التف 3 باحثين من جامعتي هارفارد وإنديانا في أميركا حول تابوت فرعوني، حيث اتخذ أحدهم مكانه في الناحية اليمنى من التابوت، والثاني في اليسرى، فيما وقف الثالث في الوسط، ورفعوا غطاءه الخشبي ببطء وبرفق، كما لو كانوا يتعاملون مع قشرة عملاقة من البيض، وعلى بعد خطوات قليلة وضعوا الغطاء فوق هيكل من «الفوم» لحفظه، وما إن نظروا إلى الوراء داخل التابوت البالغ من العمر 3 آلاف عام، حتى اكتشفوا صورة توثّق لأول مرة داخل التابوت لإله الشمس المصري القديم «رع-حوراختي»، تحجبه جزئياً طبقة سميكة تشبه القطران.
ويوجد التابوت الذي يعود إلى عنخ-خنسو، أحد كهنة معبد آمون في الأقصر، ضمن مقتنيات متحف هارفارد للدراسات السامية، وفُتح قبل نحو 30 سنة، ولكن لأسباب غير معروفة لم يكن هناك توثيق حديث لما يوجد داخله، ولم يكن الباحثون يتوقعون أن يجدوا هذه المفاجأة، التي أعلنوا عنها أمس في تقرير نشره الموقع الإلكتروني لجامعة هارفارد.
ويقول بيتر دير مانويليان، مدير علم المصريات في جامعة هارفارد، الذي قاد فريق هذا الاكتشاف: «لقد كانت لحظة توقف فيها القلب، فقد كان الاكتشاف نقطة بارزة في مشروع بحثي استمر أسبوعاً بهدف إنشاء سجل بصري رقمي كامل لتابوت عنخ-خنسو، إلى جانب اثنين آخرين».
وبينما احتفظ التابوتان الآخران لمغنية المعابد «موت-يي-يي» والكاهنة «با-دي-موت»، بسجل بصري أكثر اكتمالاً، اكتشف الباحثون أن سجل تابوت عنخ-خنسو تنقصه هذه التفصيلة الأهم، وصورة إله الشمس المصري القديم «رع-حوراختي».
وأضاف مانويليان: «لقد كان مرسوماً بشكل رائع، ولكنّه كان يختبئ إلى حد ما تحت طبقة من مادة صمغية تستخدم في عملية التحنيط».
وعلى الرغم من الطلاء الداكن، كان بإمكان مانويليان وزملائه رؤية الرسم الأصفر والبرتقالي والأزرق والكتابات الهيروغليفية التي كتبت «رع-حوراختي رب السماء العظيم» بجوار الصورة.
وكجزء من المشروع، أخذ مانويليان عينات من الأصباغ وأجرى تحليلاً لخشب التابوت لجمع المعلومات والتقاط صور لرسوم التابوت.
ويعود تاريخ التابوت، بالإضافة إلى الاثنين الآخرين إلى الأسرة الحاكمة 22 (945 - 712 ق.م)، وقد أتت هذه التوابيت الثلاثة إلى المتحف من مدينة طيبة الحديثة في مصر بين عامي 1901 و1902، وصنع تابوتا «موت-يي-يي» و«عنخ-خنسو» من الخشب، وأغلب الظن أنّه «خشب الجميز»، في حين أنّ تابوت «با-دي-موت» صُنع من الكتان والجص، وهذه التوابيت الثلاثة معروضة في الطابق الثاني من متحف الدراسات السامية بهارفارد.
ومن جانبها، عبرت الأثرية جان بيتشوتا عن سعادتها بالاشتراك في هذا العمل، وقالت «إنّه لشرف كبير العمل على هذه القطع الأثرية عن قرب، ومن غير المعتاد أن نلمس شيئاً قديماً جداً ويحتوي على كثير من التاريخ».
وجاء مع زوجها الأثري دينيس بيتشوتا متخصصان في وقاية الآثار، واستُعين بهما في هذا المشروع لفحص نقاط الاتصال بين التابوت والغطاء بحثاً عن علامات الضغط والانصهار بين القطع، وإدخال أسافين رقيقة من الخشب في جميع أنحاء الغطاء لبدء عملية الفصل والرفع، وهي عملية تحتاج مزيداً من البراعة والعناية، نظراً لعمر القطع الأثرية ودقّتها.
ويقول دينيس إن «هذه العملية مزعجة نظراً لأن التوابيت ثقيلة، وإذا لم نتعامل معها بعناية فقد تتضرر بسهولة».
وعن قيمة هذا الاكتشاف، تقول د.فاطمة مدكور أستاذة الفنون الجميلة في جامعة المنيا لـ«الشرق الأوسط»: «إنّ اكتشاف الصورة هو فائدة أولية للمشروع، لكن الفائدة البحثية الأكبر التي أعتقد أنّ الباحثين سيعملون عليها، تتمثّل في تحليل الأصباغ المستخدمة في الرسم، وذلك بعد أخذهم عينات منها». وتضيف: «قد يخرجون من هذه الدراسة بأنّ الفترة التي ينتمي لها التابوت، وهي الأسرة 22، تتميز بتركيبة أصباغ لم توجد في الأسر الفرعونية الأخرى».
اكتشاف صورة إله الشمس «رع» داخل تابوت عمره 3 آلاف سنة
بعد فحصه بواسطة علماء أميركيين
اكتشاف صورة إله الشمس «رع» داخل تابوت عمره 3 آلاف سنة
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة