كيف حوّل كلوب ملعب «آنفيلد» إلى حصن منيع أمام المنافسين؟

ليفربول مرشح ليصبح أول فريق يحقق الفوز في كل مبارياته على ملعبه خلال الموسم

كلوب له الفضل في توطيد العلاقة بين لاعبي ليفربول وجماهيرهم في ملعب «آنفيلد»... (رويترز)
كلوب له الفضل في توطيد العلاقة بين لاعبي ليفربول وجماهيرهم في ملعب «آنفيلد»... (رويترز)
TT

كيف حوّل كلوب ملعب «آنفيلد» إلى حصن منيع أمام المنافسين؟

كلوب له الفضل في توطيد العلاقة بين لاعبي ليفربول وجماهيرهم في ملعب «آنفيلد»... (رويترز)
كلوب له الفضل في توطيد العلاقة بين لاعبي ليفربول وجماهيرهم في ملعب «آنفيلد»... (رويترز)

دائماً ما كان ملعب «آنفيلد» حصناً منيعاً أمام الأندية المنافسة لليفربول، فهو الملعب الذي يشير إليه المدير الفني الإسباني جوسيب غوارديولا بـ«ذلك المكان»، وهو الملعب الذي بكى فيه النجم الأرجنتيني ليونيل ميسي في آخر مرة كان فيها هناك.
وحتى الرحلة إلى هذا الملعب تتميز بطابع فريد من نوعه، فهذا المكان مختلف من حيث الزوايا ومن حيث تضاريس تلك المدينة الساحلية، والطريقة الرائعة التي ينبعث بها الضوء من وراء المنازل، والطريقة التي تنتهي بها الشوارع المسدودة هناك، والتي تأخذ الجماهير في اتجاه واحد، فلا يوجد أدنى شك في شأن هوية المكان الذي يذهبون إليه، وهو الملعب الذي يحتضن مباريات ليفربول.
ويمكننا أن نؤكد على أن «تسليح آنفيلد»، إن جاز التعبير، كان جزءاً مهماً من النجاح الاستثنائي الذي حققه ليفربول العام الماضي. ولعل الشيء الأكثر إثارة للاهتمام في مسيرة ليفربول خلال الموسم الحالي يتمثل في أن هذا الفريق قد تجاوز كل التوقعات وأصبح يقدم شيئاً من الخيال، لدرجة أنه حقق الفوز في 35 مباراة من آخر 36 خاضها في الدوري الإنجليزي الممتاز (عبر الموسمين الماضي والحالي). لقد نجح المدير الفني الألماني يورغن كلوب في تكوين فريق مخيف يقدم مستويات استثنائية ويحقق نتائج رائعة ويلتهم المنافسين واحداً تلو الآخر من دون أدنى شفقة أو رحمة.
من المؤكد أننا رأينا بعض الفرق التي حققت نجاحاً كبيراً للغاية في السنوات الأخيرة، مثل نادي مانشستر سيتي الذي قدم مستويات استثنائية خلال الموسمين الماضيين وحصل على لقب الدوري الإنجليزي الممتاز بعدما حصد 100 نقطة، في الوقت نفسه الذي كان يقدم فيه كرة قدم جميلة وممتعة ينتظرها الجميع. لكن الحقيقة أن ما يقدمه ليفربول شيء مختلف تماماً، حيث يغرد ليفربول في صدارة الدوري الإنجليزي الممتاز منفرداً بفارق 25 نقطة كاملة عن صاحب المركز الثاني مانشستر سيتي، بعد الفوز على نوريتش سيتي بهدف نظيف من توقيع النجم السنغالي ساديو ماني. وفي الحقيقة، لم يتمكن أي ناد من تحقيق هذه الأرقام من قبل.
لقد تحول ملعب «آنفيلد» إلى ما يشبه القلعة التي يفترس فيها ليفربول كل منافسيه واحداً تلو الآخر، كما يمكن القول إن أفضل لاعب في الدوري الإنجليزي الممتاز هذا الموسم سيكون من نادي ليفربول بكل تأكيد. وعلاوة على ذلك، وصل معدل الأهداف التي يحرزها ليفربول على ملعبه في الدوري الإنجليزي الممتاز إلى 3 أهداف في المباراة في المتوسط، وهو معدل رائع في حقيقة الأمر. لقد لعب الفريق 11 ساعة ونصف الساعة متتالية على هذا الملعب من دون أن تهتز شباكه بأي هدف. وإذا نظرنا إلى المباريات المتبقية لليفربول في الدوري الإنجليزي الممتاز هذا الموسم، فمن المتوقع أن يكون ليفربول هو أول فريق يفوز في جميع المباريات التي خاضها على ملعبه في الدوري في موسم واحد.
والأكثر من ذلك، أن هذا الملعب أصبح مصدر قلق وخوف للمنافسين، فهناك شعور سائد الآن بقدرة ليفربول على الفوز على أي فريق على هذا الملعب. ولم يكن «آنفيلد» بمثل هذه القوة من قبل، حيث كان يمثل مصدر قوة للفريق في بعض الفترات، وكان يتعرض فيه ليفربول للخسارة في فترات أخرى، لكن يبدو أنه قد تمت إعادة تهيئة هذا المكان بشكل متعمد وببراعة فائقة لكي يمثل مصدر قوة هائلة للفريق في المباريات التي يخوضها على ملعبه.
ومن المؤكد أن كلوب كان له دور كبير في ذلك. وقد تكون المباراة التي تعادل فيها ليفربول مع ويست بروميتش ألبيون على ملعب «آنفيلد» قبل عامين من الآن هي نقطة الانطلاق الحقيقية في تحويل هذا الملعب إلى حصن منيع على الأندية المنافسة. لقد كانت هذه هي أول مباراة يجبر فيها كلوب لاعبيه على تقديم التحية بأيديهم إلى الجماهير الموجودة في الملعب «التي ساهمت بشكل كبير في تقوية العلاقة بين اللاعبين والجمهور».
وبعد ذلك، بدأ كلوب ينتقد قيام عدد من جماهير النادي بمغادرة الملعب قبل نهاية بعض المباريات، ثم تحدث عن ضرورة أن يكون ملعب «آنفيلد» إضافة قوية للفريق في المباريات التي يخوضها على ملعبه، وحتى الطريقة التي يعتمد عليها كلوب في اللعب تناسب تماماً هذه المرحلة. صحيح أن ليفربول يعتمد على الجوانب البدنية في المقام الأول، لكن جميع لاعبي الفريق يلعبون بحماس كبير وغيرة هائلة من أجل مصلحة الفريق وحصد النقاط. وبالتالي، لم يكن من قبيل الصدفة أن 11 لاعباً من هذا الفريق الرائع لم يخسروا أي مباراة من قبل على ملعب «آنفيلد». لقد مرّ عامان ونصف العام على آخر مرة يخسر فيها ليفربول على ملعبه!
وكما هي الحال مع الملاعب الإنجليزية القديمة الكبرى، يمثل ملعب «آنفيلد» دائماً مصدراً للقوة والحماس بالنسبة للاعبي الفريق ويساعدهم على تقديم أفضل ما لديهم من أجل إسعاد الجماهير العريضة التي تؤازرهم بكل قوة وحماس. وبالنسبة لمجموعة «فينواي سبورتس غروب» المالكة لنادي ليفربول، فإن كل جزء من النادي يمثل ميزة يتعين على النادي استغلالها، وبالتالي لم يكن من الغريب أن يعمل النادي جاهداً على استغلال ميزة أن يلعب الفريق على ملعبه وبين جمهوره.
لقد كان القرار الذي اتخذته المجموعة المالكة بالإبقاء على ملعب «آنفيلد» كما هو قراراً رائعاً. والآن، فإن القرار الذي اتخذته المجموعة بتوسعة الملعب يناسب المرحلة الجديدة، لكن يجب أن يكون هناك شكل من أشكال الحيطة والحذر في هذا الأمر، حيث يجب أن يكون هناك نوع من التوازن بين العاطفة والجوانب المالية والاقتصادية والتاريخ والرغبة في التطوير.
وفي الحقيقة، يختلف ملعب «آنفيلد» عن غيره من الملاعب الأخرى. وقد وجد كثير من الأندية الكبرى أن ملعب الفريق بات يمثل عقبة يجب التغلب عليها، والدليل على ذلك أن نادي مثل ويست هام يونايتد يلعب في مركز للتسوق، بالإضافة إلى أن ملعب «أولد ترافورد» قد تحول إلى ما يمكن أن نطلق عليه «نجماً مظلماً». إن الإحساس بالمكان أحد الأشياء التي يُفترض أنها انقرضت في عالم كرة القدم الحديثة، لكن الأمر يختلف تماماً فيما يتعلق بملعب «آنفيلد»، الذي يعد المحرك الأساسي لهذا الفريق الرائع لنادي ليفربول. ولا يوجد أدنى شك في أنه سيأتي الوقت الذي سيخسر فيه ليفربول على هذا الملعب، لكن الشيء المؤكد هو أن هذا الملعب كان له عامل السحر في تفوق ليفربول الكاسح في الدوري الإنجليزي الممتاز هذا الموسم، والذي أصبح الحصول على لقبه مسألة وقت لا أكثر.


مقالات ذات صلة

رودري المصاب: هدفي العودة هذا الموسم

رياضة عالمية رودري (رويترز)

رودري المصاب: هدفي العودة هذا الموسم

قال رودري، لاعب مانشستر سيتي حامل لقب الدوري الإنجليزي الممتاز لكرة القدم، إنه يأمل في العودة من إصابة خطيرة في الركبة قبل نهاية الموسم الحالي.

«الشرق الأوسط» (لندن)
رياضة عالمية رود فان نيستلروي (د.ب.أ)

فان نيستلروي على مشارف تدريب ليستر

يتجه ليستر سيتي لتعيين الهولندي رود فان نيستلروي مدرباً له، بحسب ما أفادت العديد من وسائل الإعلام البريطانية، الأربعاء.

«الشرق الأوسط» (لندن)
رياضة عالمية ميخائيل كافيلاشفيلي (الشرق الأوسط)

نجم السيتي السابق مرشحاً رئاسياً لجورجيا

اختار حزب الحلم الجورجي الحاكم في جورجيا، اليوم الأربعاء، لاعب كرة القدم السابق ميخائيل كافيلاشفيلي مرشحاً للرئاسة عقب فوز متنازع عليه في الانتخابات البرلمانية.

«الشرق الأوسط» (تبليسي)
رياضة عالمية أنجي بوستيكوغلو (أ.ف.ب)

بوستيكوغلو: إصابة فيكاريو ضربة موجعة لتوتنهام

اعترف أنجي بوستيكوغلو، المدير الفني لفريق توتنهام هوتسبير، بأن الإصابة الخطيرة لحارس مرمى الفريق جوليلمو فيكاريو في كاحل القدم كانت بمثابة صدمة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
رياضة عالمية إلكاي غوندوغان (أ.ف.ب)

غوندوغان: الهزيمة أمام ليفربول قد تُنهي آمال السيتي في اللقب

أقرّ الألماني إلكاي غوندوغان لاعب وسط مانشستر سيتي الأربعاء أن الهزيمة أمام مضيفه ليفربول متصدر الدوري الإنجليزي الممتاز قد تُنهي آمال بطل المواسم.

«الشرق الأوسط» (مانشستر)

بعد مئويته الأولى... هالاند يتطلع إلى المزيد في مسيرته الحالمة مع مانشستر سيتي

هالاند يفتتح التسجيل في شباك تشيلسي (أ.ب)
هالاند يفتتح التسجيل في شباك تشيلسي (أ.ب)
TT

بعد مئويته الأولى... هالاند يتطلع إلى المزيد في مسيرته الحالمة مع مانشستر سيتي

هالاند يفتتح التسجيل في شباك تشيلسي (أ.ب)
هالاند يفتتح التسجيل في شباك تشيلسي (أ.ب)

وصل النجم النرويجي الدولي إيرلينغ هالاند إلى 100 مباراة في مسيرته مع فريق مانشستر سيتي، حيث احتفل بمباراته المئوية خلال فوز الفريق السماوي 2 - صفر على مضيفه تشيلسي، الأحد، في المرحلة الافتتاحية لبطولة الدوري الإنجليزي الممتاز لكرة القدم.

وكان المهاجم النرويجي بمثابة اكتشاف مذهل منذ وصوله إلى ملعب «الاتحاد» قادماً من بوروسيا دورتموند الألماني في صيف عام 2022، حيث حصل على الحذاء الذهبي للدوري الإنجليزي الممتاز كأفضل هداف بالبطولة العريقة في موسميه حتى الآن. واحتفل هالاند بمباراته الـ100 مع كتيبة المدرب الإسباني جوسيب غوارديولا على أفضل وجه، عقب تسجيله أول أهداف مانشستر سيتي في الموسم الجديد بالدوري الإنجليزي في شباك تشيلسي على ملعب «ستامفورد بريدج»، ليصل إلى 91 هدفاً مع فريقه حتى الآن بمختلف المسابقات. هذا يعني أنه في بداية موسمه الثالث مع سيتي، سجل 21 لاعباً فقط أهدافاً للنادي أكثر من اللاعب البالغ من العمر 24 عاماً، حسبما أفاد الموقع الإلكتروني الرسمي لمانشستر سيتي.

وعلى طول الطريق، حطم هالاند كثيراً من الأرقام القياسية للنادي والدوري الإنجليزي الممتاز، حيث وضع نفسه أحد أعظم الهدافين الذين شهدتهم هذه البطولة العريقة على الإطلاق. ونتيجة لذلك، توج هالاند بكثير من الألقاب خلال مشواره القصير مع سيتي، حيث حصل على جائزة لاعب الموسم في الدوري الإنجليزي الممتاز، ولاعب العام من رابطة كتاب كرة القدم، ولاعب العام من رابطة اللاعبين المحترفين، ووصيف الكرة الذهبية، وأفضل لاعب في جوائز «غلوب سوكر».

كان هالاند بمثابة اكتشاف مذهل منذ وصوله إلى مانشستر (أ.ف.ب)

وخلال موسمه الأول مع سيتي، أحرز هالاند 52 هدفاً في 53 مباراة في عام 2022 - 2023، وهو أكبر عدد من الأهداف سجله لاعب بالدوري الإنجليزي الممتاز خلال موسم واحد بجميع البطولات. ومع إحرازه 36 هدفاً، حطم هالاند الرقم القياسي المشترك للأسطورتين آلان شيرر وآندي كول، البالغ 34 هدفاً لكل منهما كأكبر عدد من الأهداف المسجلة في موسم واحد بالدوري الإنجليزي الممتاز. وفي طريقه لتحقيق هذا العدد من الأهداف في البطولة، سجل النجم النرويجي الشاب 6 ثلاثيات - مثل كل اللاعبين الآخرين في الدوري الإنجليزي الممتاز مجتمعين آنذاك. وخلال موسمه الأول مع الفريق، كان هالاند أيضاً أول لاعب في تاريخ الدوري الإنجليزي الممتاز يسجل «هاتريك» في 3 مباريات متتالية على ملعبه، وأول لاعب في تاريخ المسابقة أيضاً يسجل في كل من مبارياته الأربع الأولى خارج قواعده. وكان تسجيله 22 هدفاً على أرضه رقماً قياسياً لأكبر عدد من الأهداف المسجلة في ملعب «الاتحاد» خلال موسم واحد، كما أن أهدافه الـ12 ب دوري أبطال أوروبا هي أكبر عدد يحرزه لاعب في سيتي خلال موسم واحد من المسابقة.

أما في موسمه الثاني بالملاعب البريطانية (2023 - 2024)، فرغم غيابه نحو شهرين من الموسم بسبب الإصابة، فإن هالاند سجل 38 هدفاً في 45 مباراة، بمعدل هدف واحد كل 98.55 دقيقة بكل المنافسات، وفقاً لموقع مانشستر سيتي الإلكتروني الرسمي. واحتفظ هالاند بلقب هداف الدوري الإنجليزي للموسم الثاني على التوالي، عقب إحرازه 27 هدفاً في 31 مباراة... وفي نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، عندما سجل هدفاً في تعادل مانشستر سيتي 1 - 1 مع ليفربول، حطم هالاند رقماً قياسياً آخر في الدوري الإنجليزي الممتاز، بعدما أصبح أسرع لاعب في تاريخ المسابقة يسجل 50 هدفاً، بعد خوضه 48 مباراة فقط بالبطولة.

وتفوق هالاند على النجم المعتزل آندي كول، صاحب الرقم القياسي السابق، الذي احتاج لخوض 65 لقاء لتسجيل هذا العدد من الأهداف في البطولة. وفي وقت لاحق من ذلك الشهر، وخلال فوز سيتي على لايبزيغ، أصبح اللاعب البالغ من العمر 23 عاماً في ذلك الوقت أسرع وأصغر لاعب على الإطلاق يسجل 40 هدفاً في دوري أبطال أوروبا، حيث انتقل إلى قائمة أفضل 20 هدافاً على الإطلاق بالمسابقة.

كما سجل هالاند 5 أهداف في مباراة واحدة للمرة الثانية في مسيرته مع سيتي في موسم 2023 - 2024، وذلك خلال الفوز على لوتون تاون في كأس الاتحاد الإنجليزي. ومع انطلاق الموسم الجديد الآن، من يدري ما المستويات التي يمكن أن يصل إليها هالاند خلال الأشهر الـ12 المقبلة؟