أرباح «روسنفت» تخفف أثر العقوبات الأميركية على أسهمها... و«غازبروم» لسوق الدين الخارجية

TT

أرباح «روسنفت» تخفف أثر العقوبات الأميركية على أسهمها... و«غازبروم» لسوق الدين الخارجية

بدأت أسهم شركة النفط الروسية العملاقة «روسنفت» تستعيد تدريجياً ما خسرته أول من أمس نتيجة العقوبات الأميركية الجديدة عليها، وساهم إعلان إدارة الشركة عن صافي أرباح قياسية العام الماضي، في تخفيف الأثر السلبي للعقوبات على سعر الأسهم في السوق.
وشددت يوم الثلاثاء الماضي، الولايات المتحدة القيود المالية على فنزويلا، بأن حظرت التعامل مع شركة تابعة لـ«روسنفت» تقول إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب إنها تقدم طوق نجاة لحكومة الرئيس نيكولاس مادورو.
وقالت «روسنفت»، أمس، إن الولايات المتحدة لم تبلغها قط بأن تجارتها في النفط الفنزويلي غير قانونية. موضحة أن مسؤولين أميركيين لم يقدموا أي أدلة على أن الشركة انتهكت أي قيود.
وقالت إنها تتاجر في النفط الفنزويلي لاسترداد استثمارات سابقة نفذتها قبل وقت طويل من فرض واشنطن عقوبات على البلد الواقع في أميركا الجنوبية. وإنها تعتبر العقوبات التي فرضت تعسفية، مضيفة أن شركات أخرى، من بينها شركات أميركية، تقوم بنفس الأنشطة، لكنها لا تواجه نفس العقوبات.
وقالت وزارة الخارجية الروسية أمس، إن هذه الخطوة ستلحق مزيداً من الضرر بالعلاقات السيئة بالفعل بين الولايات المتحدة وروسيا، وتقوض حرية التجارة العالمية.
ويرى مراقبون أن هذا التراجع السريع لتأثير العقوبات على أسهم «روسنفت» يعود لسببين، الأول تأكيد الولايات المتحدة أن عقوباتها تستهدف قطاع النفط الفنزويلي، وليست موجهة ضد الشركة الروسية الأم «روسنفت». أما السبب الثاني فكان مصدره الشركة الروسية نفسها.
وجاء إعلان «روسنفت» عن أرباح قياسية خلال العام الماضي، ساهم في دفع سعر السهم للصعود مجدداً في السوق. وقالت الشركة، على موقعها الرسمي، أمس (الأربعاء)، إنها حققت العام الماضي (2019) صافي أرباح أعلى بنسبة 29 في المائة مقارنة بعام 2018. وبلغت قيمتها 805 مليارات روبل (12.7 مليار دولار تقريباً)، وهي أرباح قياسية مقارنة بآخر أعلى أرباح تم تسجيلها عام 2018 وكانت قيمتها حينها 649 مليار روبل (10.30 مليار دولار تقريباً). كما ارتفعت إيرادات «روسنفت» العام الماضي بنسبة 5.3 في المائة، مقارنة بإيراداتها عام 2018.
ويتضح من بيانات التداول في بورصة موسكو أمس، ارتفاع سعر سهم «روسنفت» بنسبة 3.22 في المائة، حتى 466.7 روبل للسهم الواحد، بعد هبوط سريع أول من أمس، على وقع أنباء عن إدراج الولايات المتحدة شركة «روسنفت تريدينغ» وديديه كاسيميرو، نائب رئيس «روسنفت»، على قائمة العقوبات، بسبب ممارستها نشاطات لبيع النفط الفنزويلي ونقله.
في غضون ذلك، طرحت «غازبروم» إصداراً جديداً من سندات اليورو المقومة بالدولار بقيمة ملياري دولار أميركي، لمدة 10 سنوات، وسعر فائدة 3.25 في المائة. ويُعد هذا أول وأكبر إصدار منذ عام، بعد أن طرحت آخر إصدار بقيمة 1.25 مليار دولار لمدة 7 سنوات، في فبراير (شباط) العام الماضي.
وشكلت النزاعات في محكمة التحكيم مع شركة النفط والغاز الأوكرانية، عقبة أمام استمرار نشاط الشركة الروسية في أسواق الدين الخارجي، ولا سيما بعد أن لوحت أوكرانيا بإمكانية التوجه بطلب الحجز على سندات «غازبروم»، إن طرحتها. وبعد توقيع اتفاق حول الغاز مع الجانب الأوكراني نهاية العام الماضي، تمكن الطرفان بموجبه من تسوية جميع النقاط الخلافية، ووقف «الدعاوى» أمام محكمة التحكيم في استوكهولم، عادت «غاز بروم» إلى سوق الدين الخارجية.
وكان لافتاً، وفق ما جاء في البيانات الرسمية، الاهتمام الكبير من جانب المستثمرين الأميركيين بسندات «غازبروم»؛ حيث قاموا بشراء 30 في المائة منها، بينما تقاسم مستثمرون من أوروبا وآسيا 42 - 43 في المائة من الإصدار الجديد، وكانت حصة المستثمرين الروس الأقل؛ حيث اشتروا نحو 20 في المائة من السندات. وكان الطلب أعلى من العرض بكثير، وزاد عن 5.6 في المائة، الأمر الذي أثار ارتياحاً في سوق المال الروسية، وقال خبراء إنه من المهم بالنسبة للسوق المحلية، في ظل مخاطر الائتمان الروسية، أن نشهد مثل هذا الطلب المرتفع على سندات «غازبروم».



الدردري لـ«الشرق الأوسط»: الناتج السوري خسر 54 مليار دولار في 14 عاماً

TT

الدردري لـ«الشرق الأوسط»: الناتج السوري خسر 54 مليار دولار في 14 عاماً

الأمين العام المساعد للأمم المتحدة مدير برنامج الأمم المتحدة الإنمائي للدول العربية د. عبد الله الدردري (تركي العقيلي)
الأمين العام المساعد للأمم المتحدة مدير برنامج الأمم المتحدة الإنمائي للدول العربية د. عبد الله الدردري (تركي العقيلي)

كشف الأمين العام المساعد للأمم المتحدة مدير برنامج الأمم المتحدة الإنمائي للدول العربية الدكتور عبد الله الدردري، أن الأمم المتحدة أعطت البرنامج الضوء الأخضر لبدء التواصل مع الحكومة المؤقتة السورية الجديدة تعزيزاً للعمل الإنساني وبدء مسار التعافي لإعادة تفعيل الاقتصاد السوري، خصوصاً أن البلاد خسرت 54 مليار دولار من ناتجها المحلي خلال 14 عاماً.

وقال الدردري في حديث إلى «الشرق الأوسط» بمناسبة وجوده في الرياض للمشاركة في فعاليات مؤتمر «كوب 16»، إنه وجّه مكتب البرنامج في دمشق اعتباراً من (الخميس) للتواصل مع الجهات الحكومية وبدء عملية التقييم التي تحتاج إليها البلاد.

كان نظام بشار الأسد قد ترك خلفه تحديات اقتصادية كبيرة مع انهيار شبه كامل للبنية التحتية الاقتصادية وتدمير آلاف المنازل وتشريد الملايين.

رجل سوري يتحدث عبر هاتفه المحمول وهو يقف على درج مبنى مدمَّر في مدينة حرستا شرق دمشق (أ.ب)

واستعرض الدردري الوضع الراهن في سوريا، فقال «إن تقديراتنا الأولية أن الاقتصاد السوري خسر حتى الآن 24 عاماً من التنمية البشرية، فيما سجل الناتج المحلي الإجمالي تراجعاً كبيراً من 62 مليار دولار في عام 2010 إلى 8 مليارات فقط اليوم، أي خسر 54 مليار دولار في 14 عاماً. أما معدل الفقر، فارتفع من نحو 12 في المائة عام 2010 إلى أكثر من 90 في المائة. وبات معدل الفقر الغذائي يتجاوز 65 في المائة من السكان».

وإذ أوضح أن أمام سوريا مرحلة صعبة، قال إن تقديرات البرنامج تشير إلى أنه من أصل 5 ملايين و500 ألف وحدة سكنية، فإن نحو مليوني وحدة سكنية دمِّرت بالكامل أو جزئياً.

وعن تكلفة عملية إعادة الإعمار، أوضح الدردري أن احتساب تكلفة إعادة بناء الوحدات السكنية يحتاج إلى تحديث، كون أسعار البناء تختلف اليوم. لكنه شدد على أن أخطر ما جرى في سوريا هو الضعف المؤسساتي مقارنةً بما كان عليه الوضع قبل عام 2011، «حيث كانت هناك مؤسسات دولة قوية، فيما تراجعت بشكل كبير اليوم». من هنا، فإن تركيز برنامج الأمم المتحدة اليوم هو على الدعم المؤسساتي، «لأنه من دون مؤسسات قادرة على التخطيط والتنفيذ والمتابعة، لا توجد تنمية ولا إعادة إعمار»، كما يركز على القطاع الخاص الذي استطاع أن يصمد رغم كل الهزات، والجاهز اليوم لتلقف أي حالة من الأمن والانفتاح للعمل.

وقال: «خلال الساعات الـ48 الأخيرة، ولمجرد أن الحكومة المؤقتة أعلنت أن الاقتصاد السوري هو اقتصاد سوق حر مع بعض الإجراءات السريعة لتسيير عمل التجارة وغيرها، تحسن سعر صرف الليرة السورية أمام الدولار من 30 ألف ليرة إلى 14 ألف ليرة، مما يعني تحسناً بأكثر من 50 في المائة».

رجل يعد النقود بمحطة بنزين في مدينة حلب شمال سوريا (أ.ف.ب)

ولكن كيف يرى نائب الوزراء السوري السابق للشؤون الاقتصادية بين سنوات 2006 و2011، خريطة طريق إعادة النهوض بالاقتصاد السوري؟ أجاب: «في الحقيقة، لا أرى فرقاً بين دوري في الأمم المتحدة وبين عملي سابقاً. فسوريا تحتاج إلى إصلاح حوكمي سريع وفعال، بمعنى أنها تحتاج إلى إصلاح القضاء، وتطوير المؤسسات وترسيخ مبدأ الفصل بين السلطات، وترسيخ القانون. كما أنها بحاجة إلى رؤية للمستقبل، وإلى حوار وطني. تحتاج إلى تحديد الوضع الراهن في المجال الاقتصادي وأين هو موقع البلاد في هذا الإطار. هي تحتاج إلى رسم سيناريوهات التعافي والنمو... وهو ما تراه الأمم المتحدة أيضاً لإعادة إحياء البلاد».

وأضاف: «سندعم كل ما من شأنه أن يجعل سوريا جاذبة للاستثمار، وإرساء منظومة لحماية اجتماعية فاعلة... فنمو اقتصادي يقوده القطاع الخاص وعدالة اجتماعية من خلال منظومات حماية اجتماعية متكاملة هما ما تحتاج إليه سوريا، وهما ما سنعمل عليه».

وعود بمساعدة غزة

وفي ما يتعلق بالوضع في غزة، قال الدردري إن التقديرات الأولية جداً تشير إلى أنها تحتاج إلى 50 مليار دولار، موضحاً أن إعادة تعويم الاقتصاد الفلسطيني إلى ما كان عليه في عام 2022، إنما يحتاج إلى معونات إنسانية تقدَّر بـ600 مليون دولار سنوياً على مدى السنوات العشر المقبلة.

فلسطينيون يتفقدون الدمار في منطقة استهدفتها غارة جوية إسرائيلية قرب مخيم النصيرات للاجئين (أ.ف.ب)

وعن الجهات المستعدة لتأمين هذه المبالغ، قال: «هناك وعود بأن المجتمع الدولي مستعد للمساعدة، ولكن إلى الآن لا شيء ملموساً».

وأضاف: «هناك حاجة ماسة إلى رفع القيود عن عمل الفلسطينيين، وعن أموال المقاصة التي يجب أن تذهب إلى السلطة الفلسطينية، وأن يُسمح للاقتصاد الفلسطيني بالاندماج».

خسائر لبنان من الحرب

وشرح الدردري أن لبنان خسر 10 في المائة من ناتجه المحلي الإجمالي خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة بسبب الحرب مع إسرائيل، تضاف إلى ما نسبته 35 في المائة خسارة في الناتج المحلي منذ 2019. في حين دُمر نحو 62 ألف منزل وأكثر من 5 آلاف منشأة اقتصادية.

شخصان يتعانقان على أنقاض المباني المتضررة في قرية جون بقضاء الشوف بلبنان (رويترز)

ووُضع برنامج للتعافي الاقتصادي في لبنان يعتمد بشكل أساسي على تعزيز المجتمعات المحلية والشركات الصغيرة وإعادة إحياء التمويل في لبنان، وعلى دعم البلديات التي تأثرت بشكل كبير، وعلى الجمعيات الأهلية. وتوقع أن يستعيد لبنان تعافيه مع استمرار حالة الهدوء، وذلك بفعل أهمية الدور الذي يلعبه قطاعه الخاص.