«كورونا» يخنق النمو الاقتصادي في أفريقيا

«صندوق النقد» يخفض توقعاته لنيجيريا

خفض صندوق النقد توقعاته للنمو الاقتصادي في نيجيريا بسبب آثار انتشار كورونا وتراجع أسعار النفط (رويترز)
خفض صندوق النقد توقعاته للنمو الاقتصادي في نيجيريا بسبب آثار انتشار كورونا وتراجع أسعار النفط (رويترز)
TT

«كورونا» يخنق النمو الاقتصادي في أفريقيا

خفض صندوق النقد توقعاته للنمو الاقتصادي في نيجيريا بسبب آثار انتشار كورونا وتراجع أسعار النفط (رويترز)
خفض صندوق النقد توقعاته للنمو الاقتصادي في نيجيريا بسبب آثار انتشار كورونا وتراجع أسعار النفط (رويترز)

سلّطت صحيفة «فايننشال تايمز» البريطانية الضوء على استعداد الاقتصادات المعتمدة على الموارد الأفريقية لتباطؤ النمو، وذلك في ضوء الضربة القاضية التي وجّهها فيروس «كورونا» لعمليات الطلب والشراء من الصين، التي تُعدّ أحد أكبر المشترين في أفريقيا، ما أدى إلى انخفاض أسعار النفط، ودفع «صندوق النقد الدولي» إلى خفض توقعاته للنمو في نيجيريا التي تمثل أكبر اقتصاد في القارة.
وذكرت الصحيفة في تقرير، أمس (الأربعاء)، أن «صندوق النقد الدولي» خفض توقعاته للنمو الاقتصادي في نيجيريا، واستشهد بتراجع أسعار النفط، وحثّ أبوجا على تنويع مصادر اقتصادها الذي يعتمد على النفط.
وخفض «صندوق النقد الدولي» توقعاته للنمو في نيجيريا هذا العام من 2.5 في المائة إلى 2.0 في المائة، وهو ما يعكس مخاوف من أن تفشي فيروس «كورونا» في الصين سيُلحق ضرراً بالطلب على النفط.
وتعاني نيجيريا من نمو منخفض منذ أن خرجت من ركود قبل أربع سنوات. وتعهد الرئيس محمد بخاري، الذي بدأ فترة ولاية ثانية مدتها أربع سنوات في مايو (أيار) الماضي، بإحياء الاقتصاد، لكن المستثمرين ينتظرون سياسات.
وارتفع النمو في نيجيريا إلى معدل سنوي 2.28 في المائة في الربع الثالث من 2019، بعد أن ارتفع إنتاجها من النفط الخام، أهم صادراتها، إلى أعلى مستوى في أكثر من ثلاث سنوات.
لكن أسعار النفط تراجعت الثلاثاء عن 57 دولاراً للبرميل متضررة من مخاوف من أن انتشار فيروس «كورونا» قد يلحق ضرراً بالطلب على الخام في الصين، ومع عدم اتخاذ «أوبك» وحلفائها المزيد من الإجراءات لدعم السوق. وقال صندوق النقد الدولي إن النمو ما زال يتعافى، لكن التضخم يتزايد، وهو ما سيضعف، إلى جانب صدمات خارجية، احتياطيات نيجيريا من النقد الأجنبي.
وقال مكتب الإحصاء في نيجيريا، أول من أمس (الثلاثاء)، إن التضخم زاد إلى 12.13 في المائة في يناير (كانون الثاني) الماضي، وهو أعلى مستوى له في نحو عامين، ومواصلاً الارتفاع لخامس شهر على التوالي.
وقال «صندوق النقد» في بيان عقب مشاورات مع مسؤولين من الحكومة و«البنك المركزي» وممثلين للبنوك والقطاع الخاص إنه من الضروري تنفيذ «إصلاحات هيكلية لتعزيز نمو شامل».
وفي تقريرها، أوضحت «فاينانشال تايمز» أن النفط لا يزال يوفر أكثر من نصف إيرادات الحكومة النيجيرية، و94 في المائة من عملاتها الأجنبية، لافتة إلى تراجع أسعار النفط بنحو 13 في المائة هذا العام، بسبب انخفاض الطلب الصيني، مما يعكس تباطؤ النشاط الاقتصادي بسبب تفشي فيروس «كورونا».
ونقلت الصحيفة البريطانية عن جون آشبورن، الخبير الاقتصادي في مؤسسة «كابيتال إيكونوميكس»، قوله إن «نيجيريا لا تصدّر كثيراً من النفط إلى الصين، لكن انخفاض أسعار النفط بمقدار 10 دولارات يكلف نيجيريا نحو 500 مليون دولار شهرياً من عائدات التصدير».
وقال هاري برودمان، رئيس ممارسة الأسواق الناشئة، في مجموعة «بيركلي» للأبحاث الأميركية، إن «تأثر محرك الصين الاقتصادي وتوجهه نحو الانخفاض بسبب فيروس (كورونا)، وباعتبارها مشترياً رئيسياً للموارد الطبيعية من القارة الأفريقية يمكن أن يكون له تأثير عميق على عدد لا بأس به من الاقتصادات الأفريقية».
وتوقعت الصحيفة أن يكون تأثير فيروس «كورونا» بمثابة ضربة أخرى للبلدان الأفريقية التي يعرفها «صندوق النقد الدولي» بأنها كثيرة الاستهلاك للموارد، البالغ عددها 21 دولة، التي قال الصندوق عنها، في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، إن نموها سيشهد «تحركاً ببطء»، بمعدل 2.5 في المائة، لافتة إلى أن تباطؤ اقتصاد بكين وجّه ضربة بالفعل إلى التجارة بين أفريقيا والصين، التي ارتفعت بنسبة 2.2 في المائة، العام الماضي، لتصل إلى 208.7 مليار دولار، مقارنة بارتفاع قدره 20 في المائة في العام السابق.
واختتمت «فايننشال تايمز»، تقريرها بالقول: إنه يمكن أن تتعرض بلدان أخرى في القارة لضربة أكبر، ووفقاً للبيانات الصادرة عن مرصد التعقيد الاقتصادي، وهو جزء من مختبر وسائل الإعلام في معهد «ماساتشوستس للتكنولوجيا»، في حين أن الصين تستهلك ما يزيد قليلاً على الواحد في المائة من النفط النيجيري، يمثل المشترون الصينيون 95 في المائة من صادرات جنوب السودان و61 في المائة من أنغولا عام 2017 في شكل نفط خام.



إردوغان يعرض وساطة لحل الخلاف بين السودان والإمارات

من لقاء سابق بين إردوغان والبرهان في أنقرة (الرئاسة التركية)
من لقاء سابق بين إردوغان والبرهان في أنقرة (الرئاسة التركية)
TT

إردوغان يعرض وساطة لحل الخلاف بين السودان والإمارات

من لقاء سابق بين إردوغان والبرهان في أنقرة (الرئاسة التركية)
من لقاء سابق بين إردوغان والبرهان في أنقرة (الرئاسة التركية)

عرض الرئيس التركي رجب طيب إردوغان وساطة بلاده لحل الخلاف بين السودان ودولة الإمارات العربية المتحدة على غرار ما قامت به لتسوية الأزمة بين الصومال وإثيوبيا حول اتفاق الأخيرة مع إقليم أرض الصومال على استخدام ساحلها على البحر الأحمر.

وقال إردوغان، في اتصال هاتفي، الجمعة، مع رئيس مجلس السيادة السوداني عبد الفتاح البرهان، إن «بإمكان تركيا التوسط لحل الخلاف بين السودان ودولة الإمارات العربية المتحدة». وبحسب بيان للرئاسة التركية، تناول إردوغان مع البرهان، خلال الاتصال الهاتفي، العلاقات بين تركيا والسودان، وقضايا إقليمية وعالمية، وأكد أن تحقيق السلام والاستقرار في السودان والحفاظ على وحدة أراضيه وسيادته ومنع تحوله إلى ساحة للتدخلات الخارجية، من المبادئ الأساسية لتركيا.

ولفت إردوغان، بحسب البيان، إلى أن تركيا توسطت لحل الخلاف بين الصومال وإثيوبيا، وأن الاتفاق بين البلدين سيساهم في السلام بالمنطقة.

اتهامات متبادلة

ودأب قادة الجيش السوداني على اتهام دولة الإمارات العربية المتحدة، بدعم قوات «الدعم السريع» وتزويدها بالأسلحة والمعدات. وتقدم مندوب السودان في الأمم المتحدة الحارث إدريس الحارث، بشكوى رسمية ضدها، واتهمها بالتخطيط لإشعال الحرب ودعم «قوات الدعم السريع» بمساعدة من تشاد، طالباً إدانتها، بيد أن أبوظبي فندت تلك الاتهامات ووصفتها بأنها "ادعاءات لا أساس لها من الصحة، وتفتقر للأدلة الموثوقة.

وفي المقابل وجهت دولة الإمارات رسالة إلى مجلس الأمن في 21 أبريل (نيسان)، شددت خلالها على أن نشر المعلومات المضللة والروايات الزائفة، يرمي إلى التهرب من المسؤولية، وتقويض الجهود الدولية الرامية إلى معالجة الأزمة الإنسانية في السودان بعد عام من الصراع بين الجيش و«قوات الدعم السريع». وأكدت أنها «ستظل ملتزمة بدعم الحل السلمي للصراع في السودان، ودعم أي عملية تهدف إلى وضع السودان على المسار السياسي للتوصل إلى تسوية دائمة، وتحقيق توافق وطني لتشكيل حكومة بقيادة مدنية».

الشيخ محمد بن زايد وعبد الفتاح البرهان في أبو ظبي 14 فبراير (أ.ف.ب)

وفي يوليو (تموز) الماضي، بحث رئيس الإمارات، الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، في اتصال هاتفي، مع رئيس مجلس السيادة السوداني، عبد الفتاح البرهان، «سبل دعم السودان للخروج من الأزمة التي يمر بها»، وأكد حرص دولة الإمارات على دعم جميع الحلول والمبادرات الرامية إلى وقف التصعيد وإنهاء الأزمة في السودان.

تعهدات تركية للبرهان

ووفقاً لنشرة صحافية صادرة عن مجلس السيادة السوداني، فإن الرئيس إردوغان تعهد للبرهان باستمرار تدفق المساعدات الإنسانية التركية للسودان، وباستئناف عمل الخطوط الجوية التركية قريباً، وباستعداد بلاده لتعزيز العلاقات الدبلوماسية بين البلدين، والتعاون في الزراعة والتعدين.

وذكر السيادي أن البرهان أشاد بمواقف تركيا «الداعمة للسودان»، وجهودها من أجل السلام والاستقرار في المنطقة والإقليم، ودورها في معالجة الكثير من القضايا الإقليمية والدولية، ودورها في الملف السوري، مبدياً ترحيبه بأي دور تركي لوقف الحرب «التي تسببت فيها ميليشيا الدعم السريع المتمردة». ودعا البرهان لتعزيز الاستثمارات التركية في مختلف المجالات، مؤكداً ثقته في مواقف الرئيس التركي رجب طيب إردوغان وحكومته الداعمة للشعب السوداني وخياراته.

ويرى مراقبون أن الاتصال الهاتفي بين إردوغان والبرهان في هذا التوقيت يأتي في ظل متغيرات وترتيبات جديدة في المنطقة تشمل السودان، بعد سقوط نظام بشار الأسد في سوريا.

ومنذ منتصف أبريل (نيسان) 2023، يخوض الجيش السوداني البرهان، و«قوات الدعم السريع» بقيادة محمد حمدان دقلو (حميدتي)، حرباً خلفت أكثر من 20 ألف قتيل، وما يزيد على 14 مليون نازح ولاجئ، وفق تقديرات الأمم المتحدة والسلطات المحلية.

حضور تركي في القرن الأفريقي

وقطعت تركيا، الأربعاء الماضي، خطوة كبيرة على طريق حل النزاع بين الصومال وإثيوبيا، بعد جولات من المباحثات بين الطرفين في إطار ما عرف بـ«عملية أنقرة»، يراها مراقبون ترسيخاً للحضور التركي القوي في منطقة القرن الأفريقي.

إردوغان يتوسط الرئيس الصومالي ورئيس الوزراء الإثيوبي خلال مؤتمر صحافي في أنقرة مساء الأربعاء الماضي (الرئاسة التركية)

وأعلن الرئيس الصومالي، حسن شيخ محمود، ورئيس الوزراء الصومالي، آبي أحمد، في مؤتمر صحافي مع إردوغان مساء الأربعاء، أعقب 8 ساعات من المفاوضات الماراثونية سبقتها جولتان من المفاوضات في أنقرة في الأشهر الماضية، أنهما قررا بدء المفاوضات الفنية بحسن نية بحلول نهاية فبراير (شباط) 2025 على أبعد تقدير، والتوصل إلى نتيجة منها والتوقيع على اتفاق في غضون 4 أشهر، بحسب ما ورد في «إعلان أنقرة». وقبل الطرفان العمل معاً على حل نزاع حول خطة أديس أبابا لبناء ميناء في منطقة أرض الصومال الانفصالية، التي تسببت في زيادة زعزعة استقرار منطقة القرن الأفريقي.

وقال إردوغان إن البلدين الجارين توصلا، في ختام مفاوضات جرت بوساطته في أنقرة، إلى اتفاق «تاريخي» ينهي التوترات بينهما.

وبحسب نص إعلان أنقرة، الذي نشرته تركيا، اتفق البلدان على «التخلّي عن الخلافات في الرأي والقضايا الخلافية، والتقدّم بحزم في التعاون نحو رخاء مشترك، والعمل باتجاه إقرار إبرام اتفاقيات تجارية وثنائية من شأنها أن تضمن لإثيوبيا وصولاً إلى البحر «موثوقاً به وآمناً ومستداماً تحت السلطة السيادية لجمهورية الصومال الفيدرالية».

وأعرب إردوغان عن قناعته بأنّ الاتفاق سيضمن وصول إثيوبيا إلى البحر، قائلاً: «أعتقد أنه من خلال الاجتماع الذي عقدناه سيقدّم أخي شيخ محمود الدعم اللازم للوصول إلى البحر لإثيوبيا».

إردوغان مع الرئيس الصومالي ورئيس الوزراء الإثيوبي عقب توقيع إعلان أنقرة (الرئاسة التركية)

وتدخلت تركيا في النزاع بطلب من إثيوبيا، التي وقعت في الأول من يناير (كانون الثاني) الماضي اتفاقية مع منطقة «أرض الصومال»، التي أعلنت انفصالها عن الصومال عام 1991، لكن لم تحظ باعتراف المجتمع الدولي، وتشمل النقل البحري واستخدام ميناء بربرة على البحر الأحمر، واستغلال 20 كيلومتراً من ساحل أرض الصومال لمدة 50 عاماً مقابل الاعتراف باستقلالها عن الصومال، مع منحها حصة من شركة الخطوط الجوية الإثيوبية.

ترحيب دولي

ورحب وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، خلال لقائه إردوغان في أنقرة، ليل الخميس – الجمعة، بنجاح تركيا في التوصل إلى اتفاق بين الصومال وإثيوبيا. كما رحب الاتحاد الأوروبي بالاتفاق، وأشاد بدور الوساطة الذي لعبته تركيا بهذا الخصوص.

وترتبط تركيا بعلاقات قوية بإثيوبيا، كما أصبحت حليفاً وثيقاً للحكومة الصومالية في السنوات القليلة الماضية. وافتتحت عام 2017 أكبر قاعدة عسكرية لها في الخارج في مقديشو، وتقدم تدريباً للجيش والشرطة الصوماليين.

وبدأت في أواخر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي أنشطة المسح الزلزالي للنفط والغاز الطبيعي في 3 مناطق مرخصة في الصومال تمثل كل منها مساحة 5 آلاف كيلومتر مربع، بموجب مذكرة تفاهم وقعت بين البلدين في مارس (آذار) الماضي، لتطوير التعاون في مجال النفط والغاز الطبيعي.

وجاء توقيع المذكرة بعد شهر واحد من توقيع اتفاقية إطارية للتعاون الدفاعي والاقتصادي، تقدم تركيا بمقتضاها دعماً أمنياً بحرياً للصومال، لمساعدته في الدفاع عن مياهه الإقليمية لمدة 10 سنوات.