تركيا لا ترغب في أن يؤثر التوتر بإدلب على العلاقات مع روسيا

مسعف يبحث عن ضحايا بعد تعرض مستشفى في دارة عزة غرب حلب لغارة (أ.ف.ب)
مسعف يبحث عن ضحايا بعد تعرض مستشفى في دارة عزة غرب حلب لغارة (أ.ف.ب)
TT

تركيا لا ترغب في أن يؤثر التوتر بإدلب على العلاقات مع روسيا

مسعف يبحث عن ضحايا بعد تعرض مستشفى في دارة عزة غرب حلب لغارة (أ.ف.ب)
مسعف يبحث عن ضحايا بعد تعرض مستشفى في دارة عزة غرب حلب لغارة (أ.ف.ب)

أكدت تركيا أنها ستواصل التنسيق مع روسيا بشأن الأزمة السورية، وأنه لا يجب السماح بأن تؤثر هذه الأزمة على علاقات التعاون بين البلدين، وذلك تزامناً مع مباحثات أجراها وفد تركي في موسكو أمس (الاثنين) حول التطورات في إدلب التي تسببت في توتر بين الجانبين في الأسابيع الأخيرة.
وفي الوقت ذاته، واصلت تركيا توسيع وجودها في إدلب، من خلال إقامة نقاط مراقبة عسكرية جديدة، كما واصلت تعزيز النقاط داخل منطقة خفض التصعيد في إدلب، وحشد المزيد من التعزيزات العسكرية على الحدود مع سوريا.
وقال وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو إن بلاده وروسيا تواصلان التعاون من أجل التوصل لتفاهم نهائي حول إدلب. وأضاف في تصريحات لصحيفة «إزفستيا» الروسية، على هامش مؤتمر ميونيخ للأمن، نقلتها وسائل الإعلام التركية أمس: «يجب علينا ألا نسمح للأزمة السورية بأن تؤثر على التعاون بين تركيا وروسيا»، مشيراً إلى وجود كثير من الإجراءات التي يجب اتخاذها حيال إدلب.
وتابع جاويش أوغلو أن الجانب التركي سيعلن عن موقفه النهائي بعد المباحثات التي يجريها وفد تركي مع الجانب الروسي في موسكو.
ووصل وفد تركي، برئاسة نائب وزير الخارجية لشؤون الشرق الأوسط إلى موسكو، أمس، لاستكمال المباحثات حول إدلب. ويضم الوفد مسؤولين عسكريين وممثلين للمخابرات التركية. وسبق هذه الجولة من المفاوضات جولتان لوفد روسي في أنقرة الأسبوع الماضي، فشلتا في التوصل إلى نقاط اتفاق، وتقريب وجهات النظر، من أجل تحقيق التهدئة في إدلب.
وتتمسك تركيا بانسحاب قوات النظام السوري إلى خلف نقاط المراقبة، بموجب تفاهم سوتشي الموقع مع روسيا في 17 سبتمبر (أيلول) 2018، بينما تقول روسيا إن تركيا أخفقت في تنفيذ بنود الاتفاق، فيما يتعلق بالفصل بين الجماعات المتشددة والفصائل المعتدلة، وإنهاء وجود المتشددين وأسلحتهم في إدلب، وكذلك في فتح وتأمين الطرق الرئيسية حول إدلب (في إشارة إلى طريقي إم 4 وإم 5). كما تتحدث دوائر في موسكو عن وصول أسلحة إلى «هيئة تحرير الشام» (جبهة النصرة سابقاً) من تركيا. وقال جاويش أوغلو إن تركيا تأمل بأن يتم اعتماد النسخة النهائية للاتفاقية بشأن منطقة إدلب خلال زيارة الوفد التركي إلى موسكو، لافتاً إلى أن المباحثات ستوضح ما إذا كانت هناك حاجة إلى اجتماع بين رئيسي البلدين.
وفي غضون ذلك، أصيب عدد من أفراد القوات التركية بجروح أمس، إثر استهداف قوات النظام السوري لنقطة مراقبة تركية في شمال غربي سوريا. وأفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان» بأن قصفاً مدفعياً لقوات النظام السوري المتقدمة في ريف حلب الشمالي الغربي استهدف النقطة التركية المتمركزة في منطقة الشيخ عقيل، ما أدى إلى إصابة عدد من الجنود الأتراك، بعضهم في حالة خطيرة، وأن القوات التركية ردت على القصف.
وواصل الجيش التركي إرسال التعزيزات العسكرية إلى نقاط المراقبة في محافظة إدلب، ودخلت أمس قافلة تعزيزات تضم 150 مركبة عسكرية محملة بمدافع ودبابات وناقلات جنود مدرعة. وفي الوقت ذاته، استمر الجيش التركي في توسيع وجوده في إدلب ومحيطها، وأنشأ أمس نقطة مراقبة جديدة في سرمدا، بريف إدلب الشمالي، ليرتفع عدد النقاط التركية في إدلب من 12 إلى 30 نقطة.
ودخل رتل عسكري تركي، صباح أمس، من معبر كفرلوسين، واتجه نحو مدينة سرمدا، بريف إدلب، ليستقر على الطريق الواصلة بين مدينتي «الدانا - سرمدا»، بالقرب من مفرق قرية البردقلي، بريف إدلب الشمالي، وتمركز في النقطة الجديدة. وكانت القوات التركية قد أنشأت قبل أيام نقطة مراقبة داخل الفوج 111 قرب دارة عزة، تزامناً مع تقدم قوات النظام في قرى وبلدات ريف إدلب الشمالي.
إلى ذلك، أعلنت وزارة الدفاع التركية، في بيان أمس، أن هجوماً بسيارة ملغومة نفذته «وحدات حماية الشعب» الكردية أودى بحياة شخصين، وأصاب 5 آخرين، بمدينة تل أبيض الواقعة ضمن نطاق عملية «نبع السلام» العسكرية التركية في شمال شرقي سوريا. وقال البيان إنه «تم إلقاء القبض على منفذ الهجوم حياً، مع إرهابي آخر وصل إلى المنطقة بسيارة ملغومة لتنفيذ هجوم ثانٍ».



«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
TT

«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)

ما زال حزب «الجبهة الوطنية» المصري الجديد يثير انتقادات وتساؤلات بشأن برنامجه وأهدافه وطبيعة دوره السياسي في المرحلة المقبلة، خاصة مع تأكيد مؤسسيه أنهم «لن يكونوا في معسكر الموالاة أو في جانب المعارضة».

وكان حزب «الجبهة الوطنية» مثار جدل وتساؤلات في مصر، منذ الكشف عن اجتماعات تحضيرية بشأنه منتصف الشهر الماضي، انتهت بإعلان تدشينه في 30 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وتمحورت التساؤلات حول أسباب ظهوره في هذه المرحلة، وهل سيكون بديلاً لحزب الأغلبية في البرلمان المصري (مستقبل وطن)، لا سيما أن مصر مقبلة على انتخابات برلمانية نهاية العام الجاري.

هذه التساؤلات حاول اثنان من مؤسسي الحزب الإجابة عنها في أول ظهور إعلامي مساء السبت، ضمن برنامج «الحكاية» المذاع على قناة «إم بي سي»، وقال وكيل مؤسسي حزب «الجبهة الوطنية» ووزير الإسكان المصري السابق عاصم الجزار، إن «الحزب هو بيت خبرة هدفه إثراء الفكر وإعادة بناء الوعي المصري المعاصر»، مؤكداً أن الحزب «لا يسعى للأغلبية أو المغالبة، بل يستهدف التأثير النوعي وليس الكمي».

وأضاف: «هدفنا تشكيل تحالف من الأحزاب الوطنية القائمة، إذ لن نعمل وحدنا»، معلناً استعداد الحزب الجديد، الذي لا يزال يستكمل إجراءات تأسيسه رسمياً، للتحالف مع «أحزاب الأغلبية مستقبل وطن وحماة وطن والمعارضة والمستقلين أيضاً بهدف خدمة المصلحة الوطنية»، مستطرداً: «لن نكون أداة لتمرير قرارات، بل أداة للإقناع بها».

وشدد الجزار على أن «الحزب لا ينتمي لمعسكر الموالاة أو للمعارضة»، وإنما «نعمل لمصلحة الوطن».

وهو ما أكده رئيس «الهيئة العامة للاستعلامات» بمصر وعضو الهيئة التأسيسية لحزب «الجبهة الوطنية»، ضياء رشوان، الذي قال: «سنشكر الحكومة عندما تصيب ونعارضها عندما تخطئ»، مشيراً إلى أن «مصر ليس لها حزب حاكم حتى يكون هناك حديث عن موالاة ومعارضة».

الانتقادات الموجهة للحزب ارتبطت بتساؤلات حول دوره في ظل وجود نحو 87 حزباً سياسياً، وفق «الهيئة العامة للاستعلامات»، منها 14 حزباً ممثلاً في البرلمان الحالي، يتصدرها حزب «مستقبل وطن» بأغلبية 320 مقعداً، يليه حزب «الشعب الجمهور» بـ50 مقعداً، ثم حزب «الوفد» بـ39 مقعداً، وحزب «حماة الوطن» بـ27 مقعداً، وحزب «النور» الإسلامي بـ11 مقعداً، وحزب «المؤتمر» بـ8 مقاعد.

ورداً على سؤال للإعلامي عمرو أديب، خلال برنامج «الحكاية»، بشأن ما إذا كان الحزب «طامحاً للحكم ويأتي بوصفه بديلاً لحزب الأغلبية»، قال رشوان: «أي حزب سياسي يسعى للحكم، لكن من السذاجة أن نقول إن حزباً يعمل على إجراءات تأسيسه اليوم سيحصد الأغلبية بعد 8 أو 10 أشهر»، مشيراً إلى أن «الحزب لن يعيد تجارب (الهابطين من السماء)». واستطرد: «لن نسعى للأغلبية غداً، لكن قد يكون بعد غد».

وأضاف رشوان أن «الحزب يستهدف في الأساس إعادة بناء الحياة السياسية في مصر بعد فشل تجربة نظام الحزب الواحد في مصر منذ عام 1952»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إحياء تحالف 30 يونيو (حزيران)»، لافتاً إلى أن «التفكير فيه هو ثمرة للحوار الوطني الذي أثار زخماً سياسياً».

طوال ما يزيد على ساعة ونصف الساعة حاول الجزار ورشوان الإجابة عن التساؤلات المختلفة التي أثارها إعلان تدشين الحزب، والتأكيد على أنه «ليس سُلمة للوصول إلى البرلمان أو الوزارة»، وليس «بوابة للصعود»، كما شددا على أن «حزب الجبهة يضم أطيافاً متعددة وليس مقصوراً على لون سياسي واحد، وأنه يضم بين جنباته المعارضة».

وعقد حزب «الجبهة الوطنية» نحو 8 اجتماعات تحضيرية على مدار الأسابيع الماضي، وتعمل هيئته التأسيسية، التي تضم وزراء ونواباً ومسؤولين سابقين، حالياً على جمع التوكيلات الشعبية اللازمة لإطلاقه رسمياً.

ويستهدف الحزب، بحسب إفادة رسمية «تدشين أكبر تحالف سياسي لخوض الانتخابات البرلمانية المقبلة، عبر صياغة تفاهمات سياسية واسعة مع الأحزاب الموجودة»، إضافة إلى «لمّ الشمل السياسي في فترة لا تحتمل التشتت».

ومنذ إطلاق الحزب تم ربطه بـ«اتحاد القبائل والعائلات المصرية» ورئيسه رجل الأعمال إبراهيم العرجاني، حتى إن البعض قال إن «الحزب هو الأداة السياسية لاتحاد القبائل». وعزز هذه الأحاديث إعلان الهيئة التأسيسية التي ضمت رجل الأعمال عصام إبراهيم العرجاني.

وأرجع الجزار الربط بين الحزب والعرجاني إلى أن «الاجتماعات التحضيرية الأولى للحزب كانت تجري في مكتبه بمقر اتحاد القبائل؛ كونه أميناً عاماً للاتحاد»، مؤكداً أن «الحزب لا علاقة له باتحاد القبائل». وقال: «العرجاني واحد من عشرة رجال أعمال ساهموا في تمويل اللقاءات التحضيرية للحزب». وأضاف: «الحزب لا ينتمي لشخص أو لجهة بل لفكرة».

وحول انضمام عصام العرجاني للهيئة التأسيسية، قال رشوان إنه «موجود بصفته ممثلاً لسيناء، ووجوده جاء بترشيح من أهل سيناء أنفسهم».

وأكد رشوان أن «البعض قد يرى في الحزب اختراعاً لكتالوج جديد في الحياة السياسية، وهو كذلك»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إعادة بناء الحياة السياسية في مصر التي يقول الجميع إنها ليست على المستوى المأمول».

بينما قال الجزار: «نحن بيت خبرة يسعى لتقديم أفكار وحلول وكوادر للدولة، ونحتاج لكل من لديه القدرة على طرح حلول ولو جزئية لمشاكل المجتمع».

وأثارت تصريحات الجزار ورشوان ردود فعل متباينة، وسط تساؤلات مستمرة عن رؤية الحزب السياسية، التي أشار البعض إلى أنها «غير واضحة»، وهي تساؤلات يرى مراقبون أن حسمها مرتبط بالانتخابات البرلمانية المقبلة.

كما رأى آخرون أن الحزب لم يكن مستعداً بعد للظهور الإعلامي.

بينما أشار البعض إلى أن «الحزب ولد بمشاكل تتعلق بشعبية داعميه»، وأنه «لم يفلح في إقناع الناس بأنه ليس حزب موالاة».

وقال مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية الدكتور عمرو الشوبكي لـ«الشرق الأوسط» إن «الحزب قدم حتى الآن كلاماً عاماً دون تصور أو رؤية واضحة للإصلاح التدريجي»، موضحاً أنه «من حيث المبدأ من حق أي جماعة تأسيس حزب جديد».

وبينما أكد الشوبكي أن ما عرضه المسؤولون عن الحزب الجديد بشأن «عدم طموحه للحكم لا يختلف عن واقع الحياة السياسية في مصر الذي يترك للدولة تشكيل الحكومة»، مطالباً «بتفعيل دور الأحزاب في الحياة السياسية»، فالمشكلة على حد تعبيره «ليست في إنشاء حزب جديد، بل في المساحة المتاحة للأحزاب».