مراكز التدريب الرقمية.. الباب الذهبي للتوظيف في أميركا

تجتذب مزيجا ممن يبغون تغيير مساراتهم المهنية والطلاب الباحثين عن أجر جيد

طلاب في مدرسة ديف بووتكامب في سان فرانسيسكو المختصة بالتدريب الرقمي
طلاب في مدرسة ديف بووتكامب في سان فرانسيسكو المختصة بالتدريب الرقمي
TT

مراكز التدريب الرقمية.. الباب الذهبي للتوظيف في أميركا

طلاب في مدرسة ديف بووتكامب في سان فرانسيسكو المختصة بالتدريب الرقمي
طلاب في مدرسة ديف بووتكامب في سان فرانسيسكو المختصة بالتدريب الرقمي

نشأت مؤسسة تعليمية أميركية جديدة، تعرف بمركز تدريب «الترميز» (التكويد)، كمدرسة مهنية للعصر الرقمي، وهي متخصصة في تخريج مطوري البرمجيات.
وتعكس مراكز التدريب الرقمية تلك أخلاقيات الشركات الناشئة: فهي مؤسسات صغيرة وهادفة للربح (حيث تمتد الدراسة فيها من شهرين إلى 4 أشهر)، وبارعة إلى حد كبير (حيث تعمد إلى مراجعة المناهج الدراسية لديها للمواءمة مع متطلبات الصناعة)، وغير مهتمة بدرجات اختبار الكفاءة الدراسية (SAT) أو الدبلومات. وغالبية تلك المؤسسات باهظة الثمن، ولكن بعضهم يقبل حصة من أرباح العام الأول للطلاب الخريجين أو رسوم المكتشفين من أصحاب الأعمال بوصفها مقابل أتعاب.
من الجدير بالذكر، أنه في حين أن غالبية الشباب حديثي السن لا يجدون وظائف، فإن أغلب الخريجين، وخصوصا أولئك القادمين من مراكز التدريب الرقمية الانتقائية الراقية، سرعان ما يعثرون على وظائف ذات رواتب جيدة. ومن واقع استبيان أجري حول 48 مركزا رقميا من تلك المراكز، خلص موقع (Course Report)، وهو دليل على الإنترنت لمراكز التدريب الرقمية، إلى أن 3 أرباع الخريجين عثروا على وظائف، محققين زيادة في الرواتب بواقع 44 في المائة عن رواتبهم قبل الالتحاق بمركز التدريب الرقمي ومتوسط راتب سنوي يبلغ 76 ألف دولار.
يسمح مركز التدريب الرقمي بقبول من 20 إلى 40 طالبا في الدورة الواحدة، ولدى الكثير من تلك المراكز الرقمية دعم من رؤوس الأموال الاستثمارية، وفي شهر مايو (أيار)، بيع مركز (Dev Bootcamp)، الذي بدأ هنا في سان فرانسيسكو ثم توسعت أعماله إلى نيويورك وشيكاغو، إلى شركة (كابلان) للخدمات التعليمية.
ومع أن مدارس التجارة عفا عليها الزمن، فإن الكليات الهادفة للربح غالبا ما توصف بأنها مصانع الطلاب المتسربين من الدراسة، وأن الكليات الأهلية غالبا ما تخفق في تخريج أكثرية الطلاب، وجاء تصاعد مراكز التدريب الرقمية عبر العامين الماضيين إلى إثارة الافتراضات المعارضة للتعليم العالي، بالنسبة لبعض الطلاب الأذكياء من ذوي الدوافع الذاتية العالية على أدنى تقدير.
تتجمع مراكز التدريب الرقمية في منطقة ساوث أوف ماركت، وهي مركز شركات البرمجيات الناشئة. ولكن 60 مدرسة من تلك المدارس كانت قد بدأت في العمل في مختلف أرجاء البلاد منذ عام 2012. لتجذب الطلاب بوعود أن أي شخص – حتى أولئك الذين ليست لديهم خلفية حاسوبية مسبقة – يعمل بجد يمكنه التعلم والتأهل لشغل وظيفة في مجال تطوير البرمجيات في تلك الصناعة التواقة إلى مواهب البرمجة.
وفي إحدى الليالي مؤخرا في (Dev Bootcamp)، حيث تنتهي الفصول الدراسية رسميا بحلول الساعة السادسة مساء، وغادر أعضاء هيئة التدريس منذ فترة طويلة، كانت إحدى الغرف الدراسية في الطابق السادس لا تزال تعمل حتى التاسعة مساء، حيث يشغلها الطلاب الجالسون في أزواج، منهمكين في مشروعاتهم.
تقول شاكرا ايف (31 عاما)، التي قبل 3 شهور كانت تعمل خياطة ملابس «إنها ساعات كثيرة، إنه أمر مرهق، وفي كل أسبوع أظن أنني لن أستطيع الاستمرار. ولكنني أتعلم الكثير بمرور كل أسبوع، وإنه لأمر مثير للغاية أن تتمكن من تصميم تطبيقك الخاص».
تتكلف غالبية مراكز التدريب الرقمية 1000 دولار في الأسبوع أو أكثر، وهي تجتذب مزيجا ممن يبغون تغيير مساراتهم المهنية – مثل المحامين، أو الاستشاريين، أو الممثلين – وكذا الطلاب الذين تركوا كلياتهم ليتعلموا التكويد (لغة الترميز)، ويبحثون عن مسار سريع في وظائف ذات أجر جيد. يقول السيد أنتوني بي. كارنيفل، مدير مركز التعليم والقوى العاملة لدى جامعة جورج تاون، بأنه في الاقتصاديات الصناعية القديمة كان مثل ذلك التدريب يجري داخل الوظيفة ذاتها، ولكن الاقتصاد الحالي يعتمد على مدارس ما بعد المرحلة الثانوية لإعداد الطلاب لسوق العمل. ولا تمتلك معظم الكليات برامج متخصصة وجاهزة لتعليم الطلاب كيفية كتابة البرامج.
ويضيف قائلا: «إن الدراسة تطبيقية للغاية، وعملية للغاية، ومختصرة للغاية حتى يمكن إدراجها بسهولة في المناهج الدراسة للكليات. انظر إليها كمكان تتفوق فيه التكنولوجيا على التعليم».
إن نماذج الإيرادات المدرسية تتباين بشكل كبير. حيث الدراسة مجانية في (App Academy) المتواجدة في سان فرانسيسكو ونيويورك، ولكنها تأخذ 18 في المائة من رواتب العام الأول للخريجين، مع تخفيض بقيمة 5000 دولار لأولئك الذين يعثرون على وظائف لدى صاحب عمل من شركاء الأكاديمية. ولكن المصروفات الدراسية لدى (Flatiron School) في نيويورك تبلغ 12 ألف دولار، مع إعادة مبلغ 4000 دولار للطلاب الذين يعثرون على وظائف لدى صاحب عمل من شركاء الأكاديمية. (ويُطلب من أصحاب الأعمال كذلك سداد نسبة 15 في المائة إلى المدرسة من رواتب العام الأول للطلاب).
تقدم الكثير من المدارس تخفيضات للنساء والأقليات. وبعضها يقبل نسبة أقل من 10 في المائة من المتقدمين، والذين يجري اختبارهم من خلال مقابلات شخصية وتدريبات على التكويد تُجرى على تطبيق (Skype) للتواصل الاجتماعي.
من خلال العمل لمدة 10 ساعات يوميا، فإن طلاب مراكز التدريب الرقمية يغطون المناهج الدراسية المطلوبة في فصل دراسي كامل خلال 4 أيام، على حد قول آن سبالدينغ، التي تركت وظيفة دائمة في مجال علوم الحاسوب لتدرس لدى مدرسة (Dev Bootcamp).
وتقول أيضا «إنها طريقة أكثر تفاعلية للتعلم، من خلال المشروعات، وإنني انبهر فعلا بما تقدمه كل مجموعة من الطلاب في مشروعات تخرجهم. إن هدفي خلال السنوات الـ10 المقبلة، أن تكون مراكز التدريب الرقمية جزءا من منظومة التعليم العالي».
أكثر مراكز الرقمية الانتقائية تستحوذ على ما يقرب من 100 في المائة من معدلات الوظائف ومتوسط رواتب يتراوح بين 85 ألف دولار و100 ألف دولار (وهو معدل منخفض في نيويورك عنه في سان فرانسيسكو). ولكن تلك الأرقام مبلغ عنها بصفة ذاتية، وبعضهم يعد الوظائف المؤقتة وفترات التدريب مثل الوظائف الثابتة. وعند نقطة ما، سوف يتشبع سوق العمل، ولكنه حتى الآن يظل الطلب على المبرمجين الماهرين كبيرا. تقول بيثاني مارزويسكي من موقع (Stack Overflow Careers)، وهو موقع مختص بوظائف الحاسوب والبرمجيات «هناك في الغالب 5 وظائف لكل مطور من مطوري الشبكات. وإنها من أصعب الوظائف حاليا». وتعرف اليسا رافاسيو المشكلة. حيث أسست مدرسة (Hipcamp)، التي تساعد الناس على تخير مواقع المراكز في ولاية كاليفورنيا، بعدما أنهت دراستها في (Dev Bootcamp) العام الماضي.
وتقول السيدة رافاسيو «إنها حرب المواهب، وخصوصا بالنسبة لأولئك الذين تنقصهم سنوات الخبرة الطويلة. حاولت تعيين اثنين من رفاقي في الفصل الدراسي، ولكنهم كانت لديهم وظائف وهم سعداء بها للغاية».
يتعين على طلاب مدرسة (Dev Bootcamp) قضاء 9 أسابيع ليتمرسوا في الأساسيات بمجهودهم الشخصي قبل البدء في برنامج الطلاب المقيمين ذي الـ9 أسابيع كذلك. وهناك مجموعة جديدة من الطلاب تبدأ الدراسة كل 3 أسابيع، ويمكن للطلاب المتخلفين إعادة الوحدة التدريبية ذات الـ3 أسابيع مجانا.
يقول أيان روت، وهو معلم مدرسي سابق، متذكرا تجربته لدى مدرسة (Dev Bootcamp): «كنت في نهاية المجموعة عندما بدأت الدراسة، وكان لزاما علي العمل لمدة 100 ساعة للمحافظة على مستواي بين الطلاب».
والآن، هو مدرس للفترة المسائية، يجلس في هدوء، ينتظر قدوم الطلاب إليه، بحواسيبهم المحمولة على أيديهم، يطلبون المشورة حول مواطن الخطأ في أكوادهم. وينظر السيد روت باهتمام في شاشات الحواسيب، ثم يقدم اقتراحا ما أو يرجع بهم بضعة خطوات إلى الوراء.
تضم مجموعة السيد روت طالبا في العشرينات من عمره لم ينه دراسته الجامعية وآخر خريج جامعة هارفارد الذي في وقت لاحق عاد إلى تلك الشركة التي كان يعمل فيها، ولكن بوصفه مبرمجا.
التحق بعض من الطلاب في مراكز التدريب الرقمية بفضول لدراسة الحاسوب في الكليات، ولكنهم أدركوا أنهم تعلموا الكثير من الأمور النظرية واللوغاريتمات، ولكنهم لم يصلوا إلى حد البراعة في (Ruby) أو (JavaScript)، وهي لغات البرمجة المفضلة في صناعة البرمجيات، أو يجنون خبرات واقعية في بناء التطبيقات.
يقضي طلاب المراكز الرقمية وقتهم يعملون في أزواج في المقاعد المشتركة، ويتناوبون دور «القائد»، الذي يكتب سطور الأكواد، و«الملاح»، الذي يراجع السطور ويقترح التعديلات.
في حين يدفع المشككون أن بضعة أسابيع في مركز التدريب ليست كافية لتخريج مطور برمجيات فعال، إلا أن بعض أصحاب الأعمال يرفضون ذلك الطرح. حيث عين موقع (Indiegogo)، وهو متخصص في تمويل المشروعات ومقره في سان فرانسيسكو، 6 من الموظفين من خريجي مراكز التدريب الرقمية، وقد وصفهم السيد فيكتور كوفاليف، نائب الرئيس للشؤون الهندسية، بأنهم «رائعون».
ويقول السيد كوفاليف «إنه أمر مؤثر للغاية أن تتوقف حياتك لفترة ما تتعلم خلالها الهندسة في مركز من مراكز التدريب. إن مهندسي مراكز التدريب الرقمية يتمتعون بقدر واف من الذكاء، ولديهم محفزات قوية، ومتحمسون جدا لأن يصبحوا مهندسين».
تؤكد غالبية مراكز التدريب الرقمية على أن مطوري البرمجيات في حاجة إلى ما هو أكثر من الخبرات الفنية، ويهدفون إلى تطوير قدرات الطلاب على العمل مع مختلف الشركاء ومواجهة تحديات جديدة.
يقول آدم اينبار، رئيس والشريك المؤسس في مدرسة (Flatiron)، التي كما يقول تقبل 6 في المائة من المتقدمين فقط «إننا نفعل كل شيء مجنون هنا لكي نبقي الطلاب في مرحلة البداية، مثل تعليمهم كيفية فك الأقفال، أو لعبة طي الورق (اوريغامي)، أو اليوغا».
وفي هذا الصيف، جنبا إلى جنب مع الدورات العادية في مقر شركة (Flatiron) في جنوب مانهاتن، التحقت مجموعة أغلبها من النساء في بروكلين بالدورة التدريبية مجانا من خلال برنامج التدريب الوظيفي في مدينة نيويورك.
تقول كيت بريندر، وهي خريجة كلية برنارد المتخصصة في الفيزياء الفلكية وعملت في وظيفة شبه قانونية قبل الالتحاق ببرنامج بروكلين «كانت تجربة رائعة. كثيرا ما أحببت المنطق، ولكنني فوجئت بالقدر الذي أحببت به ذلك. حتى أنني ظننت أنني مبتدئة، أعرف أن ذلك هو ما أود القيام به».
وبعد شهر من التخرج – عندما بدأ نصف الطلاب في الفصل الدراسي خاصتها في وظائف جديدة – كانت السيدة بريندر لا تزال في المقابلات الشخصية ولكن ذلك لم يثبط من عزيمتها.. وقالت: «لدي 3 مقابلات شخصية الأسبوع المقبل. ويحتاج الأمر مقابلة واحدة فقط».
* خدمة «نيويورك تايمز»



{سفارات المعرفة}... خدمات بحثية وأنشطة ثقافية في 20 مدينة مصرية

القائمون على مشروع سفارات المعرفة بمكتبة الإسكندرية أثناء اجتماع بالفيديو مع السفارات العشرين («الشرق الأوسط»)
القائمون على مشروع سفارات المعرفة بمكتبة الإسكندرية أثناء اجتماع بالفيديو مع السفارات العشرين («الشرق الأوسط»)
TT

{سفارات المعرفة}... خدمات بحثية وأنشطة ثقافية في 20 مدينة مصرية

القائمون على مشروع سفارات المعرفة بمكتبة الإسكندرية أثناء اجتماع بالفيديو مع السفارات العشرين («الشرق الأوسط»)
القائمون على مشروع سفارات المعرفة بمكتبة الإسكندرية أثناء اجتماع بالفيديو مع السفارات العشرين («الشرق الأوسط»)

منذ 15 عاما حينما تأسست مكتبة الإسكندرية الجديدة، وكان الطلاب والباحثون من مختلف أنحاء مصر يشدون الرحال إلى «عروس المتوسط» للاستفادة من الأوعية المعرفية كافة التي تقدمها المكتبة لزائريها، والاطلاع على خدمات المكتبة الرقمية والدوريات العلمية والبحوث، لكن الجديد أن كل ذلك أصبح متاحا في 20 محافظة في مختلف أنحاء مصر وللطلاب العرب والأفارقة والأجانب المقيمين في مصر كافة من خلال «سفارات المعرفة».

فعاليات لنبذ التطرف
لم تكتف مكتبة الإسكندرية بأنها مركز إشعاع حضاري ومعرفي يجمع الفنون بالعلوم والتاريخ والفلسفة بالبرمجيات بل أسست 20 «سفارة معرفة» في مختلف المحافظات المصرية، كأحد المشروعات التي تتبع قطاع التواصل الثقافي بالمكتبة لصناعة ونشر الثقافة والمعرفة ورعاية وتشجيع الإبداع الفني والابتكار العلمي.
ويقول الدكتور مصطفى الفقي، مدير مكتبة الإسكندرية، لـ«الشرق الأوسط»: «هذا المشروع من أدوات المكتبة لنشر العلم والثقافة في مصر والعالم أجمع، ووجود هذه السفارات يساعد المكتبة على تحقيق أهدافها على نطاق جغرافي أوسع. ونحن هذا العام نسعى لمحاربة التطرف الذي ضرب العالم، وخصصنا السمة الرئيسية للمكتبة هذا العام (نشر التسامح تعظيم قيمة المواطنة، ونبذ العنف والتصدي للإرهاب) والتي سوف نعلن عن فعالياتها قريبا». يضيف: «نتمنى بالطبع إقامة المزيد من السفارات في كل القرى المصرية ولكن تكلفة إقامة السفارة الواحدة تزيد على مليون جنيه مصري، فإذا توافر الدعم المادي لن تبخل المكتبة بالجهد والدعم التقني لتأسيس سفارات جديدة».

خطط للتوسع
تتلقى مكتبة الإسكندرية طلبات من الدول كافة لتفعيل التعاون البحثي والأكاديمي، يوضح الدكتور الفقي: «أرسلت لنا وزارة الخارجية المصرية مؤخرا خطابا موجها من رئيس إحدى الدول الأفريقية لتوقيع بروتوكول تعاون، وتسعى المكتبة لتؤسس فروعا لها في الدول الأفريقية، وقد أوصاني الرئيس عبد الفتاح السيسي بالعلاقات الأفريقية، ونحن نوليها اهتماما كبيرا».
يؤكد الدكتور الفقي «المكتبة ليست بعيدة عن التعاون مع العالم العربي بل هناك مشروع (ذاكرة الوطن العربي) الذي سيكون من أولوياته إنعاش القومية العربية».
«مواجهة التحدي الرقمي هو أحد أهداف المكتبة منذ نشأتها»، يؤكد الدكتور محمد سليمان، رئيس قطاع التواصل الثقافي، قائلا لـ«الشرق الأوسط»: «مشروع سفارات المعرفة يجسد الاستخدام الأمثل للتكنولوجيا في نقل المعرفة لكل مكان في مصر، ومصطلح (سفارة) يعني أن للمكتبة سيطرة كاملة على المكان الذي تخصصه لها الجامعات لتقديم الخدمات كافة، بدأ المشروع عام 2014 لكنه بدأ ينشط مؤخرا ويؤدي دوره في نشر المعرفة على نطاق جغرافي واسع».
يضيف: «تقدم المكتبة خدماتها مجانا للطلاب وللجامعات للاطلاع على الأرشيف والمكتبة الرقمية والمصادر والدوريات العلمية والموسوعات التي قام المكتبة بشراء حق الاطلاع عليها» ويوضح: «هناك 1800 فعالية تقام بالمكتبة في مدينة الإسكندرية ما بين مؤتمرات وورشات عمل وأحداث ثقافية ومعرفية، يتم نقلها مباشرة داخل سفارات المعرفة بالبث المباشر، حتى لا تكون خدمات المكتبة قاصرة على الباحثين والطلاب الموجودين في الإسكندرية فقط».
«كل من يسمح له بدخول الحرم الجامعي يمكنه الاستفادة بشكل كامل من خدمات سفارة المعرفة ومكتبة الإسكندرية بغض النظر عن جنسيته» هكذا يؤكد الدكتور أشرف فراج، العميد السابق لكلية الآداب بجامعة الإسكندرية، والمشرف على «سفارات المعرفة» لـ«الشرق الأوسط»: «هذه السفارات هي أفرع لمكتبة الإسكندرية تقدم للباحثين خدماتها والهدف من هذا المشروع هو تغيير الصورة النمطية عن المكتبة بأنها تخدم النخبة العلمية والثقافية، بل هذه الخدمات متاحة للطلاب في القرى والنجوع» ويضيف: «يمكن لأي باحث من أي دولة الحصول على تصريح دخول السفارة من مكتب رئيس الجامعة التي توجد بها السفارة».

صبغة دبلوماسية
حول اسم سفارات المعرفة ذي الصبغة الدبلوماسية، يكشف الدكتور فراج «للمصطلح قصة قانونية، حيث إن قسم المكتبات يدفع للناشرين الدوليين مبلغا سنويا يقدر تقريبا بنحو 25 مليون، لكي تكون الدوريات العلمية المتخصصة والمكتبات الرقمية العالمية متاحة لمستخدمي المكتبة، ولما أردنا افتتاح فروع للمكتبة في المدن المصرية واجهتنا مشكلة بأن هذه الجهات ستطالب بدفع نفقات إضافية لحق استغلال موادها العلمية والأكاديمية لكن مع كونها سفارة فإنها تتبع المكتبة ولها السلطة الكاملة عليها».
ويضيف: «تهدف السفارات لإحداث حراك ثقافي ومعرفي كامل فهي ليست حكرا على البحث العلمي فقط، وقد حرصنا على أن تكون هناك فعاليات خاصة تقام بكل سفارة تخدم التنمية الثقافية في المحافظة التي أقيمت بها، وأن يتم إشراك الطلاب الأجانب الوافدين لكي يفيدوا ويستفيدوا، حيث يقدم كل منهم عروضا تقديمية عن بلادهم، أو يشارك في ورشات عمل عن الصناعات اليدوية التقليدية في المحافظات وبالتالي يتعرف على التراث الثقافي لها وهذا يحقق جزءا من رسالة المكتبة في تحقيق التلاحم بين شباب العالم».
تتيح سفارات المعرفة للطلاب أنشطة رياضية وفنية وثقافية، حيث أسست فرق كورال وكرة قدم تحمل اسم سفارات المعرفة، وتضم في عضويتها طلابا من مختلف الجامعات والتخصصات وتنافس الفرق الجامعية المصرية. ويلفت الدكتور فراج «تقيم سفارات المعرفة عددا من المهرجانات الفنية وورشات العمل ودورات تدريبية لتشجيع الطلاب على بدء مشروعاتهم الخاصة لكي يكونوا أعضاء منتجين في مجتمعهم خاصة في المدن السياحية».

قواعد موحدة
تم عمل بروتوكول تعاون مع وزارة التعليم العالي والجامعات الحكومية ومع التربية والتعليم ومع أكاديمية البحث العلمي والتكنولوجيا، ويوجد بكل سفارة شخصان تكون مهمتهما إرشاد الطلاب للمصادر الرقمية للمكتبة، وتقديم برنامج الأحداث والفعاليات الخاص بالمكتبة لمدة 3 شهور مقبلة، لكي يتمكن الباحث من تحديد المؤتمرات التي يرغب في حضورها عبر البث الحي».
كل قواعد المكتبة تتبع في كل سفارة ويتم التحكم في الأنظمة والأجهزة كافة عبر السفارات العشرين، من مكتبة الإسكندرية بالشاطبي حيث تتابع المكتبة السفارات العشرين عبر شاشات طوال فترة استقبال الباحثين من الساعة الثامنة النصف صباحا وحتى الخامسة مساء.
ويكشف الدكتور فراج «السفارة تنفق نحو نصف مليون كتكلفة سنوية، حيث توفر الخدمات والأجهزة كافة للجامعات بشكل مجاني، بل تساعد سفارات المعرفة الجامعات المصرية في الحصول على شهادات الأيزو من خلال ما تضيفه من تكنولوجيا وإمكانيات لها. ويؤكد فراج «يتم إعداد سفارة في مرسى مطروح لخدمة الطلاب هناك وسوف تقام مكتبة متكاملة في مدينة العلمين الجديدة».

أنشطة مجتمعية
يشير الدكتور سامح فوزي، المسؤول الإعلامي لمكتبة الإسكندرية إلى أن دور سفارات المعرفة يتخطى مسألة خدمة الباحثين وتخفيف عبء الحصول على مراجع ومصادر معلومات حديثة بل إن هذه السفارات تسهم في تطوير المجتمع بشكل غير مباشر، أما الأنشطة المجتمعية ذات الطابع العلمي أو الثقافي فهي تخلق جواً من الألفة بين أهل القرى وبين السفارة».
تُعد تلك السفارات بمثابة مراكز فرعية للمكتبة، فهي تتيح لروادها الخدمات نفسها التي تقدمها مكتبة الإسكندرية لجمهورها داخل مقرها الرئيسي، وتحتوي على جميع الأدوات والامتيازات الرقمية المقدمة لزوار مكتبة الإسكندرية؛ مثل إتاحة التواصل والاستفادة من الكثير من المشروعات الرقمية للمكتبة، مثل: مستودع الأصول الرقمية (DAR)؛ وهو أكبر مكتبة رقمية عربية على الإطلاق، ومشروع وصف مصر، ومشروع الفن العربي، ومشروع الأرشيف الرقمي لمجلة الهلال، ومشروع ذاكرة مصر المعاصرة، ومشروع «محاضرات في العلوم» (Science Super Course)... إلخ، بالإضافة لإتاحة التواصل مع الكثير من البوابات والمواقع الإلكترونية الخاصة بالمكتبة، مثل: موقع «اكتشف بنفسك»، والملتقى الإلكتروني (Arab InfoMall)، وبوابة التنمية... إلخ. ذلك إلى جانب خدمة «البث عبر شبكة الإنترنت»، التي تقدِّم بثاً حياً أو مسجلاً للفعاليات التي تقام بمركز مؤتمرات مكتبة الإسكندرية؛ حتى يُتاح لزائري المكتبة مشاهدتها في أي وقت بشكل سلس وبسرعة فائقة. علاوة على ذلك، تتيح مكتبة الإسكندرية لمستخدمي سفارات المعرفة التمتع بخدمات مكتبة الوسائط المتعددة، واستخدام نظام الحاسب الآلي فائق السرعة (Supercomputer).