ملف الكهرباء يصعق علاقة «أمل» بـ«التيار الحر»

تبادل الاتهامات بين الطرفين بعرقلة حل الأزمة

TT

ملف الكهرباء يصعق علاقة «أمل» بـ«التيار الحر»

انفجر الخلاف مجدداً بين «حركة أمل» التي يرأسها رئيس البرلمان اللبناني نبيه برّي، و«التيار الوطني الحر» برئاسة النائب جبران باسيل، لكن هذه المرّة من باب المقاربات المتباعدة لحلّ أزمة الكهرباء، وتبادل الاتهامات بين الطرفين بعرقلة تنفيذ خطة الكهرباء وتعميق هذه الأزمة التي تكبّد خزينة الدولة خسائر تفوق الملياري دولار أميركي سنوياً، فيما ينشط قطاع المولدات الخاصة لتغطية ساعات انقطاع التيار مقابل رسوم إضافية يتكبدها اللبنانيون.
ورغم شراكة الفريقين داخل «حكومة الإنقاذ» برئاسة حسان دياب، فإن وزيرة الطاقة السابقة ندى البستاني (التيار الوطني الحرّ) حمّلت زميلها وزير المال في الحكومة السابقة علي حسن خليل (أمل)، مسؤولية عرقلة استكمال الأشغال في معمل دير عمار الثاني وتأخير تشغيله، عازية السبب إلى أن خليل «رفض دفع الأموال المتوجبة لبدء التشغيل تحت عنوان مشكلة الضريبة على القيمة المضافة، رغم موافقة كل الجهات المعنية قبل وصول الملف إلى وزارة المال». واستدعى هذا الموقف ردّاً سريعاً من خليل الذي أكد أن «كل ما سيق من اتهامات مرفوض وفيه تعمية عن الحقائق»، عادّاً أن البستاني «تقول ما هو مطلوب قوله، وسيكون هناك رد مطوّل يفنّد كل ما له علاقة بالكهرباء وحقيقته».
وقرأ فريق «أمل» في كلام البستاني، اعترافاً مسبقاً بعجز «التيار الحرّ» عن معالجة أزمة الكهرباء رغم تمسّكه بحقيبة الطاقة، وعدّ عضو كتلة «التحرير والتنمية» النائب ياسين جابر أن الفريق الآخر «يمارس حالة انكار كامل، ويتنصل من مسؤولياته التي أوصلت وضع الكهرباء إلى الكارثة». وقال لـ«الشرق الأوسط»: «هناك فريق مسؤول عن مشكلة الكهرباء، لسبب بسيط، وهو أن هذا الفريق لا يؤمن بعمل المؤسسات ولا بتطبيق القوانين، من أجل تعميق معاناة اللبنانيين نتيجة عدم توفر الكهرباء، واستمرار العجز في الخزينة»، مشدداً على أن «إصلاح ملف الكهرباء، يبدأ بمعالجة أزمة تنامي الدين العام ووضع حدّ لعجز الخزينة، وهذا لا يتحقق إلا بتعيين مجلس إدارة لمؤسسة الكهرباء والهيئة الناظمة للقطاع».
ويحاول «التيار الوطني» عدم إضفاء الطابع السياسي على الخلاف القائم مع «أمل»، حيث عاود وزير الطاقة الأسبق عضو «تكتل لبنان القوي» النائب سيزار أبي خليل، اتهام خليل بـ«عرقلة انطلاق العمل في معمل دير عمار»، وأكد لـ«الشرق الأوسط»، أن «الوزير خليل هو من تباهى على باب مجلس الوزراء بأنه عطّل استكمال العمل في معمل دير عمار لأسباب مختلفة». وقال أبي خليل: «يبدو أن أسباب التعطيل متعددة، لكنّ أهمها الحفاظ على صفقات شراء المازوت لصالح المولدات، التي تكبّد اللبنانيين 2.5 مليار دولار سنوياً». ولفت إلى أن «ثمة تعاوناً جدياً مع (حركة أمل) داخل حكومة الاختصاصيين، والرئيس بري أبدى اهتماماً كبيراً بالتعاون معنا لحلّ أزمة الكهرباء، وبالتالي فإن اتهامات نواب ووزراء (أمل) لا تقدم ولا تؤخر».
ويعاني لبنان أزمة كبرى في قطاع الكهرباء، حيث تتكبّد الخزينة خسائر تفوق الملياري دولار سنوياً، وقد بلغ عجز الكهرباء 40 في المائة من قيمة الدين العام الذي وصل عتبة الـ85 مليار دولار.
ولا يخفي جابر أن «أزمة الكهرباء هي السبب الأساسي لانهيار الوضع المالي في البلاد، وهذا يتجلّى برفض الفريق الممسك بالملف تنفيذ التعهدات التي قطعها». ولفت إلى أن هذا الفريق «لا يغش اللبنانيين فحسب، بل المجتمع الدولي»، مذكّراً بأن «الدول العشر التي اجتمعت في باريس لدعم لبنان قبل أشهر، طالبت بالإسراع في تنفيذ القوانين المرعية وتعيين مجلس إدارة جديد لمؤسسة الكهرباء والهيئة الناظمة، لكن هناك من يعارض هذا التوجه في الداخل»، عادّاً أن «تعيين الهيئة الناظمة يأخذ الكثير من صلاحيات الوزير، وهذا سيؤدي حتماً إلى وقف الصفقات»، داعياً الفريق المعني بملف الكهرباء إلى أن «يحدد مساره ويثبت جديته في تطبيق الإصلاح في القطاع، لكن هذا الفريق لا يقبل بهيئة تكشف فضائحه». وذكّر جابر بأن «فريق (التيار الوطني الحرّ)، رفض عرضاً قدمته شركة (سيمنز) الألمانية قبل سنتين، لبناء معامل إنتاج جديدة بتكلفة متدنية تدفع على آجال طويلة، وهذا دليل على عدم الجدية بمعالجة الأزمة».
ويبدو أن «التيار الوطني الحرّ» يريد حصر خلافه مع نواب ووزراء «حركة أمل»، دون أن ينسحب الخلاف على قيادتي الحزبين، وأعلن أبي خليل أن هناك «اتفاقاً كاملاً مع الرئيس بري الذي التزم بشكل واضح بتطبيق خطة الكهرباء لحلّ أزمة القطاع»، محملاً نواب ووزراء «أمل» مسؤولية «التخبيص في إطلاق المواقف». وأضاف: «لا يتوقف النائب جابر عن تسويق الأكاذيب بأننا رفضنا عرضاً قدمته شركة (سيمنز) الألمانية لبناء معامل إنتاج، وأوضحنا هذا الأمر في بيان مفصّل، لكن النائب جابر لا ينفكّ عن تسويق أضاليله». ودعا إلى «مراجعة تصريح رئيس شركة (سيمنز) في الشرق الأوسط، الذي أوضح فيه أنه لم يعرض على الجانب اللبناني بناء معامل للكهرباء، بل جرى مناقشة بعض الأفكار لا أكثر ولا أقل».



تهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل وسيلة الحوثيين لإرهاب السكان

وقفة للجماعة الحوثية في وسط العاصمة صنعاء ضد الضربات الأميركية البريطانية على مواقعها (أ.ب)
وقفة للجماعة الحوثية في وسط العاصمة صنعاء ضد الضربات الأميركية البريطانية على مواقعها (أ.ب)
TT

تهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل وسيلة الحوثيين لإرهاب السكان

وقفة للجماعة الحوثية في وسط العاصمة صنعاء ضد الضربات الأميركية البريطانية على مواقعها (أ.ب)
وقفة للجماعة الحوثية في وسط العاصمة صنعاء ضد الضربات الأميركية البريطانية على مواقعها (أ.ب)

أفرجت الجماعة الحوثية عن عدد ممن اختطفتهم، على خلفية احتفالاتهم بعيد الثورة اليمنية في سبتمبر (أيلول) الماضي، لكنها اختطفت خلال الأيام الماضية المئات من سكان معقلها الرئيسي في صعدة، ووجَّهت اتهامات لهم بالتجسس، بالتزامن مع بث اعترافات خلية مزعومة، واختطاف موظف سابق في السفارة الأميركية.

وذكرت مصادر محلية في محافظة صعدة (242 كيلومتراً شمال صنعاء)، أن الجماعة الحوثية تنفِّذ منذ عدة أيام حملة اختطافات واسعة طالت مئات المدنيين من منازلهم أو مقار أعمالهم وأنشطتهم التجارية، وتقتادهم إلى جهات مجهولة، بتهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل، مع إلزام أقاربهم بالصمت، وعدم التحدُّث عن تلك الإجراءات إلى وسائل الإعلام، أو عبر مواقع التواصل الاجتماعي.

وقدرت المصادر عدد المختطَفين بأكثر من 300 شخص من مديريات مختلفة في المحافظة التي تُعدّ معقل الجماعة، بينهم عشرات النساء، وشملت حملة المداهمات منازل عائلات أقارب وأصدقاء عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني، عثمان مجلي، الذي ينتمي إلى صعدة.

فعالية حوثية في صعدة التي تشهد حملة اختطافات واسعة لسكان تتهمم الجماعة بالتجسس (إعلام حوثي)

ورجحت المصادر أن اختطاف النساء يأتي بغرض استخدامهن رهائن لابتزاز أقاربهن الذين لم تتمكن الجماعة من الوصول إليهم، أو لإقامتهم خارج مناطق سيطرتها، ولإجبار من اختُطفنَ من أقاربهم على الاعتراف بما يُطلب منهن. وسبق للجماعة الحوثية اتهام حميد مجلي، شقيق عضو مجلس القيادة الرئاسي، أواخر الشهر الماضي، بتنفيذ أنشطة تجسسية ضدها، منذ نحو عقدين لصالح دول عربية وغربية.

إلى ذلك، اختطفت الجماعة الحوثية، الاثنين الماضي، موظفاً سابقاً في سفارة الولايات المتحدة في صنعاء، من منزله دون إبداء الأسباب.

وبحسب مصادر محلية في صنعاء؛ فإن عدداً من العربات العسكرية التابعة للجماعة الحوثية، وعليها عشرات المسلحين، حاصرت مقر إقامة رياض السعيدي، الموظف الأمني السابق لدى السفارة الأميركية في صنعاء، واقتحمت مجموعة كبيرة منهم، بينها عناصر من الشرطة النسائية للجماعة، المعروفة بـ«الزينبيات»، منزله واقتادته إلى جهة غير معلومة.

مسلحون حوثيون يحاصرون منزل موظف أمني في السفارة الأميركية في صنعاء قبل اختطافه (إكس)

وعبث المسلحون و«الزينبيات» بمحتويات منزل السعيدي خلال تفتيش دقيق له، وتعمدوا تحطيم أثاثه ومقتنياته، وتسببوا بالهلع لعائلته وجيرانه.

إفراج عن مختطَفين

أفرجت الجماعة الحوثية عن الشيخ القبلي (أمين راجح)، من أبناء محافظة إب، بعد 4 أشهر من اختطافه، كما أفرجت عن عدد آخر من المختطفين الذين لم توجه لهم أي اتهامات خلال فترة احتجازهم.

وراجح هو أحد قياديي حزب «المؤتمر الشعبي» الذين اختطفتهم الجماعة الحوثية إلى جانب عدد كبير من الناشطين السياسيين وطلاب وشباب وعمال وموظفين عمومين، خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، على خلفية احتفالهم بثورة «26 سبتمبر» 1962.

مخاوف متزايدة لدى اليمنيين من توسيع حملات الترهيب الحوثية بحجة مواجهة إسرائيل (أ.ب)

ومن بين المفرَج عنهم صاحب محل تجاري أكَّد لـ«الشرق الأوسط» أنه لم يعلم التهمة التي اختُطِف بسببها؛ كونه تعرض للاختطاف في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، أي بعد شهرين من حملة الاختطافات التي طالت المحتفلين بذكرى الثورة اليمنية.

وذكر أن الوسطاء الذين سعوا لمحاولة الإفراج عنه لم يعرفوا بدورهم سبب اختطافه؛ حيث كان قادة أجهزة أمن الجماعة يخبرونهم في كل مرة بتهمة غير واضحة أو مبرَّرة، حتى جرى الإفراج عنه بعد إلزامه بكتابة تعهُّد بعدم مزاولة أي أنشطة تخدم أجندة خارجية.

خلية تجسس مزعومة

بثَّت الجماعة الحوثية، عبر وسائل إعلامها، اعترافات لما زعمت أنها خلية تجسسية جديدة، وربطت تلك الخلية المزعومة بما سمته «معركة الفتح الموعود والجهاد المقدس»، في مواجهة الغرب وإسرائيل.

وطبقاً لأجهزة أمن الجماعة، فإن الخلية المزعومة كانت تسعى لإنشاء بنك أهداف، ورصد ومراقبة المواقع والمنشآت التابعة للقوة الصاروخية، والطيران المسيَّر، وبعض المواقع العسكرية والأمنية، بالإضافة إلى رصد ومراقبة أماكن ومنازل وتحركات بعض القيادات.

خلال الأشهر الماضية زعمت الجماعة الحوثية ضبط عدد كبير من خلايا التجسس (إعلام حوثي)

ودأبت الجماعة، خلال الفترة الماضية، على الإعلان عن ضبط خلايا تجسسية لصالح الغرب وإسرائيل، كما بثَّت اعترافات لموظفين محليين في المنظمات الأممية والدولية والسفارات بممارسة أنشطة تجسسية، وهي الاعترافات التي أثارت التهكُّم، لكون ما أُجبر المختطفون على الاعتراف به يندرج ضمن مهامهم الوظيفية المتعارف عليها ضمن أنشطة المنظمات والسفارات.

وسبق للجماعة أن أطلقت تحذيرات خلال الأيام الماضية للسكان من الحديث أو نشر معلومات عن مواقعها والمنشآت التي تسيطر عليها، وعن منازل ومقار سكن ووجود قادتها.

تأتي هذه الإجراءات في ظل مخاوف الجماعة من استهداف كبار قياداتها على غرار ما جرى لقادة «حزب الله» اللبناني، في سبتمبر (أيلول) الماضي، وفي إطار المواجهة المستمرة بينها وإسرائيل والولايات المتحدة وبريطانيا، بعد هجماتها على طرق الملاحة الدولية في البحر الأحمر، والهجمات الصاروخية باتجاه إسرائيل.