إردوغان يهدد بعملية عسكرية في إدلب «على حين غرة»

بعد فشل المباحثات مع موسكو للوصول إلى تهدئة

دورية تركية من المشاة في الأتارب غرب محافظة حلب قرب الحدود مع تركيا أمس (أ.ف.ب)
دورية تركية من المشاة في الأتارب غرب محافظة حلب قرب الحدود مع تركيا أمس (أ.ف.ب)
TT

إردوغان يهدد بعملية عسكرية في إدلب «على حين غرة»

دورية تركية من المشاة في الأتارب غرب محافظة حلب قرب الحدود مع تركيا أمس (أ.ف.ب)
دورية تركية من المشاة في الأتارب غرب محافظة حلب قرب الحدود مع تركيا أمس (أ.ف.ب)

هدد الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، أمس، بإطلاق هجوم عسكري «وشيك» في إدلب، شمال غربي سوريا، بعد فشل المباحثات التركية الروسية في كل من أنقرة وموسكو، على مدى أسبوعين، في التوصل إلى اتفاق للتهدئة والالتزام بتنفيذ تفاهم سوتشي الموقع بين الجانبين، في 17 سبتمبر (أيلول) 2018.
وقال إردوغان إن تركيا لم تحصل على النتيجة التي تريدها من المباحثات مع روسيا، وكانت بعيدة جداً عما تريد تركيا، وإن تركيا أعدّت خطة عمليتها العسكرية في إدلب. وطالب إردوغان، مجدداً، النظام السوري، بالانسحاب من بعض المواقع في إدلب، بحلول نهاية الشهر الحالي قائلاً: «هذا آخر تحذيراتنا... بات شن عملية في إدلب وشيكاً... قد نأتي ذات ليلة على حين غرة».
وأضاف، في كلمة خلال اجتماع المجموعة البرلمانية لحزب العدالة والتنمية الحاكم في البرلمان التركي، في أنقرة، أمس: «نوجه تحذيراتنا الأخيرة للنظام في إدلب، لم نحصل حتى الآن على النتيجة التي نريدها... عاقدون العزم على جعل إدلب منطقة آمنة، بالنسبة لتركيا ولسكان المحافظة، مهما كلف الأمر. انطلاق العملية العسكرية مسألة وقت... ذات ليلة قد نأتي على حين غرّة».
وفي تصريحات لاحقة، رد إردوغان على سؤال بأن الجانب الروسي يصف العملية التي تقول تركيا إنها ستقوم بها ضد الجيش السوري في إدلب بـ«أسوأ سيناريو»؟ قائلاً: «زملاؤنا الذين أجروا مباحثات مع الروس، لم ينقلوا لي شيء من هذا القبيل، ولا أعتقد أن روسيا ستأخذ مكاناً لها في مثل هذا السيناريو السيئ».
وعن تصريحات الرئيس الأميركي دونالد ترمب، بشأن التعاون مع تركيا في ملف إدلب، قال إردوغان: «يمكن أن يكون هناك تعاون بيننا على مختلف الأصعدة في أي لحظة».
وحول إمكانية مشاركة سلاح الجو في العملية العسكرية التركية المحتملة على إدلب، واسم العملية، ذكر إردوغان: «كما قلت: قد نأتي ذات ليلة على حين غرّة، وهذا يعني أننا سنأتي مع كل شيء».
بدوره، أكد وزير الدفاع التركي، خلوصي أكار، عدم نية بلاده الانسحاب من نقاط المراقبة التي قامت بنشرها في محافظة إدلب، شمال غربي سوريا، وأن أنقرة سترد بالمثل في حال تعرض هذه النقاط للاستهداف. وأضاف أكار، في تصريحات بمقر البرلمان التركي في أنقرة، أمس، أن تركيا تمتلك الصلاحيات لاتخاذ التدابير اللازمة من أجل تثبيت وقف إطلاق النار، وذلك بصفتها دولة ضامنة بموجب «اتفاق سوتشي» المبرم مع روسيا.
وطالب أكار الدول الأوروبية والولايات المتحدة، بالالتزام بتعهداتها المتعلقة بسوريا، واتخاذ خطوات ملموسة لتجسيد مسؤولياتها هناك.
وأعلن المتحدث باسم الرئاسة التركية، إبراهيم كالين، مساء أول من أمس، فشل المحادثات مع روسيا بشأن الوضع في إدلب. وقال: «لم تخرج أي نتائج مرضية من مباحثات موسكو بشأن إدلب... وتركيا لم تقبل بالورقة والخريطة المقدمتين لها من روسيا في هذا الشأن».
ولفت كالين، الذي كان يتحدث في مؤتمر صحافي بالقصر الرئاسي في أنقرة، عقب اجتماع للحكومة التركية برئاسة إردوغان، إلى أن أساس الموقف التركي في محادثات موسكو، كان العودة (انسحاب قوات الجيش السوري)، إلى حدود «اتفاق سوتشي»، مؤكداً في الوقت ذاته أن المحادثات مع روسيا حول إدلب ستستمر.
وشدد المتحدث الرئاسي التركي على أن تغيير مواقع نقاط المراقبة التركية، في إدلب، أمر غير وارد، مشيراً إلى أن تركيا ستواصل إرسال التعزيزات والتحصينات العسكرية إلى المنطقة، بهدف حماية إدلب والمدنيين فيها، وأن الجيش التركي سيرد بأشد الطرق في حال تعرض عناصره في إدلب لأي هجوم، تماماً كما فعل مؤخراً.
هذا، وقد أفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان»، أمس، بأن القوات التركية قامت بإنشاء نقطة عسكرية جديدة لها بالقرب من بسنقول جنوب غربي إدلب، موضحاً أن النقطة الجديدة تقع على طريق حلب - اللاذقية، المعروف بطريق «إم - 4».
وبحسب المرصد، فإن عدد النقط التركية في منطقة «خفض التصعيد» في إدلب، وصل إلى 37 نقطة، وهي 12 نقطة تم إنشاؤها في أكتوبر (تشرين الأول) 2017، بموجب اتفاق آستانة، ونقاط جديدة أُنشئت خلال الأسابيع الأخيرة مع تصاعد هجمات الجيش السوري، وتقدمه في إدلب منذ أواخر ديسمبر (كانون الأول) الماضي.
في سياق آخر، التقى وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو، أمس، وفداً من أعضاء المجلس الوطني الكردي السوري في العاصمة أنقرة. وقال جاويش أوغلو، عبر «تويتر»، إنه التقى وفد المجلس الوطني الكردي (الممثل الشرعي لأكراد سوريا)، مشيراً إلى دعم بلاده لدور المجلس في العملية السياسية، وضمن الائتلاف الوطني السوري، متهماً وحدات حماية الشعب الكردية بأنها أكثر من تسبب بالضرر للأكراد.



الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
TT

الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)

يتضاعف خطر انعدام الأمن الغذائي في اليمن بعد تفاقم الأزمة الاقتصادية، وانهيار سعر العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، بفعل الحرب الحوثية على الموارد الرئيسية للبلاد، وتوسيع دائرة الصراع إلى خارج الحدود، في حين تتزايد الدعوات إلى اللجوء للتنمية المستدامة، والبحث عن حلول من الداخل.

وبينما تتوالي التحذيرات من تعاظم احتياجات السكان إلى المساعدات الإنسانية خلال الأشهر المقبلة، تواجه الحكومة اليمنية تحديات صعبة في إدارة الأمن الغذائي، وتوفير الخدمات للسكان في مناطق سيطرتها، خصوصاً بعد تراجع المساعدات الإغاثية الدولية والأممية خلال الأشهر الماضية، ما زاد من التعقيدات التي تعاني منها بفعل توقف عدد من الموارد التي كانت تعتمد عليها في سد الكثير من الفجوات الغذائية والخدمية.

ورجحت شبكة الإنذار المبكر بالمجاعة حدوث ارتفاع في عدد المحتاجين إلى المساعدات الإنسانية في اليمن في ظل استمرار التدهور الاقتصادي في البلاد، حيث لا تزال العائلات تعاني من التأثيرات طويلة الأجل للصراع المطول، بما في ذلك الظروف الاقتصادية الكلية السيئة للغاية، بينما تستمر بيئة الأعمال في التآكل بسبب نقص العملة في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية، وانخفاض قيمة العملة والتضخم في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة.

وبحسب توقعات الأمن الغذائي خلال الستة أشهر المقبلة، فإنه وبفعل الظروف الاقتصادية السيئة، وانخفاض فرص كسب الدخل المحدودة، ستواجه ملايين العائلات، فجوات مستمرة في استهلاك الغذاء وحالة انعدام الأمن الغذائي الحاد واسعة النطاق على مستوى الأزمة (المرحلة الثالثة من التصنيف المرحلي) أو حالة الطوارئ (المرحلة الرابعة) في مناطق نفوذ الحكومة الشرعية.

انهيار العملة المحلية أسهم مع تراجع المساعدات الإغاثية في تراجع الأمن الغذائي باليمن (البنك الدولي)

يشدد الأكاديمي محمد قحطان، أستاذ الاقتصاد في جامعة تعز، على ضرورة وجود إرادة سياسية حازمة لمواجهة أسباب الانهيار الاقتصادي وتهاوي العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، منوهاً إلى أن عائدات صادرات النفط والغاز كانت تغطي 70 في المائة من الإنفاق العام في الموازنة العامة، وهو ما يؤكد أهميتها في تشغيل مؤسسات الدولة.

ويضيف قحطان في حديث خص به «الشرق الأوسط» أن وقف هذه الصادرات يضع الحكومة في حالة عجز عن الوفاء بالتزاماتها، بالتضافر مع أسباب أخرى منها الفساد والتسيب الوظيفي في أهم المؤسسات الحكومية، وعدم وصول إيرادات مؤسسات الدولة إلى البنك المركزي، والمضاربة بالعملات الأجنبية وتسريبها إلى الخارج، واستيراد مشتقات الوقود بدلاً من تكرير النفط داخلياً.

أدوات الإصلاح

طبقاً لخبراء اقتصاديين، تنذر الإخفاقات في إدارة الموارد السيادية ورفد خزينة الدولة بها، والفشل في إدارة أسعار صرف العملات الأجنبية، بآثار كارثية على سعر العملة المحلية، والتوجه إلى تمويل النفقات الحكومية من مصادر تضخمية مثل الإصدار النقدي.

توقف تصدير النفط يتسبب في عجز الحكومة اليمنية عن تلبية احتياجات السكان (البنك الدولي)

ويلفت الأكاديمي قحطان إلى أن استيراد مشتقات الوقود من الخارج لتغطية حاجة السوق اليمنية من دون مادة الأسفلت يكلف الدولة أكثر من 3.5 مليار دولار في السنة، بينما في حالة تكرير النفط المنتج محلياً سيتم توفير هذا المبلغ لدعم ميزان المدفوعات، وتوفير احتياجات البلاد من الأسفلت لتعبيد الطرقات عوض استيرادها، وأيضاً تحصيل إيرادات مقابل بيع الوقود داخلياً.

وسيتبع ذلك إمكانية إدارة البنك المركزي لتلك المبالغ لدعم العرض النقدي من العملات الأجنبية، ومواجهة الطلب بأريحية تامة دون ضغوط للطلب عليها، ولن يكون بحاجة إلى بيع دولارات لتغطية الرواتب، كما يحدث حالياً، وسيتمكن من سحب فائض السيولة النقدية، ما سيعيد للاقتصاد توازنه، وتتعافى العملة الوطنية مقابل العملات الأجنبية، وهو ما سيسهم في استعادة جزء من القدرة الشرائية المفقودة للسكان.

ودعا الحكومة إلى خفض نفقاتها الداخلية والخارجية ومواجهة الفساد في الأوعية الإيرادية لإحداث تحول سريع من حالة الركود التضخمي إلى حالة الانتعاش الاقتصادي، ومواجهة البيئة الطاردة للاستثمارات ورجال الأعمال اليمنيين، مع الأهمية القصوى لعودة كل منتسبي الدولة للاستقرار داخل البلاد، وأداء مهاهم من مواقعهم.

الحكومة اليمنية تطالب المجتمع الدولي بالضغط على الحوثيين لوقف حصار تصدير النفط (سبأ)

ويؤكد مصدر حكومي يمني لـ«الشرق الأوسط» أن الحكومة باتت تدرك الأخطاء التي تراكمت خلال السنوات الماضية، مثل تسرب الكثير من أموال المساعدات الدولية والودائع السعودية في البنك المركزي إلى قنوات لإنتاج حلول مؤقتة، بدلاً من استثمارها في مشاريع للتنمية المستدامة، إلا أن معالجة تلك الأخطاء لم تعد سهلة حالياً.

الحل بالتنمية المستدامة

وفقاً للمصدر الذي فضل التحفظ على بياناته، لعدم امتلاكه صلاحية الحديث لوسائل الإعلام، فإن النقاشات الحكومية الحالية تبحث في كيفية الحصول على مساعدات خارجية جديدة لتحقيق تنمية مستدامة، بالشراكة وتحت إشراف الجهات الممولة، لضمان نجاح تلك المشروعات.

إلا أنه اعترف بصعوبة حدوث ذلك، وهو ما يدفع الحكومة إلى المطالبة بإلحاح للضغط من أجل تمكينها من الموارد الرئيسية، ومنها تصدير النفط.

واعترف المصدر أيضاً بصعوبة موافقة المجتمع الدولي على الضغط على الجماعة الحوثية لوقف حصارها المفروض على تصدير النفط، نظراً لتعنتها وشروطها صعبة التنفيذ من جهة، وإمكانية تصعيدها العسكري لفرض تلك الشروط في وقت يتوقع فيه حدوث تقدم في مشاورات السلام، من جهة ثانية.

تحذيرات من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد (أ.ف.ب)

وقدمت الحكومة اليمنية، أواخر الشهر الماضي، رؤية شاملة إلى البنك الدولي لإعادة هيكلة المشروعات القائمة لتتوافق مع الاحتياجات الراهنة، مطالبةً في الوقت ذاته بزيادة المخصصات المالية المخصصة للبلاد في الدورة الجديدة.

وكان البنك الدولي توقع في تقرير له هذا الشهر، انكماش إجمالي الناتج المحلي بنسبة واحد في المائة هذا العام، بعد انخفاضه بنسبة 2 في المائة العام الماضي، بما يؤدي إلى المزيد من التدهور في نصيب الفرد من إجمالي الناتج الحقيقي.

ويعاني أكثر من 60 في المائة من السكان من ضعف قدرتهم على الحصول على الغذاء الكافي، وفقاً للبنك الدولي، بسبب استمرار الحصار الذي فرضته الجماعة الحوثية على صادرات النفط، ما أدى إلى انخفاض الإيرادات المالية للحكومة بنسبة 42 في المائة خلال النصف الأول من العام الحالي، وترتب على ذلك عجزها عن تقديم الخدمات الأساسية للسكان.

وأبدى البنك قلقه من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد، وتفاقم الأزمات الاجتماعية والإنسانية.