القضاء العراقي يحقق في شبهات فساد تحوم حول حكومة علاوي المرتقبة

القضاء العراقي يحقق في شبهات فساد تحوم حول حكومة علاوي المرتقبة
TT

القضاء العراقي يحقق في شبهات فساد تحوم حول حكومة علاوي المرتقبة

القضاء العراقي يحقق في شبهات فساد تحوم حول حكومة علاوي المرتقبة

قرر مجلس القضاء الأعلى في العراق فتح تحقيق بشأن شبهات فساد تحوم حول تشكيلة الحكومة المرتقبة التي ينوي رئيسها المكلف، محمد توفيق علاوي، إعلان أسماء وزرائها، اليوم.
وقال المتحدث الرسمي باسم مجلس القضاء الأعلى، القاضي عبد الستار بيرقدار، إن «رئيس مجلس القضاء الأعلى أوعز باستدعاء فوري لكل مَن يظهر في وسائل الإعلام ويدعي حصول مساومات لإشغال مناصب في الحكومة الجديدة». وأضاف بيرقدار في بيان أمس أنه «في حال كذب هذا الادعاء فسوف يُعاقب مَن يصرح خلافاً للحقيقة وفق القانون».
وكان السياسي العراقي إبراهيم الصميدعي أعلن في تصريح متلفز أنه تلقى عروضاً بملايين الدولارات من قبل قوى سياسية لم يكشف عنها، مقابل حجز وزارة لها أو أكثر في كابينة علاوي، وهو ما دعا الادعاء العام إلى التحرك للتحقيق معه بشأن ادعاءاته. من جهته، أعلن الصميدعي في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أنه «ليس جزءاً من الفريق التفاوضي أو الاستشاري لرئيس الوزراء المكلف، مع أنني تمت دعوتي لأن أنضم للفريق، لكنني وجدت أن آلية العمل في المكتب ليست صحيحة»، مبيناً أنه «لا يوجد فهم حقيقي للأزمة التي يمرّ بها البلد من قبل فريق علاوي، حيث إنه يسعى لحلحلة الأزمة الشعبية التي تمرّ بها البلاد لكن على حساب الأزمة السياسية، وهذا سيؤدي إلى أزمة كبيرة». وأوضح الصميدعي أن «محمد توفيق علاوي يريد أن يعمل بصدق ونزاهة عبر تشكيل كابينة وزارية مستقلة تماماً، بمعنى أنه يرشح مستقلين، ولكن مَن يضمن أن يقوم هؤلاء المستقلون بنيل رضا الأحزاب لكي ينالوا الثقة وبالتالي تنتفي الاستقلالية».
وحول الحديث عن المال السياسي في هذه التشكيلة الوشيكة، يقول الصميدعي: «طبقاً لما سمعته، فإن شراء الوزارات تجاوزت 100 مليون دولار أميركي».
وحول الآثار القانونية التي تترتب على الرشى يقول الخبير القانوني علي التميمي إن «قانون العقوبات العراقي في المواد 307 وما بعدها حدد العقوبات الخاصة بتلقي الرشوة، وهي عقوبة سجن تصل إلى 7 سنوات، وربما 10 سنوات في بعض الأحيان».
من جهته، أكد الباحث السياسي هشام الهاشمي لـ«الشرق الأوسط» أن «هناك نقاشات سياسية جدية في البرلمان، تشير إلى توجه لعدم منح الثقة لحكومة علاوي». وأضاف الهاشمي أن «قيادات سياسية تناقش بجدية عدم إعطاء الثقة لحكومة محمد علاوي، بعدما أدركت أنه قادم إلى البرلمان بكابينة وزارية لم يشاورهم فيها».
وأوضح أن «أحد أهم النقاشات المطروحة، جمع التواقيع ورفعها إلى رئيس الجمهورية لحل البرلمان، وإعلان انتخابات مبكرة، وتفويت الفرصة على حكومة علاوي لأن تنال الثقة».
إلى ذلك، حذر ائتلاف النصر الذي يتزعمه رئيس الوزراء الأسبق حيدر العبادي القوى السياسية من مغبة إعادة إنتاج نظام المحاصصة العرقي الطائفي الحزبي القائم على أساس المصالح الأنانية تحت ذرائع استحقاق المكوّنات أو الاستحقاق الانتخابي. وقال الائتلاف في بيان إن «تجاوز الأزمة الحالية يتطلب تحرير الحكومة المقبلة من ابتلاع الأحزاب، واكتسابها لرضا الجمهور، وتبنيها لمهام المرحلة الانتقالية وإجراء انتخابات مبكرة بروح وطنية مسؤولة ومحايدة وشجاعة». وطالب بـ«التضامن الوطني حفاظاً على البلد، وتسهيلاً لمهام الإصلاح الجوهري لبنية النظام السياسي بعيداً عن المحاصصة والفساد وارتهان الإرادة الوطنية».
بدوره، أكد عضو البرلمان العراقي عن تحالف «الفتح»، فاضل جابر، أن عدم تمرير حكومة علاوي سيؤدي إلى إجبار البرلمان على حلّ نفسه، في مدة أقصاها ستة أشهر، وذلك لإجراء انتخابات مبكرة. وقال جابر إن الكتل السياسية «ليس لديها معلومات متكاملة عن الوزراء الذين تم اختيارهم من قبل علاوي»، مضيفاً أن «عدم اطلاع الكتل على سير الوزراء الجدد سيؤدي إلى عرقلة في التصويت وربما سيفشل علاوي بتمرير الكابينة، وبالتالي سندخل في عمق النفق المظلم».
وأشار إلى أنه «في حال عدم تمرير الكابينة سيتولى رئيس الجمهورية رئاسة مجلس الوزراء لتسيير الأعمال، وبذلك سيجبر البرلمان على حل نفسه، في مدة أقصاها ستة أشهر، وإجراء انتخابات مبكرة».
لكن النائب عن كتلة «سائرون»، سلام الشمري، أكد أن رئيس الوزراء المكلف أكمل تقريباً تسمية وزراء الحكومة الجديدة، مضيفاً في بيان أن «التشكيلة الجديدة ستكون من المستقلين التكنوقراط، ليس فيها أي وزير سابق، استجابة لمطالب المتظاهرين والمعتصمين السلميين وتوجيهات المرجعية الدينية».
وقال إن «أغلب الكتل السياسية مع هذا التوجه، وستصوت على الحكومة الجديدة، ومنحها الثقة وضمن المدة الدستورية».



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.