الرئاسة الفلسطينية: مستعدون لمفاوضات مباشرة مع تل أبيب

اللجنة الإسرائيلية ـ الأميركية لترتيب ضم المناطق في الضفة تباشر عملها

رئيس الوزراء الفلسطيني محمد أشتية خلال لقائه المدعية العامة للمحكمة الجنائية الدولية فاتو بنسودة في ميونيخ (وفا)
رئيس الوزراء الفلسطيني محمد أشتية خلال لقائه المدعية العامة للمحكمة الجنائية الدولية فاتو بنسودة في ميونيخ (وفا)
TT

الرئاسة الفلسطينية: مستعدون لمفاوضات مباشرة مع تل أبيب

رئيس الوزراء الفلسطيني محمد أشتية خلال لقائه المدعية العامة للمحكمة الجنائية الدولية فاتو بنسودة في ميونيخ (وفا)
رئيس الوزراء الفلسطيني محمد أشتية خلال لقائه المدعية العامة للمحكمة الجنائية الدولية فاتو بنسودة في ميونيخ (وفا)

قال الناطق باسم الرئاسة الفلسطينية نبيل أبو ردينة، إن السلطة الفلسطينية مستعدة للتوقيع على اتفاق سلام خلال أسبوعين فقط إذا وافقت إسرائيل على إقامة دولة فلسطينية عاصمتها القدس.
وأضاف أبو ردينة، في حديث لصحافيين إسرائيليين التقاهم في رام الله بترتيب من لجنة رسمية فلسطينية تعنى بالتواصل مع المجتمع الإسرائيلي: «نحن نتعامل مع حكومة إسرائيلية تدمر أي فرصة للسلام، والحكومة الأميركية تدفع إسرائيل والفلسطينيين إلى صراع دائم».
وحديث أبو ردينة جاء في محاولة لإطلاق مفاوضات جديدة بعيداً عن خطة السلام الأميركية التي طرحها الرئيس الأميركي دونالد ترمب ورفضتها السلطة. وقال في تصريحه إنه «لن يتم حل الصراع عن طريق صفقة قدمها الأميركيون، لكن عن طريق المفاوضات بين إسرائيل والفلسطينيين». ومضى يقول: «نحن أمام نقطة تحول، هل تختار إسرائيل السلام أم الصراع المستمر؟ رئيسنا يريد السلام، لكن من الصعب إيجاد قائد مستعد للتوقيع على الشروط الأميركية». وتابع: «نريد شريكاً يريد السلام. نريد رجالاً مثل بيريس ورابين يدعمان السلام».
وأردف: «نحن نتحمل ونصبر، لأننا لا نريد أن تتجه الأمور للأسوأ. نريد أن يعرف الشعب الإسرائيلي أننا جادون في مكافحة الإرهاب، لو لم نكن كذلك لسمحنا للشعب بالتسلح». وفي محولة لطمأنة الإسرائيليين أكثر حول جدية السلطة، أكد أبو ردينة أن التنسيق الأمني مستمر، بخلاف ما أعلنه سابقاً الرئيس الفلسطيني محمود عباس ومسؤولون آخرون.
وتسعى السلطة الآن إلى إطلاق مفاوضات بوجود آلية متعددة الأطراف، تكون الولايات المتحدة أحد أطرافها، لكنها لا تجد دولة كبيرة على استعداد لتبني هذا المشروع.
وقال رئيس الوزراء محمد أشتية إنه «يجب أن يكون هناك بديل حقيقي وتدخل دولي جاد تقوده أوروبا والدول العظمى، لمنع الإفشال المتكرر من أميركا للأمم المتحدة ولعملية السلام، وليكون بديلاً لسياسات الضم وعملية فرض الخطة الأميركية الإسرائيلية من طرف واحد». وأضاف أشتية خلال لقائه عضو البرلمان الألماني نوربرت روتجين رئيس لجنة الشؤون الخارجية في البرلمان، أمس، على هامش مشاركته في أعمال الدورة الـ56 لمؤتمر ميونيخ للأمن: «نريد عملية سلام ذات إطار مرجعي دولي متعدد الأطراف قد يضم الأمم المتحدة أو الرباعية الدولية، مضافاً إليها بعض الدول، وتكون وفق إطار زمني واضح وإجراءات حقيقية لبناء الثقة بين الأطراف كافة».
كما أكد رئيس الوزراء على أهمية التدخل الدولي، والأوروبي بشكل خاص، لوقف عرقلة إسرائيل إجراء الانتخابات في القدس والأراضي الفلسطينية كافة. وشدد أشتية على أهمية بلورة أوروبا لاستراتيجية داعمة للحق الفلسطيني في اللجوء إلى المرجعيات الدولية، بما فيها محكمة الجنايات الدولية.
وقالت حركة فتح، أمس، إن خطة نتنياهو تلخّصُ حقيقة «صفقة القرن»، وتؤكد كونها مخطّطاً يهدف إلى بسط الهيمنة الإسرائيلية لتشمل كلّ فلسطين التاريخية، وليست مخططاً يسعى لإحلال السلام بناءً على أسس العدالة واحترام القانون الدولي.
ويفترض أن تكون اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير اجتمعت في وقت متأخر، أمس، لبحث خريطة طريق، بما في ذلك طرح مشروع قرار على مجلس الأمن، وهو المشروع الذي دبّ خلاف سابق حوله من قبل أطرافه، وتم تأجيله. لكن لا يبدو أن المحاولات الفلسطينية لخلق تأثير في إسرائيل تلقى آذاناً صاغية في تل أبيب، فقد أعلن رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، أمس، أن فريقاً ضم مناطق في الضفة الغربية باشر عمله، في إشارة إلى قرار إسرائيل ضم منطقة الأغوار الحدودية ومستوطنات الضفة.
وقالت مصادر في إسرائيل، إن اللجنة بدأت تعد الترتيبات التنظيمية لعملها؛ حيث إن كل اجتماع لها سيوجب سفر أعضائها الإسرائيليين إلى واشنطن أو سفر أعضائها الأميركيين إلى إسرائيل. وسيكون عليها ترتيب مشاركة الخبراء والمهندسين وكل ذوي الشأن، «لأن الحديث يجري عن ترسيم حدود إسرائيل لأول مرة في تاريخها، وسيتم تدقيق تعديل الخرائط التي وضعت في الخطة الأصلية التي نشرها الرئيس الأميركي دونالد ترمب، في 28 من الشهر الماضي».
ويتألف الوفد الأميركي في هذه اللجنة، حسب تلك المصادر، من السفير الأميركي لدى إسرائيل، ديفيد فريدمان، وكبير مستشاري السفير أريه لايتس تون، ورئيس الشؤون الإسرائيلية الفلسطينية في مجلس الأمن القومي الأميركي، سكوت ليث. وأما الوفد الإسرائيلي فيتألف من وزير السياحة المقرب من رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، ياريف ليفين، والسفير الإسرائيلي لدى الولايات المتحدة، رون درامر، والمدير التنفيذي لمكتب رئيس الحكومة، رونين بيرتس.
وأكدت مصادر أخرى أن تركيب اللجنة قد يتغير، بعد الانتخابات الإسرائيلية، التي ستجري بعد أسبوعين، في ضوء النتائج. ففي حال تشكيل حكومة برئاسة بيني غانتس، سيحرص على إشراك الجيش الإسرائيلي في هذه اللجنة، علماً بأن نتنياهو استبعد الجيش عنها. لكن استباق الإعلان عنها، اليوم، جاء لخدمة نتنياهو في الانتخابات، إذ إنه أراد أن يثبت أنه جاد في تنفيذ عمليات الضم، لأن المستوطنين يتهمونه بالتردد في الموضوع بسبب قرار الإدارة الأميركية عدم إعلان الضم، ويطالبونه بتجاهل الموقف الأميركي، زاعمين: «إذا لم يتم الضم قبل الانتخابات فإنه لن يتم أبداً».
المعروف أن نتنياهو ومسؤولي البيت الأبيض كانوا قد فسروا تأجيل قرار الضم إلى ما بعد الانتخابات الإسرائيلية بأنه بسبب الحاجة إلى وضع خرائط دقيقة للحدود وللمساحات التي سيتم ضمها إلى إسرائيل في غور الأردن والبحر الميت وسائر أنحاء الضفة الغربية. فهي مساحات شاسعة تصل إلى 800 كيلومتر، حسب بنود الصفقة.



تكرار وقائع «تحرش» بمدارس مصرية يفاقم أزمات وزير التعليم

وزير التربية والتعليم المصري يلتقي عدداً من أولياء الأمور في أول يوم دراسي بالعام الحالي (وزارة التربية والتعليم)
وزير التربية والتعليم المصري يلتقي عدداً من أولياء الأمور في أول يوم دراسي بالعام الحالي (وزارة التربية والتعليم)
TT

تكرار وقائع «تحرش» بمدارس مصرية يفاقم أزمات وزير التعليم

وزير التربية والتعليم المصري يلتقي عدداً من أولياء الأمور في أول يوم دراسي بالعام الحالي (وزارة التربية والتعليم)
وزير التربية والتعليم المصري يلتقي عدداً من أولياء الأمور في أول يوم دراسي بالعام الحالي (وزارة التربية والتعليم)

فاقم تكرار وقائع تحرش بطلاب داخل مدارس دولية وخاصة الأسابيع الماضية الأزمات داخل وزارة التربية والتعليم، التي صاحبت الوزير محمد عبد اللطيف، الذي تولى المهمة قبل عام ونصف العام، وسط مطالب بإقالته بوصفه «المسؤول الأول»، فيما دافع آخرون عنه على أساس أن الحوادث «فردية»، وأنه قام بإجراءات مشددة لمنع تكرارها.

وشهدت مدارس مصرية منذ نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، وقائع تحرش، حيث قررت وزارة التربية والتعليم وضع مدرسة «سيدز» الدولية في القاهرة تحت الإشراف سواء المالي أو الإداري للوزارة، عقب توقيف 4 عاملين فيها في اتهامهم بالتحرش بعدد من طلاب المرحلة التمهيدية، قبل أن يتولى القضاء العسكري القضية، وتتسع دائرة المتهمين فيها.

ولم تكن واقعة مدرسة «سيدز» الأولى من نوعها، إذ سبقها بشهور عدة، قضية الطفل «ي» التي تحولت لقضية رأي عام، وأدانت فيها محكمة الجنايات مشرفاً مالياً سبعينياً بالتحرش بالطفل داخل المدرسة، وقضت بالسجن المؤبد (25 عاماً) في مايو (أيار) الماضي، ثم خففت محكمة الاستئناف الحكم إلى السجن المشدد 10 سنوات في نوفمبر الماضي.

وزير التربية والتعليم خلال تفقده سير العملية الدراسية في إحدى المدارس (أرشيفية - وزارة التربية والتعليم المصرية)

ويُحمل الخبير التربوي عاصم حجازي، وزير التربية والتعليم محمد عبد اللطيف مسؤولية تكرار تلك الوقائع داخل المدارس، قائلاً لـ«الشرق الأوسط» إن «تكرارها يعكس غياب الإجراءات الرادعة لتفادي مثل هذه الحوادث منذ واقعة الطفل (ي)»، عادّاً أن غضب الرأي العام وأولياء الأمور على الوزير وما يحدث في الوزارة طبيعي ومبرر.

وأضاف: «الإجراءات لم تُتخذ سوى بعد واقعة مدرسة سيدز، وكانت متأخرة وغير كافية، بدليل تفجر وقائع أخرى في مدرستين بعدها».

وكانت وزارة التربية والتعليم فرضت إجراءات داخل المدارس الدولية للانضباط، تتمثل في وضع نظام كاميرات، ومنع وجود الطلاب في غير أوقات اليوم الدراسي، وإلزام المدارس بنظام خاص للإشراف على وجود الطلاب خارج الفصول، وإلزام هذه المدارس بإجراء تحليل مخدرات، والكشف عن الحالة الجنائية للعاملين فيها، وتقديم هذه الأوراق للوزارة.

وتساءل حجازي: «لماذا اقتصرت الإجراءات على المدارس الدولية، وهل المدارس الحكومية في مأمن من وقائع تحرش مماثلة؟».

وعقب أيام من واقعة مدرسة «سيدز»، ألقت الأجهزة الأمنية القبض على عامل في مدرسة دولية بالإسكندرية بتهمة التحرش بطلاب، وقررت محكمة جنايات الإسكندرية في 9 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، إحالة أوراق القضية إلى المفتي - هو قرار يمهد لحكم الإعدام - وأجلت النطق بالحكم إلى فبراير (شباط) المقبل. وطالب محامي الضحايا في القضية، طارق العوضي، بإقالة وزير التربية والتعليم خلال منشور على حسابه بموقع «إكس».

وقبل ساعات، انفجرت قضية جديدة بالتحرش بـ12 طالباً في مدرسة «النيل» الدولية بالقاهرة، وقررت وزارة التربية والتعليم، الأحد، وضع المدرسة تحت الإشراف سواء المالي أو الإداري للوزارة، مع «اتخاذ الإجراءات القانونية كافة حيال المسؤولين الذين ثبت تورطهم في تقصير أو إهمال بما أدى لحدوث هذه الواقعة»، وفق بيان الوزارة.

ويرى حجازي أن تكرار تلك الوقائع «يعكس ليس فقط غياب الرقابة داخل المدارس، وإنما أزمات أخرى عميقة، مثل قلة أعداد المعلمين والمُشرفين داخل المدارس، والتركيز على نظام التقييم الذي أقره وزير التعليم استراتيجية للوزارة، للسعي إلى إعادة الطلاب للمدارس، لكن دون وجود الإمكانات الخاصة بذلك».

ويتمثل نظام التقييم في تقسيم درجات التقييمات النهائية بين الاختبار النهائي، وتقييمات أخرى تتكرر على مدار العام، ما يُلزم الطلاب بالحضور.

وأضاف الخبير التربوي: «استراتيجية الوزير تضع أعباءً على المدرسين وأولياء الأمور فيما يتعلق بالتقييمات، مقابل تهميش الجوانب الأخرى المهمة سواء التربوية أو التوعوية، أو الخاصة بالإشراف النفسي».

وبينما تتفق عضوة لجنة التعليم في مجلس النواب (البرلمان) جيهان البيومي، على ضرورة اهتمام الوزارة في المرحلة المقبلة بـ«الجوانب التربوية والنفسية»، فإنها لا تتفق مع مطلب إقالة الوزير أو تحميله مسؤولية حوادث التحرش في المدارس.

وقالت البيومي لـ«الشرق الأوسط» إن «الوزير اتخذ قرارات سريعة ورادعة بعد كل واقعة، وهذه الوقائع تظل فردية، ولا يمكن وصفها بالمتفشية في المدارس أو المجتمع، لذا فالمغالاة في التعامل مع الأزمة بالمطالبة بإقالة الوزير ليست حلاً»، مشيرة إلى أنه «واحد من أنشط الوزراء الذين يقود عمله من الميدان، ويجري كثيراً من الزيارات المفاجئة للمدارس، ونجح في إعادة الطلاب للمدارس، وغيّر المناهج التعليمية، وكلها أمور تُحسب له».

وزير التربية والتعليم مع أحد طلاب الثانوية أبريل 2025 (وزارة التربية والتعليم)

وصاحب اختيار وزير التربية والتعليم جدلاً واسعاً مع تفجر أولى الأزمات المرتبطة به، الخاصة بحقيقة حصوله على شهادة الدكتوراه التي صاحبت سيرته الذاتية، بينما شككت وسائل إعلام محلية فيها. وتجاوزت الحكومة الأزمة بوصف عبد اللطيف في بيانات الوزارة بـ«السيد الوزير» بدلاً من «الدكتور».

ولم يتوقف الجدل حول الوزير عند هذه الأزمة، بل امتدت إلى قراره بتغيير المناهج في أغسطس (آب) 2024، الذي أُلغي بناء عليه تدريس بعض المواد في الشهادة الثانوية مثل «الفلسفة» و«علم النفس»، وتحولت اللغات بخلاف الإنجليزية إلى مواد ثانوية لا تضاف للمجموع، وعقب شهور ظهر جدل جديد خاص بمنظومة «البكالوريا» التي تتيح للطلاب خوض الامتحانات أكثر من مرة، بمقابل مادي، ورغم الانتقادات دخلت منظومة البكالوريا في النظام التعليمي المصري بداية من هذا العام.

ويرى الخبير التربوي وائل كامل في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، «أن شخصية وزير التربية والتعليم تبدو إدارية أكثر منها تربوية، فكل قراراته تعكس ذلك، بداية من إلغاء مواد دراسية أساسية في بناء الشخصية والتربية لدى الطلاب، مثل الفلسفة وعلم النفس، مروراً بنظام التقييمات في المدارس الذي يهتم بالكم على حساب الكيف، ويضع أعباء كبيرة على كل أطراف العملية التعليمية». ومع ذلك لا يرى كامل أن الحل في تغيير الوزير قائلاً: «الوزارة ككل في حاجة إلى إعادة هيكلة».


«محددات حماس» بشأن المرحلة الثانية لـ«اتفاق غزة»... هل تضعف فرص التقدم؟

إزالة حطام المباني والمنازل المدمرة في خان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
إزالة حطام المباني والمنازل المدمرة في خان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
TT

«محددات حماس» بشأن المرحلة الثانية لـ«اتفاق غزة»... هل تضعف فرص التقدم؟

إزالة حطام المباني والمنازل المدمرة في خان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
إزالة حطام المباني والمنازل المدمرة في خان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)

شهد اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة، المتعثر حالياً، تحفظات ومطالبات علنية من حركة «حماس» بشأن التزامات المرحلة الثانية المعنية بترتيبات إدارية وأمنية، وسط حديث أميركي عن جهود تبذل في «الكواليس» بشأن الانتقال إليها.

تلك المحددات التي أعلنتها «حماس»، الأحد، وشملت 4 بنود رئيسية متعلقة بنزع السلاح ودور مجلس السلام وقوات الاستقرار وتشكيل لجنة إدارة قطاع غزة، هناك تباين بشأنها بين خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، بين مَن يراها تكشف عن أزمات تعيق التقدم للمرحلة الثانية، وأنها مجرد مناورات لتقليل الضغوط عليها، مقابل تقديرات أخرى تؤكد أنها تكشف عن جدية الحركة في تنفيذ الاتفاق وسط عراقيل إسرائيل.

وتتضمن خطة السلام التي طرحها الرئيس الأميركي دونالد ترمب، وجرى بموجبها وقف إطلاق النار في قطاع غزة في أكتوبر (تشرين الأول)، تشكيل مجلس للسلام برئاسته يشرف على لجنة تكنوقراط فلسطينية، ونزع سلاح «حماس»، وألا يكون لها دور في حكم القطاع بعد الحرب، ونشر قوات استقرار.

وقال رئيس حركة «حماس» في قطاع غزة، خليل الحية، الأحد، في الذكرى 38 لتأسيس الحركة، إن السلاح حق كفلته القوانين الدولية للشعوب الواقعة تحت الاحتلال، معبراً عن انفتاح الحركة على دراسة أي مقترحات تحافظ على ذلك الحق مع ضمان إقامة دولة فلسطينية مستقلة.

وشدد على أن مهمة مجلس السلام، الذي ورد في خطة ترمب، ومن المقرر أن يقوده الرئيس الأميركي، هي رعاية تطبيق اتفاق وقف إطلاق النار والتمويل والإشراف على إعادة إعمار قطاع غزة. ورفض «كل مظاهر الوصاية والانتداب» على الفلسطينيين.

وأضاف: «ندعو لتشكيل لجنة التكنوقراط لإدارة قطاع غزة من مستقلين فلسطينيين بشكل فوري، ونؤكد جاهزيتنا لتسليمها الأعمال كاملة في كل المجالات وتسهيل مهامها»، مشدداً على أن مهمة القوة الدولية المزمع تشكيلها «يجب أن تقتصر على حفظ وقف إطلاق النار، والفصل بين الجانبين على حدود قطاع غزة» دون أن يكون لها أي مهام داخل القطاع.

ودعا الحية «الوسطاء، خصوصاً الضامن الأساسي، (الإدارة الأميركية والرئيس ترمب) إلى ضرورة العمل على إلزام الاحتلال باحترام الاتفاق والالتزام بتنفيذه وعدم تعريضه للانهيار».

نساء يحملن حزماً على رؤوسهن يمررن بخيام أقيمت على أرض تم تطهيرها لإيواء الفلسطينيين النازحين جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)

وقال مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان، فولكر تورك، الأسبوع الماضي، إن المفوضية وثقت أكثر من 350 هجوماً إسرائيلياً ومقتل 121 فلسطينياً على الأقل داخل المنطقة الواقعة خلف «الخط الأصفر» في غزة منذ وقف إطلاق النار، فيما لقي القيادي في «حماس» رائد سعد حتفه، في قصف إسرائيلي، السبت، استهدف سيارته في غزة.

وقال مسؤولون إسرائيليون إن الإدارة الأميركية تعمل حالياً على بلورة المرحلة الثانية من الخطة الرامية إلى إنهاء الحرب في قطاع غزة، وتخطِّط لأن يبدأ عمل القوة الدولية متعددة الجنسيات في القطاع اعتباراً من الشهر المقبل، وأبلغ مسؤولون أميركيون نظراءهم الإسرائيليين بهذا في محادثات أُجريت في الأيام الأخيرة، حسب هيئة البث الإسرائيلية.

وسبق أن تحدثت القناة الـ«14» الإسرائيلية أواخر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، بأن الولايات المتحدة حددت منتصف يناير (كانون الثاني) المقبل، موعداً لبدء انتشار «قوة الاستقرار الدولية» في غزة، ونهاية أبريل (نيسان) المقبل موعداً نهائياً لإتمام عملية نزع السلاح من القطاع، مشيرة إلى أن ذلك طموح منفصل عن الواقع، في إشارة لإمكانية تأجيله مجدداً.

ويرى المحلل المصري المتخصص في الشأن الإسرائيلي، بمركز الأهرام للدراسات الاستراتيجية، الدكتور سعيد عكاشة، أن محددات «حماس» تكشف عن أن «فرص التقدم في المرحلة الثانية ضعيفة وستدفع لمزيد من الضربات الإسرائيلية»، مشيراً إلى أنها «مجرد مناورات، من أجل تقليل الضغوط عليها التي تواجهها قبل تنفيذ التزامات المرحلة الثانية، التي تمر بظروف خطيرة».

ويعتقد المحلل السياسي الفلسطيني، المختص بشؤون «حماس»، إبراهيم المدهون، أنه لا مفر من الذهاب للمرحلة الثانية وتنفيذها، رغم عراقيل متكررة من جانب إسرائيل لإفشال الاتفاق، لافتاً إلى أنه بالنسبة لموضوع السلاح، فإن «حماس» منخرطة في حوار فلسطيني داخلي معمّق، إلى جانب حوار واضح وشفاف مع الوسطاء في القاهرة، حول رؤية قد تتبلور وتكون مقبولة لدى جميع الأطراف، بخلاف أن الحركة راغبة في حضور قوات سلام معنية بفضّ الاشتـباك.

ووسط تلك المحددات من «حماس» التي لم يعلق عليها الوسطاء، أفاد بيان لوزارة الخارجية المصرية، (الأحد)، بأن بدر عبد العاطي وزير الخارجية المصري، شدَّد في اتصال مع نظيرته البريطانية إيفيت كوبر، على أهمية نشر «قوة الاستقرار الدولية» المؤقتة في غزة، مؤكداً أهمية ضمان استدامة وقف إطلاق النار، وتنفيذ استحقاقات المرحلة الثانية من خطة ترمب.

وعلى هامش مشاركته في «منتدى صير بني ياس» بالإمارات، أكد وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، السبت: «ضرورة الانتقال إلى المرحلة الثانية من اتفاق غزة، وأهمية تشكيل قوة الاستقرار الدولية».

وردت المتحدثة باسم البيت الأبيض، كارولين ليفيت، على الصحافيين، الجمعة، بشأن تطورات اتفاق غزة، قائلة إن «هناك كثيراً من التخطيط الهادئ الذي يجري خلف الكواليس في الوقت الحالي للمرحلة الثانية من اتفاق السلام... نريد ضمان سلام دائم ومستمر».

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، السبت، عن مسؤولين القول إن إدارة ترمب تسعى لتجنيد قوة متعددة الجنسيات من 10 آلاف جندي بقيادة جنرال أميركي؛ لتحقيق الاستقرار في قطاع غزة، وذكر المسؤولون أنه لم تُرسل أي دولة قوات؛ بسبب تحفظات على إمكانية توسيع نطاق مهمة القوة لتشمل نزع سلاح حركة «حماس».

وأشارت الصحيفة إلى أن وزارة الخارجية الأميركية طلبت رسمياً من نحو 70 دولة تقديم مساهمات عسكرية أو مالية للقوة المزمع نشرها في غزة، غير أن 19 دولة فقط أبدت رغبتها في المساهمة بقوات أو تقديم المساعدة بطرق أخرى، ومنها المعدات والنقل.

ويرى عكاشة أن ترمب سيضغط خلال لقاء نتنياهو في 29 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، للبدء في المرحلة الثانية، متوقعاً أن تقبل إسرائيل الدخول إليها وبدء مفاوضات إلى ما لا نهاية بشأن تنفيذ الانسحابات.

ويعتقد المدهون أن «القاهرة تدرك العراقيل الإسرائيلية وستطالب بتسريع العمل للانتقال إلى المرحلة الثانية لإنهاء أي ذرائع إسرائيلية متوقعة قد تفشل الاتفاق».


سبعة قتلى جراء استهداف مستشفى في السودان بطائرة مسيَّرة

تعرض مستشفى عسكري في مدينة الدلنج السودانية لهجوم بطائرة مسيرة (أ.ف.ب)
تعرض مستشفى عسكري في مدينة الدلنج السودانية لهجوم بطائرة مسيرة (أ.ف.ب)
TT

سبعة قتلى جراء استهداف مستشفى في السودان بطائرة مسيَّرة

تعرض مستشفى عسكري في مدينة الدلنج السودانية لهجوم بطائرة مسيرة (أ.ف.ب)
تعرض مستشفى عسكري في مدينة الدلنج السودانية لهجوم بطائرة مسيرة (أ.ف.ب)

قال مصدر في مستشفى عسكري بمدينة الدلنج السودانية، الواقعة في الجنوب، التي تحاصرها «قوات الدعم السريع»، إن هجوماً عليها بطائرة مسيَّرة، الأحد، أسفر عن مقتل «7 مدنيين وإصابة 12».

ومن بين المصابين مرضى أو مرافقون لهم في المستشفى، حسب ما أفاد المصدر، الذي طلب عدم الكشف عن اسمه، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية». ويقدم المستشفى خدماته للمدنيين والعسكريين على حد سواء.

وتقع الدلنج في جنوب كردفان، وما زالت تحت سيطرة الجيش السوداني، لكنها محاصرة من «قوات الدعم السريع».