الائتلاف يحذر من سيطرة «داعش» على «مقدرات الاقتصاد»

التنظيم يستحوذ على معظم حقول الغاز والنفط وسدود المياه ومحطات الكهرباء في الشمال والشرق

سوريون أكراد يتظاهرون احتجاجا على الأوضاع في كوباني على الحدود التركية السورية أمس (أ.ب)
سوريون أكراد يتظاهرون احتجاجا على الأوضاع في كوباني على الحدود التركية السورية أمس (أ.ب)
TT

الائتلاف يحذر من سيطرة «داعش» على «مقدرات الاقتصاد»

سوريون أكراد يتظاهرون احتجاجا على الأوضاع في كوباني على الحدود التركية السورية أمس (أ.ب)
سوريون أكراد يتظاهرون احتجاجا على الأوضاع في كوباني على الحدود التركية السورية أمس (أ.ب)

حذر الائتلاف الوطني لقوى المعارضة والثورة السورية، أمس، من سيطرة تنظيم داعش على مقدرات الثروة السورية التي تتمثل في النفط والغاز والمياه، معربا عن مخاوفه على «سوريا المستقبل» جراء امتلاك تلك الثروات، وانعكاسه على «زيادة الحضانة الشعبية للتنظيم»، كما أكد الأمين العام للائتلاف الدكتور نصر الحريري لـ«الشرق الأوسط». وطالب بـ«استراتيجية شاملة» تواكب العمل العسكري لتقويض نفوذ التنظيم في سوريا، «بهدف مقاومة المناخ الذي أدى إلى ظهور داعش».
وجاءت تصريحات الحريري بعد ساعات من إعلان «المرصد السوري لحقوق الإنسان» سيطرة «داعش» على آبار الغاز في حقل «الشاعر» الواقع في صحراء تدمر، شرق مدينة حمص السورية، وشن هجمات على حقل غاز «الشحار» الواقع في المنطقة نفسها، وهي أهم حقول الغاز في سوريا، إلى جانب حقول أخرى يسيطر عليها المقاتلون الأكراد في الحسكة.
ويقول معارضون سوريون إن «داعش» بات يسيطر «على معظم مصادر الطاقة في سوريا، ويحكم سيطرته على غالبية منابع النفط والغاز والكهرباء والماء في شمال وشرق سوريا». وقال الحريري لـ«الشرق الأوسط» إن هاجس سيطرة «داعش» على مقدرات الدولة السورية الاقتصادية «بات كبيرا بالنسبة لنا، نظرا لانعكاسه على سوريا المستقبل التي نطمح إليها»، مشيرا إلى أن هذا الخطر «يتضاعف على ضوء انعكاسه على زيادة الحاضنة الشعبية للتنظيم، وقد حذرنا الأصدقاء والأشقاء من ذلك». وأوضح أن امتلاك تلك المقومات الاقتصادية الأساسية «يعطي التنظيم حافزا لكسب تأييد البسطاء من الشعب وزيادة حاضنته الشعبية وقدرته العسكرية، لأن الفقراء والعمال والمواطنين العاديين يهمهم الحصول على الخدمات الأساسية مثل الكهرباء والماء والنفط وتوفير خدمات صحية وتعليمية لهم إضافة إلى الاستقرار، وهو ما توفره تلك المقدرات الاقتصادية».
وأضاف «لقد حذرنا أصدقاءنا من ذلك منذ البداية، ونجدد اليوم تنبيههم إلى أن محاصرة التنظيم تزداد صعوبة مع كل يوم نتأخر في اجتثاثه وتقويضه»، مشددا على «اننا نحتاج إلى استراتيجية شاملة، تواكب الأعمال العسكرية، بهدف مقاومة المناخ الذي أدى إلى ظهور (داعش) وامتداده»، في إشارة إلى وجود نظام الرئيس السوري بشار الأسد على سدة الحكم.
وتقول المعارضة السورية إن بقاء نظام الأسد في الحكم أدى إلى تنامي المنظمات المتطرفة في سوريا، وإنه يستفيد من ضربات التحالف العربي والدولي لمحاربة الإرهاب، لارتكاب مجازر وضرب المعتدلين والجيش السوري الحر الذي حقق إنجازات على مساحة سوريا ضد النظام.
وقال الحريري إن الجيش السوري الحر «بدأ منذ سبتمبر (أيلول) 2013 قتال تنظيم داعش إلى جانب قتاله في جبهات مفتوحة ضد النظام، وأعوانه من مقاتلي _حزب الله( اللبناني والميليشيات الشيعية العراقية والمرتزقة الذين استحضرهم للقتال إلى جانبه، وفرض واقعا عمليا في بداية عام 2014 تمثل في التقدم الكبير في ريفي حلب وإدلب ضد النظام، وحصر نفوذ «داعش» في الشرق». وأضاف «عندها، كنا نتوقع أن يزداد الدعم لحسم وتحقيق إنجازات أكبر على جبهة الإرهاب لأن الخطر لم يعد مصلحة سورية بحتة، بل لمصلحة المنطقة والعالم، لكن ذلك لم يتحقق، علما بأننا نخوض حربا شرسة نيابة عن كل العالم». وأشار إلى أن «هذه المعركة تم فيها خفض الدعم إلى أدنى مستوياته حتى رأينا التنظيم الإرهابي يحقق تغييرا استراتيجيا بانتقاله من تكتيك القضم البطيء إلى التقدم السريع». وحذر من أن «تلكؤ المجتمع الدولي في توفير الدعم للجيش السوري الحر سيزيد الأمور تعقيدا»، مطالبا باستراتيجية واسعة «تبدأ من مساعدتنا في بناء مؤسسة عسكرية منضبطة وتحضيرها وتجهيزها، تساعد في التخلص من نظام الأسد الذي سنعكس بقاءه، تمددا للإرهاب، كونه السبب الرئيس لظهور البقاء واتساع نفوذه».
ويسيطر تنظيم داعش اليوم على مساحة تناهز الـ40 في المائة من الجغرافيا السورية، تبدأ من شرق البلاد في معبر البوكمال الحدودي مع العراق، باتجاه أرياف الحسكة الجنوبية والغربية، مرورا بالرقة وريف حلب الشرقي، وصولا إلى مناطق شمال حلب الحدودية مع تركيا في أعزاز ومارع. وتتضمن تلك المناطق، خصوصا في دير الزور، أهم مصادر الطاقة السورية من حقول نفط وغاز، كذلك مصادر المياه الرئيسة في سوريا وأهمها السدود الواقعة على نهر الفرات، والمحطات الكهرومائية الواقعة عليها، ومحطات توليد كهرباء أخرى في ريف حلب. وفي المقابل، يسيطر المقاتلون الأكراد في الحسكة على ما تبقى من مصادر الطاقة النفطية وحقول الغاز، بينها حقل رميلان، أكبر حقول النفط في سوريا. وازداد إحكام «داعش» السيطرة على تلك المصادر، أول من أمس، حين سيطر على شركة للغاز في ريف حمص قريبة من حقل الشاعر النفطي والغازي الذي كان استولى على أجزاء واسعة منه قبل ساعات. وتعتبر الشركة المعروفة باسم شركة «حيان» مصدرا مهما للغاز الذي يوزع على مناطق عدة، بينها دمشق، وتتبع حقل «شاعر» للغاز في ريف حمص الشرقي.
وبدأت محاولات التنظيم للسيطرة على الحقل الاستراتيجي الواقع في صحراء تدمر في يوليو (تموز) الفائت، حيث استعاد النظام السيطرة عليه بعدما قتل نحو 350 من قواته والمسلحين الموالين له وموظفي الحقل عندما شن التنظيم المتطرف هجوما على الحقل، وقضى عدد كبير من هؤلاء ذبحا. لكن قوات النظام استعادت الحقل بعد أسبوع.



انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
TT

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

بموازاة استمرار الجماعة الحوثية في تصعيد هجماتها على إسرائيل، واستهداف الملاحة في البحر الأحمر، وتراجع قدرات المواني؛ نتيجة الردِّ على تلك الهجمات، أظهرت بيانات حديثة وزَّعتها الأمم المتحدة تراجعَ مستوى الدخل الرئيسي لثُلثَي اليمنيين خلال الشهر الأخير من عام 2024 مقارنة بالشهر الذي سبقه، لكن هذا الانخفاض كان شديداً في مناطق سيطرة الجماعة المدعومة من إيران.

ووفق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، فقد واجهت العمالة المؤقتة خارج المزارع تحديات؛ بسبب طقس الشتاء البارد، ونتيجة لذلك، أفاد 65 في المائة من الأسر التي شملها الاستطلاع بانخفاض في دخلها الرئيسي مقارنة بشهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي والفترة نفسها من العام الماضي، وأكد أن هذا الانخفاض كان شديداً بشكل غير متناسب في مناطق الحوثيين.

وطبقاً لهذه البيانات، فإن انعدام الأمن الغذائي لم يتغيَّر في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية، بينما انخفض بشكل طفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين؛ نتيجة استئناف توزيع المساعدات الغذائية هناك.

الوضع الإنساني في مناطق الحوثيين لا يزال مزرياً (الأمم المتحدة)

وأظهرت مؤشرات نتائج انعدام الأمن الغذائي هناك انخفاضاً طفيفاً في صنعاء مقارنة بالشهر السابق، وعلى وجه التحديد، انخفض الاستهلاك غير الكافي للغذاء من 46.9 في المائة في نوفمبر إلى 43 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وضع متدهور

على النقيض من ذلك، ظلَّ انعدام الأمن الغذائي في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية دون تغيير إلى حد كبير، حيث ظلَّ الاستهلاك غير الكافي للغذاء عند مستوى مرتفع بلغ 52 في المائة، مما يشير إلى أن نحو أسرة واحدة من كل أسرتين في تلك المناطق تعاني من انعدام الأمن الغذائي.

ونبّه المكتب الأممي إلى أنه وعلى الرغم من التحسُّن الطفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، فإن الوضع لا يزال مزرياً، على غرار المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة، حيث يعاني نحو نصف الأسر من انعدام الأمن الغذائي (20 في المائية من السكان) مع حرمان شديد من الغذاء، كما يتضح من درجة استهلاك الغذاء.

نصف الأسر اليمنية يعاني من انعدام الأمن الغذائي في مختلف المحافظات (إعلام محلي)

وبحسب هذه البيانات، لم يتمكَّن دخل الأسر من مواكبة ارتفاع تكاليف سلال الغذاء الدنيا، مما أدى إلى تآكل القدرة الشرائية، حيث أفاد نحو ربع الأسر التي شملها الاستطلاع في مناطق الحكومة بارتفاع أسعار المواد الغذائية كصدمة كبرى، مما يؤكد ارتفاع أسعار المواد الغذائية الاسمية بشكل مستمر في هذه المناطق.

وذكر المكتب الأممي أنه وبعد ذروة الدخول الزراعية خلال موسم الحصاد في أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر، الماضيين، شهد شهر ديسمبر أنشطةً زراعيةً محدودةً، مما قلل من فرص العمل في المزارع.

ولا يتوقع المكتب المسؤول عن تنسيق العمليات الإنسانية في اليمن حدوث تحسُّن كبير في ملف انعدام الأمن الغذائي خلال الشهرين المقبلين، بل رجّح أن يزداد الوضع سوءاً مع التقدم في الموسم.

وقال إن هذا التوقع يستمر ما لم يتم توسيع نطاق المساعدات الإنسانية المستهدفة في المناطق الأكثر عرضة لانعدام الأمن الغذائي الشديد.

تحديات هائلة

بدوره، أكد المكتب الإنمائي للأمم المتحدة أن اليمن استمرَّ في مواجهة تحديات إنسانية هائلة خلال عام 2024؛ نتيجة للصراع المسلح والكوارث الطبيعية الناجمة عن تغير المناخ.

وذكر أن التقديرات تشير إلى نزوح 531 ألف شخص منذ بداية عام 2024، منهم 93 في المائة (492877 فرداً) نزحوا بسبب الأزمات المرتبطة بالمناخ، بينما نزح 7 في المائة (38129 فرداً) بسبب الصراع المسلح.

نحو مليون يمني تضرروا جراء الفيضانات منتصف العام الماضي (الأمم المتحدة)

ولعبت آلية الاستجابة السريعة متعددة القطاعات التابعة للأمم المتحدة، بقيادة صندوق الأمم المتحدة للسكان، وبالشراكة مع برنامج الأغذية العالمي و«اليونيسيف» وشركاء إنسانيين آخرين، دوراً محورياً في معالجة الاحتياجات الإنسانية العاجلة الناتجة عن هذه الأزمات، وتوفير المساعدة الفورية المنقذة للحياة للأشخاص المتضررين.

وطوال عام 2024، وصلت آلية الاستجابة السريعة إلى 463204 أفراد، يمثلون 87 في المائة من المسجلين للحصول على المساعدة في 21 محافظة يمنية، بمَن في ذلك الفئات الأكثر ضعفاً، الذين كان 22 في المائة منهم من الأسر التي تعولها نساء، و21 في المائة من كبار السن، و10 في المائة من ذوي الإعاقة.

وبالإضافة إلى ذلك، تقول البيانات الأممية إن آلية الاستجابة السريعة في اليمن تسهم في تعزيز التنسيق وكفاءة تقديم المساعدات من خلال المشاركة النشطة للبيانات التي تم جمعها من خلال عملية الآلية وتقييم الاحتياجات.