سلطات مصر تسعى لمنع صدام وشيك بين السلفيين والشيعة

اتجاه لإغلاق مسجد الحسين قبل احتفالات «عاشوراء».. وإنذارات متبادلة بالتصعيد

سلطات مصر تسعى لمنع صدام وشيك بين السلفيين والشيعة
TT

سلطات مصر تسعى لمنع صدام وشيك بين السلفيين والشيعة

سلطات مصر تسعى لمنع صدام وشيك بين السلفيين والشيعة

تسعى السلطات المصرية غدا (الاثنين) لمنع صدام وشيك بين السلفيين والشيعة. وقالت مصادر مسؤولة في وزارة الأوقاف إنها «تتجه لإغلاق مسجد الإمام الحسين بوسط العاصمة القاهرة لمنع إقامة أي مظاهر شيعية به أو في محيطه في ذكرى الاحتفال بيوم عاشوراء». فيما أكد مصدر أمني أن «وزارة الداخلية تكثف جهودها لتأمين منطقة الحسين تخوفا من وقوع أية اشتباكات مسلحة».
يأتي هذا في وقت، طالبت فيه قيادات سلفية الحكومة بمنع إقامة أية طقوس شيعية داخل «الحسين»، وأعلنت رموز شيعية عن تنظيم ما يعرف بـ«مجالس العزاء ليوم عاشوراء» في مسجد الحسين، وهو ما ينذر بصدام وشيك، حسب مراقبين.
وفي تحد واضح ورفض لتهديدات التيار السلفي بالتصعيد واستخدام القوة حال إحياء ذكرى عاشوراء، قال عمرو عبد الرحيم، القيادي بتيار الشباب المصري الشيعي، إن «تهديدات السلفيين ينبغي التصدي لها من قبل الحكومة». مضيفا لـ«الشرق الأوسط»: «لن نقوم بإلغاء الاحتفالات أو نقلها من مسجد الحسين وسنقوم بزيارة ضريح الحسين في عاشوراء بشكل سلمي وسنمارس الأدعية والاحتفالات، ولن نلجأ للعنف، ونطالب الداخلية بتأمين الاحتفالات».
وعلمت «الشرق الأوسط» أنه تم تشكيل لجان من الدعوة السلفية لرصد أية محاولات للشيعة بإحياء طقوس الاحتفال بيوم عاشوراء سواء داخل أو خارج مسجد الحسين. وحذر قيادي سلفي الحكومة من خطر إقامة احتفالات الشيعة، قائلا لـ«الشرق الأوسط»: «ليس من حق الشيعة الاحتفال بيوم عاشوراء.. ولن يسمح لهم بإثارة هذه النعرات الطائفية التي تكدر السلم العام»، مطالبا الجهات الأمنية بـ«إصدار قرار قوي وصارم يجرم أي احتفال للشيعة في مصر».
وترفض وزارة الأوقاف منح الشيعة تصريحا رسميا بإقامة الشعائر الخاصة بذكرى عاشوراء بمسجد الحسين، قائلة إنها «لا تسمح بالمذهبية في مساجد الوزارة». وقالت المصادر المسؤولة في الأوقاف إن «الوزارة، وهي المسؤولة عن المساجد، تتجه لغلق المسجد (الذي يضم ضريح الإمام الحسين بن علي بن أبي طالب)، لمنع إقامة أي احتفالات للشيعة»، وإن «المسجد للصلاة والدعوة فقط». وسبق أن أغلق وزير الأوقاف الدكتور محمد مختار جمعة مسجد الحسين في نفس الذكري، العام الماضي.
وتطوق قوات الأمن اليوم (الأحد) وغدا جميع أبواب مسجد الحسين. وقال مصدر أمني: «تم الدفع بتشكيلات أمنية لتأمين منطقة الحسين في ذكرى عاشوراء، وتخوفا من وقوع أية اشتباكات والتصدي لأية محاولات تخريبية»، مضيفا: «أي محاولات من بعض الأشخاص المتشددين للتحريض على العنف.. ستواجه بقوة».
ومسجد الحسين معروف أن أبوابه تظل مفتوحة طوال النهار والليل، ويؤوي العديد من المصريين من غير سكان العاصمة القاهرة الذين يفضلون الاحتماء به والمبيت بداخله. وقال المصدر الأمني إن «قوات الأمن لديها تعليمات مباشرة بمنع أي تجمهر أو تجاوزات في محيط الحسين».
وتوجد في مصر عدة مقامات وأضرحة ومشاهد لآل البيت، تشرف عليها وتديرها الدولة ممثلة في وزارة الأوقاف. وهي إن كانت مقدسة لدى الشيعة، فإنها تعد مزارات عادية لغالبية المصريين، مثل ضريح الحسين بن علي القريب من الجامع الأزهر (والذي يُزعم أن رأس الحسين مدفون فيه)، وضريح السيدة زينب بنت علي (وهي نفسها التي يوجد لها مقام جنوب العاصمة السورية، دمشق)، وضريح السيدة سكينة بنت الحسين، وضريح السيدة نفيسة بنت الحسن، ومقام الإمام علي زين العابدين بن الحسين، ومسجد السيدة عائشة، ومسجد السيدة رقية، وغيرها.
ويقول مراقبون إن «السلطات المصرية تتخوف من تكرار أحداث وقعت قبل عامين في عزبة أبو مسلم بمركز أبو النمرس بمحافظة الجيزة (جنوب غربي القاهرة)، وأدت إلى مقتل 4 أشخاص من الشيعة، بينهم الشيخ حسن شحاتة زعيم الشيعة في مصر، بعد أن قام المئات من أهالي العزبة بضربهم حتى الموت خلال احتفالهم بليلة النصف من شعبان».
وألغت السلطات الأمنية مؤتمرات للدعوة السلفية في ضاحية شبرا الخيمة بالقاهرة الكبرى وعدد من المحافظات، للتحريض ضد الشيعة. وقال قيادي في الدعوة السلفية إن «الهدف من المؤتمر بيان حقيقة الخلاف مع الشيعة». وأضاف القيادي الذي فضل عدم تعريفه، أن «موقفنا واضح.. وهو رفض محاولات الشيعة للتمدد في المجتمعات السنية واختراقها والوقوف لهم في ذلك بالمرصاد».
ولا يوجد حصر دقيق لأعداد الشيعة في مصر؛ لكن محمد الدريني أحد أبرز الشخصيات الشيعية يدعي أن عددهم يبلغ 3 ملايين، أما المصادر غير الرسمية في مصر فتشير إلى أن أعدادهم لا تزيد على 18 ألفا فقط، وجراء خوفهم من إعلان اعتناقهم للمذهب الشيعي يمارسون عقيدتهم في الخفاء ولا يعلنون عن ذلك. وقبل 10 أعوام تقدم بعض الشيعة بطلب إلى السلطات المصرية للاعتراف بالشيعة كطائفة دينية رسمية بموجب القانون؛ إلا أن الحكومة لم تقم بالرد على طلبهم حتى وقتنا هذا.



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.