الثانية خلال أقل من شهر، تحدث الرئيس المصري عن «نزاهته المالية» وعدم تورطه في «قتل أحد» منذ توليه المسؤولية، قائلاً إن «يده لم تتلوث بدم أحد، ولم يأخذ أموال أحد»، وتبعاً لذلك «فلا خوف على مصر»، على حد تعبيره.

ومنتصف ديسمبر (كانون الأول) الماضي، قال السيسي في لقاء مع إعلاميين، إن «يديه لم تتلطخا بالدم كما لم تأخذا مال أحد»، في إطار حديثه عن التغييرات التي تعيشها المنطقة، عقب رحيل نظام بشار الأسد.

واختتم السيسي كلمته بكاتدرائية «ميلاد المسيح» في العاصمة الجديدة، قائلاً إن «مصر دولة كبيرة»، مشيراً إلى أن «الأيام القادمة ستكون أفضل من الماضية».

العبارة الأخيرة، التي كررها الرئيس المصري ثلاثاً، التقطتها سريعاً صفحات التواصل الاجتماعي، وتصدر هاشتاغ (#مصر_دولة_كبيرة_أوي) «التريند» في مصر، كما تصدرت العبارة محركات البحث.

وقال الإعلامي المصري، أحمد موسى، إن مشهد الرئيس في كاتدرائية ميلاد المسيح «يُبكي أعداء الوطن» لكونه دلالة على وحدة المصريين، لافتاً إلى أن عبارة «مصر دولة كبيرة» رسالة إلى عدم مقارنتها بدول أخرى.

وأشار الإعلامي والمدون لؤي الخطيب، إلى أن «التريند رقم 1 في مصر هو عبارة (#مصر_دولة_كبيرة_أوي)»، لافتاً إلى أنها رسالة مهمة موجهة إلى من يتحدثون عن سقوط أو محاولة إسقاط مصر، مبيناً أن هؤلاء يحتاجون إلى التفكير مجدداً بعد حديث الرئيس، مؤكداً أن مصر ليست سهلة بقوة شعبها ووعيه.

برلمانيون مصريون توقفوا أيضاً أمام عبارة السيسي، وعلق عضو مجلس النواب، محمود بدر، عليها عبر منشور بحسابه على «إكس»، موضحاً أن ملخص كلام الرئيس يشير إلى أنه رغم الأوضاع الإقليمية المعقدة، ورغم كل محاولات التهديد، والقلق المبرر والمشروع، فإن مصر دولة كبيرة وتستطيع أن تحافظ علي أمنها القومي وعلى سلامة شعبها.

وثمّن عضو مجلس النواب مصطفى بكري، كلمات السيسي، خاصة التي دعا من خلالها المصريين إلى التكاتف والوحدة، لافتاً عبر حسابه على منصة «إكس»، إلى مشاركته في الاحتفال بعيد الميلاد الجديد بحضور السيسي.

وربط مصريون بين عبارة «مصر دولة كبيرة» وما ردده السيسي قبل سنوات لقادة «الإخوان» عندما أكد لهم أن «الجيش المصري حاجة كبيرة»، لافتين إلى أن كلماته تحمل التحذير نفسه، في ظل ظهور «دعوات إخوانية تحرض على إسقاط مصر

وفي مقابل الكثير من «التدوينات المؤيدة» ظهرت «تدوينات معارضة»، أشارت إلى ما عدته تعبيراً عن «أزمات وقلق» لدى السلطات المصرية إزاء الأوضاع الإقليمية المتأزمة، وهو ما عدّه ناجي الشهابي، رئيس حزب «الجيل» الديمقراطي، قلقاً مشروعاً بسبب ما تشهده المنطقة، مبيناً أن الرئيس «مدرك للقلق الذي يشعر به المصريون».

وأوضح الشهابي، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أنه «رغم أن كثيراً من الآراء المعارضة تعود إلى جماعة الإخوان وأنصارها، الذين انتعشت آمالهم بعد سقوط النظام السوري، فإن المصريين يمتلكون الوعي والفهم اللذين يمكنّانهم من التصدي لكل الشرور التي تهدد الوطن، ويستطيعون التغلب على التحديات التي تواجههم، ومن خلفهم يوجد الجيش المصري، الأقوى في المنطقة».

وتصنّف السلطات المصرية «الإخوان» «جماعة إرهابية» منذ عام 2013، حيث يقبع معظم قيادات «الإخوان»، وفي مقدمتهم المرشد العام محمد بديع، داخل السجون المصرية، بعد إدانتهم في قضايا عنف وقتل وقعت بمصر بعد رحيل «الإخوان» عن السلطة في العام نفسه، بينما يوجد آخرون هاربون في الخارج مطلوبون للقضاء المصري.

بينما عدّ العديد من الرواد أن كلمات الرئيس تطمئنهم وهي رسالة في الوقت نفسه إلى «المتآمرين» على مصر.