«النصرة» تتقدم في إدلب.. وبراميل النظام المتفجرة تقتل 232 مدنيا في أسبوعين

1917 معتقلا يموتون تحت التعذيب في سجون الأسد منذ بدء العام الحالي

مقاتل من الجيش السوري الحر خلال مواجهة قرب حي الميسر بحلب أمس (رويترز)
مقاتل من الجيش السوري الحر خلال مواجهة قرب حي الميسر بحلب أمس (رويترز)
TT

«النصرة» تتقدم في إدلب.. وبراميل النظام المتفجرة تقتل 232 مدنيا في أسبوعين

مقاتل من الجيش السوري الحر خلال مواجهة قرب حي الميسر بحلب أمس (رويترز)
مقاتل من الجيش السوري الحر خلال مواجهة قرب حي الميسر بحلب أمس (رويترز)

سيطرت «جبهة النصرة» على بلدات جديدة في ريف إدلب، شمال غربي سوريا إثر انسحاب كتائب معارضة منها، وذلك بعد يوم من استيلائها على معقل إحدى أكبر القوى المقاتلة في المعارضة السورية، بحسب ما أفاد به المرصد السوري لحقوق الإنسان، بينما أشارت معلومات إلى أن انتحاريا فجر نفسه أمس بمنطقة المزة بالعاصمة السورية دمشق بمحيط كليتي الآداب والطب.
في غضون ذلك، تجاوز عدد البراميل المتفجرة التي تمطر بها طائرات النظام مناطق سورية عدة، في أقل من أسبوعين، الـ400 برميل متفجر، وأدت إلى مقتل ما لا يقل عن 232 مدنيا بينهم 74 طفلا و48 امرأة، كما توفي تحت التعذيب 1917 معتقلا داخل سجون وأقبية أفرع مخابرات النظام السوري، منذ بداية العام الحالي، بحسب ما أظهرت أرقام المرصد السوري لحقوق الإنسان.
وأفادت مصادر مقربة من السلطات السورية لوكالة الأنباء الألمانية بأن «انتحاريا فجر نفسه باستخدام حزام ناسف كان يرتديه على أوتوستراد المزة بجانب نفق الآداب وبمحيط كلية الطب» من دون أن تتوفر معلومات عن إصابات لكن معلومات أخرى أفادت بأن «الانتحاري» قتل قبل أن يفجر نفسه.
وتعج المنطقة المذكورة بالمارة والطلاب الجامعيين كونها تحيط بمباني وكليات الآداب والطب والصيدلة بجامعة دمشق، كما أنها تشهد انتشارا أمنيا مكثفا كونها قريبة من أحد أبرز «المربعات الأمنية» في دمشق.
وذكر المرصد أن «النصرة» سيطرت على بلدات جديدة في إدلب، شمال غربي سوريا، مشيرا إلى أنها كانت أول من أمس (السبت)، على بلدة خان السبل الواقعة على طريق رئيسي يربط محافظة إدلب بمحافظة حلب، وذلك عقب انسحاب حركة «حزم»، أحد الفصائل المعارضة، من البلدة. وفي وقت لاحق، فرضت جبهة النصرة سيطرتها على بلدات معرشورين ومعصران وداديخ وكفر بطيخ وكفرومة القريبة من بلدة خان السبل جنوب شرقي مدينة إدلب بعدما انسحبت منها أيضا فصائل مقاتلة وفصائل إسلامية وحركة «حزم»، وفقا للمرصد.
وجاءت سيطرة جبهة النصرة على هذه البلدات وانسحاب الكتائب المعارضة منها بعد ساعات قليلة من نجاح التنظيم المتطرف في طرد «جبهة ثوار سوريا»، إحدى أكبر القوى المقاتلة في المعارضة السورية، من بلدة دير سنبل، معقله في جبل الزاوية في محافظة إدلب. وكذلك بعد نحو 6 أيام من المعارك الدامية بين الطرفين في المنطقة نجحت خلالها «النصرة» من انتزاع السيطرة على 7 قرى وبلدات في جبل الزاوية شرق إدلب. وأصبحت بذلك غالبية القرى والبلدات الواقعة جنوب وغرب وشرق مدينة إدلب في شمال غربي سوريا تحت سيطرة جبهة النصرة.
ولم يعرف السبب الرئيسي لهذه المواجهات التي بدأت في 26 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي واستمرت يومين، قبل يتوصل الطرفان ليل الخميس/ الجمعة إلى اتفاق على نشر «قوة صلح» مؤلفة من 15 فصيلا مقاتلا بينها فصائل إسلامية في جبل الزاوية. إلا أن تجدد الاشتباكات سبق انتشار القوة.
ويعرف مقاتلو «جبهة ثوار سوريا» و«حزم» بتأييدهم لسوريا علمانية وديمقراطية وانتقادهم للكتائب الإسلامية. وكانت كل هذه الفصائل تقاتل جنبا إلى جنب في بداية النزاع العسكري ضد النظام. وكان ريف إدلب المنطقة الأولى التي تمكن مقاتلو المعارضة من إخراج قوات النظام منها في الأشهر الأولى للحرب. وحصلت جولة أولى من المعارك بين جبهة النصرة ومقاتلي عدد من الكتائب في يوليو (تموز)، لكنها ما لبثت أن هدأت.
في غضون ذلك، كثف النظام السوري في الأسابيع الأخيرة عمليات القصف بالبراميل المتفجرة التي تلقيها طائراته على المدن والبلدات السورية ويقتل فيها المئات، إذ ألقت وفي أقل من أسبوعين، طائراته أكثر من 400 برميل متفجر على مناطق خرجت عن سيطرته في محافظات حمص وحماه وإدلب ودرعا واللاذقية والقنيطرة وحلب ودمشق، بحسب ما أظهرت أرقام المرصد السوري لحقوق الإنسان.
وقال الناشط ياسين أبو رائد لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» متحدثا من منزله في عندان في محافظة حلب الشمالية «الموت يحاصرنا ولا أحد يكترث. البراميل تقتل من نحب أكثر، وتدمر البيوت والأحلام والذكريات، وتتركنا بلا أمل بأن القتل سيتوقف يوما». ويضيف: «كل هذا يحصل ولم يسمع بنا أحد، ولم يشعر معنا أحد»، مشيرا إلى أن منزله تعرض للقصف بالبراميل المتفجرة 3 مرات، وقد دمر بشكل كامل في الغارة الأخيرة عليه.
وتشير أرقام المرصد السوري لحقوق الإنسان إلى أن البراميل المتفجرة والغارات الأخرى تسببت بمقتل 232 مدنيا على الأقل بينهم 74 طفلا و48 امرأة في الفترة بين 20 أكتوبر ومنتصف ليلة الجمعة/ السبت. وبدأ النظام السوري بإلقاء البراميل المتفجرة من طائراته في أواخر عام 2012، قبل أن يرفع من وتيرة استخدامها في العام الحالي حين تسببت موجة كبيرة من هذه البراميل في فبراير (شباط) الماضي بمقتل مئات الأشخاص في مناطق متفرقة من سوريا.
ومن جهتها، تنفي الحكومة السورية استخدام سلاح البراميل المتفجرة هذا، وتكتفي بالقول إنها تستهدف «الإرهابيين». ووجهت منظمة هيومان رايتس ووتش الحقوقية انتقادات متكررة إلى دمشق حيال استخدامها «غير القانوني» لهذه البراميل، معتبرة أنه ليس هناك من جهد دولي حقيقي لمحاسبة حكومة الأسد.
ولفت مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان رامي عبد الرحمن إلى أن «عدد الغارات الجوية التي ينفذها النظام وتشمل إلقاء البراميل المتفجرة مهول، وقد تكثفت هذه الغارات في الفترة الأخيرة».
وذكر أنه إلى جانب غارات البراميل المتفجرة، فإن الطيران السوري نفذ 472 غارة في أقل من أسبوعين، متهما دمشق بأنها «تستغل» التركيز الدولي على محاربة تنظيم داعش من أجل تكثيف هجماتها على المناطق الخارجة عن سيطرة النظام.



واشنطن تضرب منشأتين حوثيتين لتخزين الأسلحة تحت الأرض

واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
TT

واشنطن تضرب منشأتين حوثيتين لتخزين الأسلحة تحت الأرض

واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)

بعد يوم من تبني الحوثيين المدعومين من إيران مهاجمة أهداف عسكرية إسرائيلية وحاملة طائرات أميركية شمال البحر الأحمر، أعلن الجيش الأميركي، الأربعاء، استهداف منشأتين لتخزين الأسلحة تابعتين للجماعة في ريف صنعاء الجنوبي وفي محافظة عمران المجاورة شمالاً.

وإذ أقرت وسائل الإعلام الحوثية بتلقي 6 غارات في صنعاء وعمران، فإن الجماعة تشن منذ أكثر من 14 شهراً هجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، وهجمات أخرى باتجاه إسرائيل، تحت مزاعم مناصرة الفلسطينيين في غزة، فيما تشن واشنطن ضربات مقابلة للحد من قدرات الجماعة.

وأوضحت «القيادة العسكرية المركزية الأميركية»، في بيان، الأربعاء، أن قواتها نفذت ضربات دقيقة متعددة ضد منشأتين تحت الأرض لتخزين الأسلحة التقليدية المتقدمة تابعتين للحوثيين المدعومين من إيران.

ووفق البيان، فقد استخدم الحوثيون هذه المنشآت لشن هجمات ضد سفن تجارية وسفن حربية تابعة للبحرية الأميركية في جنوب البحر الأحمر وخليج عدن. ولم تقع إصابات أو أضرار في صفوف القوات الأميركية أو معداتها.

وتأتي هذه الضربات، وفقاً للبيان الأميركي، في إطار جهود «القيادة المركزية» الرامية إلى تقليص محاولات الحوثيين المدعومين من إيران تهديد الشركاء الإقليميين والسفن العسكرية والتجارية في المنطقة.

في غضون ذلك، اعترفت الجماعة الحوثية، عبر وسائل إعلامها، بتلقي غارتين استهدفتا منطقة جربان بمديرية سنحان في الضاحية الجنوبية لصنعاء، وبتلقي 4 غارات ضربت مديرية حرف سفيان شمال محافظة عمران، وكلا الموقعين يضم معسكرات ومخازن أسلحة محصنة منذ ما قبل انقلاب الحوثيين.

وفي حين لم تشر الجماعة الحوثية إلى آثار هذه الضربات على الفور، فإنها تعدّ الثانية منذ مطلع السنة الجديدة، بعد ضربات كانت استهدفت السبت الماضي موقعاً شرق صعدة حيث المعقل الرئيسي للجماعة.

5 عمليات

كانت الجماعة الحوثية تبنت، مساء الاثنين الماضي، تنفيذ 5 عمليات عسكرية وصفتها بـ«النوعية» تجاه إسرائيل وحاملة طائرات أميركية، باستخدام صواريخ مجنّحة وطائرات مسيّرة، وذلك بعد ساعات من وصول المبعوث الأممي هانس غروندبرغ إلى صنعاء حيث العاصمة اليمنية الخاضعة للجماعة.

وفي حين لم يورد الجيشان الأميركي والإسرائيلي أي تفاصيل بخصوص هذه الهجمات المزعومة، فإن يحيى سريع، المتحدث العسكري باسم الحوثيين، قال إن قوات جماعته نفذت «5 عمليات عسكرية نوعية» استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» وتل أبيب وعسقلان.

الحوثيون زعموا مهاجمة حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» بالصواريخ والمسيّرات (الجيش الأميركي)

وادعى المتحدث الحوثي أن جماعته استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «يو إس إس هاري ترومان» بصاروخين مجنّحين و4 طائرات مسيّرة شمال البحرِ الأحمر، زاعماً أن الهجوم استبق تحضير الجيش الأميركي لشن هجوم على مناطق سيطرة الجماعة.

إلى ذلك، زعم القيادي الحوثي سريع أن جماعته قصفت هدفين عسكريين إسرائيليين في تل أبيب؛ في المرة الأولى بطائرتين مسيّرتين وفي المرة الثانية بطائرة واحدة، كما قصفت هدفاً حيوياً في عسقلانَ بطائرة مسيّرة رابعة.

تصعيد متواصل

وكانت الجماعة الحوثية تبنت، الأحد الماضي، إطلاق صاروخ باليستي فرط صوتي، زعمت أنها استهدفت به محطة كهرباء إسرائيلية، الأحد، وذلك بعد ساعات من تلقيها 3 غارات وصفتها بالأميركية والبريطانية على موقع شرق مدينة صعدة؛ حيث معقلها الرئيسي شمال اليمن.

ويشن الحوثيون هجماتهم ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن وباتجاه إسرائيل، ابتداء من 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، تحت مزاعم مناصرة الفلسطينيين في غزة.

مقاتلة أميركية تقلع من على متن حاملة الطائرات «هاري رومان»... (الجيش الأميركي)

وأقر زعيمهم عبد الملك الحوثي في آخِر خُطبه الأسبوعية، الخميس الماضي، باستقبال 931 غارة جوية وقصفاً بحرياً، خلال عام من التدخل الأميركي، وقال إن ذلك أدى إلى مقتل 106 أشخاص، وإصابة 314 آخرين.

كما ردت إسرائيل على مئات الهجمات الحوثية بـ4 موجات من الضربات الانتقامية حتى الآن، وهدد قادتها السياسيون والعسكريون الجماعة بمصير مُشابه لحركة «حماس» و«حزب الله» اللبناني، مع الوعيد باستهداف البنية التحتية في مناطق سيطرة الجماعة.

ومع توقع أن تُواصل الجماعة الحوثية هجماتها، لا يستبعد المراقبون أن تُوسِّع إسرائيل ردها الانتقامي، على الرغم من أن الهجمات ضدها لم يكن لها أي تأثير هجومي ملموس، باستثناء مُسيَّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.