حذاء «نايكي» الجديد يضع رياضة العدو عند مفترق طرق

أي دور لعبته التكنولوجيا في المنافسات الأولمبية وتحقيق الأرقام القياسية العالمية؟

هل ساهم حذاء «فيبرفلاي» في الارتقاء بسرعة العدائين؟
هل ساهم حذاء «فيبرفلاي» في الارتقاء بسرعة العدائين؟
TT

حذاء «نايكي» الجديد يضع رياضة العدو عند مفترق طرق

هل ساهم حذاء «فيبرفلاي» في الارتقاء بسرعة العدائين؟
هل ساهم حذاء «فيبرفلاي» في الارتقاء بسرعة العدائين؟

من المنافسات الأولمبية إلى الأرقام القياسية العالمية وصولاً إلى السباقات الطريفة على مستوى الأحياء الصغيرة، تشهد تقنية حذاء «فيبرفلاي» ازدهاراً كبيراً على حساب روح رياضة العدو.
داخل المتنزه المحلي خلال سباق عدو بين سكان المنطقة أقيم خلال عطلة نهاية الأسبوع قبل السابق، كان هناك شاب عند خط البداية يرتدي حذاء «فيبرفلاي» الشهير الذي تنتجه شركة «نايكي». وبدا الشاب نفسه خجولاً، وتعمد تجاهل الهمهمات الحادة والإشارات والنظرات المحدقة في حذائه من نظرائه المشاركين معه في السباق. ونظراً للتصميم اللافت لكعب الحذاء وألوانه الغريبة، كان من الواضح أن «فيبرفلاي» ليس من نوعية الأحذية التي يمكنها الانصهار داخل الجموع دون أن تجذب أنظار أحد. وحتى داخل مساحة واسعة تضم 600 متسابق مجهول يتنافسون فيما بينهم في الجري، بدا صاحب حذاء «فيبرفلاي» أشبه برجل يرتدي سمكة استوائية لافتة في كل قدم، وظلت الأنظار متركزة عليه من حين لآخر. وانطلق السباق وانطلق معه الشاب صاحب حذاء «فيبرفلاي». وبعد دقائق اختفى الحذاء على مسافة بعيدة، وتركنا نحن أصحاب الأحذية الرياضية ذات الأسعار المعقولة خلفه في قلب موجة من الغبار تلف بنا.
بطبيعة الحال، من السهل الاستخفاف بمثل هذا الموقف عندما تكون المخاطرة التي تواجهها ضئيلة للغاية. وبالطبع المشاركة في سباق جري محلي طريف صباح يوم سبت بينما ترتدي حذاء رياضيا بقيمة 250 جنيهاً إسترلينياً، في مجمله أمر مضحك للغاية ويبدو شبيهاً بشخص يرتدي القميص الأصلي للنجم ليونيل ميسي في مباراة محلية خماسية (ويرحل عنها بينما يحمل كاحله الكثير من النتوءات المؤلمة تشبه النتوءات الموجودة بالجزء السفلي من الأحذية الرياضية).
والآن، ماذا يحدث عندما تكون المخاطرة أكبر؟ عندما تكون الجائزة التي يجري التنافس حولها ميدالية أولمبية ذهبية، وعندما يكون الجمهور عالميا وعندما تكون الهوامش قادرة على تغيير مسار حياة بأكملها؟ هل ينبغي أن تحمل إذن مواصفات الأحذية التي يرتديها المنافسون أهمية؟ وإذا كانت الإجابة لا، فلماذا؟.
في الواقع، هذه بعض التساؤلات التي واجهت رياضيين خلال الشهور الأخيرة. وتتجاوز هذه التساؤلات المستوى الأمثل لسمك منتصف الحذاء من ناحية أخمص القدم والمليء بالنتروجين أو ما إذا كان ينبغي السماح للوحين كربونيين بالتداخل. والمؤكد أن القواعد الأخلاقية الرياضية لا يمكن حسمها فقط من خلال العلم وحده، وبالمثل فإن تفاعلاتنا العاطفية مع رياضة العدو على درجة بالغة من الأهمية لا تسمح بأن يجري إملاؤها من جانب مسؤولين إداريين.
وبذلك نجد أن المسألة المتعلقة بحذاء «فيبرفلاي» الذي ابتكرته «نايك» -والنماذج الأخرى اللاحقة له- تضرب بجذورها في جوهر الفكرة التي تدور حولها رياضة العدو، أو ما ينبغي أن تكون.
والآن، أصبح واضحاً أمام القراء كيف أن الرياضيين الذين يرتدون «فيبرفلاي» يعملون منذ فترة في هدوء وسرعة على تغيير وجه رياضة الجري. جدير بالذكر أن 8 من أسرع سباقات ماراثون للرجال أو النساء على مر التاريخ أنجزت خلال الشهور الـ18 الأخيرة. وجدير بالذكر أنه في أكتوبر (تشرين الأول)، في فيينا، أصبح إليود كيبشودج أول رجل ينجز سباق ماراثون في أقل عن ساعتين. ومع أن النموذج الأولي لحذاء «فيبرفلاي» الذي ارتداه خلال السباق محظور حالياً، أعلن «الاتحاد الدولي لألعاب القوى» أن أحذية «فيبرفلاي» قانونية، وكذلك الأرقام القياسية التي سجلت بالاستعانة بها.
والنقطة الأولى التي ينبغي توضيحها هنا أن «نايكي» لم تفعل شيئا غير قانوني أو حتى جديدا. في الواقع، يعود تاريخ الاستعانة بصفائح الكربون في الأحذية الرياضية إلى بداية العقد الأول من القرن الحالي. ونجح العداء بول تيرغات في تحطيم الرقم القياسي العالمي لسباق ماراثون مرتدياً زوجاً من حذاء «فيلاس» عام 2003، وبالمثل، ليس هناك جديد في الاستعانة برغوة تتميز بكفاءة الطاقة، والتي كانت «أديداس» الرائد الأول لها منذ ما يقرب من عقد مضى. أما الخطوة الذكية الجديدة التي اتخذتها «نايكي» في تصميم «فيبرفلاي» فهي مزج تقنيات موجودة بالفعل في حذاء واحد أعاد صياغة شكل رياضة الجري لمسافات طويلة، وذلك بدعم من «الاتحاد الدولي لألعاب القوى». واليوم، أصبح لزاماً عليك إما الانضمام إلى سباق التسلح (هذا إذا نجحت في التفاوض مع كتيبة المحامين التابعين لـ«نايكي» والذين يحمون براءات اختراع الشركة بشراسة) أو مواجهة الخسارة.
وليس من الضروري أن تكون شخصاً مثالياً أو لديك حنين جارف للماضي كي تشرع في التساؤل حول ما يمكن أن تؤدي إليه هذه الرؤية لألعاب القوى نهاية الأمر. من وجهة نظر من يقفون في طليعة الثورة، تحمل الفترة الراهنة تحولات كبرى حقيقية وفرصة لإعادة رسم صورة ألعاب القوى كرياضة ترفيهية عالية القوة وقادرة على إصابة الجماهير بالذهول. جدير بالذكر أن كيبشودج سبق وأن أعلن بحماس شديد: «يجب أن نسير مع ركب التكنولوجيا»، وقارن بين الحذاء الجديد الذي ابتكرته «نايكي» ودور الشركات المصنعة لأطر السيارات في سباقات «فورمولا 1»، الأمر الذي يرسم ملامح صورة مختلفة تماماً عن صورة رياضة الجري التي نشأنا عليها. يوماً بعد آخر، لم تعد عجلة التقدم التكنولوجي مجرد عرض جانبي إضافي، وإنما أصبحت جزءاً أساسياً من المشهد ذاته.
ولا تقف وراء شكوانا هنا آيديولوجية بعينها أو موقف مناهض للتكنولوجيا، فنحن لا ندعو لعودة الجميع إلى مضامير السباق القديمة والأحذية الرياضية الكلاسيكية. وكذلك، فإننا لا نتحدث هنا عن التأثير السلبي لشركة «نايكي» على مجال ألعاب القوى، فنحن اليوم نعاين وقوع رياضة بأكملها تحت سيطرة شركة واحدة، ولا عن الإهدار البشري الحتمي لرياضيين لا يتوافقون من الناحية الفسيولوجية مع التكنولوجيا الجديدة أو يخضعون لرعاية شركات عاجزة عن محاكاة هذه التكنولوجيا أو ببساطة يفتقرون إلى القدرة المالية لشرائها. أيضاً، لا نتحدث عن الإهمال البيئي المروع الكامن وراء ضرورة التخلي عن حذاء بعد استخدامه لمسافة 200 ميل.
الفكرة الأساسية هنا أنه مثلما أنه لا أحد يقرأ رواية ما بهدف التمعن في شكل الكتابة، فإنه لا أحد يتابع ممارسي رياضات ألعاب القوى -التي تعد في كثير من الأوجه أقدم وأنقى الرياضات على الإطلاق- لإمعان النظر في الأحذية الرياضية التي يرتدونها.
كان علينا الخوض في تاريخ تطور هذه التكنولوجيا التي استخدمتها «نايكي» حتى الوصول إلى تصميم «فيبرفلاي» لنشعر وكأن ألعاب القوى أذعنت واستسلمت أمام الأخطبوط التسويقي التابع لـ«نايكي».
والتساؤل الآن، لو أنك مشارك في المجال الرياضي عام 2020 ولا تعمل بصورة ما على تيسير نشر التوجهات الاستهلاكية الطفيلية، هل يمكنك حينها الادعاء أنك موجود في الحياة؟ في وقت قديم مضى، قبل أن نسقط منهكين من فضائح تعاطي المنشطات المتوالية، كانت تسود فكرة أن ممارسي ألعاب القوى يمثلون أفضل ما فينا كجنس بشري، وأنهم مصدر إلهام لنا في حياتنا، وليس مجرد مصدر إلهام لتشجيعنا على شراء أحذية رياضية بعينها، وكانت رياضة الجري في جوهرها رياضة تسير حسب قوانين الجسد، وليس قوانين السوق.



مصر: قرارات «ضبط أداء الإعلام الرياضي» تثير تبايناً «سوشيالياً»

أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)
أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)
TT

مصر: قرارات «ضبط أداء الإعلام الرياضي» تثير تبايناً «سوشيالياً»

أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)
أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)

أثارت قرارات المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام في مصر لـ«ضبط أداء الإعلام الرياضي» تبايناً على «السوشيال ميديا»، الجمعة.

واعتمد «الأعلى لتنظيم الإعلام»، برئاسة خالد عبد العزيز، الخميس، توصيات «لجنة ضبط أداء الإعلام الرياضي»، التي تضمّنت «تحديد مدة البرنامج الرياضي الحواري بما لا يزيد على 90 دقيقة، وقصر مدة الاستوديو التحليلي للمباريات، محلية أو دولية، بما لا يزيد على ساعة، تتوزع قبل وبعد المباراة».

كما أوصت «اللجنة» بإلغاء فقرة تحليل الأداء التحكيمي بجميع أسمائها، سواء داخل البرامج الحوارية أو التحليلية أو أي برامج أخرى، التي تُعرض على جميع الوسائل الإعلامية المرئية والمسموعة والمواقع الإلكترونية والتطبيقات والمنصات الإلكترونية. فضلاً عن «عدم جواز البث المباشر للبرامج الرياضية بعد الساعة الثانية عشرة ليلًا (منتصف الليل) وحتى السادسة من صباح اليوم التالي، ولا يُبث بعد هذا التوقيت إلا البرامج المعادة». (ويستثنى من ذلك المباريات الخارجية مع مراعاة فروق التوقيت).

وهي القرارات التي تفاعل معها جمهور الكرة بشكل خاص، وروّاد «السوشيال ميديا» بشكل عام، وتبعاً لها تصدرت «هاشتاغات» عدة قائمة «التريند» خلال الساعات الماضية، الجمعة، أبرزها «#البرامج_الرياضية»، «#المجلس_الأعلى»، «#إلغاء_الفقرة_التحكيمية»، «#لتنظيم_الإعلام».

مدرجات استاد القاهرة الدولي (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)

وتنوعت التفاعلات على تلك «الهاشتاغات» ما بين مؤيد ومعارض للقرارات، وعكست عشرات التغريدات المتفاعلة هذا التباين. وبينما أيّد مغرّدون القرارات كونها «تضبط الخطاب الإعلامي الرياضي، وتضمن الالتزام بالمعايير المهنية»، قال البعض إن القرارات «كانت أُمنية لهم بسبب إثارة بعض البرامج للتعصب».

عبّر روّاد آخرون عن عدم ترحيبهم بما صدر عن «الأعلى لتنظيم الإعلام»، واصفين القرارات بـ«الخاطئة»، لافتين إلى أنها «حجر على الإعلام». كما انتقد البعض اهتمام القرارات بالمسألة الشكلية والزمنية للبرامج، ولم يتطرق إلى المحتوى الذي تقدمه.

وعن حالة التباين على مواقع التواصل الاجتماعي، قال الناقد الرياضي المصري محمد البرمي، لـ«الشرق الأوسط»، إنها «تعكس الاختلاف حول جدوى القرارات المتخذة في (ضبط المحتوى) للبرامج الرياضية، فالفريق المؤيد للقرارات يأتي موقفه رد فعل لما يلقونه من تجاوزات لبعض هذه البرامج، التي تكون أحياناً مفتعلة، بحثاً عن (التريند)، ولما يترتب عليها من إذكاء حالة التعصب الكروي بين الأندية».

وأضاف البرمي أن الفريق الآخر المعارض ينظر للقرارات نظرة إعلامية؛ حيث يرى أن تنظيم الإعلام الرياضي في مصر «يتطلب رؤية شاملة تتجاوز مجرد تحديد الشكل والقوالب»، ويرى أن «(الضبط) يكمن في التمييز بين المحتوى الجيد والسيئ».

مباراة مصر وبوتسوانا في تصفيات كأس الأمم الأفريقية 2025 (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)

وكان «الأعلى لتنظيم الإعلام» قد أشار، في بيانه أيضاً، إلى أن هذه القرارات جاءت عقب اجتماع «المجلس» لتنظيم الشأن الإعلامي في ضوء الظروف الحالية، وما يجب أن يكون عليه الخطاب الإعلامي، الذي يتعين أن يُظهر المبادئ والقيم الوطنية والأخلاقية، وترسيخ وحدة النسيج الوطني، وإعلاء شأن المواطنة مع ضمان حرية الرأي والتعبير، بما يتوافق مع المبادئ الوطنية والاجتماعية، والتذكير بحرص المجلس على متابعة الشأن الإعلامي، مع رصد ما قد يجري من تجاوزات بشكل يومي.

بعيداً عن الترحيب والرفض، لفت طرف ثالث من المغردين نظر المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام إلى بعض الأمور، منها أن «مواقع الإنترنت وقنوات (اليوتيوب) و(التيك توك) مؤثرة بشكل أكبر الآن».

وحسب رأي البرمي، فإن «الأداء الإعلامي لا ينضبط بمجرد تحديد مدة وموعد وشكل الظهور»، لافتاً إلى أن «ضبط المحتوى الإعلامي يكمن في اختيار الضيوف والمتحدثين بعناية، وضمان كفاءتهم وموضوعيتهم، ووضع كود مهني واضح يمكن من خلاله محاسبة الإعلاميين على ما يقدمونه، بما يمنع التعصب».