بروفايل: جوزيب بوريل أمام التحديات الأوروبية

انتقاه لسياسة «رعاة البقر» استدعى احتجاجاً شديداً أميركياً

بروفايل: جوزيب بوريل أمام التحديات الأوروبية
TT

بروفايل: جوزيب بوريل أمام التحديات الأوروبية

بروفايل: جوزيب بوريل أمام التحديات الأوروبية

عندما وقف النائب الاشتراكي الإسباني جوزيب بوريل أمام زملائه في البرلمان الأوروبي في ستراسبورغ يطلب تأييدهم له كمرشّح لرئاسة البرلمان، خاطبهم بقوله: «أترشح لهذا المنصب انطلاقاً من انتماءاتي المتعددة؛ أولاً إلى كاتالونيا ثم إلى إسبانيا وأوروبا والأسرة الاشتراكية الواسعة». وفي خطابه الأول بعد انتخابه بأغلبية ساحقة رئيساً للبرلمان الأوروبي في 20 يوليو (تموز) 2004، قال بوريل: «إن الأزمات الجيوسياسية التي تعصف اليوم بالعالم تفرض على الاتحاد الأوروبي أن يجد موقعه بوضوح على الساحة الدولية التي تسيطر عليها سياسة القوّة الصمّاء، حيث نرى بعض القادة لا يتورعون عن اللجوء إلى استخدام القوّة أو التهديد باستخدامها، وحيث تتحوّل الأدوات الاقتصادية إلى أسلحة فتّاكة».

عندما أُعلن عن اختياره ليتولّى منصب الممثل الأعلى للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية في المفوضية الأوروبية الجديدة أواخر العام الماضي، كان بوريل يشغل منصب وزير الخارجية في الحكومة الإسبانية ويدلي بتصريحات يعلّق فيها على تهديدات الإدارة الأميركية بالتدخّل عسكريّاً في الأزمة الفنزويلية، قائلاً: «لا يجوز اللجوء إلى سياسة (رعاة البقر) والتهديد بشهر السلاح لمعالجة هذه الأزمة المعقّدة»، ما استدعى احتجاجاً شديداً من واشنطن وتسارعاً أوروبياً لاحتواء التوتّر الذي كان قد بدأ يخيّم على العلاقات الصعبة أصلاً مع الولايات المتحدة قبل أيام من تولّي بوريل مهامه الرسمية في مطلع ديسمبر (كانون الأول) الماضي.
من هو إذن هذا الذي يقول معاونوه إنه جاء ليهزّ شجرة السياسة الخارجية الأوروبية التي «تتراوح بين العقم والخمول» على حد قوله، والذي لم يعد سراً أن الدوائر العليا في الاتحاد الأوروبي تجهد لاحتواء اندفاعه والحد من صلاحياته؟
وُلد جوزيب بوريل عام 1947 في بلدة «بوبلا دي سيغور» من أعمال إقليم كاتالونيا في كنف عائلة ناضلت سياسياً ونقابياً ضد ديكتاتورية الجنرال فرنكو. في عام 1964، بدأ دراسته الجامعية في برشلونة حيث التحق بكلية الهندسة الصناعية، لينتقل بعد ذلك إلى مدريد التي تخرج من جامعتها مهندساً في علوم الملاحة الجوية والبحرية. بعد ذلك، قرر مواصلة تحصيله العلمي في الخارج، فنال شهادة الماجستير في البحوث التطبيقية من جامعة «ستانفورد» الأميركية، ثم في اقتصاد الطاقة من المعهد الفرنسي الأعلى للبترول، وعاد إلى مدريد، حيث نال شهادة الدكتوراه في العلوم الاقتصادية من جامعتها، وأصبح أستاذاً للتحليل الاقتصادي والرياضيات التجارية.
في عام 1974، انتسب بوريل إلى الحزب الاشتراكي العمّالي، حيث تدرج بسرعة ليتولى بعد 5 سنوات الإشراف على السياسة المالية في حكومة مدريد الإقليمية. وعندما حقق الاشتراكيّون فوزهم التاريخي في انتخابات 1982 العامة بقيادة فيليبي غونراليس، عُيّن بوريل أميناً عاماً لوزارة الاقتصاد والمال، وفي عام 1984، كُلّف الإشراف على مكافحة الفساد الضريبي برتبة وزير دولة، ثم انتخب نائباً في البرلمان عن إقليم برشلونة في عام 1986.
في عام 1991، أجرى فيليبي غونزاليس تعديلاً واسعاً على حكومته وكلّف بوريل حقيبة الأشغال العامة والنقل، التي أضاف إليها صلاحيات السياحة والاتصالات، وبعد انتخابات عام 1993 التي جدّد فيها بوريل مقعده النيابي، احتفظ بحقيبته الوزارية التي أضيفت إليها هذه المرة صلاحيات البيئة. وعندما فاز الحزب الشعبي بانتخابات عام 1996، انتقل بوريل ليصبح عضواً في اللجنة التنفيذية للحزب الاشتراكي الذي كان غونزاليس قد استقال من أمانته العامة، ثم فاجأ الجميع عندما انتخبته قاعدة الحزب أميناً عاماً ومرشحاً لرئاسة الحكومة. لكنه اضطر للاستقالة بعد 3 سنوات بسبب صراعات داخلية في الحزب وإثر فضيحة مالية طالت اثنين من معاونيه السابقين في وزارة المالية، ثم أعيد انتخابه نائباً في البرلمان ليتولّى في عام 2004 رئاسة اللائحة الاشتراكية لانتخابات البرلمان الأوروبي الذي يُنتخب رئيساً له بأغلبية 388 صوتاً. وبعد مغادرته رئاسة البرلمان الأوروبي، تولى بوريل رئاسة المعهد الجامعي الأوروبي في مدينة فلورانس الإيطالية، الذي يعدّ من أهمّ المعاقل الفكرية في الاتحاد الأوروبي.
مع اندلاع الأزمة الانفصالية في كاتالونيا إثر الاستفتاء على الاستقلال الذي دعت إليه الحكومة الإقليمية في خريف عام 2017، أعلن بوريل رفضه الانفصال وشنّ حملة قاسية مدعّمة بالحجج الاقتصادية والأرقام على القوى والأحزاب الانفصالية التي أصبح من ألدّ خصومها.
وقد تبنّت حكومة بيدرو سانشيز تصوّر بوريل لمعالجة الأزمة الانفصالية في كاتالونيا، الذي يمكن تلخيصه كالتالي: استئناف الحوار بين الحكومة المركزية والقوى الانفصالية، والتدقيق في المعلومات المتداولة حول المزايا المزعومة للانفصال، والتشديد على الاحترام المتبادل بين القوى المؤيدة والمعترضة، والإسراع في إجراء التعديلات الدستورية والإصلاحات المالية الضرورية، لأن قسماً مهماً من المجتمع الكاتالوني يعتقد أن الخروج عن الدولة الإسبانية أفضل.
في 4 يونيو (حزيران) 2018، أي بعد 3 أيام من السقوط المفاجئ لحكومة ماريانو راخوي اليمينية إثر طرح الثقة الذي تقدّم به سانشيز في البرلمان، أبلغ بوريل الأمين العام للحزب الاشتراكي، الذي أصبح مكلفاً تشكيل الحكومة الجديدة بصورة تلقائية كونه الذي تقدّم بطرح الثقة، أنه يقبل عرضه لتولّي حقيبة الخارجية التي أضاف إليها سانشيز صلاحيات التعاون الدولي. وعندما قام زملاؤه في الحكومة بأداء اليمين الدستورية أمام الملك فيليبي السادس وتلاوة الصيغة الجديدة التي تشير إلى «مجلس الوزيرات والوزراء»، اكتفى هو وحده بالقول: «مجلس الوزراء».
وخلال القمّة التي عقدها رؤساء الدول والحكومات في الاتحاد الأوروبي مطلع يوليو (تموز) 2019، عُيّن بوريل ممثلاً أعلى للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية خلفاً للإيطالية فيديريكا موغيريني التي تولّت المنصب طوال 5 سنوات.
الممثل الأعلى للشؤون الخارجية الأوروبية يشرف على إدارة السياسة الخارجية والأمنية المشتركة في الاتحاد الأوروبي، وهو الناطق بلسان الاتحاد وممثله في الشؤون الخارجية. وقد حدّدت معاهدة الاتحاد صلاحياته ومهامه على الشكل التالي:

- يدير السياسة الخارجية والأمنية، ويسهم بمقترحاته في وضع هذه السياسة وتنفيذها بتكليف من المجلس، ويحرص على إعمال القرارات المتخذة في هذا المجال.
- يرأس مجلس وزراء خارجية الاتحاد.
- هو أيضاً أحد نوّاب رئيس المفوضية التي يسهر على تنسيق نشاطها الخارجي، وهو مكلّف مسؤولياتها في مجال العلاقات الخارجية وتنسيق الجوانب الأخرى المتصلة بهذه العلاقات.
- يمثّل الاتحاد في كل ما يتصّل بالسياسة الخارجية والأمنية، ويدير بالنيابة عن الاتحاد الحوار السياسي مع الأطراف الخارجية، ويتحدّث باسم الاتحاد في المنظمات والمؤتمرات الدولية.
- يشرف على إدارة «الجهاز الأوروبي للسياسة الخارجية»، المرادف للسلك الدبلوماسي الأوروبي، وبعثات الاتحاد الأوروبي في الخارج ولدى المنظمات الدولية.
منذ اليوم الأول لتولّيه مهام منصبه الجديد يشدّد بوريل على ضرورة أن «يغيّر الأوروبيّون خرائطهم الذهنية للتعاطي مع العالم كما هو وليس كما نتمنى أن يكون، ولكي لا تكون أوروبا الخاسر في التنافس المحتدم بين الولايات المتحدة والصين في كل المجالات». ويضع كشرط أساسي لذلك الخروج عن قاعدة الإجماع التي تحكم السياسة الخارجية الأوروبية وتصيبها بالشلل، وأن «تتعلّم أوروبا لغة السلطة وتتصرف من موقعها كطرف جيوستراتيجي من الفئة الأولى»، كما قال في محاضرة ألقاها مؤخراً في المعهد الجامعي الأوروبي.
ويدعو بوريل إلى إسناد السياسة الخارجية الأوروبية إلى السياسة التجارية والاستثمارية، وإلى القوة المالية والانتشار الدبلوماسي الواسع وأدوات الأمن والدفاع التي في متناول الاتحاد من أجل أن يكون تأثير أوروبا ونفوذها بمستوى حضورها العالمي وقوتها الاقتصادية، ويقول: «مشكلة أوروبا ليست في افتقارها للقدرات، بل في عدم وجود الإرادة السياسية الكافية لتفعيل هذه القدرات وتسخيرها في الاتجاه الصحيح».
أما عن أولوياته، فهو يضع في صدارتها الاهتمام بالأزمات في البلدان المحيطة بالاتحاد الأوروبي، ووضع استراتيجية جديدة لشراكة عميقة مع أفريقيا، واعتماد سياسة واضحة للتعامل مع المثلث الاستراتيجي الذي يسيطر على عالم اليوم؛ الولايات المتحدة والصين وروسيا، التي رغم اختلافها في أوجه عدة تلتقي حول إخضاع العلاقات السياسية والمفاوضات لثقل القوتين العسكرية والاقتصادية.
أما الملف النووي الإيراني والعلاقات مع دول الخليج، فيوليه بوريل اهتماماً خاصاً لاعتباره أن «المنطقة التي يتدفّق منها ربع الطاقة في العالم تشكّل الشريان السباتي للاقتصاد العالمي»، ويدعو إلى «تجديد» الاتفاق النووي مع إيران، مذكّراً بأن هذا الاتفاق الذي بدأ التفاوض حوله في عام 2007 ووقّعه الاتحاد الأوروبي والأعضاء الخمسة الدائمون في مجلس الأمن مع ألمانيا «ليست له صفة المعاهدة الدولية، لأن الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما لم يكن قادراً على التعهد بضمان مصادقة الكونغرس عليه».
ويقول الممثل الأعلى للسياسة الخارجية الأوروبية إن الهدف من هذا الاتفاق المقصور على البرنامج النووي الإيراني هو منع إيران من إنتاج القنبلة النووية، مقابل رفع العقوبات الاقتصادية عنها «وأن تنفتح إيران على العالم الخارجي ويتعزّز موقع القوى المعتدلة داخلها، لكن النتيجة كانت أن إيران ازدادت عدوانية على الصعيد الإقليمي، خصوصاً في الأزمة السورية، رغم تحالفها الظرفي مع الغرب والولايات المتحدة لمحاربة تنظيم داعش، واستمرت في خطابها المناهض للمملكة العربية السعودية ودول الخليج».
ويُعدّ بوريل مدافعاً شرساً عن النظام الدولي متعدد الأطراف ومنظمة الأمم المتحدة التي يدعو إلى إجراء بعض الإصلاحات الجذرية في أجهزتها، خصوصاً في مجلس الأمن، بحيث يعكس التوزيع الراهن للموازين الاقتصادية والديموغرافية الراهنة في العالم التي أصبحت تختلف كثيراً عمّا كانت عليه في أعقاب الحرب العالمية الثانية. كما يدعو إلى إعادة النظر في شروط استخدام حق النقض داخل المجلس للحد من هيمنة الدول الكبرى على قراراته.


مقالات ذات صلة

تطوّر العلاقات السعودية ـ الصينية... شراكة استراتيجية على مختلف الأصعدة

حصاد الأسبوع الرئيس الصيني شي جينبينغ مستقبلاً خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز في بكين في مارس 2017 (أ.ف.ب)

تطوّر العلاقات السعودية ـ الصينية... شراكة استراتيجية على مختلف الأصعدة

عقدت أخيراً في الرياض الجولة الثانية من المشاورات السياسية بين وزارة الخارجية السعودية ووزارة الخارجية الصينية، وترأس الجانب السعودي نائب وزير الخارجية وليد

وارف قميحة (بيروت)
حصاد الأسبوع صادرات السيارات الألمانية إلى أميركا في قلب التأزم المحتمل مع ترمب (أ ف ب)

ألمانيا تتأهّب لانتخابات تعِد اليمين باستعادة الحكم

عوضاً عن بدء ألمانيا استعداداتها للتعامل مع ولاية جديدة للرئيس الأميركي «العائد» دونالد ترمب والتحديات التي ستفرضها عليها إدارته الثانية، فإنها دخلت أخيراً في

راغدة بهنام (برلين)
حصاد الأسبوع  زارا فاغنكنيشت (رويترز)

وضع الليبراليين مُقلق في استطلاعات الرأي

يحلّ حزب «البديل من أجل ألمانيا» اليميني المتطرف راهناً في المركز الثاني في استطلاعات الرأي للانتخابات الألمانية المقبلة، وتصل درجة التأييد له إلى 18 في

حصاد الأسبوع روبيو play-circle 01:45

ترمب يختار روبيو وزيراً للخارجية بعدما تأكد من ولائه وتبنّيه شعارات «ماغا»

بينما يراقب العالم السياسات الخارجية للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، التي ستتحدّد على أساس شعاره «جعل أميركا عظيمة مرة أخرى» (ماغا)، بادر ترمب إلى تشكيل.

إيلي يوسف (واشنطن)
حصاد الأسبوع مواقف روبيو غير قاطعة من حرب أوكرانيا (غيتي)

نظرة إلى سجلّ سياسات روبيو الخارجية

يعد نهج وزير الخارجية الأميركي المرشح ماركو روبيو في السياسة الخارجية بأنه «تدخلي» و«متشدد». ذلك أن روبيو دعم غزو العراق عام 2003، والتدخل العسكري في ليبيا،

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

الفرص والتحديات وتوقّعات المستقبل من منظورَي الرياض وبكين

نيوم... مدينة المستقبل (الشرق الأوسط)
نيوم... مدينة المستقبل (الشرق الأوسط)
TT

الفرص والتحديات وتوقّعات المستقبل من منظورَي الرياض وبكين

نيوم... مدينة المستقبل (الشرق الأوسط)
نيوم... مدينة المستقبل (الشرق الأوسط)

تُعَدُّ الشراكة بين السعودية والصين فرصة كبيرة لتعزيز التعاون في مجالات حيوية عدة. إذ يوفر التعاون في الطاقة النظيفة والابتكار التكنولوجي فرصاً لدعم أهداف السعودية في تحقيق «رؤية 2030» وزيادة استخدام الطاقة المستدامة، كما أن الاستثمار في مشاريع كبرى مثل «نيوم» يفتح آفاقاً واسعة للتنمية المستدامة ويعزز من النمو المشترك.

في مجالات التكنولوجيا والابتكار، يعزّز التعاون في قطاعي الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا الرقمية من قدرة السعودية على تحقيق أهدافها التكنولوجية، ويقوّي الروابط الاقتصادية بين البلدين، ومن جهة أخرى، يعزز التبادل الثقافي والتعليم من العلاقات الإنسانية ويزيد من التعاون بين الشعبين.

مع هذا، تواجه الشراكة تحدياتٍ قد تؤثر على العلاقات الثنائية، وتشمل هذه التحديات التوترات الجيوسياسية الدولية التي تتطلب مزيداً من الحكمة والروية من أجل درء تعارض المصالح، والتقلبات الاقتصادية العالمية التي قد تؤثر على حجم التبادل التجاري والاستثمارات. ولا شك أن الاختلافات الثقافية والسياسية تستوجب تعزيز الحوار والتفاهم، كما يتطلب تحقيق التنمية المستدامة التنسيق بين المشاريع المشتركة وضمان توافقها مع معايير البيئة.

مستقبلاً، يتوقع أن يزداد التعاون في الطاقة النظيفة - وتقف مشاريع مثل «نيوم» حافزاً كبيراً لتعزيز الاستثمارات الصينية في المملكة -، كذلك عبر تكثيف الفعاليات الثقافية والتبادلات التعليمية، يؤمل تمتين الروابط بين الشعبين، ويمكن أن يشمل التعاون المستقبلي المجالات الأمنية مثل مكافحة الإرهاب والأمن السيبراني لتعزيز الاستقرار الإقليمي والدولي. وحقاً، من شأن دعم السعودية مبادرة «الحزام والطريق»، الإسهام في تعزيز البنية التحتية والنقل بين الصين والشرق الأوسط، مع الأخذ في الحسبان تكيّف الشراكة مع التحديات الاقتصادية والجيوسياسية العالمية باعتماد استراتيجيات مرنة.

إن العلاقات السعودية الصينية اليوم نموذج للشراكة الاستراتيجية المتكاملة التي تستند إلى المصالح المشتركة والرؤية المستقبلية، ومع مواصلة تطوير هذه الشراكة يتوقع أن تشهد العلاقات بين البلدين مزيداً من النمو في مختلف المجالات؛ ما يخدم مكانتيهما على الساحة الدولية. وأخيراً، إن الشراكة بين السعودية والصين لا تقتصر على تعزيز العلاقات الثنائية فحسب، بل تمتد لتسهم في استقرار الاقتصاد العالمي وتنميته بشكل عام. إذ تجسّد هذه الشراكة نموذجاً ناجحاً للتعاون الدولي القائم على تحقيق مصالح مشتركة؛ مما يساهم في تعزيز السلم والاستقرار العالميين. وهنا تبرز خصوصاً الرؤية الاستراتيجية عند البلدين والتزامهما بالابتكار والتعاون ليفتحا أبواباً جديدة للتنمية والتفاهم والتعاون بين مختلف الشعوب والثقافات.