حكومة العراق تصطدم بـ {الانتخابات المبكرة»وتمسك الأكراد بمطالبهم

TT

حكومة العراق تصطدم بـ {الانتخابات المبكرة»وتمسك الأكراد بمطالبهم

اشترط «تحالف القوى العراقية» بزعامة رئيس البرلمان العراقي محمد الحلبوسي، تضمين حكومة رئيس الوزراء المكلف محمد توفيق علاوي برنامجها إجراء انتخابات مبكّرة ليمنحها ثقته، في الجلسة البرلمانية المقررة الاثنين المقبل. وقال «التحالف» في بيان أمس (الخميس) تلقت «الشرق الأوسط» نسخة منه، إن هيئته العامة «ناقشت ملف تشكيل الحكومة، وما تمخض عن اجتماع القوى السياسية الذي استضافه رئيس البرلمان، وأكد المجتمعون على مجموعة من الشروط قبل إمكانية نيل الثقة للحكومة داخل جلسة البرلمان الاثنين المقبل؛ وهي: أهمية أن تحظى الحكومة بثقة الشعب وقبوله، وتلبّي طموح المتظاهرين السلميين، فضلاً عن ضرورة أن تضمن التمثيل العادل لمكونات المجتمع العراقي، وتحظى بتأييد كل المكوّنات والنسيج الاجتماعي». وأضاف البيان أن «التحالف دعا إلى أهمية التزام الحكومة باتخاذ خطوات وإجراءات جادة وفاعلة تضمن عودة آمنة وكريمة للنازحين، وتعويض المتضررين، وإطلاق سراح المغيّبين والمفقودين والكشف عن مصيرهم، وإعادة إعمار مدنهم التي دمرها الإرهاب». كما دعا إلى «إلزام الحكومة بتضمين برنامجها الحكومي إعلاناً واضحاً وصريحاً لموعد إجراء الانتخابات البرلمانية المبكّرة، وألا يتجاوز السنة من تاريخ تشكيلها». وشدد التحالف على «إلزام الحكومة بحصر السلاح بيد الدولة، وإعادة الهيبة إليها وإلى مؤسساتها».
من جهته؛ قال عضو البرلمان العراقي عن «التحالف» محمد الكربولي لـ«الشرق الأوسط»: «رغم الثوابت التي حدّدناها كـ(تحالف قوى عراقية) من أجل المشاركة في الحكومة المقبلة وتصويتنا لها داخل البرلمان، فإن هذا لا يعني موافقتنا المسبقة طبقاً لهذا البيان، لأنه لا توجد ضمانات حتى الآن لتطبيق هذه المبادئ، وبالتالي، فإن الأمر يحتاج إلى مزيد من التفاهم حتى يوم الاثنين المقبل». ورداً على سؤال عن إصرار «التحالف» على تضمين الانتخابات المبكرة في البرنامج الحكومي، أجاب الكربولي: «سبب إصرارنا على ذلك يعود إلى حديث قوى كثيرة عن إجراء انتخابات مبكّرة علناً، لكنها تعمل بشكل معاكس بالسرّ، لذلك نريد أن يكون ذلك ملزماً للحكومة ضمن البرنامج وفق آليات وتوقيتات زمنية ملزمة». وحول ما يدور من أحاديث عن حصول انشقاقات داخل جسم «تحالف القوى»، يقول الكربولي إن «الذين خرجوا من التحالف وهم قلة غير مؤثرة كانوا دخلوا معنا من أجل مصالهم الخاصة، وحين تضاربت مصالحهم مع رؤيتنا فضّلوا الخروج طمعاً في مناصب ومكاسب خاصة بهم».
وفي السياق نفسه، أعلن رئيس «كتلة بيارق الخير» البرلمانية، محمد الخالدي، لـ«الشرق الأوسط» أن «هناك أكثر من آلية لعقد جلسة البرلمان، وهي إما بطلب من رئيس البرلمان، أو تقديم طلب من 50 نائباً لعقد الجلسة». وأضاف أن «مجموع تواقيع النواب قد تتجاوز المائة، بينما المطلوب 50، الأمر الذي يؤكد جدية النواب من كتل مختلفة لأهمية الانتهاء من قصة الكابينة الوزارية لكي تبدأ الحكومة الجديدة عملها وسط تحديات جسيمة».
إلى ذلك، أعلن القيادي في «الحزب الديمقراطي الكردستاني» ماجد شنكالي أن الحزب «لن يتنازل عن الاستحقاقات الدستورية للإقليم بتمثيله في الكابينة الحكومية، وحتى (الاتحاد الوطني الكردستاني) واضح في ذلك، وإن لم يصدر تصريحات، والدليل زيارة لاهور جنكي برئاسة وفد إلى بغداد للتفاهم مع علاوي والكتل الأخرى لتشكيل الكابينة الحكومية». وبشأن خطاب رئيس الوزراء المكلف، وصف شنكالي الخطاب بأنه «غير موفق، وفيه كثير من التهديديات بأن من لا يصوت على حكومته يعدّ من السراق، كما هدد الكتل السياسية بعودة المظاهرات، علماً بأن ساحة التظاهر ليست موحّدة، وكل شارع لديه مطالب خاصة». ودعا «علاوي إلى التحلي بالواقعية، فلا يمكن أن ينجح بحكومة حتى وإن مررت بالأغلبية العددية، سيضطر على مدى أشهر إلى التنازل كثيراً، خصوصاً أن مهمته الرئيسة إجراء انتخابات مبكّرة وحينها ستتعقد الأجواء وسيفشل حتى في أداء هذه المهمة». وأوضح شنكالي أن «رئيس الوزراء المكلف ملزم بإقناع الآخرين بالمشاركة في حكومته ودعمها، فالكتل الكردية لن تبقى متصلبة في موافقها في حال تم التشاور معها بالأسماء التي رشحت في الكابينة، فنحن نريد منصب الوزير سياسياً».



الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)

كثّفت الجماعة الحوثية استهدافها مدرسي الجامعات والأكاديميين المقيمين في مناطق سيطرتها بحملات جديدة، وألزمتهم بحضور دورات تعبوية وزيارات أضرحة القتلى من قادتها، والمشاركة في وقفات تنظمها ضد الغرب وإسرائيل، بالتزامن مع الكشف عن انتهاكات خطيرة طالتهم خلال فترة الانقلاب والحرب، ومساعٍ حثيثة لكثير منهم إلى الهجرة.

وذكرت مصادر أكاديمية في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن مدرسي الجامعات العامة والخاصة والموظفين في تلك الجامعات يخضعون خلال الأسابيع الماضية لممارسات متنوعة؛ يُجبرون خلالها على المشاركة في أنشطة خاصة بالجماعة على حساب مهامهم الأكاديمية والتدريس، وتحت مبرر مواجهة ما تسميه «العدوان الغربي والإسرائيلي»، ومناصرة فلسطينيي غزة.

وتُلوّح الجماعة بمعاقبة مَن يتهرّب أو يتخلّف من الأكاديميين في الجامعات العمومية، عن المشاركة في تلك الفعاليات بالفصل من وظائفهم، وإيقاف مستحقاتهم المالية، في حين يتم تهديد الجامعات الخاصة بإجراءات عقابية مختلفة، منها الغرامات والإغلاق، في حال عدم مشاركة مدرسيها وموظفيها في تلك الفعاليات.

أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

وتأتي هذه الإجراءات متزامنة مع إجراءات شبيهة يتعرّض لها الطلاب الذين يجبرون على حضور دورات تدريبية قتالية، والمشاركة في عروض عسكرية ضمن مساعي الجماعة لاستغلال الحرب الإسرائيلية على غزة لتجنيد مقاتلين تابعين لها.

انتهاكات مروّعة

وكان تقرير حقوقي قد كشف عن «انتهاكات خطيرة» طالت عشرات الأكاديميين والمعلمين اليمنيين خلال الأعوام العشرة الماضية.

وأوضح التقرير الذي أصدرته «بوابة التقاضي الاستراتيجي»، التابعة للمجلس العربي، بالتعاون مع الهيئة الوطنية للأسرى والمختطفين، قبل أسبوع تقريباً، وغطّي الفترة من مايو (أيار) 2015، وحتى أغسطس (آب) الماضي، أن 1304 وقائع انتهاك طالت الأكاديميين والمعلمين في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية التي اتهمها باختطافهم وتعقبهم، ضمن ما سمّاها بـ«سياسة تستهدف القضاء على الفئات المؤثرة في المجتمع اليمني وتعطيل العملية التعليمية».

أنشطة الجماعة الحوثية في الجامعات طغت على الأنشطة الأكاديمية والعلمية (إكس)

ووثّق التقرير حالتي وفاة تحت التعذيب في سجون الجماعة، وأكثر من 20 حالة إخفاء قسري، منوهاً بأن من بين المستهدفين وزراء ومستشارين حكوميين ونقابيين ورؤساء جامعات، ومرجعيات علمية وثقافية ذات تأثير كبير في المجتمع اليمني.

وتضمن التقرير تحليلاً قانونياً لمجموعة من الوثائق، بما في ذلك تفاصيل جلسات التحقيق ووقائع التعذيب.

ووفق تصنيف التقرير للانتهاكات، فإن الجماعة الحوثية نفّذت 1046 حالة اختطاف بحق مؤثرين، وعرضت 124 منهم للتعذيب، وأخضعت اثنين من الأكاديميين و26 من المعلمين لمحاكمات سياسية.

وتشمل الانتهاكات التي رصدها التقرير، الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري والتعذيب الجسدي والنفسي والمحاكمات الصورية وأحكام الإعدام.

عشرات الأكاديميين لجأوا إلى طلب الهجرة بسبب سياسات الإقصاء الحوثية وقطع الرواتب (إكس)

وسبق أن كشف تقرير تحليلي لأوضاع الأكاديميين اليمنيين عن زيادة في طلبات العلماء والباحثين الجامعيين للهجرة خارج البلاد، بعد تدهور الظروف المعيشية، واستمرار توقف رواتبهم، والانتهاكات التي تطال الحرية الأكاديمية.

وطبقاً للتقرير الصادر عن معهد التعليم الدولي، ارتفعت أعداد الطلبات المقدمة من باحثين وأكاديميين يمنيين لصندوق إنقاذ العلماء، في حين تجري محاولات لاستكشاف الطرق التي يمكن لقطاع التعليم الدولي من خلالها مساعدة وتغيير حياة من تبقى منهم في البلاد إلى الأفضل.

إقبال على الهجرة

يؤكد المعهد الدولي أن اليمن كان مصدر غالبية الطلبات التي تلقّاها صندوق إنقاذ العلماء في السنوات الخمس الماضية، وتم دعم أكثر من ثلثي العلماء اليمنيين داخل المنطقة العربية وفي الدول المجاورة، بمنحة قدرها 25 ألف دولار لتسهيل وظائف مؤقتة.

قادة حوثيون يتجولون في جامعة صنعاء (إعلام حوثي)

لكن تحديات التنقل المتعلقة بالتأشيرات وتكلفة المعيشة والاختلافات اللغوية الأكاديمية والثقافية تحد من منح الفرص للأكاديميين اليمنيين في أميركا الشمالية وأوروبا، مقابل توفر هذه الفرص في مصر والأردن وشمال العراق، وهو ما يفضله كثير منهم؛ لأن ذلك يسمح لهم بالبقاء قريباً من عائلاتهم وأقاربهم.

وخلص التقرير إلى أن العمل الأكاديمي والبحثي داخل البلاد «يواجه عراقيل سياسية وتقييداً للحريات ونقصاً في الوصول إلى الإنترنت، ما يجعلهم يعيشون فيما يُشبه العزلة».

وأبدى أكاديمي في جامعة صنعاء رغبته في البحث عن منافذ أخرى قائمة ومستمرة، خصوصاً مع انقطاع الرواتب وضآلة ما يتلقاه الأستاذ الجامعي من مبالغ، منها أجور ساعات تدريس محاضرات لا تفي بالاحتياجات الأساسية، فضلاً عن ارتفاع الإيجارات.

إجبار الأكاديميين اليمنيين على المشاركة في الأنشطة الحوثية تسبب في تراجع العملية التعليمية (إكس)

وقال الأكاديمي الذي طلب من «الشرق الأوسط» التحفظ على بياناته خوفاً على سلامته، إن الهجرة ليست غاية بقدر ما هي بحث عن وظيفة أكاديمية بديلة للوضع المأساوي المعاش.

ويقدر الأكاديمي أن تأثير هذه الأوضاع أدّى إلى تدهور العملية التعليمية في الجامعات اليمنية بنسبة تتجاوز نصف الأداء في بعض الأقسام العلمية، وثلثه في أقسام أخرى، ما أتاح المجال لإحلال كوادر غير مؤهلة تأهيلاً عالياً، وتتبع الجماعة الحوثية التي لم تتوقف مساعيها الحثيثة للهيمنة على الجامعات ومصادرة قرارها، وصياغة محتوى مناهجها وفقاً لرؤية أحادية، خصوصاً في العلوم الاجتماعية والإنسانية.

وفي حين فقدت جامعة صنعاء -على سبيل المثال- دورها التنويري في المجتمع، ومكانتها بصفتها مؤسسة تعليمية، تُشجع على النقد والتفكير العقلاني، تحسّر الأكاديمي اليمني لغياب مساعي المنظمات الدولية في تبني حلول لأعضاء هيئة التدريس، سواء في استيعابهم في مجالات أو مشروعات علمية، متمنياً ألا يكون تخصيص المساعدات لمواجهة المتطلبات الحياتية للأكاديميين غير مشروط أو مجاني، وبما لا يمس كرامتهم.