خطة عمل أوروبية بمجال الذكاء الصناعي للحاق بأميركا والصين

مؤتمر صحافي للمفوضية الأوروبية للكشف عن خطتها للذكاء الصناعي والبيانات (أ.ف.ب)
مؤتمر صحافي للمفوضية الأوروبية للكشف عن خطتها للذكاء الصناعي والبيانات (أ.ف.ب)
TT

خطة عمل أوروبية بمجال الذكاء الصناعي للحاق بأميركا والصين

مؤتمر صحافي للمفوضية الأوروبية للكشف عن خطتها للذكاء الصناعي والبيانات (أ.ف.ب)
مؤتمر صحافي للمفوضية الأوروبية للكشف عن خطتها للذكاء الصناعي والبيانات (أ.ف.ب)

كشف الاتحاد الأوروبي، اليوم (الأربعاء)، خطة تحركه في مجال الذكاء الصناعي والبيانات من أجل تعويض تخلفه عن الولايات المتحدة والصين، مع تشديده على صون حقوق المواطنين.
ويعتبر هذا القطاع الاستراتيجي جدا، تكنولوجيا المستقبل التي ستؤثر على حياة المواطنين اليومية من السيارات الموصولة إلى تقنية التعرف على الوجوه.
ويدرك الاتحاد الأوروبي أنه فوّت ثورة الانترنت الأولى التي أدت إلى بروز شركات أميركية عملاقة في هذا المجال من أمثال «غوغل» و «فيسبوك» وصينية أيضا مثل «تنسنت»، فأراد هذه المرة أن يلعب دورا مركزيا في تحديد قواعد اللعبة.
وبهذا الصدد، عرضت المفوضية الأوروبية خطتها حول «الذكاء الصناعي مع مسارات تحرك».
فبعد مشاورات تستمر حتى 19 مايو (أيار) وتشمل كل الأطراف النشطة في هذا المجال من شركات ونقابات ومجتمع مدني وحكومات الدول الأعضاء، تأمل في تقديم اقتراحات تشريعية بحلول نهاية السنة الحالية.
وقالت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لايين خلال مؤتمر صحافي «نريد أن يحظى استخدام هذه التكنولوجيات الجديدة بثقة مواطنينا (...) نحن نشجع على نهج مسؤول على صعيد الذكاء الصناعي يركز على الإنسان».
وقالت نائبة رئيسة المفوضية الدنماركية مارغريت فيستاغر «الذكاء الصناعي ليس سيئا أو جيدا بحد ذاته فكل شيء رهن بطريقة استخدامه والهدف منه».
وتشدد بروكسل على أهمية احترام حقوق المواطنين الأساسية وتحذر خصوصا من اعوجاجات في برمجيات التوظيف ما قد يؤدي إلى تمييز.
وأضافت المفوضية أن أنظمة الذكاء الصناعي العالية الأخطار مثل الصحة، يجب أن تحصل على شهادات وتخضع لتجارب وإشراف كما الحال مع السيارات ومساحيق التجميل والألعاب.
وعلى صعيد تقنية التعرف على الوجوه التي تثير مخاوف من انتهاك خصوصية الأفراد، تريد المفوضية الأوروبية فتح نقاش أولا لتحديد الظروف التي يمكن في إطارها السماح بها.
وقالت فيستاغر «نهجي لا يقوم على جعل أوروبا مثل الصين أو الولايات المتحدة، خطتي تهدف إلى جعل أوروبا اكثر اتساقا مع نفسها».
وفي مجال البيانات وهي «وقود الذكاء الصناعي»، يريد الاتحاد الأوروبي أن يصبح طرفا رائدا في هذا المجال.
وقال المفوض الأوروبي للشؤون الصناعية الفرنسي تييري بروتون «لقد كسبنا جميعا في أوروبا معركة البيانات» الصناعية.
وقد خسرت أوروبا معركة البيانات الشخصية أمام الولايات المتحدة والصين إلا أنها تريد أن تكسب معركة البيانات الصناعية التي تربط السلع والمنتجات في ما بينها بفضل وصول الجيل الخامس.
وبفضل شركاتها الكبيرة الناشطة في كل القطاعات، تملك أوروبا قاعدة بيانات كهذه، ما يشكل ورقة رابحة لا يملكها الأميركيون. وتهدف بروكسل من خلال ذلك إلى تشكيل «سوق أوروبية واحدة» يتم فيها تعزيز أمن البيانات الصناعية وليس الشخصية، بما في ذلك السرية منها والحساسة، وحيث يمكن للشركات والقطاع العام الحصول على كم كبير من البيانات ذات النوعية، بسهولة في سبيل الابتكار.
وقالت المفوضية الأوروبية «سيشكل ذلك مكانا تحترم فيه كل السلع والخدمات المستندة إلى البيانات، قواعد الاتحاد الأوروبي وقيمه».
وعلى غرار «النظام الأوروبي العام لحماية البيانات» الذي يعزز حق مستخدمي الانترنت وبات يُستشهد به في الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية، يريد الاتحاد الأوروبي فرض معايير جديدة تستحيل مرجعا دوليا في هذا المجال.



تبديل على رأس «الناتو»... لكن لا تغيير متوقعاً في عمل الحلف

جنود مشاركون بمناورات لـ«الناتو» في لاتفيا (أرشيفية - إ.ب.أ)
جنود مشاركون بمناورات لـ«الناتو» في لاتفيا (أرشيفية - إ.ب.أ)
TT

تبديل على رأس «الناتو»... لكن لا تغيير متوقعاً في عمل الحلف

جنود مشاركون بمناورات لـ«الناتو» في لاتفيا (أرشيفية - إ.ب.أ)
جنود مشاركون بمناورات لـ«الناتو» في لاتفيا (أرشيفية - إ.ب.أ)

يتولى رئيس الوزراء الهولندي السابق، مارك روته، الثلاثاء، قيادة «حلف شمال الأطلسي (ناتو)»، لكن التناوب على رأس أكبر حلف عسكري في العالم لا يعني أنه سيكون بالإمكان إحداث تغيير جذري في عمله.

وقال إيان ليسر، من معهد «جيرمان مارشال فاند» للدراسات في بروكسل: «في (حلف الأطلسي) يتقرر كل شيء؛ كل شيء على الإطلاق، من أتفه الأمور إلى أكثرها استراتيجية، بالإجماع... وبالطبع؛ فإن مدى الاحتمالات المتاحة للأمناء العامين لإحداث تغيير في العمق في عمل (حلف الأطلسي)، يبقى محدوداً جداً».

ويعمل الأمين العام «في الكواليس» من أجل بلورة القرارات التي يتعين لاحقاً أن توافق عليها الدول الأعضاء الـ32.

وأوضح جامي شيا، المتحدث السابق باسم «الحلف» والباحث لدى معهد «تشاتام هاوس» البريطاني للدراسات، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، أن الأمين العام «لديه سلطة تحديد الأجندة، وهو الذي يترأس (مجلس شمال الأطلسي)؛ الهيئة السياسية للقرار في (الحلف)». لكنه لا يمسك وحده بقرار الدخول في حرب، وليس بالتأكيد من يضغط على الزر النووي، فهاتان من صلاحيات الدول الأعضاء؛ على رأسها الولايات المتحدة.

وهذا لا يعني أن قائد «الحلف» لا يملك نفوذاً.

وأشار إيان ليسر في هذا الصدد إلى أن الأمين العام الأسبق، جورج روبرتسون، كان له دور مهم في تفعيل «المادة5» بعد اعتداءات «11 سبتمبر (أيلول) 2001» على الولايات المتحدة.

ستولتنبرغ مع روته بالمقر الرئيسي لـ«الناتو» في بروكسل يوم 17 أبريل 2024 (رويترز)

وتنص «المادة5» من ميثاق «الناتو» على أن أي هجوم على دولة عضو «سيعدّ هجوماً على كل الأعضاء»، تحت عنوان: «الدفاع الجماعي». وجرى تفعيلها مرة واحدة في كل تاريخ «الحلف» لمصلحة الولايات المتحدة ولو رمزياً.

كما أن شخصية الأمين العام الجديد سيكون لها دور، وهذا ما يثير ترقباً حيال مارك روته بعد 10 سنوات من قيادة رئيس الوزراء النرويجي السابق ينس ستولتنبرغ.

فهل يعمل على ترك بصماته منذ وصوله، أم ينتظر ولاية ثانية محتملة؟

وقال شيا إن الأمناء العامين «يميلون عند وصولهم إلى أن يكونوا مرشحي الاستمرارية، لكن إذا بقوا بعض الوقت، فهم بالطبع يزدادون ثقة».

قيادة المساعدات

ودفع ستولتنبرغ «الحلف» باتجاه تقديم دعم متصاعد لأوكرانيا، لا سيما بعد غزو روسيا أراضيها في فبراير (شباط) 2022. وطرح تقديم مساعدة سنوية لا تقل عن 40 مليار دولار لأوكرانيا، وحصل على التزام من الدول الحليفة في هذا الصدد. كما حصل على صلاحية أن يتولى «الحلف» القيادة الكاملة لعمليات تسليم المساعدات العسكرية الغربية.

زعماء «الناتو» خلال انعقاد قمتهم في واشنطن يوم 9 يوليو 2024 (د.ب.أ)

يبقى أنه في زمن الحرب، تكون لوحدة الصف والاستمرارية الأفضلية على كل الحسابات الأخرى؛ مما لا يشجع على أي تغيير.

وقال دبلوماسي في «حلف الأطلسي»، طالباً عدم الكشف عن اسمه: «في ظل وضع جيوسياسي بمثل هذه الصعوبة، من المهم للغاية الحفاظ على الاستمرارية وعلى التوجه ذاته في السياسة الخارجية والأمنية».

يبقى أن الجميع في أروقة مقر «الحلف» في بروكسل ينتظرون من روته أسلوباً جديداً في الإدارة يكون «جامعاً أكثر بقليل»، بعد عقد من قيادة «نرويجية» مارسها سلفه «عمودياً»، وفق ما لفت دبلوماسي آخر في «الحلف».

ومارك روته من معتادي أروقة «حلف الأطلسي» و«الاتحاد الأوروبي» بعدما قضى 14 عاماً على رأس الحكومة الهولندية.

وهذا ما يجعل الجميع يراهن عليه بصورة خاصة لتعزيز التنسيق بين «حلف الأطلسي» والتكتل الأوروبي، في وقت يؤدي فيه «الاتحاد» دوراً متصاعداً في المسائل الأمنية.

وهذا الملف معلق بسبب الخلافات بين تركيا؛ العضو في «الحلف» من غير أن تكون عضواً في «الاتحاد الأوروبي»، واليونان حول مسألة قبرص.

وفي حال عاد دونالد ترمب إلى البيت الأبيض بعد الانتخابات الأميركية في نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل، فإن الدول الحليفة تعول على مهارات روته مفاوضاً من أجل الحفاظ على وحدة «الحلف».

ورفض ستولتنبرغ إسداء أي نصيحة إلى روته في العلن، مكتفياً بالقول إنه سيكون «ممتازاً». لكنه لخص بجملة ما يتوقعه الجميع من الأمين العام لـ«الحلف» بالقول: «ستكون مهمته الكبرى بالطبع إبقاء جميع الحلفاء الـ32 معاً».