الناتو يوسع مهامه في العراق بناء على طلب أميركي

وسط استمرار أزمة تشكيل الحكومة

الأمين العام لحلف شمال الأطلسي ينس ستولتنبرغ (أرشيف - رويترز)
الأمين العام لحلف شمال الأطلسي ينس ستولتنبرغ (أرشيف - رويترز)
TT

الناتو يوسع مهامه في العراق بناء على طلب أميركي

الأمين العام لحلف شمال الأطلسي ينس ستولتنبرغ (أرشيف - رويترز)
الأمين العام لحلف شمال الأطلسي ينس ستولتنبرغ (أرشيف - رويترز)

فيما لا تزال أزمة تشكيل الحكومة العراقية المقبلة تراوح مكانها وسط تزايد الضغوط والاعتراضات من كتل مختلفة على الرئيس المكلف بتشكيلها محمد توفيق علاوي، أعلن حلف الناتو أنه قرر توسيع مهامه في العراق بطلب من الرئيس الأميركي دونالد ترمب.
وبينما سرقت مساعي تشكيل الحكومة العراقية الأضواء مؤقتا من الجدل الدائر حول الوجود الأميركي والأجنبي في العراق، فإن من شأن قرار الناتو أن يجدد الجدل بهذا الشأن ثانية. المعلومات المتداولة أن ملف انسحاب القوات الأميركية في العراق والموجودة في عدة قواعد تمتد في مناطق بين غربي البلاد وشمالها حتى إقليم كردستان سوف يترك كأحد الملفات التي يتعين على الحكومة الجديدة البت بها، بينما أولى أولويات تلك الحكومة وبحسب ما أعلن رئيسها المكلف إعادة هيبة الدولة والإعداد للانتخابات المبكرة. وفي هذا السياق تستعد دول حلف الناتو لنقل أكثر من 200 مدرب يعملون مع القوات الدولية التي تحارب «تنظيم داعش» في العراق، إلى مهمة الحلف العسكرية هناك للمساعدة في بناء الجيش العراقي، وفق ما أفاد به مسؤولون كبار، استجابة لطلب الرئيس الأميركي، من حلفاء واشنطن بذل المزيد من الجهود في الشرق الأوسط.
وقالت سفيرة الولايات المتحدة لدى الناتو كاي بيلي هاتشيسون للصحافيين، نقلاً عن وسائل إعلام أميركية: «هناك عدة مجالات يتداخل فيها التدريب بالفعل». وبينت أن «الناتو وافق عام 2018 على إطلاق مهمة تدريب في العراق تضم نحو 500 جندي بهدف تعزيز القوات المسلحة في البلاد حتى تتمكن من قتال الجماعات المتطرفة بشكل أفضل». ولفتت إلى أنه «مع تصاعد التوترات، أصر ترمب على أن التحالف يجب أن يفعل المزيد في المنطقة، مع ذلك، هناك القليل من الرغبة بين الحلفاء الأوروبيين وكندا لنشر قوات، على الرغم من أن الولايات المتحدة هي إلى حد بعيد أكثر الدول الأعضاء تأثيراً في الناتو الذي يضم 29 دولة». وتابعت: «على الرغم من أنها لم تذكر الأرقام المشاركة في تبادل القوات، قالت هاتشيسون إن خطة الناتو هي توسيع نطاق عملياته التدريبية لتشمل المزيد من القواعد العراقية، لكن المسؤولين قالوا إن من المرجح أن يتحول أكثر من بضع مئات من الجنود إلى مهمة الناتو التدريبية ويعملون خارج القواعد وسط العراق».
ويتناقض قرار حلف الناتو هذا مع ما يعلنه العراقيون على صعيد كيفية التعامل مع القوات الأجنبية في البلاد. وفي هذا السياق أكد القيادي في «الحشد الشعبي» عادل الكرعاوي أمس (الخميس) أن قرار مجلس النواب العراقي، القاضي بإخراج كافة القوات الأجنبية من العراق، يشمل قوات حلف «الناتو». وقال الكرعاوي في تصريح صحافي إن «قرار العراق بإخراج القوات الأجنبية من أراضيه لا يُستثنى منه أحد، وحلف الناتو واحد من هذه القوات التي أبلغها العراق بالخروج حسب الضوابط القانونية». وأضاف أن «الولايات المتحدة الأميركية، تحاول بكل طرقها إبقاء قواتها في العراق، وبعناوين مختلفة»، لافتا إلى أن «هذه المحاولات لن تجدي نفعاً ما دام هنالك قرار برلماني بشأن ذلك، بالإضافة إلى الرفض الشعبي للوجود الأجنبي في العراق».
من جهته يقول الخبير الاستراتيجي الدكتور هشام الهاشمي في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إن «العراق بدأ يبحث عن بدائل من شأنها إرضاء أحزاب وفصائل المقاومة وفي الوقت نفسه لن تستفز أميركا، كما أنها لن تضر بأهمية قوات التحالف الدولي»، مبيناً أن «مهمة قوات التحالف الدولي هي بالأساس أنشئت من أجل محاربة (تنظيم داعش)». وأوضح أن «الناتو يعد البديل الأنسب لهذه المهمة».
أما رئيس المركز الجمهوري للدراسات الاستراتيجية والأمنية الدكتور معتز محيي الدين فيقول لـ«الشرق الأوسط» إن «القوات العراقية لا تزال تحتاج إلى معدات تكنولوجية للتدريب وكذلك مكافحة فلول (داعش) لا سيما أن مجاميع من (داعش) بدأت تتوجه إلى مناطق أخرى هي قريبة من الأقضية والمدن التي تحررت من التنظيم خصوصا قضاء الخضر التابع إلى نينوى وكذلك مناطق أخرى حيث أعاد (داعش) تنظيمه مرة أخرى». وأضاف أن «رؤية القيادات العسكرية العراقية تقول إن الجيش العراقي لا يزال يحتاج الأجهزة التكنولوجية الأميركية، فضلاً عن أن القوات الأميركية بعد أن ضربت مواقعها من قبل بعض المجاميع المسلحة أوقفت طلعات طائرات إف 16 لرصد الأجواء العراقية والحدود العراقية السورية والذي جاء بناء على طلب الحكومة العراقية». وبيّن أن «الناتو دخل حالياً في هذا المجال وهو جاء أيضا بناء على طلب الحكومة العراقية بإرسال نحو 700 مدرب لتدريب القوات العراقية في مختلف صنوفها». وأوضح أن «الأمين العام للناتو أعلن أن العراق يحتاج إلى هذه المجموعة من المتدربين، بالإضافة إلى تزويد العراق بصواريخ المتوسطة والقصيرة المدى في إطار عمليات التدريب، وبالتالي فنحن حيال رؤية جديدة تقوم على أساس أن الناتو باق في العراق، ويكمل مهمة القوات الأميركية فيه، وهو ما يعكس رؤية جديدة في استمرار التعامل مع المنظومة الغربية على الرغم من إعلان أطراف سياسية عراقية طالبت الحكومة بتنويع مصادر السلاح، فضلا عن رفض مثل هذه الاتفاقيات».
وصرح الأمين العام لـ«ناتو» من بروكسل، أمس (الخميس)، بأن الحكومة العراقية ترغب في استمرار أنشطة المهمة التدريبية التابعة للحلف، والتي تتألف من نحو 500 فرد، وذلك رغم تصويت البرلمان العراقي الشهر الماضي، على قرار يطالب بطرد القوات الأجنبية.
وقال ستولتنبرغ، وفق ما نقلت وكالة الأنباء الألمانية: «إن بغداد أكدت لنا رغبتها في مواصلة أنشطة الناتو في مجال التدريب وتقديم المشورة وبناء قدرات القوات المسلحة العراقية».



الحوثيون يعلنون اقتصار هجماتهم البحرية على السفن المرتبطة بإسرائيل

جدارية في صنعاء وضعها الحوثيون لتبرير هجماتهم في البحر الأحمر بأنها ضد إسرائيل (إ.ب.أ)
جدارية في صنعاء وضعها الحوثيون لتبرير هجماتهم في البحر الأحمر بأنها ضد إسرائيل (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يعلنون اقتصار هجماتهم البحرية على السفن المرتبطة بإسرائيل

جدارية في صنعاء وضعها الحوثيون لتبرير هجماتهم في البحر الأحمر بأنها ضد إسرائيل (إ.ب.أ)
جدارية في صنعاء وضعها الحوثيون لتبرير هجماتهم في البحر الأحمر بأنها ضد إسرائيل (إ.ب.أ)

أعلنت الجماعة الحوثية في اليمن أنها ستكتفي، فقط، باستهداف السفن التابعة لإسرائيل خلال مرورها في البحر الأحمر، بعد بدء سريان وقف إطلاق النار في قطاع غزة، بحسب رسالة بالبريد الإلكتروني أرسلتها الجماعة، الأحد، إلى شركات الشحن وجهات أخرى.

ونقل ما يسمى بـ«مركز تنسيق العمليات الإنسانية»، التابع للجماعة الحوثية، أن الهجمات على السفن التجارية في البحر الأحمر، ستقتصر، فقط، على السفن المرتبطة بإسرائيل بعد دخول وقف إطلاق النار في قطاع غزة حيز التنفيذ.

وأضاف المركز، الذي كلفته الجماعة بالعمل حلقةَ وصل بينها وشركات الشحن التجاري، أنها توعدت الولايات المتحدة وبريطانيا وإسرائيل باستئناف الضربات على السفن التابعة لها في حال استمرار هذه الدول في هجماتها الجوية على المواقع التابعة لها والمناطق الخاضعة لسيطرتها.

وسبق للجماعة الحوثية تحذير الدول التي لديها وجود عسكري في البحر الأحمر من أي هجوم عليها خلال فترة وقف إطلاق النار في قطاع غزة.

وتوعدت في بيان عسكري، أنها ستواجه أي هجوم على مواقعها خلال فترة وقف إطلاق النار في غزة، بعمليات عسكرية نوعية «بلا سقف أو خطوط حمراء».

لقطة أرشيفية لحاملة الطائرات الأميركية هاري ترومان التي أعلن الحوثيون استهدافها 8 مرات (رويترز)

كما أعلنت الجماعة، الأحد، على لسان القيادي يحيى سريع، المتحدث العسكري باسمها، استهداف حاملة الطائرات أميركية هاري ترومان شمال البحر الأحمر بمسيرات وصواريخ لثامن مرة منذ قدومها إلى البحر الأحمر، بحسب سريع.

وسبق لسريع الإعلان عن تنفيذ هجوم على هدفين حيويين في مدينة إيلات جنوب إسرائيل، السبت الماضي، باستخدام صاروخين، بعد إعلان سابق باستهداف وزارة الدفاع الإسرائيلية في تل أبيب بصاروخ باليستي، في حين اعترف الجيش الإسرائيلي باعتراض صاروخين أُطْلِقا من اليمن.

موقف جديد منتظر

وفي وقت مبكر من صباح الأحد كشفت وسائل إعلام تابعة للجماعة الحوثية عن استقبال 4 غارات أميركية، في أول ساعات سريان «هدنة غزة» بين إسرائيل، و«حركة حماس».

ويتوقع أن تكون الضربات الأميركية إشارة إلى أن الولايات المتحدة ستواصل تنفيذ عملياتها العسكرية ضد الجماعة الحوثية في سياق منعزل عن التطورات في غزة واتفاق الهدنة المعلن، بخلاف المساعي الحوثية لربط العمليات والمواجهات العسكرية في البحر الأحمر بما يجري في القطاع المحاصر.

ومن المنتظر أن تصدر الجماعة، الاثنين، بياناً عسكرياً، كما ورد على لسان سريع، وفي وسائل إعلام حوثية، بشأن قرارها اقتصار هجماتها على السفن التابعة لإسرائيل، والرد على الهجمات الأميركية البريطانية.

كما سيلقي زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي خطاباً متلفزاً، بمناسبة بدء اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة.

وزعم سريع، السبت الماضي، وجود رغبة لدى الجماعة لوقف هجماتها على إسرائيل بمجرد دخول وقف إطلاق النار في غزة حيز التنفيذ، وإيقاف الهجمات على السفن التجارية في البحر الأحمر؛ إذا توقفت الولايات المتحدة وبريطانيا عن مهاجمة أهداف في اليمن.

كما أكّد زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي، الأسبوع الماضي، أن الهجمات على إسرائيل ستعود في حال عدم احترام اتفاق وقف إطلاق النار.

ومنذ نوفمبر (تشرين الثاني) من العام قبل الماضي تستهدف الجماعة الحوثية سفناً في البحر الأحمر بزعم تبعيتها لإسرائيل، حيث بدأت باحتجاز السفينة جالكسي ليدر التي ترفع علم جزر الباهاما في المياه الدولية، والتي لا تزال، وأفراد طاقمها البالغ عددهم 25 فرداً، قيد الاحتجاز لدى الجماعة.

السفينة «غالاكسي ليدر» التي تحتجزها الجماعة الحوثية منذ 14 شهراً (رويترز)

وأتبعت الجماعة ذلك بتوسع عملياتها لتشمل السفن البريطانية والأميركية، بصواريخ باليستية وطائرات مسيَّرة في المياه القريبة من شواطئ اليمن بزعم دعم ومساند سكان قطاع غزة ضد الحرب الإسرائيلية.

وتسببت تلك الهجمات في تعطيل جزء كبير من حركة التجارة الدولية، وأجبرت شركات الشحن والملاحة على تغيير مسار السفن التابعة لها، واتخاذ مسار أطول حول جنوب قارة أفريقيا بدلاً من عبور قناة السويس.

وأدى كل ذلك إلى ارتفاع أسعار التأمين وتكاليف الشحن وزيادة مدد وصولها، وبث مخاوف من موجة تضخم عالمية جديدة.

لجوء إلى التخفي

ويلجأ قادة الجماعة إلى الانتقال من مقرات إقامتهم إلى مساكن جديدة، واستخدام وسائل تواصل بدائية بعد الاستغناء عن الهواتف المحمولة والأجهزة الإلكترونية، رغم أنهم يحيطون أنفسهم، عادة، باحتياطات أمنية وإجراءات سرية كبيرة، حيث يجهل سكان مناطق سيطرتهم أين تقع منازل كبار القادة الحوثيين، ولا يعلمون شيئاً عن تحركاتهم.

أضرار بالقرب من تل أبيب نتيجة اعتراض صاروخ حوثي (غيتي)

وشهدت الفترة التي أعقبت انهيار نظام الأسد في دمشق زيادة ملحوظة في نقل أسلحة الجماعة إلى مواقع جديدة، وتكثيف عميات التجنيد واستحداث المواقع العسكرية، خصوصاً في محافظة الحديدة على البحر الأحمر.

كما كشفت مصادر لـ«الشرق الأوسط»، خلال الأيام الماضية أن الاتصالات بقيادة الصف الأول للجماعة المدعومة من إيران لم تعد ممكنة منذ مطلع الشهر الحالي على الأقل، نتيجة اختفائهم وإغلاق هواتفهم على أثر التهديدات الإسرائيلية.

وأنشأت الولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا في ديسمبر (كانون الأول) من العام نفسه، تحالفاً عسكرياً تحت مسمى تحالف الازدهار، لمواجهة الهجمات الحوثية وحماية الملاحة الدولية، وفي يناير (كانون الثاني) الماضي بدأ التحالف هجماته على المواقع العسكرية للجماعة والمنشآت المستخدمة لإعداد وإطلاق الصواريخ الباليستية والطائرات المسيّرة.

وأطلق الاتحاد الأوروبي، في فبراير (شباط) الماضي، قوة بحرية جديدة تحت مسمى «خطة أسبيدس»، لحماية الملاحة البحرية في البحر الأحمر، وحدد مهامها بالعمل على طول خطوط الاتصال البحرية الرئيسية في مضيق باب المندب ومضيق هرمز، وكذلك المياه الدولية في البحر الأحمر وخليج عدن وبحر العرب وخليج عمان والخليج، على أن يكون المقر في لاريسا اليونانية.

احتفالات حوثية في العاصمة صنعاء بوقف إطلاق النار في غزة (إعلام حوثي)

وتزامنت هجمات الجماعة الحوثية على السفن التجارية في البحر الأحمر مع هجمات بطائرات مسيرة وصواريخ باليستية على مدن ومواقع إسرائيلية، ما دفع سلاح الجو الإسرائيلي للرد بضربات جوية متقطعة، 5 مرات، استهدف خلالها منشآت حيوية تحت سيطرة الجماعة.

وشملت الضربات الإسرائيلية ميناء الحديدة وخزانات وقود ومحطات كهرباء في العاصمة صنعاء.

ونظمت الجماعة الحوثية في العاصمة صنعاء، الأحد، عدداً من الاحتفالات بمناسبة وقف إطلاق النار في قطاع غزة، رفعت خلالها شعارات ادعت فيها أن عملياتها العسكرية في البحر الأحمر وهجماتها الصاروخية على الدولة العبرية، أسهمت في إجبارها على القبول بالهدنة والانسحاب من القطاع.

وتأتي هذه الاحتفالات مترافقة مع مخاوف قادة الجماعة من استهدافهم بعمليات اغتيال كما جرى مع قادة «حزب الله» اللبناني خلال العام الماضي، بعد تهديدات إسرائيلية باستهدافهم، وسط توقعات بإصابة قادة عسكريين كبار خلال الضربات الأميركية الأخيرة في صنعاء.