السعودية: قطاع التشييد يتنفس الصعداء مع تراجع أسعار مواد البناء

مقاولون أكدوا لـ {الشرق الأوسط} أن نزول الأسعار لن يستمر نتيجة زيادة الطلب وكثرة المشاريع

السعودية: قطاع التشييد يتنفس الصعداء مع تراجع أسعار مواد البناء
TT

السعودية: قطاع التشييد يتنفس الصعداء مع تراجع أسعار مواد البناء

السعودية: قطاع التشييد يتنفس الصعداء مع تراجع أسعار مواد البناء

يعيش قطاع البناء والتشييد السعودي هذه الأيام فترة ذهبية نتيجة الانخفاض العام في أسعار مواد البناء، خلال الأسابيع الأخيرة، التي سجلت أدنى مستوياتها منذ بداية العام، حيث تراجعت أسعار الحديد بنحو 100 ريال للطن الواحد، في حين سجلت أسعار الإسمنت تأرجحا بين النزول والاستقرار، وانعكس الأمر ذاته على بقية مواد البناء الأخرى.
ووفقا لتحليلات خبراء القطاع الذين تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، فإن هذا التراجع النسبي الذي سجلته أسعار مواد البناء أخيرا يعود لقانون العرض والطلب، على اعتبار أن السعودية تعتمد مبدأ الاقتصاد الحر، حيث أصبحت هناك كميات كبيرة من الحديد التي تم عرضها دون أن يتم شراؤها، في ظل الركود الذي شهده قطاع البناء والتشييد في السعودية خلال الفترة الماضية التي رافقت إجازة عيد الأضحى، في حين توقعوا أن تعود الأسعار لسابق عهدها مع مطلع العام الهجري المقبل.
ويوضح المهندس عبد العزيز حنفي، رئيس لجنة المقاولين في الغرفة التجارية والصناعية في جدة سابقا، أنه حصل هناك تراجع واضح في أسعار مواد البناء أخيرا، وأفاد بأن الحديد تراجع بنحو 100 ريال للطن الواحد، مضيفا: «هذا مؤشر جيد، وأعتقد أن ذلك سينعكس على عملية التنمية بصورة جيدة جدا، وسيكون هناك نوع من الحراك الاقتصادي في قطاع البناء والتشييد».
ويتابع حنفي حديثه لـ«الشرق الأوسط» بالقول: «الكثيرون أحجموا في فترة من الفترات عن إنزال أي مشروع بسبب ارتفاع تكلفة مواد البناء، فالمشكلة الدائمة تكمن في أنه بعد توقيع المقاول ترتفع الأسعار، ولا توجد شروط في العقد تتضمن احتمالية ارتفاع الأسعار، لذا فإن انخفاض الأسعار مؤشر جيد للاقتصاد السعودي، فإذا تحركت المقاولات سيتحرك كثير من الأعمال، بما في ذلك استقطاب العمالة وارتفاع الطلب على مواد البناء وزيادة معدلات الاستهلاك وارتفاع القوة الشرائية في السوق».
ولمح إلى أن هذا التراجع الذي سجلته مواد البناء سيسهم بدوره في تعافي المشاريع المتعثرة، قائلا: «أحد أسباب تعثر المشاريع في السعودية ارتفاع أسعار مواد البناء، حيث يوقع المقاول اليوم على شحنة حديد أو إسمنت وغيرهما، ثم يفاجئ بعد 6 أشهر بأن الأسعار زادت بمعدل كبير، وهذا كله يخصم من أرباحه».
وبسؤال رئيس لجنة المقاولين في الغرفة التجارية والصناعية بجدة سابقا، إن كان تراجع أسعار مواد البناء سيستمر إلى مستويات قياسية، نفى ذلك قائلا: «لن يستمر نزول الأسعار، والسبب أنه سيكون هناك حراك اقتصادي كبير، وستزداد المشاريع، علما بأنه في فترة الحج الماضية كان هناك ركود ومشاريع كثيرة توقفت، لذا أتوقع أن انخفاض قيمة مواد البناء سيفتح شهية الكثيرين لاستكمال تنفيذ المشاريع المتعطلة أو المتوقفة.. وأتوقع أن تعود أسعار مواد البناء لسابق عهدها، مطلع العام الهجري الجديد، وربما ترتفع أكثر».
من ناحيته، يشير الدكتور عبد الله المغلوث، عضو اللجنة الوطنية للمقاولات في مجلس الغرف السعودية، إلى أن «السعودية تمر بمرحلة من البناء والتشييد مع خروج الميزانية في عام 2014 بضخامة كبيرة، ومع بناء المطارات والأنفاق والجسور والبنى التحتية»، مضيفا: «استحوذت نسبة كبيرة من مواد البناء، خصوصا الحديد والمعادن والإسمنت، على مشاريع الهياكل الحديدية والإسمنتية، وبالتالي أصبح لدى المقاولين وفرة في مواد البناء التي حجزوها واستخدموها في تلك المشاريع».
ويضيف: «انعكس ذلك على سوق مواد البناء، خاصة على المصانع المنتجة لتلك المواد، بتراجع نسبي في تلك المواد، ومن أهمها الحديد والإسمنت، ناهيك بالمواد الأخرى التي تُستخدم في تلك المباني، وبالتالي أصبح لدى المقاول حيرة من أمره، إما أن يستمر في تلك المشاريع مع الأخذ بالأسعار المنخفضة حاليا لتخزينها إلى المستقبل كونه يطمح في الاستحواذ على مشاريع عملاقة كبيرة مستقبلا، أو أن السوق قد تتراجع نسبيا كذلك، وبالتالي يكون هناك عجز على المقاول وعلى خزينته المالية».
وتابع المغلوث حديثه لـ«الشرق الأوسط» بالقول: «إن ضخامة السوق، وإنفاق البنى التحتية، ستستمر من قبل الدولة، كون السعودية تمر بمرحلة تنموية كبيرة بحاجة إلى ضخامة في مواد البناء والمواد الأخرى، لذا فإن انعكاس تأثير هذا الانخفاض سيستفيد منه طرفان؛ الحكومة التي تمتلك تلك المشاريع، وكذلك المقاول»، مضيفا: «في المفهوم النظري للاقتصاد عندما تتراجع الأسعار ستكون هناك عروض كبيرة لدى المقاولين لأخذ المشاريع بأسعار منطقية ومعقولة، وليست متضخمة، وبالتالي فإن أسعار مواد البناء كلما تراجعت سيكون هناك بناء وتوسع في النشاط بما يغطي مناطق ومدن البلاد».



الأحياء المصرية العريقة تربح سوق الوحدات الفارهة

الأحياء المصرية العريقة تربح سوق الوحدات الفارهة
TT

الأحياء المصرية العريقة تربح سوق الوحدات الفارهة

الأحياء المصرية العريقة تربح سوق الوحدات الفارهة

يَعدّ المصريون الاستثمار العقاري من بين أكثر أنواع الاستثمار أمناً وعائداً، مع الأسعار المتزايدة يوماً بعد يوم للوحدات السكنية والتجارية في مختلف الأحياء المصرية، بناءً على تغيّرات السوق، وارتفاع أسعار الأراضي ومواد البناء، ورغم أن هذه المتغيرات تحدد سعر المتر السكني والتجاري، فإن بعض الوحدات السكنية قد تشذّ عن القاعدة، ويخرج سعرها عن المألوف لوقوعها في حي راقٍ شهير وسط القاهرة وتطل على النيل، أو حتى في عمارة سكنية شهيرة.
وبتصفح إعلانات بيع الوحدات السكنية على المواقع الإلكترونية والتطبيقات المخصصة لذلك قد يصطدم المشاهد برقم غريب يتجاوز الأسعار المتعارف عليها في الحي بشكلٍ كبير جداً، لتقفز من وحدات سكنية سعرها 3 ملايين جنيه مصري (الدولار الأميركي يعادل 15.6 جنيه مصري)، إلى أخرى مجاورة لها بأربعين مليوناً، هذه الإعلانات التي يصفها متابعون بأنها «غريبة جداً» على مواقع التواصل الاجتماعي، وسط أسئلة منطقية عن السبب الرئيسي وراء هذه الأسعار، التي تؤكد تفوق أسعار بيع بعض الشقق السكنية على أسعار فيلات بالمدن الجديدة.
على كورنيش النيل، تطل واحدة من أشهر العمارات السكنية بحي الزمالك وسط القاهرة، تحديداً في عمارة «ليبون» التي سكنها عدد من فناني مصر المشهورين في الماضي، تُعرض شقة مساحتها 300 متر للبيع بمبلغ 40 مليون جنيه، أي نحو 2.5 مليون دولار، رغم أن متوسط سعر المتر السكني في الحي يبلغ 23 ألف جنيه، وفقاً لموقع «عقار ماب» المتخصص في بيع وشراء الوحدات السكنية في مصر.
ولا يشتري الناس بهذه الأسعار مجرد شقة، بل يشترون ثقافة حي وجيراناً وتأميناً وخدمات، حسب حسين شعبان، مدير إحدى شركات التسويق العقاري بحي الزمالك، الذي أوضح لـ«الشرق الأوسط» أن «عمارة ليبون واحدة من أعرق العمارات في مصر، وأعلاها سعراً، والشقة المعروضة للبيع كانت تسكنها الفنانة الراحلة سامية جمال»، مؤكداً أن «هذه الإعلانات تستهدف المشتري العربي أو الأجنبي الذي يبحث عن عقار مؤمّن، وجيراناً متميزين، وثقافة حي تسمح له بالحياة كأنه في أوروبا، فسعر الشقة ربما يكون مماثلاً لسعر فيلا في أفضل التجمعات السكنية وأرقاها في مصر، لكنه يبحث عن شقة بمواصفات خاصة».
وفي عام 2017 أثار إعلان عن شقة بجوار فندق «أم كلثوم» بالزمالك، الجدل، بعد عرضها للبيع بمبلغ 3 ملايين دولار، وتبين فيما بعد أن الشقة ملك للسياسي المصري أيمن نور، لكن شعبان بدوره يؤكد أن «الناس لا تهتم بمن هو مالك الشقة في السابق، بل تهتم بالخدمات والجيران، وهذا هو ما يحدد سعر الشقة».
ويعد حي الزمالك بوسط القاهرة واحداً من أشهر الأحياء السكنية وأعلاها سعرها، حيث توجد به مقرات لعدد كبير من السفارات، مما يجعله مكاناً لسكن الأجانب، وينقسم الحي إلى قسمين (بحري وقبلي) يفصلهما محور (26 يوليو)، ويعد الجانب القلبي هو «الأكثر تميزاً والأعلى سعراً، لأنه مقر معظم السفارات»، وفقاً لإيهاب المصري، مدير مبيعات عقارية، الذي أوضح لـ«الشرق الأوسط» أن «ارتفاع الأسعار في الزمالك مرتبط بنقص المعروض في ظل ازدياد الطلب، مع وجود أجانب يدفعون بالعملات الأجنبية، وهم هنا لا يشترون مجرد إطلالة على النيل، بل يشترون خدمات وتأميناً عالي المستوى».
وعلى موقع «أوليكس» المخصص لبيع وتأجير العقارات والأدوات المنزلية، تجد شقة دوبليكس بمساحة 240 متراً في الزمالك مكونة من 4 غرف، معروضة للبيع بمبلغ 42 مليون جنيه، وشقة أخرى للبيع أمام نادي الجزيرة مساحة 400 متر بمبلغ 40 مليون جنيه.
ورغم ذلك فإن أسعار بعض الوحدات المعروضة للبيع قد تبدو مبالغاً فيها، حسب المصري، الذي يقول إن «السعر المعلن عنه غير حقيقي، فلا توجد شقة تباع في عمارة (ليبون) بمبلغ 40 مليون جنيه، وعند تنفيذ البيع قد لا يتجاوز السعر الثلاثين مليوناً، وهو سعر الوحدة السكنية في عمارة (العبد) المطلة على نادي الجزيرة والتي تعد أغلى عقارات الزمالك».
والشريحة المستهدفة بهذه الأسعار هي شريحة مختلفة تماماً عن الشريحة التي يستهدفها الإسكان الاجتماعي، فهي شريحة تبحث عن أسلوب حياة وإمكانيات معينة، كما يقول الخبير العقاري تامر ممتاز، لـ«الشرق الأوسط»، مشيراً إلى أن «التعامل مع مثل هذه الوحدات لا بد أن يكون كالتعامل مع السلع الخاصة، التي تقدم ميزات قد لا تكون موجودة في سلع أخرى، من بينها الخدمات والتأمين».
وتتفاوت أسعار الوحدات السكنية في حي الزمالك بشكل كبير، ويقدر موقع «بروبرتي فايندر»، المتخصص في بيع وتأجير العقارات، متوسط سعر الشقة في منطقة أبو الفدا المطلة على نيل الزمالك بمبلغ 7 ملايين جنيه مصري، بينما يبلغ متوسط سعر الشقة في شارع «حسن صبري» نحو 10 ملايين جنيه، ويتباين السعر في شارع الجبلاية بالجانب القبلي من الحي، ليبدأ من 4.5 مليون جنيه ويصل إلى 36 مليون جنيه.
منطقة جاردن سيتي تتمتع أيضاً بارتفاع أسعار وحداتها، وإن لم يصل السعر إلى مثيله في الزمالك، حيث توجد شقق مساحتها لا تتجاوز 135 متراً معروضة للبيع بمبلغ 23 مليون جنيه، ويبلغ متوسط سعر المتر في جاردن سيتي نحو 15 ألف جنيه، وفقاً لـ«عقار ماب».
وتحتل الشقق السكنية الفندقية بـ«فورسيزونز» على كورنيش النيل بالجيزة، المرتبة الأولى في الأسعار، حيث يبلغ سعر الشقة نحو 4.5 مليون دولار، حسب تأكيدات شعبان والمصري، وكانت إحدى شقق «فورسيزونز» قد أثارت الجدل عندما عُرضت للبيع عام 2018 بمبلغ 40 مليون دولار، وبُرر ارتفاع السعر وقتها بأن مساحتها 1600 متر، وتطل على النيل وعلى حديقة الحيوانات، وبها حمام سباحة خاص، إضافة إلى الشخصيات العربية المرموقة التي تسكن «فورسيزونز».
وتحدد أسعار هذا النوع من العقارات بمقدار الخدمات والخصوصية التي يوفّرها، وفقاً لممتاز، الذي يؤكد أن «العقار في مصر يعد مخزناً للقيمة، ولذلك تكون مجالاً للاستثمار، فالمشتري يبحث عن عقار سيرتفع سعره أو يتضاعف في المستقبل، ومن المؤكد أنه كلما زادت الخدمات، فإن احتمالات زيادة الأسعار ستكون أكبر، خصوصاً في ظل وجود نوع من المستهلكين يبحثون عن مميزات خاصة، لا تتوافر إلا في عدد محدود من الوحدات السكنية».