اتفاق بين واشنطن و«طالبان» على خفض العنف يمهد لانسحاب أميركي من أفغانستان

إسبر: الهدنة تخضع لـ«شروط» وتقييم مستمر

اتفاق بين واشنطن و«طالبان» على خفض العنف يمهد لانسحاب أميركي من أفغانستان
TT

اتفاق بين واشنطن و«طالبان» على خفض العنف يمهد لانسحاب أميركي من أفغانستان

اتفاق بين واشنطن و«طالبان» على خفض العنف يمهد لانسحاب أميركي من أفغانستان

قال مسؤول كبير بالإدارة الأميركية أمس إن الولايات المتحدة توصلت إلى اتفاق لخفض أعمال العنف مع حركة «طالبان»، ما قد يؤدي إلى انسحاب القوات الأميركية من أفغانستان. وقال المسؤول للصحافيين في مؤتمر أمني في ميونيخ إن اتفاق خفض العنف لمدة سبعة أيام لم يبدأ بعد.
الى ذلك، دارت اشتباكات بين قوات الحكومة الأفغانية ومقاتلي حركة «طالبان»، خلال الأربع والعشرين ساعة الماضية، على الرغم من تصريحات مسؤولين أميركيين عن حدوث انفراجة في الأيام الماضية في محادثات سلام تهدف لإنهاء الصراع القائم منذ 18 عاماً.
وعلى الرغم من استمرار مفاوضات الطرفين المتناحرين في العاصمة القطرية، الدوحة، تحدثت كل من «طالبان» والقوات الحكومية عن اشتباكات على الأرض. وقالت وزارة الدفاع الأفغانية إن قائداً كبيراً بـ«طالبان» لقي مصرعه، في ضربة جوية بإقليم بلخ بشمال البلاد، مساء أول من أمس.
وذكرت الوزارة في بيان: «أسفرت ضربة جوية موجهة نفذتها القوات الجوية الأفغانية عن مقتل مولوي سردار محمد، أحد الأعضاء البارزين في اللجنة العسكرية بـ(طالبان) وثمانية آخرين».
ولم تؤكد طالبان النبأ. وقال ذبيح الله مجاهد المتحدث باسم «طالبان» إن مقاتلي الحركة قتلوا ستة جنود أفغان، منهم ضابطان، في هجوم على نقطة تفتيش في إقليم قندوز بشمال البلاد. وذكرت مصادر أفغانية وأميركية ومن «طالبان» أنه قد يتم توقيع اتفاق سلام هذا الشهر، مما يسمح بسحب نحو 13 ألف جندي أميركي وآلاف من جنود حلف شمال الأطلسي الآخرين من أفغانستان. وقال الرئيس الأميركي دونالد ترمب أمس إن هناك «فرصة جيدة» للتوصل لاتفاق سلام مع «طالبان»، بشأن خفض في عدد القوات الأميركية.
وقال وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو أمس إن هناك «تقدماً مهماً» أُحرز خلال الأيام القليلة الماضية في المحادثات مع حركة «طالبان»، فيما ذكر وزير الخارجية مارك إسبر أنه جرى التفاوض على اقتراح لخفض العنف لمدة أسبوع.
وقفز عدد الهجمات في أفغانستان إلى مستويات قياسية، في الربع الأخير من عام 2019، مقارنة بالسنوات السابقة.

وبمجرد انتهاء المؤتمر الصحافي لوزير الدفاع الأميركي مارك إسبر، في ختام اجتماعات وزراء دفاع دول حلف الناتو في بروكسل، مساء أول من أمس، كان التركيز من جانب الصحافيين والمتابعين للاجتماعات، على التفسير الصحيح لما جاء على لسان إسبر، من الإعلان عن صفقة أو اتفاق مع «طالبان»، وهل هي هدنة وتوقف عن القتال أم اتفاق لتهدئة العنف؟ لكن في النهاية اتفق معظمهم على أن ما جاء على لسان الوزير الأميركي في المؤتمر الصحافي هو أن «الولايات المتحدة و(طالبان) ناقشتا مقترحاً لخفض العنف لمدة أسبوع».
وجاءت التصريحات عقب اجتماع للدول المساهمة في مهمة الحلف في أفغانستان، اتفق الوزراء على استمرار الالتزام الراسخ بأمن أفغانستان واستقرارها على المدى الطويل، وتزويد القوات الأفغانية بالتدريب والدعم المالي لمحاربة الإرهاب، وخلق ظروف السلام، مع دعوة «طالبان» إلى إظهار الإرادة للتوصل إلى اتفاق موثوق به لإنهاء العنف في البلاد.
وفي تعليق له على هذا الأمر، قال الصحافي البريطاني تيم كوبر، إن المسألة فعلاً غاية في التعقيد، موضحاً في تصريحاته لـ«الشرق الأوسط»، من داخل مقر «الناتو» أن «الغريب في الأمر، أن (طالبان) تدخل في حوار ومفاوضات، ويظن الجميع أن الأمور على وشك إيجاد الحلول، لإنهاء العنف، ولكن، نفاجأ بتورط (طالبان) في تفجيرات صادمة».
وبعد وقت قليل من تصريحات إسبر، أعلن الرئيس دونالد ترمب أن الولايات المتحدة «قريبة جداً» من إبرام اتفاق سلام مع حركة «طالبان».
وقال في مقابلة إذاعية: «أعتقد أننا قريبون جداً منه. أعتقد أن هناك فرصاً جيدة للتوصل لاتفاق وسنرى»، مضيفاً في الوقت نفسه أن «هذا لا يعني أنه سيكون لدينا حتماً اتفاق، ولكننا سنعلم خلال الأسبوعين المقبلين».
يقترب مفاوضو الولايات المتحدة الأميركية و«طالبان» من اتفاق محتمل، ولكن الأفغان متشككون من التقدم ومن الخطوات التي تشملها العملية. ولكن الأفغان انتقدوا الاتفاق، أمس (الجمعة)، متشككين فيما إذا كان سوف يحدث أي تغيير حقاً، وتساءلوا: «أين كانت الحكومة الأفغانية خلال أكثر من عام ونصف العام من المحادثات بين أميركا و(طالبان)؟!». وقال تميم آسي من مؤسسة «دراسات الحرب والسلام» البحثية، ومقرها كابل: «كلنا نريد السلام... دعونا لا ننجرف وراء المشاعر ونرحب باتفاق مجهول تم التفاوض عليه في غيابنا (الأفغان)».
ويعتقد المرشح الرئاسي رئيس المخابرات الأفغانية السابق رحمة الله نبيل أن مقترحاً يستمر سبعة أيام من جانب المسلحين خلال فترة الهدوء الشتوية يبدو مثل «عدم تنازل». ووصف أحد سكان مدينة فايز آباد بشمال شرقي البلاد المقترح بأنه «سخيف»، مضيفاً أنه «لن يغير أي شيء». ولم يقدم مسؤولو «طالبان» أو الولايات المتحدة ما الذي سوف يؤدي إليه خفض العنف.
إلى ذلك، كشف مسؤولون أميركيون وأفغان، عن موافقة الرئيس الأميركي دونالد ترمب، على معاهدة سلام «مشروطة» مع حركة «طالبان». جاء ذلك في تصريحات صحافية أدلى بها مسؤولون أميركيون وأفغان (لم يتم تسميتهم) لصحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية، ونشرت على موقع الصحيفة، أول من أمس. وقال المسؤولون إنّ ترمب «وافق بشكل مشروط على اتفاق سلام مع (طالبان)، إيذاناً بإنهاء الحرب الأميركية الأطول».
وحسب الصحيفة، فلن يتم التوقيع رسمياً على اتفاق السلام بين الطرفين «إلا إذا قدمت (طالبان) دليلاً على التزامها به خلال فترة مدتها 7 أيام، سيتم الإعلان عنها في وقت لاحق من فبراير (شباط) الحالي». وتابعت: «إذا استطاعت (طالبان) وقف العنف خلال تلك المدة، فستبدأ واشنطن خطة تدريجية لسحب قواتها من الأراضي الأفغانية، يتبعها مفاوضات مباشرة بين قادة أفغانستان و(طالبان) حول مستقبل بلادهم». من جهته، قال مسؤول أفغاني اطلع على فحوى اتصال أجراه وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو، مع أحد الأطراف المعنية، إن الأخير «تواصل مع القادة (الأفغان وطالبان) هاتفياً، كلّ على حدة، لإخبارهم بالموافقة المؤقتة للرئيس دونالد ترمب على الخطة»، حسب المصدر ذاته.
في حين أشار مصدر أميركي مطلع لـ«نيويورك تايمز» إلى أن ترمب «وافق على الخطة الاثنين أثناء زيارته قاعدة دوفر الأميركية لتسلم رفات وفيات الحرب التي بدأت عام 2001، والتي راح ضحيتها عشرات الآلاف من الأفغان و3500 جندي أميركي». فيما أعلن مسؤول بـ«طالبان» على علم بالمفاوضات، وجود «تحركات إيجابية» من قبل الحركة، إلا أنه رفض مناقشة أي تفاصيل أخرى إذ لا يزال الأمر قيد المداولة بين أعضاء الحركة.
وتشهد أفغانستان، منذ الغزو الأميركي عام 2001، صراعاً بين حركة «طالبان» من جهة، والقوات الحكومية والدولية بقيادة الولايات المتحدة من جهة أخرى، ما تسبب في سقوط آلاف الضحايا المدنيين.
وتسيطر «طالبان» على نحو 59 من أصل 407 وحدات إدارية تتشكل منها أفغانستان، بينما تتمتع بنفوذ في 119 وحدة إدارية أخرى، وفق تقرير مكتب الولايات المتحدة لإعادة إعمار أفغانستان.



هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
TT

هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)

تخضع «هيئة تحرير الشام»، التي قادت قوات المعارضة للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، لعقوبات من الأمم المتحدة منذ فترة طويلة، وهو ما وصفه المبعوث الخاص للمنظمة الدولية إلى سوريا غير بيدرسون، بأنه «عامل تعقيد لنا جميعاً».

كانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف في السابق باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت العلاقات بالتنظيم في عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما فُرض عليها تجميد عالمي للأصول وحظر أسلحة.

ويخضع عدد من أعضاء «هيئة تحرير الشام» أيضاً لعقوبات الأمم المتحدة مثل حظر السفر، وتجميد الأصول، وحظر الأسلحة، ومنهم زعيمها وقائد إدارة العمليات العسكرية أحمد الشرع، المكنى «أبو محمد الجولاني»، المدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.

وقال دبلوماسيون إنه لا يوجد حالياً أي مناقشات عن رفع العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة على الجماعة. ولا تمنع العقوبات التواصل مع «هيئة تحرير الشام».

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟ (رويترز)

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

فرضت الأمم المتحدة عقوبات على «جبهة النصرة»، لأن الجماعة مرتبطة بتنظيم «القاعدة»، ولأنها كانت «تشارك في تمويل أو تخطيط أو تسهيل أو إعداد أو ارتكاب أعمال أو أنشطة» مع «القاعدة» أو دعماً لها وتستقطب أفراداً وتدعم أنشطة «القاعدة».

وجاء في قائمة العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة: «في يناير (كانون الثاني) 2017، أنشأت جبهة النصرة (هيئة تحرير الشام)، وسيلة لتعزيز موقعها في التمرد السوري وتعزيز أهدافها باعتبارها فرعاً لتنظيم (القاعدة) في سوريا»... ورغم وصف ظهور «هيئة تحرير الشام» بطرق مختلفة (على سبيل المثال كاندماج أو تغيير في الاسم)، فإن جبهة «النصرة» استمرت في الهيمنة والعمل من خلال «هيئة تحرير الشام» في السعي لتحقيق أهدافها.

وفُرضت عقوبات على الجولاني بسبب ارتباطه بتنظيم «القاعدة» وعمله معه.

كيف يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة؟

تستطيع أي دولة عضو في الأمم المتحدة في أي وقت تقديم طلب لرفع العقوبات عن كيان أو شخص إلى لجنة عقوبات تنظيمي «داعش» و«القاعدة» التابعة لمجلس الأمن الدولي المؤلف من 15 دولة.

وإذا جاء الطلب من دولة لم تقترح في البداية فرض عقوبات الأمم المتحدة، فإن اللجنة تتخذ القرار بالإجماع.

وإذا تقدمت الدولة التي اقترحت في البداية فرض العقوبات بطلب الشطب من القائمة، فسيمحى الاسم من القائمة بعد 60 يوماً، ما لم توافق اللجنة بالإجماع على بقاء التدابير.

لكن إذا لم يتم التوصل إلى إجماع، يستطيع أحد الأعضاء أن يطلب إحالة الطلب إلى مجلس الأمن للتصويت عليه في غضون 60 يوماً.

ولم تتضح بعد الدول التي اقترحت فرض عقوبات على جبهة «النصرة» والجولاني.

ويستطيع أيضاً الشخص أو الكيان الخاضع للعقوبات أن يطلب إزالة التدابير عن طريق الاتصال بأمين عام المظالم، وهو منصب أنشأه المجلس في عام 2009، ليقوم بمراجعة الطلب.

وإذا أوصى أمين عام المظالم بإبقاء اسم ما على القائمة، فسيظل مدرجاً على القائمة. وإذا أوصى أمين عام المظالم بإزالة اسم ما، فسترفع العقوبات بعد عملية قد تستغرق ما يصل إلى 9 أشهر، ما لم توافق اللجنة في وقت أسبق بالإجماع على اتخاذ إجراء أو الإحالة إلى المجلس لتصويت محتمل.

هل هناك استثناءات من العقوبات؟

يستطيع الأشخاص الخاضعون لعقوبات الأمم المتحدة التقدم بطلب للحصول على إعفاءات فيما يتعلق بالسفر، وهو ما تقرره اللجنة بالإجماع.

ويقول المجلس إن عقوباته «لا تستهدف إحداث عواقب إنسانية تضر بالسكان المدنيين».

وهناك استثناء إنساني للأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة يسمح «بتوفير أو معالجة أو دفع الأموال أو الأصول المالية الأخرى أو الموارد الاقتصادية، أو توفير السلع والخدمات اللازمة لضمان تقديم المساعدات الإنسانية في الوقت المناسب، أو لمساندة الأنشطة الأخرى التي تدعم الاحتياجات الإنسانية الأساسية».