التحالف الدولي يفتح تحقيقاً في استهداف موقع له ببغداد

صواريخ طالت محيط السفارة الأميركية ومقراً لـ«الحشد الشعبي»

السفارة الأمريكية في العاصمة العراقية بغداد (أ. ف. ب)
السفارة الأمريكية في العاصمة العراقية بغداد (أ. ف. ب)
TT

التحالف الدولي يفتح تحقيقاً في استهداف موقع له ببغداد

السفارة الأمريكية في العاصمة العراقية بغداد (أ. ف. ب)
السفارة الأمريكية في العاصمة العراقية بغداد (أ. ف. ب)

على الرغم من استمرار استهداف المنطقة الخضراء ومحيط السفارة الأميركية فيها بصواريخ الكاتيوشا، فإن صواريخ فجر أمس بدت مختلفة لجهة خريطة الأهداف المتناقضة. فبينما أعلنت القوات الأمنية العراقية عن العثور على منصة الصواريخ في منطقة الزعفرانية شرقي العاصمة بغداد، كانت هذه المنطقة هي نفسها مسرحاً للصواريخ التي كانت أطلقت على المنطقة الخضراء قبل حوالي ثلاثة أسابيع، ووقعت في مناطق متفرقة من محيط السفارة.
القصف في كل مرة لم يؤدِّ إلى إحداث خسائر في الأرواح أو المعدات، وهو ما لم يعد يشكل استفزازاً للولايات المتحدة التي لم تعد تحتفظ بكثير من موظفيها في هذا المبنى الأضخم في بغداد، والأكبر بين السفارات الأميركية في العالم.
الجديد هذه المرة أن صواريخ أربعة توزعت بطريقة بدت عشوائية، بين صاروخين كانا من حصة محيط السفارة الأميركية، وصاروخ وقع قريباً من مبنى يتخذه التحالف الدولي ضد تنظيم «داعش» مقراً له، وصاروخ أخطأ هدفه بطريقة بدت غريبة؛ حيث وقع على مقر تابع لهيئة «الحشد الشعبي» في شارع فلسطين في جانب الرصافة من بغداد، بينما وقعت بقية الصواريخ في جانب الكرخ.
خلية الإعلام الأمني اكتفت بإصدار بيان خجول كالعادة، تروي فيه ما حصل دون تحديد موقف أو كشف الجهة التي يمكن أن تكون خلف الحادث. الخلية وفي بيان لاحق لها أعلنت عن التوصل إلى معرفة المكان الذي انطلقت منه الصواريخ مع منصة الإطلاق. الجغرافيا هي نفسها شرقي بغداد، ومن حي الزعفرانية نفسه الذي لا أحد يعرف - بمن في ذلك أجهزة الأمن - السر وراء وجود منصات الصواريخ المتخصصة بقصف «الخضراء» والسفارة فيه.
من جانبها، التزمت السفارة الأميركية الصمت بعد أن بدأت تدرك طبيعة وفحوى الاستهداف، بالإضافة إلى إنها هي خصوصاً بعد حادثة مقتل قائد «فيلق القدس» الإيراني السابق قاسم سليماني، ونائب رئيس هيئة «الحشد الشعبي» العراقي أبو مهدي المهندس، تعرف وحدها متى ترد وأين. لكن التحالف الدولي الذي يُستهدف مقر له لأول مرة، أعلن من جهته أنه قرر فتح تحقيق في الحادث، مع احتفاظه بحق الرد.
الخبير الأمني هشام الهاشمي، وفي تغريدة بدت ساخرة له، قال إن «تصوير منصات إطلاق الكاتيوشا، وإلحاقها ببيان رسمي، يعد أبرز إنجاز أمني بعد قصف السفارة». ويضيف الهاشمي: «لعل أهم إنجاز يذكر للأمن العراقي بعد كل عملية استهداف للمناطق والمعسكرات التي تستضيف بها الدولة العراقية قوات أميركية وأجنبية ورعاياهم المدنيين، هو العثور على منصات إطلاق الكاتيوشا وتصويرها»، مضيفاً أن «هناك إنجازاً نوعياً آخر هو صورة الستوتة التي نقلت منصة الإطلاق».
وأعلن المتحدث باسم التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة في العراق الجنرال مايلز كاغينز، في تغريدة «إصابة القاعدة العراقية التي تضم قوات (من التحالف) بصواريخ صغيرة في المنطقة الدولية (...) عند الساعة 3:24 (بتوقيت العراق)». وذكر أن الهجوم لم يؤدِّ إلى وقوع إصابات. وحسب وكالة الصحافة الفرنسية فإن القاعدة المعروفة باسم «يونيون 3»، هي مقر التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة في العراق منذ 2014، لمساعدة القوات المحلية على محاربة تنظيم «داعش».
ومنذ نهاية أكتوبر (تشرين الأول)، تعرضت السفارة الأميركية في بغداد وقواعد تضم قوات أميركية في العراق، إلى 19 هجوماً صاروخياً. والخميس الماضي سقط صاروخ كاتيوشا في قاعدة عسكرية يتمركز فيها جنود أميركيون في كركوك بشمال العراق، من دون أن يؤدي إلى وقوع خسائر في الأرواح. وكان الهجوم الأول على القاعدة منذ استهدافها بثلاثين صاروخاً في 27 ديسمبر (كانون الأول)، ما تسبب في مقتل متعاقد مدني أميركي، وبتصعيد بين واشنطن وطهران على أرض العراق.
واتهمت واشنطن كتائب «حزب الله» العراقي المقربة من إيران بشن الهجوم، ونفَّذت قواتها غارات أودت بحياة 25 مقاتلاً من الفصيل الشيعي الذي دفع بمناصريه نحو مهاجمة السفارة الأميركية، في تحرك غير مسبوق.
وفي الثالث من يناير (كانون الثاني)، نفَّذت القوات الأميركية ضربة جوية قرب مطار بغداد الدولي، أودت بحياة سليماني والمهندس.
وأطلقت طهران فجر 8 يناير صواريخ باليستية على قاعدتي عين الأسد (غرب) وحرير قرب أربيل (شمال)؛ حيث يتمركز جنود أميركيون يبلغ عددهم 5200، رداً على اغتيال سليماني. ولم يقتل أي جندي أميركي في الضربة؛ لكن وزارة الدفاع الأميركية أعلنت إصابة 109 جنود بارتجاج في الدماغ. كما هدَّدت الفصائل الشيعية في العراق المقربة من إيران باستهداف القواعد والمقرات الأميركية، رداً على مقتل المهندس، مطالبة القوات الأميركية بمغادرة العراق.
ووقع هجوم أمس بعد ساعات من إعلان قيادي في جماعة «حركة النجباء»، الفصيل الشيعي المسلَّح المدعوم من إيران، عن «بدء العد التنازلي لتحقيق السيادة، والرد على قوات الاحتلال الأميركي عسكرياً». ونشرت الجماعة على «تويتر» صورة لما قالت إنها آلية أميركية مرفقة بعبارة: «إننا أقرب إليكم مما تتصورون».
وبعيد الهجوم، دوَّت أصوات صفارات الإنذار في أنحاء مجمع السفارة الأميركية في المنطقة الخضراء المحصَّنة، وفقاً لمصدر عسكري أميركي ودبلوماسي يقيم في منطقة قريبة. وسمع دوي عدة انفجارات في العاصمة العراقية.



ضربات في صعدة... والحوثيون يطلقون صاروخاً اعترضته إسرائيل

عناصر حوثيون يحملون صاروخاً وهمياً خلال مظاهرة في صنعاء ضد الولايات المتحدة وإسرائيل (أ.ب)
عناصر حوثيون يحملون صاروخاً وهمياً خلال مظاهرة في صنعاء ضد الولايات المتحدة وإسرائيل (أ.ب)
TT

ضربات في صعدة... والحوثيون يطلقون صاروخاً اعترضته إسرائيل

عناصر حوثيون يحملون صاروخاً وهمياً خلال مظاهرة في صنعاء ضد الولايات المتحدة وإسرائيل (أ.ب)
عناصر حوثيون يحملون صاروخاً وهمياً خلال مظاهرة في صنعاء ضد الولايات المتحدة وإسرائيل (أ.ب)

تبنّت الجماعة الحوثية إطلاق صاروخ باليستي فرط صوتي، زعمت أنها استهدفت به محطة كهرباء إسرائيلية، الأحد، وذلك بعد ساعات من اعترافها بتلقي ثلاث غارات وصفتها بالأميركية والبريطانية على موقع شرق مدينة صعدة؛ حيث معقلها الرئيسي شمال اليمن.

وفي حين أعلن الجيش الإسرائيلي اعتراض الصاروخ الحوثي، يُعد الهجوم هو الثاني في السنة الجديدة، حيث تُواصل الجماعة، المدعومة من إيران، عملياتها التصعيدية منذ نحو 14 شهراً تحت مزاعم نصرة الفلسطينيين في غزة.

وادعى يحيى سريع، المتحدث العسكري باسم الجماعة الحوثية، في بيان مُتَلفز، أن جماعته استهدفت بصاروخ فرط صوتي من نوع «فلسطين 2» محطة كهرباء «أوروت رابين» جنوب تل أبيب، مع زعمه أن العملية حققت هدفها.

من جهته، أعلن الجيش الإسرائيلي، في بيان، أنه «بعد انطلاق صفارات الإنذار في تلمي اليعازر، جرى اعتراض صاروخ أُطلق من اليمن قبل عبوره إلى المناطق الإسرائيلية».

ويوم الجمعة الماضي، كان الجيش الإسرائيلي قد أفاد، في بيان، بأنه اعترض صاروخاً حوثياً وطائرة مُسيّرة أطلقتها الجماعة دون تسجيل أي أضرار، باستثناء ما أعلنت خدمة الإسعاف الإسرائيلية من تقديم المساعدة لبعض الأشخاص الذين أصيبوا بشكل طفيف خلال هروعهم نحو الملاجئ المحصَّنة.

وجاءت عملية تبنِّي إطلاق الصاروخ وإعلان اعتراضه، عقب اعتراف الجماعة الحوثية باستقبال ثلاث غارات وصفتها بـ«الأميركية البريطانية»، قالت إنها استهدفت موقعاً شرق مدينة صعدة، دون إيراد أي تفاصيل بخصوص نوعية المكان المستهدَف أو الأضرار الناجمة عن الضربات.

مقاتلة أميركية على متن حاملة طائرات في البحر الأحمر (أ.ب)

وإذ لم يُعلق الجيش الأميركي على الفور، بخصوص هذه الضربات، التي تُعد الأولى في السنة الجديدة، كان قد ختتم السنة المنصرمة في 31 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، باستهداف منشآت عسكرية خاضعة للحوثيين في صنعاء بـ12 ضربة.

وذكرت وسائل الإعلام الحوثية حينها أن الضربات استهدفت «مجمع العرضي»؛ حيث مباني وزارة الدفاع اليمنية الخاضعة للجماعة في صنعاء، و«مجمع 22 مايو» العسكري؛ والمعروف شعبياً بـ«معسكر الصيانة».

106 قتلى

مع ادعاء الجماعة الحوثية أنها تشن هجماتها ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن وباتجاه إسرائيل، ابتداء من 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، في سياق مناصرتها للفلسطينيين في غزة، كان زعيمها عبد الملك الحوثي قد اعترف، في آخِر خُطبه الأسبوعية، الخميس الماضي، باستقبال 931 غارة جوية وقصفاً بحرياً، خلال عام من التدخل الأميركي، وأن ذلك أدى إلى مقتل 106 أشخاص، وإصابة 314 آخرين.

وكانت الولايات المتحدة قد أنشأت، في ديسمبر 2023، تحالفاً سمّته «حارس الازدهار»؛ ردّاً على هجمات الحوثيين ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، قبل أن تشنّ ضرباتها الجوية ابتداء من 12 يناير (كانون الثاني) 2024، بمشاركة بريطانيا في بعض المرات؛ أملاً في إضعاف قدرات الجماعة الهجومية.

دخان يتصاعد من موقع عسكري في صنعاء خاضع للحوثيين على أثر ضربة أميركية (أ.ف.ب)

واستهدفت الضربات مواقع في صنعاء وصعدة وإب وتعز وذمار، في حين استأثرت الحديدة الساحلية بأغلبية الضربات، كما لجأت واشنطن إلى استخدام القاذفات الشبحية، لأول مرة، لاستهداف المواقع الحوثية المحصَّنة، غير أن كل ذلك لم يمنع تصاعد عمليات الجماعة التي تبنّت مهاجمة أكثر من 211 سفينة منذ نوفمبر 2023.

وأدّت هجمات الحوثيين إلى إصابة عشرات السفن بأضرار، وغرق سفينتين، وقرصنة ثالثة، ومقتل 3 بحارة، فضلاً عن تقديرات بتراجع مرور السفن التجارية عبر باب المندب، بنسبة أعلى من 50 في المائة.

4 ضربات إسرائيلية

رداً على تصعيد الحوثيين، الذين شنوا مئات الهجمات بالصواريخ والطائرات المُسيرة باتجاه إسرائيل، ردّت الأخيرة بأربع موجات من الضربات الانتقامية حتى الآن، وهدد قادتها السياسيون والعسكريون الجماعة الحوثية بمصير مُشابه لحركة «حماس» و«حزب الله» اللبناني، مع الوعيد باستهداف البنية التحتية في مناطق سيطرة الجماعة.

ومع توقع أن تُواصل الجماعة الحوثية هجماتها، لا يستبعد المراقبون أن تُوسِّع إسرائيل ردها الانتقامي، على الرغم من أن الهجمات ضدها لم يكن لها أي تأثير هجومي ملموس، باستثناء مُسيَّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.

كذلك تضررت مدرسة إسرائيلية بشكل كبير، جراء انفجار رأس صاروخ، في 19 ديسمبر الماضي، وإصابة نحو 23 شخصاً جراء صاروخ آخر انفجر في 21 من الشهر نفسه.

زجاج متناثر في مطار صنعاء الدولي بعد الغارات الجوية الإسرائيلية (أ.ب)

واستدعت هذه الهجمات الحوثية من إسرائيل الرد، في 20 يوليو الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة، ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة نحو 80 آخرين.

وفي 29 سبتمبر (أيلول) الماضي، قصفت إسرائيل مستودعات للوقود في كل من الحديدة وميناء رأس عيسى، كما استهدفت محطتيْ توليد كهرباء في الحديدة، إضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات، وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص، وإصابة نحو 30 شخصاً.

وتكررت الضربات، في 19 ديسمبر الماضي؛ إذ شنّ الطيران الإسرائيلي نحو 14 غارة على مواني الحديدة الثلاثة، الخاضعة للحوثيين غرب اليمن، وعلى محطتين لتوليد الكهرباء في صنعاء؛ ما أدى إلى مقتل 9 أشخاص، وإصابة 3 آخرين.

وفي المرة الرابعة من الضربات الانتقامية في 26 ديسمبر الماضي، استهدفت تل أبيب، لأول مرة، مطار صنعاء، وضربت في المدينة محطة كهرباء للمرة الثانية، كما استهدفت محطة كهرباء في الحديدة وميناء رأس عيسى النفطي، وهي الضربات التي أدت إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة أكثر من 40، وفق ما اعترفت به السلطات الصحية الخاضعة للجماعة.