مراكز التدريب الرقمية.. الباب الذهبي للتوظيف في أميركا

تجتذب مزيجا ممن يبغون تغيير مساراتهم المهنية والطلاب الباحثين عن أجر جيد

طلاب في مدرسة ديف بووتكامب في سان فرانسيسكو المختصة بالتدريب الرقمي
طلاب في مدرسة ديف بووتكامب في سان فرانسيسكو المختصة بالتدريب الرقمي
TT

مراكز التدريب الرقمية.. الباب الذهبي للتوظيف في أميركا

طلاب في مدرسة ديف بووتكامب في سان فرانسيسكو المختصة بالتدريب الرقمي
طلاب في مدرسة ديف بووتكامب في سان فرانسيسكو المختصة بالتدريب الرقمي

نشأت مؤسسة تعليمية أميركية جديدة، تعرف بمركز تدريب «الترميز» (التكويد)، كمدرسة مهنية للعصر الرقمي، وهي متخصصة في تخريج مطوري البرمجيات.
وتعكس مراكز التدريب الرقمية تلك أخلاقيات الشركات الناشئة: فهي مؤسسات صغيرة وهادفة للربح (حيث تمتد الدراسة فيها من شهرين إلى 4 أشهر)، وبارعة إلى حد كبير (حيث تعمد إلى مراجعة المناهج الدراسية لديها للمواءمة مع متطلبات الصناعة)، وغير مهتمة بدرجات اختبار الكفاءة الدراسية (SAT) أو الدبلومات. وغالبية تلك المؤسسات باهظة الثمن، ولكن بعضهم يقبل حصة من أرباح العام الأول للطلاب الخريجين أو رسوم المكتشفين من أصحاب الأعمال بوصفها مقابل أتعاب.
من الجدير بالذكر، أنه في حين أن غالبية الشباب حديثي السن لا يجدون وظائف، فإن أغلب الخريجين، وخصوصا أولئك القادمين من مراكز التدريب الرقمية الانتقائية الراقية، سرعان ما يعثرون على وظائف ذات رواتب جيدة. ومن واقع استبيان أجري حول 48 مركزا رقميا من تلك المراكز، خلص موقع (Course Report)، وهو دليل على الإنترنت لمراكز التدريب الرقمية، إلى أن 3 أرباع الخريجين عثروا على وظائف، محققين زيادة في الرواتب بواقع 44 في المائة عن رواتبهم قبل الالتحاق بمركز التدريب الرقمي ومتوسط راتب سنوي يبلغ 76 ألف دولار.
يسمح مركز التدريب الرقمي بقبول من 20 إلى 40 طالبا في الدورة الواحدة، ولدى الكثير من تلك المراكز الرقمية دعم من رؤوس الأموال الاستثمارية، وفي شهر مايو (أيار)، بيع مركز (Dev Bootcamp)، الذي بدأ هنا في سان فرانسيسكو ثم توسعت أعماله إلى نيويورك وشيكاغو، إلى شركة (كابلان) للخدمات التعليمية.
ومع أن مدارس التجارة عفا عليها الزمن، فإن الكليات الهادفة للربح غالبا ما توصف بأنها مصانع الطلاب المتسربين من الدراسة، وأن الكليات الأهلية غالبا ما تخفق في تخريج أكثرية الطلاب، وجاء تصاعد مراكز التدريب الرقمية عبر العامين الماضيين إلى إثارة الافتراضات المعارضة للتعليم العالي، بالنسبة لبعض الطلاب الأذكياء من ذوي الدوافع الذاتية العالية على أدنى تقدير.
تتجمع مراكز التدريب الرقمية في منطقة ساوث أوف ماركت، وهي مركز شركات البرمجيات الناشئة. ولكن 60 مدرسة من تلك المدارس كانت قد بدأت في العمل في مختلف أرجاء البلاد منذ عام 2012. لتجذب الطلاب بوعود أن أي شخص – حتى أولئك الذين ليست لديهم خلفية حاسوبية مسبقة – يعمل بجد يمكنه التعلم والتأهل لشغل وظيفة في مجال تطوير البرمجيات في تلك الصناعة التواقة إلى مواهب البرمجة.
وفي إحدى الليالي مؤخرا في (Dev Bootcamp)، حيث تنتهي الفصول الدراسية رسميا بحلول الساعة السادسة مساء، وغادر أعضاء هيئة التدريس منذ فترة طويلة، كانت إحدى الغرف الدراسية في الطابق السادس لا تزال تعمل حتى التاسعة مساء، حيث يشغلها الطلاب الجالسون في أزواج، منهمكين في مشروعاتهم.
تقول شاكرا ايف (31 عاما)، التي قبل 3 شهور كانت تعمل خياطة ملابس «إنها ساعات كثيرة، إنه أمر مرهق، وفي كل أسبوع أظن أنني لن أستطيع الاستمرار. ولكنني أتعلم الكثير بمرور كل أسبوع، وإنه لأمر مثير للغاية أن تتمكن من تصميم تطبيقك الخاص».
تتكلف غالبية مراكز التدريب الرقمية 1000 دولار في الأسبوع أو أكثر، وهي تجتذب مزيجا ممن يبغون تغيير مساراتهم المهنية – مثل المحامين، أو الاستشاريين، أو الممثلين – وكذا الطلاب الذين تركوا كلياتهم ليتعلموا التكويد (لغة الترميز)، ويبحثون عن مسار سريع في وظائف ذات أجر جيد. يقول السيد أنتوني بي. كارنيفل، مدير مركز التعليم والقوى العاملة لدى جامعة جورج تاون، بأنه في الاقتصاديات الصناعية القديمة كان مثل ذلك التدريب يجري داخل الوظيفة ذاتها، ولكن الاقتصاد الحالي يعتمد على مدارس ما بعد المرحلة الثانوية لإعداد الطلاب لسوق العمل. ولا تمتلك معظم الكليات برامج متخصصة وجاهزة لتعليم الطلاب كيفية كتابة البرامج.
ويضيف قائلا: «إن الدراسة تطبيقية للغاية، وعملية للغاية، ومختصرة للغاية حتى يمكن إدراجها بسهولة في المناهج الدراسة للكليات. انظر إليها كمكان تتفوق فيه التكنولوجيا على التعليم».
إن نماذج الإيرادات المدرسية تتباين بشكل كبير. حيث الدراسة مجانية في (App Academy) المتواجدة في سان فرانسيسكو ونيويورك، ولكنها تأخذ 18 في المائة من رواتب العام الأول للخريجين، مع تخفيض بقيمة 5000 دولار لأولئك الذين يعثرون على وظائف لدى صاحب عمل من شركاء الأكاديمية. ولكن المصروفات الدراسية لدى (Flatiron School) في نيويورك تبلغ 12 ألف دولار، مع إعادة مبلغ 4000 دولار للطلاب الذين يعثرون على وظائف لدى صاحب عمل من شركاء الأكاديمية. (ويُطلب من أصحاب الأعمال كذلك سداد نسبة 15 في المائة إلى المدرسة من رواتب العام الأول للطلاب).
تقدم الكثير من المدارس تخفيضات للنساء والأقليات. وبعضها يقبل نسبة أقل من 10 في المائة من المتقدمين، والذين يجري اختبارهم من خلال مقابلات شخصية وتدريبات على التكويد تُجرى على تطبيق (Skype) للتواصل الاجتماعي.
من خلال العمل لمدة 10 ساعات يوميا، فإن طلاب مراكز التدريب الرقمية يغطون المناهج الدراسية المطلوبة في فصل دراسي كامل خلال 4 أيام، على حد قول آن سبالدينغ، التي تركت وظيفة دائمة في مجال علوم الحاسوب لتدرس لدى مدرسة (Dev Bootcamp).
وتقول أيضا «إنها طريقة أكثر تفاعلية للتعلم، من خلال المشروعات، وإنني انبهر فعلا بما تقدمه كل مجموعة من الطلاب في مشروعات تخرجهم. إن هدفي خلال السنوات الـ10 المقبلة، أن تكون مراكز التدريب الرقمية جزءا من منظومة التعليم العالي».
أكثر مراكز الرقمية الانتقائية تستحوذ على ما يقرب من 100 في المائة من معدلات الوظائف ومتوسط رواتب يتراوح بين 85 ألف دولار و100 ألف دولار (وهو معدل منخفض في نيويورك عنه في سان فرانسيسكو). ولكن تلك الأرقام مبلغ عنها بصفة ذاتية، وبعضهم يعد الوظائف المؤقتة وفترات التدريب مثل الوظائف الثابتة. وعند نقطة ما، سوف يتشبع سوق العمل، ولكنه حتى الآن يظل الطلب على المبرمجين الماهرين كبيرا. تقول بيثاني مارزويسكي من موقع (Stack Overflow Careers)، وهو موقع مختص بوظائف الحاسوب والبرمجيات «هناك في الغالب 5 وظائف لكل مطور من مطوري الشبكات. وإنها من أصعب الوظائف حاليا». وتعرف اليسا رافاسيو المشكلة. حيث أسست مدرسة (Hipcamp)، التي تساعد الناس على تخير مواقع المراكز في ولاية كاليفورنيا، بعدما أنهت دراستها في (Dev Bootcamp) العام الماضي.
وتقول السيدة رافاسيو «إنها حرب المواهب، وخصوصا بالنسبة لأولئك الذين تنقصهم سنوات الخبرة الطويلة. حاولت تعيين اثنين من رفاقي في الفصل الدراسي، ولكنهم كانت لديهم وظائف وهم سعداء بها للغاية».
يتعين على طلاب مدرسة (Dev Bootcamp) قضاء 9 أسابيع ليتمرسوا في الأساسيات بمجهودهم الشخصي قبل البدء في برنامج الطلاب المقيمين ذي الـ9 أسابيع كذلك. وهناك مجموعة جديدة من الطلاب تبدأ الدراسة كل 3 أسابيع، ويمكن للطلاب المتخلفين إعادة الوحدة التدريبية ذات الـ3 أسابيع مجانا.
يقول أيان روت، وهو معلم مدرسي سابق، متذكرا تجربته لدى مدرسة (Dev Bootcamp): «كنت في نهاية المجموعة عندما بدأت الدراسة، وكان لزاما علي العمل لمدة 100 ساعة للمحافظة على مستواي بين الطلاب».
والآن، هو مدرس للفترة المسائية، يجلس في هدوء، ينتظر قدوم الطلاب إليه، بحواسيبهم المحمولة على أيديهم، يطلبون المشورة حول مواطن الخطأ في أكوادهم. وينظر السيد روت باهتمام في شاشات الحواسيب، ثم يقدم اقتراحا ما أو يرجع بهم بضعة خطوات إلى الوراء.
تضم مجموعة السيد روت طالبا في العشرينات من عمره لم ينه دراسته الجامعية وآخر خريج جامعة هارفارد الذي في وقت لاحق عاد إلى تلك الشركة التي كان يعمل فيها، ولكن بوصفه مبرمجا.
التحق بعض من الطلاب في مراكز التدريب الرقمية بفضول لدراسة الحاسوب في الكليات، ولكنهم أدركوا أنهم تعلموا الكثير من الأمور النظرية واللوغاريتمات، ولكنهم لم يصلوا إلى حد البراعة في (Ruby) أو (JavaScript)، وهي لغات البرمجة المفضلة في صناعة البرمجيات، أو يجنون خبرات واقعية في بناء التطبيقات.
يقضي طلاب المراكز الرقمية وقتهم يعملون في أزواج في المقاعد المشتركة، ويتناوبون دور «القائد»، الذي يكتب سطور الأكواد، و«الملاح»، الذي يراجع السطور ويقترح التعديلات.
في حين يدفع المشككون أن بضعة أسابيع في مركز التدريب ليست كافية لتخريج مطور برمجيات فعال، إلا أن بعض أصحاب الأعمال يرفضون ذلك الطرح. حيث عين موقع (Indiegogo)، وهو متخصص في تمويل المشروعات ومقره في سان فرانسيسكو، 6 من الموظفين من خريجي مراكز التدريب الرقمية، وقد وصفهم السيد فيكتور كوفاليف، نائب الرئيس للشؤون الهندسية، بأنهم «رائعون».
ويقول السيد كوفاليف «إنه أمر مؤثر للغاية أن تتوقف حياتك لفترة ما تتعلم خلالها الهندسة في مركز من مراكز التدريب. إن مهندسي مراكز التدريب الرقمية يتمتعون بقدر واف من الذكاء، ولديهم محفزات قوية، ومتحمسون جدا لأن يصبحوا مهندسين».
تؤكد غالبية مراكز التدريب الرقمية على أن مطوري البرمجيات في حاجة إلى ما هو أكثر من الخبرات الفنية، ويهدفون إلى تطوير قدرات الطلاب على العمل مع مختلف الشركاء ومواجهة تحديات جديدة.
يقول آدم اينبار، رئيس والشريك المؤسس في مدرسة (Flatiron)، التي كما يقول تقبل 6 في المائة من المتقدمين فقط «إننا نفعل كل شيء مجنون هنا لكي نبقي الطلاب في مرحلة البداية، مثل تعليمهم كيفية فك الأقفال، أو لعبة طي الورق (اوريغامي)، أو اليوغا».
وفي هذا الصيف، جنبا إلى جنب مع الدورات العادية في مقر شركة (Flatiron) في جنوب مانهاتن، التحقت مجموعة أغلبها من النساء في بروكلين بالدورة التدريبية مجانا من خلال برنامج التدريب الوظيفي في مدينة نيويورك.
تقول كيت بريندر، وهي خريجة كلية برنارد المتخصصة في الفيزياء الفلكية وعملت في وظيفة شبه قانونية قبل الالتحاق ببرنامج بروكلين «كانت تجربة رائعة. كثيرا ما أحببت المنطق، ولكنني فوجئت بالقدر الذي أحببت به ذلك. حتى أنني ظننت أنني مبتدئة، أعرف أن ذلك هو ما أود القيام به».
وبعد شهر من التخرج – عندما بدأ نصف الطلاب في الفصل الدراسي خاصتها في وظائف جديدة – كانت السيدة بريندر لا تزال في المقابلات الشخصية ولكن ذلك لم يثبط من عزيمتها.. وقالت: «لدي 3 مقابلات شخصية الأسبوع المقبل. ويحتاج الأمر مقابلة واحدة فقط».
* خدمة «نيويورك تايمز»



كلية الطب في بيروت... 150 عاماً من النجاحات

كلية الطب في بيروت... 150 عاماً من النجاحات
TT

كلية الطب في بيروت... 150 عاماً من النجاحات

كلية الطب في بيروت... 150 عاماً من النجاحات

التحدث عن كلية الطب في «الجامعة الأميركية» وما حققته من إنجازات وتطورات منذ تأسيسها عام 1867 لا يمكن تلخيصه بمقال؛ فهذه الكلية التي تحتل اليوم المركز الأول في عالم الطب والأبحاث في العالم العربي والمرتبة 250 بين دول العالم بالاعتماد على QS Ranking، استطاعت أن تسبق زمنها من خلال رؤيا مستقبلية وضعها القيمون عليها، وفي مقدمتهم الدكتور محمد صايغ نائب الرئيس التنفيذي لشؤون الطب والاستراتيجية الدولية وعميد كلية الطب في الجامعة الأميركية، الذي أطلق في عام 2010 «رؤيا (2020)»، وهي بمثابة خطة طموحة أسهمت في نقل الكلية والمركز الطبي إلى المقدمة ووضعهما في المركز الأول على مستوى المنطقة.

رؤية 2025

اليوم ومع مرور 150 عاماً على تأسيسها (احتفلت به أخيراً) ما زالت كلية الطب في «الجامعة الأميركية» تسابق عصرها من خلال إنجازات قيمة تعمل على تحقيقها بين اليوم والغد خوّلتها منافسة جامعات عالمية كـ«هارفرد» و«هوبكينز» وغيرهما. وقد وضعت الجامعة رؤيا جديدة لها منذ يوليو (تموز) في عام 2017 حملت عنوان «رؤية 2025»، وهي لا تقتصر فقط على تحسين مجالات التعليم والطبابة والتمريض بل تطال أيضاً الناحية الإنسانية.
«هي خطة بدأنا في تحقيقها أخيراً بحيث نستبق العلاج قبل وقوع المريض في براثن المرض، وبذلك نستطيع أن نؤمن صحة مجتمع بأكمله». يقول الدكتور محمد صايغ. ويضيف خلال حديثه لـ«الشرق الأوسط»: «لا نريد أن ننتظر وصول وفود المرضى إلى مركزنا الطبي كي نهتم بهم، بل إننا نعنى بتوعية المريض قبل إصابته بالمرض وحمايته منه من خلال حملات توعوية تطال جميع شرائح المجتمع. كما أننا نطمح إلى إيصال هذه الخطة إلى خارج لبنان لنغطي أكبر مساحات ممكنة من مجتمعنا العربي».
تأسَّسَت كلية الطب في الجامعة الأميركية في بيروت عام 1867، وتعمل وفقاً لميثاق صادر من ولاية نيويورك بالولايات المتحدة الأميركية، ويقوم على إدارتها مجلس أمناء خاص ومستقل.
وتسعى الكلية لإيجاد الفرص التي تمكن طلبتها من تنمية روح المبادرة، وتطوير قدراتهم الإبداعية واكتساب مهارات القيادة المهنية، وذلك من خلال المشاركة في الندوات العلمية والتطبيقات الكلينيكية العملية مما يُسهِم في تعليم وتدريب وتخريج أطباء اختصاصيين.
وملحَق بكلية الطب في الجامعة الأميركية في بيروت مركز طبي يضم أقساماً للأمراض الباطنية والجراحة والأطفال وأمراض النساء والتوليد ‏والطب النفسي. كما يقدم المركز الطبي خدمات الرعاية الصحية المتكاملة في كثير من مجالات الاختصاص، وبرامج للتدريب على التمريض وغيرها ‏من المهن المرتبطة بالطب.

اعتمادات دولية

منذ عام 1902، دأب المركز الطبي في الجامعة الأميركية في بيروت على توفير أعلى معايير الرعاية للمرضى في مختلف أنحاء لبنان والمنطقة. وهو أيضاً المركز الطبي التعليمي التابع لكلية الطب في الجامعة الأميركية في بيروت التي درّبت أجيالاً من طلاب الطب وخريجيها المنتشرين في المؤسسات الرائدة في كل أنحاء العالم. المركز الطبي في الجامعة الأميركية في بيروت هو المؤسسة الطبية الوحيدة في الشرق الأوسط التي حازت على خمس شهادات اعتماد دولية وهي JCI)، وMagnet، وCAP، وACGME - I و(JACIE مما يشكّل دليلاً على اعتماد المركز أعلى معايير الرعاية الصحية المتمحورة حول المريض والتمريض وعلم الأمراض والخدمات المخبرية والتعليم الطبي والدراسات العليا. وقد خرَّجَت كلية الطب أكثر من أربعة آلاف طالب وطبيب. وتقدم مدرسة رفيق الحريري للتمريض تعليماً متميزاً للعاملين في مجال التمريض، ويلبي المركز الطبي احتياجات الرعاية الصحية لأكثر من 360 ألف مريض سنوياً.
ويتألف المركز من عدد من مراكز الامتياز كمركز سرطان الأطفال التابع لمستشفى «سانت جود» البحثي في ولايتي ممفيس وتينيسي. كما تتضمن برنامج باسيل لأورام البالغين وفيه وحدة لزرع نخاع العظام، إضافة إلى مراكز طب الأعصاب المختلفة وأمراض القلب والأوعية الدموية ومركز للرعاية الصحية للنساء.
«هناك استثمارات تلامس نحو 400 مليون دولار رصدت من أجل بناء البنية التحتية اللازمة للمركز الطبي مع مشروع افتتاح عدة مبانٍ وأقسام جديدة خاصة بأمراض السرطان وأخرى تتعلق بالأطفال، إضافة إلى نقلة نوعية من خلال زيادة عدد الأسرة لتلبية الحاجات الصحية المختلفة لمرضانا»، كما أوضح د. صايغ في سياق حديثه.

تبرعات للمحتاجين

يعمل المركز الطبي على تأمين العلاج المجاني لأمراض مستعصية من خلال تأسيس صناديق تبرُّع للمحتاجين، هدفها تأمين العلاج لذوي الدخل المحدود. وهي تخصص سنوياً مبلغ 10 ملايين دولار لمساعدة هذه الشريحة من الناس التي تفتقر إلى الإمكانيات المادية اللازمة للعلاج.
وينظم المركز الطبي مؤتمراً سنوياً ودورات وورش عمل (MEMA) تتناول مواضيع مختلفة كطب الصراعات ومواضيع أخرى كصحة المرأة، والصحة العقلية، وعبء السرطان وغسل الكلى أثناء الصراع وتدريب وتثقيف المهنيين الصحيين للتعامل مع تحديات العناية بأفراد المجتمع.
تُعدّ كلية الطب في الجامعة الأميركية السباقة إلى تأمين برنامج تعليمي أكاديمي مباشر لطلابها، بحيث يطبقون ما يدرسونه مباشرة على الأرض في أروقة المركز الطبي التابع لها.
ويرى الدكتور محمد صايغ أن عودة نحو 180 طبيباً لبنانياً عالمياً من خريجيها إلى أحضانها بعد مسيرة غنية لهم في جامعات ومراكز علاج ومستشفيات عالمية هو إنجاز بحد ذاته. «ليس هناك من مؤسسة في لبنان استطاعت أن تقوم بهذا الإنجاز من قبل بحيث أعدنا هذا العدد من الأطباء إلى حرم الكلية وأنا من بينهم، إذ عملت نحو 25 عاماً في جامعة (هارفرد)، ولم أتردد في العودة إلى وطني للمشاركة في نهضته في عالم الطب». يوضح دكتور محمد صايغ لـ«الشرق الأوسط».

رائدة في المنطقة

أبهرت كلية الطب في الجامعة الأميركية العالم بإنجازاتها على الصعيدين التعليمي والعلاجي، ففي عام 1925. تخرجت فيها أول امرأة في علم الصيدلة (سارة ليفي) في العالم العربي، وبعد سنوات قليلة (1931) كان موعدها مع تخريج أول امرأة في عالم الطب (ادما أبو شديد). وبين عامي 1975 و1991 لعبت دوراً أساسياً في معالجة ضحايا الحرب اللبنانية فعالج قسم الطوارئ لديها في ظرف عام واحد (1976 - 1977) أكثر من 8000 جريح. وفي عام 2014 تلقت إحدى أضخم التبرعات المالية (32 مليون دولار) لدعم المركز الطبي فيها وتوسيعه.
كما لمع اسمها في إنجازات طبية كثيرة، لا سيما في أمراض القلب، فكان أحد أطبائها (دكتور إبراهيم داغر) أول من قام بعملية القلب المفتوح في العالم العربي، في عام 1958. وفي عام 2009، أجرت أولى عمليات زرع قلب اصطناعي في لبنان، وفي عام 2017 أحرز فريقها الطبي أول إنجاز من نوعه عربياً في أمراض القلب للأطفال، عندما نجح في زرع قلب طبيعي لطفل.
كما تصدرت المركز الأول عربياً في عالم الطب لثلاث سنوات متتالية (2014 - 2017) وحازت على جوائز كثيرة بينها «الجائزة الدولية في طب الطوارئ» و«جائزة عبد الحميد شومان» عن الأبحاث العربية، و«جائزة حمدان لأفضل كلية طبية في العالم العربي» لدورها في التعليم الطبي لعامي 2001 – 2002.


جامعة ياغيلونيا البولونية... احتلها النازيون فأسست مؤسسة تعليمية سرية مناهضة

جامعة ياغيلونيا البولونية... احتلها النازيون فأسست مؤسسة تعليمية سرية مناهضة
TT

جامعة ياغيلونيا البولونية... احتلها النازيون فأسست مؤسسة تعليمية سرية مناهضة

جامعة ياغيلونيا البولونية... احتلها النازيون فأسست مؤسسة تعليمية سرية مناهضة

تم تصنيف جامعة ياغيلونيا في مدينة كراكوف البولندية كأفضل مؤسسة تعليمية جامعية في البلاد، إلى جانب كونها واحدة من أعرق الجامعات في العالم. بدأت قصتها عام 1364 عندما نجح الملك كازيمير الأعظم بعد سنوات طويلة في إقناع البابا أوربان الخامس بمنح تصريح لإنشاء مؤسسة للتعليم الجامعي في مدينة كراكوف، قام الملك بتمويلها بعائدات مناجم فياليتشكا الملحية القريبة.
بعد ثلاث سنوات كان الجرس يدق في أرجاء المؤسسة معلناً عن بدء الدروس والتي كانت في الفلسفة والقانون والطب. وبدأت الجامعة، التي كان أول اسم يطلق عليها هو أكاديمية كراكوف، في الازدهار والنجاح خلال القرن التالي عندما بدأت في تدريس الرياضيات واللاهوت والفلك، حيث جذبت تلك المواد الباحثين والدارسين البارزين من مختلف أنحاء أوروبا. وتطلب توسعها بخطى سريعة إنشاء حرم جامعي أكبر. وقد التحق نيكولاس كوبرنيكوس، الذي أحدث بعد ذلك ثورة في فهم الكون، بالجامعة منذ عام 1491 حتى 1495.
مع ذلك، لم يستمر ما حققته الجامعة من نجاح وازدهار لمدة طويلة كما يحدث طوال تاريخ بولندا؛ ففي عام 1939 احتل النازيون مدينة كراكوف وألقوا القبض على الأساتذة بالجامعة وقاموا بنقلهم إلى معسكري التعذيب زاكزينهاوسين، وداخاو؛ ولم يعد الكثيرون، لكن من فعلوا ساعدوا في تأسيس جامعة مناهضة سرية ظلت تعمل حتى نهاية الحرب. كذلك اضطلعت جامعة ياغيلونيا بدور في الاحتجاجات المناهضة للنظام الشمولي في الستينات والثمانينات، واستعادت حالياً مكانتها المرموقة كمؤسسة لتدريب وتعليم النخبة المتعلمة المثقفة في بولندا.
ساعد انضمام بولندا إلى الاتحاد الأوروبي عام 2004 في زيادة موارد الجامعة، وفتح أقسام جديدة، وإنشاء مرافق أفضل منها ما يسمى بـ«الحرم الجامعي الثالث» أو «الحرم الجامعي للذكرى الـ600» في منطقة بيخوفيسه. وبلغ عدد الملتحقين بالجامعة في 87 برنامجا دراسيا خلال العام الدراسي 2015-2016 47.494 طالباً.
وطوال قرون التحق خلالها عدد كبير من الطلبة بالجامعة، كان التحاق أول طالبة بالجامعة يمثل حدثاً بارزاً، حيث قامت فتاة تدعى نوفويكا، بالتسجيل في الجامعة قبل السماح للفتيات بالالتحاق بالجامعة بنحو 500 عام، وكان ذلك عام 1897، وتمكنت من فعل ذلك بالتنكر في زي شاب، وكانت الفترة التي قضتها في الدراسة بالجامعة تسبق الفترة التي قضاها زميل آخر لحق بها بعد نحو قرن، وكان من أشهر خريجي الجامعة، وهو نيكولاس كوبرنيكوس، الذي انضم إلى مجموعة عام 1492، وربما يشتهر كوبرنيكوس، الذي يعد مؤسس علم الفلك الحديث، بكونه أول من يؤكد أن الأرض تدور حول الشمس، وهو استنتاج توصل إليه أثناء دراسته في الجامعة، ولم ينشره إلا قبل وفاته ببضعة أشهر خوفاً من الإعدام حرقاً على العمود. من الطلبة الآخرين المميزين كارول فويتيالا، والذي يعرف باسم البابا يوحنا بولس الثاني، الذي درس في قسم فقه اللغة التاريخي والمقارن بالجامعة.


«شمعة»... قاعدة بيانات مجانية للبحوث التربوية في 17 دولة عربية

لائحة قاعدة البيانات ببوابة «شمعة»
لائحة قاعدة البيانات ببوابة «شمعة»
TT

«شمعة»... قاعدة بيانات مجانية للبحوث التربوية في 17 دولة عربية

لائحة قاعدة البيانات ببوابة «شمعة»
لائحة قاعدة البيانات ببوابة «شمعة»

يقضي الباحثون في العالم العربي أوقاتاً من البحث المضني عن المراجع الإلكترونية التي تساعدهم في تحقيق أغراضهم البحثية. ويدرك هذه المشقة الباحثون الساعون للحصول على درجة الماجستير أو الدكتوراه، فإذا لم يكن لديه إمكانية الدخول إلى قواعد البيانات العلمية العالمية عبر إحدى المكتبات الكبرى، التي عادة لا تتاح كاملة أيضاً، فإن عملية البحث سوف تكلفه آلاف الدولارات لمتابعة والوصول لأحدث الأوراق العلمية المتصلة بمجال بحثه، أو أن مسح التراث العلمي سيتوقف لديه على المراجع الورقية.
بينما يحظى الباحثون في مجال البحوث التربوية بوجود «شمعة»، وهي شبكة المعلومات العربية التربوية (www.shamaa.org) التي توفر لهم أحدث البحوث والدوريات المحكمة من مختلف الجامعات العربية، وبثلاث لغات، هي: العربية، والفرنسية، والإنجليزية مجاناً.
تأسست «شمعة» عام 2007 في بيروت كقاعدة معلومات إلكترونية، لا تبغي الربح، توثق الدراسات التربوية الصادرة في البلدان العربية في مجمل ميادين التربية، من كتب ومقالات وتقارير ورسائل جامعية (الماجستير والدكتوراه) وتتيحها مجاناً للباحثين والمهتمين بالدراسات التربوية. تتميز «شمعة» بواجهة إلكترونية غاية في التنظيم والدقة، حيث يمكنك البحث عن مقال أو أطروحة أو كتاب أو فصل أو عدد أو تقرير. فضلاً عن تبويب وفهرسة رائعة، إذ تشتمل اليوم على أكثر من 36000 ألف دراسة، موزعة بنسبة 87 في المائة دراسات عربية، و11 في المائة دراسات بالإنجليزية و2 في المائة بالفرنسية، وهي دراسات عن العالم العربي من 135 جامعة حول العالم، فيما يخص الشأن التربوي والتعليم، إضافة لأقسام خاصة بتنفيذ مشاريع في التربية كورش تدريبية ومؤتمرات.
لا تتبع «شمعة» أي جهة حكومية، بل تخضع لإشراف مجلس أمناء عربي مؤلف من شخصيات عربية مرموقة من ميادين مختلفة، وبخاصة من الحقل التربوي. وهم: د. حسن علي الإبراهيم (رئيساً)، وسلوى السنيورة بعاصيري كرئيسة للجنة التنفيذية، وبسمة شباني (أمينة السر)، والدكتور عدنان الأمين (أمين الصندوق) مستشار التعليم العالي في مكتب اليونيسكو، وهو أول من أطلق فكرة إنشاء «شمعة» ورئيسها لمدة 9 سنوات.
تستمر «شمعة» بخدمة البحث التربوي بفضل كل من يدعمها من أفراد ومؤسّسات ومتطوعين، حيث تحتفل بالذكرى العاشرة لانطلاقتها (2007 - 2017)، وهي تعمل حاليا على إصدار كتيب يروي مسيرة العشر سنوات الأولى. وقد وصل عدد زائريها إلى نحو 35 ألف زائر شهرياً، بعد أن كانوا نحو ألفي زائر فقط في عام 2008.
تواصلت «الشرق الأوسط» مع المديرة التنفيذية لبوابة «شمعة» ببيروت د. ريتا معلوف، للوقوف على حجم مشاركات الباحثين العرب، وهل يقومون بمدّ البوابة بعدد جيّد من الأبحاث والدراسات، أم لا تزال المعدلات أقل من التوقعات؟ فأجابت: «تغطّي (شمعة) الدراسات التربوية الصّادرة في 17 دولة عربيّة بنسب متفاوتة. ولا شك أن حجم مشاركات الباحثين العرب بمد (شمعة) بالدراسات قد ارتفع مع الوقت، خصوصاً مع توّفر وسائل تكنولوجيا المعلومات والاتصالات التي سهّلت لهم عملية المشاركة».
وحول طرق تزويد «شمعة» بالأبحاث والدراسات، أوضحت معلوف أن ذلك يتم من خلال عدّة طرق، وهي: «توقيع اتفاقات شراكة مع كليات التربية في الجامعات العربية والمجلات التربوية المحكمة ومراكز الأبحاث التي تعنى بالتربية والتعليم، كما تتيح اتفاقية تعاون مع مركز المعلومات للموارد التربوية (إريك) (ERIC) تزويد (شمعة) بالدراسات الصادرة باللغة الإنجليزية من الدول العربية أو من باحثين عرب. ونعتبر أن الشراكة مع (إريك) هي خطوة كبيرة ومن أهم الإنجازات كمؤسسة عربية، وأيضاً من خلال اشتراكات بالمجلات الورقية التربوية المحكمة العربية، أو عبر الدراسات المتاحة إلكترونياً على شبكة الإنترنت بالمجان أي عبر مصادر الوصول الحر للمعلومات (Open Access)».
وتضيف: «الجدير بالذكر أيضاً أن (شمعة) وقعت اتفاقية من مستوى عالمي مع شركة (EBSCO Discovery Service EDS) التي تعتبر من أهم موزعي قواعد المعلومات في العالم العربي والغربي».
وتوضح معلوف أنه «يمكن تزويد (شمعة) بالدراسات مباشرة من الباحث عبر استمارة متوافرة على موقع (شمعة)، حيث يقوم الفريق التقني من التأكد من توافقها مع معايير القبول في (شمعة) قبل إدراجها في قاعدة المعلومات».
وحول ما إذا كان الباحثون العرب لديهم ثقافة التعاون الأكاديمي، أم أن الخوف من السرقات العلمية يشكل حاجزاً أمام نمو المجتمع البحثي العلمي العربي، قالت د. ريتا معلوف: «رغم أن مشاركة نتائج الأبحاث مع الآخرين ما زالت تخيف بعض الباحثين العرب، إلا أنه نلمس تقدماً ملحوظاً في هذا الموضوع، خصوصاً أن عدد الدراسات المتوافرة إلكترونياً على شبكة الإنترنت في السنين الأخيرة ارتفع كثيراً مقارنة مع بدايات (شمعة) في 2007، إذ تبلغ حالياً نسبة الدراسات المتوافرة مع نصوصها الكاملة 61 في المائة في (شمعة). فكلما تدنّى مستوى الخوف لدى الباحثين، كلما ارتفعت نسبة الدراسات والأبحاث الإلكترونيّة. وكلما ارتفعت نسبة الدراسات الإلكترونية على شبكة الإنترنت، كلما انخفضت نسبة السرقة الأدبية. تحرص (شمعة) على نشر هذا الوعي من خلال البرامج التدريبية التي تطورّها وورش العمل التي تنظمها لطلاب الماستر والدكتوراه في كليات التربية، والتي تبيّن فيها أهمية مشاركة الأبحاث والدراسات العلمية مع الآخرين».
وحول أهداف «شمعة» في العشر سنوات المقبلة، تؤكد د. ريتا معلوف: «(شمعة) هي القاعدة المعلومات العربية التربوية الأولى المجانية التي توّثق الإنتاج الفكري التربوي في أو عن البلدان العربية. ومؤخراً بدأت (شمعة) تلعب دوراً مهماً في تحسين نوعية الأبحاث التربوية في العالم العربي من خلال النشاطات والمشاريع البحثية التي تنفذها. وبالتالي، لم تعدّ تكتفي بأن تكون فقط مرجعيّة يعتمدها الباحثون التربويون وكلّ من يهتمّ في المجال التربوي عبر تجميع الدراسات وإتاحتها لهم إلكترونيّاً؛ بل تتطلّع لتطوير الأبحاث التربوية العلمية، وذلك لبناء مجتمع تربوي عربي لا يقلّ أهمية عن المجتمعات الأجنبية».