أنقرة تتواصل مع موسكو حول إدلب وتبادل اتهامات بخرق «سوتشي»

TT

أنقرة تتواصل مع موسكو حول إدلب وتبادل اتهامات بخرق «سوتشي»

أجرى رئيس هيئة الأركان العامة للجيش التركي، يشار جولار، اتصالاً هاتفياً مع نظيره الروسي فاليري غيراسيموف، تناولا خلاله آخر التطورات في إدلب، في الوقت الذي أكد فيه السفير الروسي في أنقرة أليكسي يرهوف أن تركيا لم تلتزم بتنفيذ ما جاء في «اتفاق سوتشي» حول إدلب الموقَّع مع روسيا في 17 سبتمبر (أيلول) 2018.
وبينما تستمر الاتصالات بين أنقرة وموسكو من أجل التوصل إلى تهدئة في إدلب وتخفيف الاحتقان الذي تسببت فيه هذه التطورات في العلاقة بين الجانبين، قال السفير الروسي إن تركيا أخفقت في الوفاء بالتزاماتها بموجب «مذكرة سوتشي»، حيث لم تنفذ تعهداتها بانسحاب الجماعات الإرهابية من المنطقة منزوعة السلاح في إدلب، وفتح طريقي «إم 4» و«إم 5». وقال يرهوف إن العديدين يلقون الآن باللوم على روسيا والحكومة السورية، ويحملانهما كل الذنوب، بزعم أنهما «ينتهكان» ويهاجمان ويقصفان الأهداف المدنية.
وأضاف: «ربما تكون الحكومة في دمشق فقدت شرعيتها بالنسبة للبعض، لكنها لا تزال بالنسبة للبعض الآخر، وهم كثيرون، حكومة شرعية معترفاً بها من قبل عدد كبير من أعضاء المجتمع الدولي والأمم المتحدة».
ولفت السفير الروسي في أنقرة، في مقابلة مع وكالة «سبوتنيك» الروسية، إلى أن «مذكرة سوتشي» هي اتفاق ثنائي، وتعهّد الطرفان بموجبه ببعض الالتزامات. وعلى سبيل المثال، وافقت روسيا على استمرار وجود نقاط مراقبة تركية في منطقة خفض التصعيد في إدلب، والحفاظ على الوضع العسكري الراهن في المحافظة الواقعة، شمال غربي سوريا. وتركيا، من جانبها، التزمت بسحب جميع الجماعات الإرهابية من المنطقة منزوعة السلاح التي يبلغ عرضها من 15 إلى 20 كيلومتراً يتم إنشاؤها في إدلب، وكذلك جميع الأسلحة الثقيلة، بما فيها الدبابات وراجمات الصواريخ والأسلحة المدفعية.
وأشار إلى أن موسكو وأنقرة اتفقتا كذلك على فتح طريقي «إم 4» و«إم 5»، شمال غربي سوريا، متسائلاً: «لكن ما الذي حدث في الواقع؟ هل قام الأتراك بإبعاد الإرهابيين؟ هل تم فتح الطريقين؟ إذن لم تقم بتنفيذ التزاماتك، هل يحق لك أن تطالب الطرف الآخر بذلك؟ يجب أن تكون التزامات أطراف الاتفاق في وحدة جدلية، وإلا فإنه من الصعب التحدث عن شراكة متساوية».
وقال يرهوف إن «الأتراك لم يقوموا بنزع سلاح الجماعات المتشددة (الإرهابيين)، ولم يفصلوا بينهم وبين المعتدلين... وزاد ذلك من جرأة الإرهابيين الذين أخذوا، اعتباراً من الربيع الماضي، في زيادة هجماتهم المتكررة على مواقع الجيش السوري وقاعدة حميميم الروسية».
وأضاف: «في أواسط يناير (كانون الثاني) الماضي، قمنا مع الأتراك بمحاولة جديدة لإعلان وقف لإطلاق النار في إدلب، لكن في الأسبوعين الأخيرين من يناير، تم تسجيل أكثر من ألف هجمة جديدة، وبلغ عدد القتلى في صفوف الجيش السوري والمدنيين المئات، فيما لم تتوقف محاولات مهاجمة قاعدة حميميم بالطائرات المسيرة، كل ذلك أدى إلى نفاد صبر الجيش السوري واندفاعه لاستعادة أراضي بلاده».
على صعيد آخر، استنكر المتحدث باسم وزارة الخارجية التركية، حامي أكصوي، ما سماه بـ«النفاق» الذي أظهره النظام السوري عبر تبني برلمانه «الإبادة الأرمنية» المزعومة، مشدداً على أن تلك الخطوة تعبر عن نفاق ومهزلة لنظام يعرف عنه البراعة في القتل باستخدام الأسلحة الكيميائية.
وتبني مجلس الشعب السوري، أول من أمس، قراراً يدين ويقر «الإبادة الجماعية» بحق الأرمن على يد العثمانيين في شرق الأناضول عام 1915، إبان الحرب العالمية الأولى.
وأضاف أكصوي، في تصريحات للصحافيين، أن الاعتراف بالإبادة المزعومة مهزلة و«صورة لنفاق نظام يرتكب جميع أنواع المجازر دون التمييز بين طفل وراشد، ويشرّد الملايين من الناس، ويعرف عنه براعته في استخدام الأسلحة الكيميائية».
واعتبر أن المأساة الإنسانية التي تسبب بها النظام لا تزال قائمة، قائلاً: «واحدة من أسوأ الكوارث في التاريخ تحدث على حدودنا»، في إشارة إلى الوضع في محافظة إدلب السورية.



غروندبرغ في صنعاء لحض الحوثيين على السلام وإطلاق المعتقلين

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

غروندبرغ في صنعاء لحض الحوثيين على السلام وإطلاق المعتقلين

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

بعد غياب عن صنعاء دام أكثر من 18 شهراً وصل المبعوث الأممي هانس غروندبرغ إلى العاصمة اليمنية المختطفة، الاثنين، في سياق جهوده لحض الحوثيين على السلام وإطلاق سراح الموظفين الأمميين والعاملين الإنسانيين في المنظمات الدولية والمحلية.

وجاءت الزيارة بعد أن اختتم المبعوث الأممي نقاشات في مسقط، مع مسؤولين عمانيين، وشملت محمد عبد السلام المتحدث الرسمي باسم الجماعة الحوثية وكبير مفاوضيها، أملاً في إحداث اختراق في جدار الأزمة اليمنية التي تجمدت المساعي لحلها عقب انخراط الجماعة في التصعيد الإقليمي المرتبط بالحرب في غزة ومهاجمة السفن في البحر الأحمر وخليج عدن.

وفي بيان صادر عن مكتب غروندبرغ، أفاد بأنه وصل إلى صنعاء عقب اجتماعاته في مسقط، في إطار جهوده المستمرة لحث الحوثيين على اتخاذ إجراءات ملموسة وجوهرية لدفع عملية السلام إلى الأمام.

وأضاف البيان أن الزيارة جزء من جهود المبعوث لدعم إطلاق سراح المعتقلين تعسفياً من موظفي الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية والمجتمع المدني والبعثات الدبلوماسية.

صورة خلال زيارة غروندبرغ إلى صنعاء قبل أكثر من 18 شهراً (الأمم المتحدة)

وأوضح غروندبرغ أنه يخطط «لعقد سلسلة من الاجتماعات الوطنية والإقليمية في الأيام المقبلة في إطار جهود الوساطة التي يبذلها».

وكان المبعوث الأممي اختتم زيارة إلى مسقط، التقى خلالها بوكيل وزارة الخارجية وعدد من كبار المسؤولين العمانيين، وناقش معهم «الجهود المتضافرة لتعزيز السلام في اليمن».

كما التقى المتحدث باسم الحوثيين، وحضه (بحسب ما صدر عن مكتبه) على «اتخاذ إجراءات ملموسة لتمهيد الطريق لعملية سياسية»، مع تشديده على أهمية «خفض التصعيد، بما في ذلك الإفراج الفوري وغير المشروط عن المعتقلين من موظفي الأمم المتحدة والمجتمع المدني والبعثات الدبلوماسية باعتباره أمراً ضرورياً لإظهار الالتزام بجهود السلام».

قناعة أممية

وعلى الرغم من التحديات العديدة التي يواجهها المبعوث الأممي هانس غروندبرغ، فإنه لا يزال متمسكاً بقناعته بأن تحقيق السلام الدائم في اليمن لا يمكن أن يتم إلا من خلال المشاركة المستمرة والمركزة في القضايا الجوهرية مثل الاقتصاد، ووقف إطلاق النار على مستوى البلاد، وعملية سياسية شاملة.

وكانت أحدث إحاطة للمبعوث أمام مجلس الأمن ركزت على اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، مع التأكيد على أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام ليس أمراً مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وأشار غروندبرغ في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

الحوثيون اعتقلوا عشرات الموظفين الأمميين والعاملين في المنظمات الدولية والمحلية بتهم التجسس (إ.ب.أ)

وقال إن العشرات بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

يشار إلى أن اليمنيين كانوا يتطلعون في آخر 2023 إلى حدوث انفراجة في مسار السلام بعد موافقة الحوثيين والحكومة الشرعية على خريطة طريق توسطت فيها السعودية وعمان، إلا أن هذه الآمال تبددت مع تصعيد الحوثيين وشن هجماتهم ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن.

ويحّمل مجلس القيادة الرئاسي اليمني، الجماعة المدعومة من إيران مسؤولية تعطيل مسار السلام ويقول رئيس المجلس رشاد العليمي إنه ليس لدى الجماعة سوى «الحرب والدمار بوصفهما خياراً صفرياً».