الأرجنتين تدخل مجدداً في صراع مع صندوق النقد

على خلفية تعثر سداد 44 مليار دولار

الأرجنتين تدخل مجدداً في صراع مع صندوق النقد
TT

الأرجنتين تدخل مجدداً في صراع مع صندوق النقد

الأرجنتين تدخل مجدداً في صراع مع صندوق النقد

وصلت إلى العاصمة الأرجنتينية بيونس آيرس الأسبوع الماضي بعثة من صندوق النقد الدولي، لمناقشة إعادة هيكلة قرض قيمته 44 مليار دولار، بينما يستمر الرئيس الأرجنتيني ألبرتو فرنانديز في تكرار مقولة: «لندفع، علينا أولاً سلوك طريق النمو الاقتصادي لزيادة الصادرات التي تجلب لنا الدولارات اللازمة لسداد القروض».
وتعد مهمة بعثة الصندوق هذه الأولى بعد وصول ألبرتو فرنانديز (وسط يسار) إلى الحكم في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، وهدفها مناقشة سداد القرض الذي منحه الصندوق للأرجنتين في عهد سلفه موريشيو ماكري (وسط يمين). وأمام استحالة السداد حالياً في ظل أزمة حادة تعيشها البلاد، يرفض الرئيس فرنانديز أي نقاش إلا إعادة الجدولة. فاقتصاد البلاد غارق في الانكماش، والتضخم جامح في صعوده بعدما بلغ في 2019 نحو 54%، ومؤدَّى ذلك زيادة في معدلات الفقر، وتفاقم البطالة التي بلغت نسبتها 40%.
ومنذ وصول بعثة صندوق النقد الدولي، الأربعاء الماضي، حصلت عدة لقاءات أبرزها مع وزير الاقتصاد مارتن غوزمان، الذي أصدرت وزارته يوم الجمعة الماضي بيان «علاقات عامة» أكدت فيه أن «مناخ اللقاء إيجابي»، في الوقت الذي ضجت فيه شوارع بيونس آيرس بآلاف المتظاهرين الرافضين لمهمة الصندوق والداعين إلى مغادرة بعثته البلاد فوراً.
أما الرئيس فهو ثابت في مواقفه التي يطلقها منذ يناير (كانون الثاني) الماضي، خصوصاً خلال الجولة التي قام بها في عدد من العواصم الأوروبية، وردد فيها مقولة ضرورة إيجاد طريق النمو الاقتصادي قبل الحديث عن أي سداد للقروض. لذا تسعى بعثة الصندوق لمعرفة المزيد عن خطط الرئيس المؤدية في نهاية المطاف إلى استرداد القرض الممنوح.
وفي اليوم الذي بدأت فيه البعثة مهمتها، أطلق وزير الاقتصاد مارتن غوزمان، خطاباً أمام الكونغرس الأرجنتيني تضمن كلمات قاسية ضد الصندوق، محملاً إياه مسؤولية الأزمة والديون التي غرقت فيها البلاد. ففي رأيه، يمنع عبء الدين نهوض الاقتصاد من كبوته، والبلاد تتخبط أكثر في دوامة الانكماش بسبب تلك الديون.
والوزير غوزمان، الذي يعدّ المفاوض الأول للبعثة، يتحدث أيضاً عن خيبات أمل الدائنين الآخرين في ظل تعنت صندوق النقد بطلب استرداد قرضه البالغ 44 مليار دولار، علماً بأن إجمالي ديون البلاد تبلغ 311 ملياراً، أي نحو 92% من إجمالي الناتج. وأثارت تلك التصريحات مخاوف الأسواق التي رفعت درجة مخاطر البلاد أكثر.
في الموازاة، فإن نائبة الرئيس، كريستينا كيرشنر، ضاعفت هي الأخرى الجرعة الكلامية العنيفة ضد صندوق النقد. فخلال زيارة قامت بها إلى كوبا تحدثت عن قرض الصندوق واصفة إياه بـ«القرض غير القانوني»، ودعت بشكل مباشر إلى شطبه! وسرعان ما رد ممثل الصندوق في المقر الرئيسي في واشنطن بالقول: «إن شطب القرض مستحيل». وقالت مصادر في بنوك استثمارية إن الصندوق يترك -في هكذا حالات- الباب مفتوحاً أمام تمديد مهلات السداد فقط ولا يوافق على الشطب.
ويُنتظر أن تُنهي البعثة زيارتها خلال ساعات، علماً بأن 31 مارس (آذار) هو الموعد النهائي للوصول إلى اتفاق مع الأرجنتين بشأن ديونها. لأن بعد ذلك التاريخ ستتوالى استحقاقات السداد بوتيرة مكثفة لا تستطيع الأرجنتين الوفاء بها بالنظر إلى عجزها المالي الكبير.
ومن أصل 311 مليار دولار، تحاول الحكومة إعادة جدولة سندات يحملها مستثمرون من القطاع الخاص الدولي قيمتها 122 مليار دولار، وجدولة 73 ملياراً عبارة عن قروض أُبرمت مع جهات دائنة سواء بشكل ثنائي أو متعدد الأطراف. أما بقية الدين العام والبالغة قيمته نحو 116 مليار دولار فهو دين داخلي خاص بعدة أطراف أبرزها البنك المركزي وبنك أرجنتين الوطني ونظام التقاعد.
وتجدر الإشارة إلى أنه في عام 2015، ومع قدوم حكومة ليبرالية، كان الدين العام يبلغ 241 مليار دولار، ونسبته إلى الناتج نحو 53% فقط. لكن نقص الاستثمارات الذي عانت منه البلاد دفع الحكومة إلى الاقتراض أكثر. وعندما بدأ الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي الأميركي) برفع الفائدة اعتباراً من منتصف 2018، خرجت رساميل كثيرة من البلاد، فهبط سعر صرف العملة بقوة، وصعد التضخم بمعدلات عالية، ما أجبر الأرجنتين على طلب الدعم من صندوق النقد الدولي، الذي وافق على قرض بقيمة 57 مليار دولار لم يحوّل منه إلا 44 ملياراً لأن الرئيس الجديد ألبرتو فرنانديز، طلب وقف التحويل ووقف سداد أقساط ديون، والشروع في عملية إعادة هيكلة شاملة للقروض، لأن استحقاقات 2020 تزيد على 34 مليار دولار، ولا تستطيع الحكومة الوفاء بها.
ويقول الاقتصادي الأرجنتيني مارينا دال بوغيتو، إن مستوى دين البلد ليس مرتفعاً كثيراً وتمكن إدارته. لكن المشكلة تكمن في الثقة لأن الأرجنتين سبق وتخلفت عن السداد لا سيما في عام 2001 عندما توقفت عن الوفاء بـ100 مليار دولار. ويضيف أن الحكومة السابقة غامرت عندما بدأت تسد الأقساط من احتياطي العملات الأجنبية، وتوقفت عن ذلك لأنها وصلت إلى طريق شبه مسدود، بعدما شحّت تلك الاحتياطات، وهي الآن نحو 45 مليار دولار، أي 15% فقط من إجمالي الدين.
وأقر البرلمان الأرجنتيني قبل أسبوعين تشريعاً يمنح الحكومة صلاحيات واسعة خاصة بإمكان إعادة هيكلة الديون التي تبدو صعبة حتى الآن.



أميركا توسّع لائحتها السوداء ضد الشركات الصينية

حاويات وسفن شحن في ميناء تشينغداو بمقاطعة شاندونغ الصينية (رويترز)
حاويات وسفن شحن في ميناء تشينغداو بمقاطعة شاندونغ الصينية (رويترز)
TT

أميركا توسّع لائحتها السوداء ضد الشركات الصينية

حاويات وسفن شحن في ميناء تشينغداو بمقاطعة شاندونغ الصينية (رويترز)
حاويات وسفن شحن في ميناء تشينغداو بمقاطعة شاندونغ الصينية (رويترز)

أعلنت الولايات المتحدة، أنها وسّعت مجدداً لائحتها السوداء التي تحظر استيراد منتجات من منطقة شينجيانغ الصينية، أو التي يُشتبه في أنها صُنعت بأيدي أويغور يعملون قسراً.

وقد اتُّهمت نحو 30 شركة صينية جديدة باستخدام مواد خام أو قطع صنِعَت أو جمِعَت بأيدي أويغور يعملون قسراً، أو بأنها استخدمت هي نفسها هذه العمالة لصنع منتجاتها.

وبهذه الإضافة، يرتفع إلى 107 عدد الشركات المحظورة الآن من التصدير إلى الولايات المتحدة، حسبما أعلنت وزارة الأمن الداخلي.

وقالت الممثلة التجارية الأميركية، كاثرين تاي، في بيان: «بإضافة هذه الكيانات، تواصل الإدارة (الأميركية) إظهار التزامها بضمان ألّا تدخل إلى الولايات المتحدة المنتجات المصنوعة بفعل العمل القسري للأويغور أو الأقليات العرقية أو الدينية الأخرى في شينجيانغ».

وفي بيان منفصل، قال أعضاء اللجنة البرلمانية المتخصصة في أنشطة «الحزب الشيوعي الصيني» إنهم «سعداء بهذه الخطوة الإضافية»، عادّين أن الشركات الأميركية «يجب أن تقطع علاقاتها تماماً مع الشركات المرتبطة بالحزب الشيوعي الصيني».

يحظر قانون المنع الذي أقرّه الكونغرس الأميركي في ديسمبر (كانون الأول) 2021، كل واردات المنتجات من شينجيانغ ما لم تتمكّن الشركات في هذه المنطقة من إثبات أن إنتاجها لا ينطوي على عمل قسري.

ويبدو أن المنتجات الصينية ستجد سنوات صعبة من التصدير إلى الأسواق الأميركية، مع تهديدات الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب بفرض رسوم جمركية تزيد على 60 في المائة على السلع الصينية جميعها، وهو ما أثار قلق الشركات الصينية وعجَّل بنقل المصانع إلى جنوب شرقي آسيا وأماكن أخرى.

كانت وزارة التجارة الصينية، قد أعلنت يوم الخميس، سلسلة من التدابير السياسية التي تهدف إلى تعزيز التجارة الخارجية للبلاد، بما في ذلك تعزيز الدعم المالي للشركات وتوسيع صادرات المنتجات الزراعية.

وكانت التجارة أحد المجالات النادرة التي أضاءت الاقتصاد الصيني في الآونة الأخيرة، في وقت يعاني فيه الاقتصاد من ضعف الطلب المحلي وتباطؤ قطاع العقارات، مما أثقل كاهل النمو.

وقالت الوزارة، في بيان نشرته على الإنترنت، إن الصين ستشجع المؤسسات المالية على تقديم مزيد من المنتجات المالية؛ لمساعدة الشركات على تحسين إدارة مخاطر العملة، بالإضافة إلى تعزيز التنسيق بين السياسات الاقتصادية الكلية للحفاظ على استقرار اليوان «بشكل معقول».

وأضاف البيان أن الحكومة الصينية ستعمل على توسيع صادرات المنتجات الزراعية، ودعم استيراد المعدات الأساسية ومنتجات الطاقة.

ووفقاً للبيان، فإن الصين سوف «ترشد وتساعد الشركات على الاستجابة بشكل نشط للقيود التجارية غير المبررة التي تفرضها البلدان الأخرى، وتخلق بيئة خارجية مواتية لتعزيز الصادرات».

وأظهر استطلاع أجرته «رويترز»، يوم الخميس، أن الولايات المتحدة قد تفرض تعريفات جمركية تصل إلى 40 في المائة على وارداتها من الصين في بداية العام المقبل، مما قد يؤدي إلى تقليص نمو الاقتصاد الصيني بنسبة تصل إلى 1 نقطة مئوية.