المشهد السياسي الأفغاني يزداد تعقيداً مع إعلان غني رئيساً

الرئيس أشرف غني (وسط) يحتفل بإعلانه رئيسا لفترة خمس سنوات (أ.ب)
الرئيس أشرف غني (وسط) يحتفل بإعلانه رئيسا لفترة خمس سنوات (أ.ب)
TT

المشهد السياسي الأفغاني يزداد تعقيداً مع إعلان غني رئيساً

الرئيس أشرف غني (وسط) يحتفل بإعلانه رئيسا لفترة خمس سنوات (أ.ب)
الرئيس أشرف غني (وسط) يحتفل بإعلانه رئيسا لفترة خمس سنوات (أ.ب)

تعقد المشهد السياسي الأفغاني مع إعلان فوز أشرف غني بالرئاسة بعد خمسة أشهر من العملية الانتخابية، وهذا ما رفضته بعض القوى الأفغانية الفاعلية. وجاء رد فعل المجتمع الدولي والأفغان العاديين الذين أرهقتهم العملية الانتخابية الطويلة فاترا على إعلان نتيجة الانتخابات الرئاسية بفوز الرئيس الحالي أشرف غني والتي رفضها رئيس السلطة التنفيذية السابق عبد الله عبد الله، مهددا بأنه سيشكل حكومة موازية. كما رفض النائب السابق للرئيس الأفغاني وزعيم الحرب القوي عبد الرشيد دوستم، مرشح عبد الله لمنصب نائب الرئيس، النتائج النهائية، وأعرب عن دعمه لخطوة عبد الله، ودعا أنصاره الأربعاء إلى الاحتجاج، ولكن دعوته لم تلق استجابة حتى الآن، حيث ساد الهدوء الشوارع. وقالت الأمم المتحدة الأربعاء إنها «ستشجع هيئات إدارة الانتخابات على معالجة رغبة المرشحين المفهومة في الحصول على توضيح بشأن القرارات ذات الصلة بعمليات التدقيق وإعادة فرز الأصوات». وقال الاتحاد الأوروبي إنه يعتبر أن العملية الانتخابية وصلت إلى نهايتها. ولم يتطرق البيان، الذي صدر عقب اجتماع المبعوث الأميركي الخاص بأفغانستان زلماي خليل زاد، إلى إعادة انتخاب الرئيس الأفغاني. ولم تهنئ الولايات المتحدة غني رسميا حتى الآن على إعادة انتخابه لولاية جديدة.
رفض منافس غني الرئيسي، عبد الله عبد الله، النتيجة وتعهده بتشكيل حكومته، يهدد باضطراب سياسي جديد في وقت تسعى فيه الولايات المتحدة لإبرام اتفاق مع «طالبان» من أجل انسحاب قواتها من أفغانستان. وبحث خليل زاد وغني الأربعاء اتفاقا أميركيا مع حركة «طالبان» بخصوص خفض العنف لمدة أسبوع. ونقل بيان أصدره قصر الرئاسة الأفغانية عن غني قوله لخليل زاد إنه أجرى لقاءات ناجحة مع زعماء محليين بشأن كيفية تعامل الحكومة الأفغانية مع عملية السلام.
ولم يخف كبار المسؤولين الأميركيين، الحاليين والسابقين، مشاعر التفاؤل المشوب بالحذر من الأنباء التي تتحدث عن حصول «تقدم» في المفاوضات الجارية الحالية بين الولايات المتحدة وحركة «طالبان»، للتوصل إلى اتفاق على وقف دائم لإطلاق النار، والبدء في عملية حوار داخلية بين الأطراف الأفغانية تقود إلى سلام دائم في أفغانستان.
كانت الأنباء هذا الأسبوع تتحدث عن ترقب الإدارة الأميركية التزام حركة «طالبان» بوقف إطلاق النار بعد أن بدأت تلوح بوادر اتفاق طال انتظاره بين الجانبين مع استعداد الحركة لخفض أعمال العنف من جانبها بالتزامن مع مساعي خفض القوات الأميركية هناك. وجرى التوصل إلى الاتفاق الأميركي مع «طالبان» في مفاوضات مطولة بالعاصمة القطرية الدوحة، وأُعلن يوم الجمعة عقب اجتماع بين وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو وغني ووزير الدفاع الأميركي مارك إسبر في ميونيخ. وقال بيان قصر الرئاسة إن خليل زاد، الذي قاد المحادثات مع «طالبان» بشأن اتفاق لانسحاب القوات الأميركية، أطلع غني على الخطوات التي ستُتخذ بعد دخول اتفاق خفض العنف حيز التنفيذ. وقال القائم بأعمال وزير الداخلية الأفغاني الثلاثاء إن الاتفاق سيدخل حيز التنفيذ خلال خمسة أيام، وذلك رغم استمرار الاشتباكات بين «طالبان» وقوات الأمن الأفغانية.
ورغم حذره فقد عبر ستيفن هادلي مستشار الأمن القومي السابق في عهد الرئيس الأسبق جورج بوش الابن في ندوة في واشنطن عن ثقته بأن جولة المفاوضات الجارية مع «طالبان» لا تشبه ما سبقها. وقال إن أفغانستان لا يمكنها أن تنجو إذا لم يقتنع أطراف الصراع فيها بأن السلام الدائم بدعم من المجتمع الدولي هو الطريق الوحيد للخروج من دوامة الحرب الدائرة فيها.
وأكد هادلي أن تفاؤله مبني على عاملين رئيسين: الاجتماع الرفيع المستوى الذي عقدته قيادة «طالبان» وسرعة تقديمها طلب عقد الاجتماع مع واشنطن. وأضاف أن كل الأطراف الأفغانية وافقت على التعهد بملاحقة الإرهابيين، وبأن الإخلال بهذا التعهد سيقود حتما إلى إجراءات مضادة، ليس فقط من الولايات المتحدة بل ومن الأطراف الدولية الأخرى، مؤكدا على أن الولايات المتحدة لن تتخلى عن رقابتها الدائمة للعملية وسيبقى لها حضور مؤثر لضمان التحقق من تلك التعهدات. وقال: «نحن لن نغادر ما لم نتأكد من وجود آلية سلام واتفاق حقيقي».
وعقد في «معهد الولايات المتحدة للسلام» الملاصق مبناه لمجمع وزارة الخارجية الأميركية في واشنطن، ندوة تحت عنوان «إنهاء حربنا اللانهائية في أفغانستان»، تحدث فيها كل من هادلي وميشيل فلورنوي وكيلة وزارة الدفاع السابقة. البعض يعتبر المعهد جزءا من «قوة وزارة الخارجية الدبلوماسية الضاربة»؛ خصوصاً أن كادرا كبيرا من العاملين فيه، منخرط في الجهود الدبلوماسية الجارية، وانعكس ذلك في التقرير الافتتاحي الذي استعرض ما تم إنجازه حتى الساعة في ملف التفاوض مع «طالبان». وبحسب التقرير فقد تم التأكيد على أن الحل العسكري غير ممكن وأن مشاركة كل القوى السياسية الأفغانية في الحوار، هي السبيل الوحيد لتحقيق سلام دائم وتقرير مصير العملية السياسية في أفغانستان، وأن مهلة الأيام السبعة التي تحدث عنها وزير الدفاع الأميركي مارك إسبر هي اختبار حقيقي لنيات «طالبان»، وبأن الآمال كبيرة باحترام حقوق المرأة والطفل والأقليات.
من جهتها قالت فلورنوي إنه «حتى ولو توصلنا إلى اتفاق مع طالبان، فإن ذلك لا يعني أن أفغانستان ستترك لوحدها، بل على العكس سيواصل المجتمع الدولي العمل على مراقبة ودعم هذا البلد كي لا يتحول مرة أخرى إلى ملاذ وبؤرة للإرهاب»، على حد قولها. وحاول هادلي «تصحيح» الانطباع عن طبيعة انغماس الولايات المتحدة في الحرب في أفغانستان، قائلا إن بلاده خرجت عمليا من هذه الحرب تدريجيا، ولم يتبق لها أكثر من 14 ألف عسكري وموظف، ولم تعد تشارك في عمليات قتالية، ودورها يقتصر على تقديم الدعم العسكري والجوي والاستخباري للقوات الأفغانية.
كان واضحا أن كلام هادلي يسلط الضوء على أن واشنطن تعتقد أن الحرب وصلت إلى خواتيمها، وأن الكرة باتت في ملعب الآخرين، سواء الأفغان أنفسهم أو الأطراف الدولية والإقليمية التي باتت تشعر بثقل هذا الملف.
وإذا تمكنت جولة المفاوضات الأخيرة من تحقيق خرق دبلوماسي، يتوقع البعض أن يقوم الرئيس ترمب قريبا جدا من الإعلان عن هذا الإنجاز، ليضيفه إلى رصيده الانتخابي، وتجديد قراره باستضافة وفد من حركة «طالبان» في منتجع كامب ديفيد، كما كان يخطط له في سبتمبر (أيلول) الماضي، حين تراجع عن ذلك بعد الهجوم الدامي على قوات التحالف في كابل خلال إحياء ذكرى 11 سبتمبر الدامية.



روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
TT

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)

وجّه الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) مارك روته، الخميس، تحذيراً قوياً بشأن ضرورة «زيادة» الإنفاق الدفاعي، قائلاً إن الدول الأوروبية في حاجة إلى بذل مزيد من الجهود «لمنع الحرب الكبرى التالية» مع تنامي التهديد الروسي، وقال إن الحلف يحتاج إلى التحول إلى «عقلية الحرب» في مواجهة العدوان المتزايد من روسيا والتهديدات الجديدة من الصين.

وقال روته في كلمة ألقاها في بروكسل: «نحن لسنا مستعدين لما ينتظرنا خلال أربع أو خمس سنوات»، مضيفاً: «الخطر يتجه نحونا بسرعة كبيرة»، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وتحدّث روته في فعالية نظمها مركز بحثي في بروكسل تهدف إلى إطلاق نقاش حول الاستثمار العسكري.

جنود أميركيون من حلف «الناتو» في منطقة قريبة من أورزيسز في بولندا 13 أبريل 2017 (رويترز)

ويتعين على حلفاء «الناتو» استثمار ما لا يقل عن 2 في المائة من إجمالي ناتجهم المحلي في مجال الدفاع، لكن الأعضاء الأوروبيين وكندا لم يصلوا غالباً في الماضي إلى هذه النسبة.

وقد انتقدت الولايات المتحدة مراراً الحلفاء الذين لم يستثمروا بما يكفي، وهي قضية تم طرحها بشكل خاص خلال الإدارة الأولى للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب.

وأضاف روته أن الاقتصاد الروسي في «حالة حرب»، مشيراً إلى أنه في عام 2025، سيبلغ إجمالي الإنفاق العسكري 7 - 8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد - وهو أعلى مستوى له منذ الحرب الباردة.

وبينما أشار روته إلى أن الإنفاق الدفاعي ارتفع عما كان عليه قبل 10 سنوات، عندما تحرك «الناتو» لأول مرة لزيادة الاستثمار بعد ضم روسيا شبه جزيرة القرم من طرف واحد، غير أنه قال إن الحلفاء ما زالوا ينفقون أقل مما كانوا ينفقونه خلال الحرب الباردة، رغم أن المخاطر التي يواجهها حلف شمال الأطلسي هي «بالقدر نفسه من الضخامة إن لم تكن أكبر» (من مرحلة الحرب الباردة). واعتبر أن النسبة الحالية من الإنفاق الدفاعي من الناتج المحلي الإجمالي والتي تبلغ 2 في المائة ليست كافية على الإطلاق.

خلال تحليق لمقاتلات تابعة للـ«ناتو» فوق رومانيا 11 يونيو 2024 (رويترز)

وذكر روته أنه خلال الحرب الباردة مع الاتحاد السوفياتي، أنفق الأوروبيون أكثر من 3 في المائة من ناتجهم المحلي الإجمالي على الدفاع، غير أنه رفض اقتراح هذا الرقم هدفاً جديداً.

وسلَّط روته الضوء على الإنفاق الحكومي الأوروبي الحالي على معاشات التقاعد وأنظمة الرعاية الصحية وخدمات الرعاية الاجتماعية مصدراً محتملاً للتمويل.

واستطرد: «نحن في حاجة إلى جزء صغير من هذه الأموال لجعل دفاعاتنا أقوى بكثير، وللحفاظ على أسلوب حياتنا».