مسرور بارزاني: هناك نحو 200 كردي في صفوف «داعش».. وأكثرهم معروفون لدينا

مستشار مجلس أمن كردستان أكد لـ («الشرق الأوسط») أن القدرة الهجومية للتنظيم أصبحت ضعيفة

مسرور بارزاني
مسرور بارزاني
TT

مسرور بارزاني: هناك نحو 200 كردي في صفوف «داعش».. وأكثرهم معروفون لدينا

مسرور بارزاني
مسرور بارزاني

يواصل مسرور بارزاني، مستشار مجلس أمن إقليم كردستان، القيام بواجباته في الحفاظ على الأمن في الإقليم ويقف جنبا إلى جنب مع والده، رئيس الإقليم مسعود بارزاني، في الخطوط الأمامية للمعركة ضد «داعش».
مسرور بارزاني ولد عام 1969 والتحق منذ سن الـ16 بصفوف البيشمركة. وهو من خريجي الجامعة الأميركية في واشنطن ويعتبر اليوم مهندس الازدهار الاقتصادي والعمراني الذي تشهده كردستان بفضل قيادته للملف الأمني في الإقليم بنجاح. ورغم انشغاله بالهم الأمني في الإقليم فإنه خص «الشرق الأوسط» بحديث خاص تحدث فيه عن آخر التطورات الأمنية في الإقليم ووضع البيشمركة في مواجهة «داعش». وفي ما يلي نص الحديث:

* عدتم مؤخرا من جبهات القتال، كيف كانت أوضاع قوات البيشمركة في هذه الجبهات؟
- الوضع في جبهات القتال جيد، قوات البيشمركة استطاعت استعادة السيطرة على أكثر المناطق التي سيطر عليها «داعش» من قبل، ومعنويات قوات البيشمركة مرتفعة جدا، وقد تمكنّا من تجاوز كل المشكلات التي واجهناها في البداية. لكن في الوقت ذاته، وكما تعلمون، إذا سنحت الفرصة لأعدائنا فإنهم لن يقصروا في توجيه ضربة إلينا. في المقابل قوات البيشمركة مستمرة في مقاومة الأعداء بكل ما أوتيت من قوة، ووجود الرئيس مسعود بارزاني في جبهات القتال كان بحد ذاته تأييدا كبيرا للبيشمركة، وله دور مهم في رفع معنويات البيشمركة، وذلك من خلال المشاركة في وضع الخطط والإشراف على سير المعركة وتفقد أحوال البيشمركة. الآن أوضاع البيشمركة جيدة جدا، وأستطيع القول إن المشكلة الوحيدة التي يعانون منها هي عدم امتلاكهم أسلحة متطورة، فنحن بحاجة إلى أسلحة ثقيلة كالدبابات والمدرعات والمدافع الثقيلة البعيدة المدى وطائرات الهليكوبتر، وأجهزة تفكيك الألغام والمتفجرات والصواريخ المضادة للدروع.
ورغم عدم وجود الميزانية (التي قطعتها الحكومة الاتحادية في بغداد)، فإن قوات البيشمركة لم تأبه بذلك، بل تقاتل في جبهات القتال دون مقابل مالي. لكن هؤلاء لديهم عوائل وبيوت ويحتاجون إلى دعم مالي، وكما تعلمون فإن بغداد هي المسؤولة عن هذا الوضع، لأنه كان من واجبها أن ترسل ميزانية البيشمركة، ليطمئن الناس من هذه الناحية، إضافة إلى أننا الآن في فصل الشتاء وقوات البيشمركة بحاجة إلى مساعدات أكبر من حيث الملابس.
* هناك حديث في إقليم كردستان عن أن الأسلحة التي وصلت حتى الآن إلى قوات البيشمركة لم تكن في مستوى الطموح، هل بلغتم دول التحالف بذلك؟
- نحن نبلغ التحالف الدولي ونطالبهم باستمرار بضرورة تزويد قوات البيشمركة بأسلحة متطورة، لكي تصد الأعداء وتلحق الهزيمة بهم في أسرع وقت ممكن. الأسلحة الموجودة بين أيدي البيشمركة هي الأسلحة القديمة التي كان الجيش العراقي السابق يمتلكها، أما المساعدات العسكرية التي وصلت إلى إقليم كردستان فتتكون من الأسلحة المتوسطة والذخيرة، في حين أن الأسلحة المتطورة الوحيدة التي تسلمها الإقليم هي بعض الصواريخ المضادة للدروع التي قدمتها ألمانيا، وبالتالي لم تصل إلى الإقليم أسلحة أخرى يمكن أن تقلب موازين المعركة لصالح البيشمركة.
* ماذا كان جواب التحالف الدولي على طلباتكم؟
- دول التحالف وباستمرار تقول لنا إنها ستلبي هذه الطلبات، ولم يرفضوا أي طلب منا في هذا الشأن، لكن هذه الدول تحتاج إلى قوانين وقرارات سياسية، فهم لم يخيبوا آمالنا حتى الآن لكن نتمنى أن يسرعوا بتجهيزنا بهذه الأسلحة، لأن العدو لا ينتظر أن نتسلح ليهاجمنا.
* ما دور مجلس أمن كردستان في الاستقرار السياسي والاقتصادي والازدهار في الإقليم؟
- نحن نقدم كل ما بوسعنا من أجل الاستقرار والأمن، من حيث الحفاظ على الاستقرار الأمني داخل الإقليم ومواجهة الأعداء حتى خارج حدود الإقليم، وذلك بالتنسيق مع الأطراف الأخرى في حكومة الإقليم. لا يوجد في أي مكان في العالم استقرار أمني مطلق، فمع التدهور الذي تشهده المنطقة نرى أن إقليم كردستان أصبح نموذجا للاستقرار في المنطقة، والعالم بأسره يعترف بهذا، وكان لمجلس أمن كردستان دور بارز في توفير الأمن والاستقرار، لأنه يشرف بشكل مباشر على كل المؤسسات المتعلقة بالأمن والاستقرار في الإقليم.
* الآن، ما المهمة الملقاة على عاتقكم في مجلس أمن كردستان؟
- واجبنا توفير الأمن والاستقرار ومحاربة الإرهاب، وفي الوقت ذاته فإن المجلس يعتبر مساعدا رئيسيا لقوات البيشمركة في الخطوط الأمامية للقتال، وذلك من خلال توفير المعلومات السريعة والمهمة، والتعاون والتنسيق مع الطيران الدولي الذي يغير على مواقع العدو، وتوفير ضباط ميدانيين في كل خطوط قوات البيشمركة لتحديد إحداثيات الجبهة وكل المواضيع الأخرى. أما الأطراف الأخرى التنفيذية كقوات الآسايش (الأمن) ومكافحة الإرهاب فقد شاركت في مواجهة «داعش»، خصوصا في بداية المعارك عندما كانت قوات البيشمركة غير مستعدة بالشكل المطلوب للمواجهة.
* الرئيس مسعود بارزاني قال في إحدى مقابلاته إن تركيا لم تقدم الدعم اللازم للإقليم. ماذا كنتم تتوقعون من تركيا؟
- تركيا كدولة جارة لإقليم كردستان، وكمساهمة في التطور الاقتصادي في الإقليم، كنا ننتظر منها الكثير، من ناحية تقديم الدعم السياسي والاقتصادي والأمني لإقليم كردستان، فبحكم حدودها المشتركة مع إقليم كردستان كان بإمكانها أن توصل المساعدات العسكرية بشكل سريع للإقليم. تركيا كانت تقول في بداية هذه الأزمة إن لها رهائن لدى «داعش» وإنها مقبلة انتخابات رئاسية، وكانت تخشى من تأثيرات الوضع على العملية الانتخابية، لكن مع هذا نرى أنه من المفروض أن يلعبوا دورا أكبر من دورهم هذا.
* هل تتوقعون تغييرا في سياسة أنقرة تجاه الإقليم، نحو مزيد من الدعم؟
- نحن لا نرى أي مشكلة في علاقاتنا مع أنقرة، علاقاتنا طبيعية وتسير بشكل جيد.
* الوضع الأمني في الإقليم، هل هو تحت السيطرة ومحكم تماما، في ظل وجود هذا الكم الهائل من النازحين العرب؟
- أستطيع القول إن الوضع الأمني في الإقليم مستقر، وتحت السيطرة، ويجب علينا أن نستوعب أن وجود هذا الكم الهائل من النازحين واللاجئين في الإقليم الذين لم يكونوا من قبل تحت سيطرة مجلس أمن كردستان يحتاج إلى وقت لمعرفة هؤلاء وماذا يفعلون، على الرغم من أن مؤسساتنا الأمنية تتخذ إجراءاتها الخاصة بذلك. وهنا يوجد موضوع مهم، وهو تقديم الخدمات اللازمة لهؤلاء دون تسليط ضغوط أمنية عليهم، وكذلك الواجب الكبير الملقى على عاتق مؤسساتنا الأمنية من أجل حماية بلدنا، وهذا تسبب في ضغط كبير على مؤسساتنا. نحن لا نريد أن يشعر الناس أن هناك نظاما بوليسيا في إقليم كردستان يحل محل النظام الحضاري المتطور الموجود في الإقليم. مؤسساتنا الأمنية حريصة على توفير الأمن، وقد نجحت في ذلك حتى الآن. كان هناك الكثير من الأشخاص تحت مراقبتنا، تم إلقاء القبض على البعض منهم، من الذين كانت لديهم علاقات مباشرة وغير مباشرة مع «داعش»، وأولوياتنا تكمن في الحفاظ على الأمن والاستقرار في الإقليم ونحن مستمرون في ذلك.
* ما المعلومات المتوافرة لديكم حول عدد الأكراد الموجودين في صفوف «داعش»؟
- أكثرهم معروفون لدينا، يبلغ عددهم نحو 200 شخص. البعض منهم قتل في معارك التنظيم في سوريا، والبعض الآخر قتل في الجبهات أمام قوات البيشمركة، وهناك عدد آخر من هؤلاء ما زال في صفوف التنظيم، هؤلاء يخونون أمتهم ووطنهم ودينهم. نحن مهتمون بأمر هؤلاء أكثر من عوائلهم، فالعائلة التي تهتم بمصلحة أبنائها لا تدعهم يلتحقون بـ«داعش» لأن الانضمام إلى صفوف «داعش» يعني الضياع، والذين نشك في أنهم ينوون الالتحاق بـ«داعش» نتحدث إليهم لمنعهم من ذلك، وتوضيح مخاطر ذلك لهم، أما المصرون على ذلك منهم فتتم مواجهتهم عن طريق القانون. أما الذين ندموا على انضمامهم إلى «داعش» فهم أيضا يتم التعامل معهم عن طريق القانون، في حين يعامل المستمرون في صفوف التنظيم كإرهابيين.
* في أي جزء تحققت أهم المكاسب العسكرية لقوات البيشمركة؟
- كان هناك ضغط كبير على حدود دهوك والموصل، الممتدة من سنجار إلى زمار والحدود بين العراق وتركيا وسوريا وناحية الربيعة. فبحكم قرب هذه المناطق من سوريا كان من السهل للإرهابيين التنقل والمجيء بقوات إلى تلك المناطق، إذ جاءوا إلى تلعفر عن طريق بعاج، ومن ثم إلى سنجار، ومحاصرتها، ومن ثم السيطرة على زمار والكثير من المناطق الأخرى، وسلطوا ضغطا كبيرا على سد الموصل، إلى جانب المعارك والمواجهات في مخمور والكوير وداقوق وملا عبد الله وجلولاء، ومع الأسف وقعت كارثة سنجار التي هزت مشاعرنا. الآن هناك واجب على عاتقنا جميعا وهو تحرير سنجار وكل شبر من أراضي كردستان. أما بالنسبة للانتصارات الكبيرة التي تحققت فأستطيع القول إنها حدثت في عدة مناطق، مثلا هزيمة العدو في جبهات مخمور والكوير كانت نصرا كبيرا، لأن إبعاد العدو من عاصمة الإقليم (أربيل) هو بحد ذاته انتصار كبير. بعدها كان الانتصار الكبير في شرق الموصل في منطقة جبل زرتك، إذ استطاعت قوات البيشمركة في وقت قصير أن تسيطر على هذا الجبل الاستراتيجي ومن ثم السيطرة على سد الموصل. فعلى الرغم من أن السد لا يرتبط بالإقليم أي ارتباط، بل إن خيراته كلها تذهب إلى الموصل ومناطق العراق الأخرى، فإن الأهمية الاستراتيجية للسد للشعب العراقي ولنا وللمجتمع الدولي دفعت دول العالم إلى أن يطلبوا من قوات البيشمركة السيطرة على السد وطرد «داعش» منه. وهناك مناطق أخرى مثل ناحية ربيعة وعدد من القرى ومشروع ري الجزيرة، وتحرير ناحية زمار و16 قرية أخرى في المنطقة، فهذه المناطق تمثل الانتصارات الكبيرة التي حققناها في المدة الماضية. الآن يعرف العالم مستوى قوات البيشمركة في القتال، وكل هذا تحقق بالإمكانيات البسيطة الموجودة بين أيدي البيشمركة.
* متى تتوقع تحرير المناطق الأخرى في سهل نينوى وسنجار وتلعفر؟
- سيحدث هذا أيضا، ليس الهدف فقط تحرير هذه المناطق، بل هدفنا هو إعادة الأهالي إلى مناطقهم. الآن حررت الكثير من المناطق، لكن هناك بعض المناطق كتلكيف القريبة من الموصل التي حتى لو حررت فلن يستطيع أهلها العودة إليها، لأنها ستكون هدفا لمدفعية «داعش». فهذا المشروع أوسع من ذلك وسيستمر حتى تحرير الموصل والمناطق الأخرى من «داعش». وهنا يطرح موضوع سياسي نفسه، فنحن في حدود كردستان والمناطق الكردية ليست هناك حساسية سياسية لدخول قوات البيشمركة إليها وتحريرها، أما المناطق المشتركة أو التي توجد فيها غالبية عربية فنحن لا نريد أن نعطي انطباعا بأن قوات البيشمركة تريد أكثر من أراضيها. نحن نريد تحرير كل مناطق كردستان، والمشاركة في تحرير كل المناطق الأخرى من الإرهاب، لكن تحرير هذه المناطق لا يتم بقوات البيشمركة وحدها، بل يحتاج إلى محاولات مشتركة، يجب على الحكومة العراقية أن تلعب دورا أكبرا مما قامت به حتى الآن.
* هل نستطيع القول إن «داعش» فقد قوته الهجومية بالكامل؟
- لا نستطيع قول هذا، لكن يمكننا أن نقول إن قدرتهم الهجومية أصبحت ضعيفة، لكن من المبكر تقييم قوة التنظيم.
* التنسيق مع العشائر العربية في المنطقة، كعشيرة الشمر، هل من الممكن كسب عشائر أخرى إلى هذا المجهود؟
- نأمل ذلك، نحن لدينا علاقات تاريخية مع عشيرة الشمر، والأحداث الأخيرة بينت أن هذه العشيرة لم تعادِ الكرد، وفي المقابل ضحى الأكراد بأنفسهم من أجل تحرير أراضي هذه العشيرة. نتمنى أن تكون هذه العلاقات موجودة مع العشائر العربية الأخرى أيضا.
* ما مستوى الدعم العراقي لإقليم كردستان في هذه الحرب؟
- حقيقة أنا لم أرَ شيئا يُذكر، مع الأسف. كان يجب على بغداد أن تقدم أكثر مما قدمته بكثير. الحكومة العراقية تخصص سنويا نسبة كبيرة من الميزانية للحفاظ على الأمن في البلاد، وكان يجب أن تصرف جزءا من هذه الإمكانيات في الحرب ضد الإرهاب، وكان يجب تزويد قوات البيشمركة بأسلحة ومعدات متطورة من قبل العراق، لكننا لم نرَ أي شيء من هذا القبيل. وهنا أتساءل: لماذا لم تزود بغداد خلال السنوات الماضية قوات البيشمركة بأسلحة تستطيع بها الدفاع عن جزء من هذا البلد الذي يعتبره العراق ملكا له؟



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».