إسرائيل ترد على المقاطعة بـ«مقاطعة»... وتعد خطة لمحاربة مفوضية حقوق الإنسان

بعد نشر المنظمة الأممية قائمة بأسماء 112 شركة تمارس أنشطة في المستوطنات

محطة وقود في مستوطنة «كريت أربع» قرب الخليل تابعة لشركة «باز» التي ورد اسمها في قائمة الأمم المتحدة (إ.ف.ب)
محطة وقود في مستوطنة «كريت أربع» قرب الخليل تابعة لشركة «باز» التي ورد اسمها في قائمة الأمم المتحدة (إ.ف.ب)
TT

إسرائيل ترد على المقاطعة بـ«مقاطعة»... وتعد خطة لمحاربة مفوضية حقوق الإنسان

محطة وقود في مستوطنة «كريت أربع» قرب الخليل تابعة لشركة «باز» التي ورد اسمها في قائمة الأمم المتحدة (إ.ف.ب)
محطة وقود في مستوطنة «كريت أربع» قرب الخليل تابعة لشركة «باز» التي ورد اسمها في قائمة الأمم المتحدة (إ.ف.ب)

قررت الحكومة الإسرائيلية اتباع نهج «الرد على المقاطعة بالمقاطعة» في مواجهة تبعات قرار «المفوضية السامية لحقوق الإنسان» التابعة للأمم المتحدة نشر قائمة الشركات الإسرائيلية والأجنبية العاملة في المستوطنات.
وأعلن وزير خارجيتها، يسرائيل كاتس، قطع العلاقات مع المفوضية. وأعلن عن اتخاذ سلسلة إجراءات لحماية هذه الشركات. وتوجه إلى الإدارة الأميركية بطلب وضع خطة مضادة لمحاربة ومعاقبة كل من يرضخ ويقاطع تلك الشركات. وقال كاتس إن المفوضية، بقرارها نشر أسماء الشركات «تخدم أجندة حركة المقاطعة ضد إسرائيل (BDS)، المعادية للسامية واليهود».
وكانت المفوضية قد نشرت، أول من أمس (الأربعاء)، وبعد تأخير دام أكثر من 4 سنوات، قائمة بأسماء 112 شركة تمارس أنشطة في المستوطنات الإسرائيلية التي يعتبرها القانون الدولي غير قانونية، بينها 18 شركة دولية مثل «إير بي إن بي» و«إكسبيديا» و«تريب آدفايزور» و«كوكا كولا»، و94 شركة إسرائيلية. ويأتي التقرير استجابة لقرار أصدره مجلس حقوق الإنسان في الأمم المتحدة العام 2016 وطلب فيه «قاعدة بيانات عن جميع الشركات التي تمارس أنشطة خاصة مرتبطة بالمستوطنات الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية المحتلة». وخلال كل السنوات الماضية سعت إسرائيل بدعم وضغوط أميركية إلى منع نشر القائمة.
واعتبر رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، نشر هذه القائمة في هذا الوقت بالذات، بمثابة «إعلان حرب على صفقة القرن». وحمل بشدة على المفوضية الأممية، واصفاً إياها بهيئة منحازة وعديمة التأثير. وقال إنه «ليس من باب الصدفة أن تقطع كل من الولايات المتحدة وإسرائيل علاقاتهما مع هذه الهيئة التي تنشغل بتلطيخ سمعة إسرائيل، بدلاً من معالجة خروقات حقوق الإنسان في العالم». وأكد نتنياهو أنه أصدر «تعليمات بقطع أي صلة بهذه الهيئة»، وأضاف أن «إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب اتخذت خطوة مماثلة». وكشف نتنياهو أنه استعد لمثل هذه الخطوة منذ سنة 2016، وقال: «خلال السنوات الماضية، عملنا على تشريع قوانين في جميع الولايات الأميركية تنص على وجوب اتخاذ إجراءات حازمة ضد أولئك الذين يحاولون مقاطعة إسرائيل. فلو لم أقم بمقاومة هذه الجهود، لكنا خاضعين اليوم لعقوبات أشد. لكننا سنصدها بكل قوتنا». وقال إن تطبيق خطة «صفقة القرن» سوف ينسف قرارات المقاطعة. وأضاف: «إن اعتراف الولايات المتحدة بالسيادة الإسرائيلية على منطقة غور الأردن وشمال البحر الميت، والمستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية المحتلة، من شأنه أن يبطل قرار المفوضية الأممية لحقوق الإنسان، إذ لن تكون هناك منطقة محتلة. وسيبطل القرار ببساطة، لأن الولايات المتحدة أهم من الأمم المتحدة». وأشار إلى أن لجنة الخارجية في مجلس الشيوخ الأميركي شجبت قيام المفوضية الأممية السامية لحقوق الإنسان بهذه الخطوة، وأن عدداً كبيراً من الأعضاء الجمهوريين في مجلس النواب أعلنوا إدانتهم للمفوضية الأممية، معتبرين أن ذلك «لن يساهم في إحلال السلام في الشرق الأوسط».
ووصف الرئيس الإسرائيلي، رؤوبين رفلين، نشر القائمة السوداء، بأنه «مبادرة مخزية تذكرنا بفترات مظلمة في تاريخنا». وفي مقارنة مع النازية الألمانية، قال: «يجدر التذكير أن هذه القائمة لا تشمل عقوبات ولا مقاطعة فعلية أيضاً، وبالتأكيد لا تشمل أفران غاز». وقال رئيس حزب «كحول لفان»، بيني غانتس، إن يوم نشر القائمة السوداء هو «يوم أسود لحقوق الإنسان». ووصف زميله، يائير لبيد، المجلس بأنه «مفوضية حقوق الإرهابيين التابعة للأمم المتحدة». وندد رئيس تحالف قائمة اليسار «العمل - جيشر - ميرتس»، عمير بيرتس، بنشر القائمة وقال إنه «مثير للغضب».
وكشفت هيئة البث الإسرائيلية الرسمية «كان»، أمس، أن الحكومة الإسرائيلية، تلقت تنبيهاً بأن المفوضية الأممية تسعى لنشر القائمة، قبل ساعة واحدة من نشرها، من خلال الأميركيين، وأن المفوضة العليا لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة، ميشيل باشليه، رفضت الاجتماع بالمسؤولين الإسرائيليين أثناء إعداد التقرير.
وكتب مراسل صحيفة «معريب» في أوروبا، غدعون كوتس، أمس (الخميس)، أن «القائمة السوداء تشكل ضغطاً اقتصادياً على الشركات الدولية، من الولايات المتحدة، وفرنسا، وبريطانيا، وهولندا، ولوكسمبورغ، وتايلاند. وبعضها قد توقف نشاطها بمبادرة ذاتية، ليس في المناطق (المحتلة) فقط، وإنما في إسرائيل أيضاً، مثلما فعلت على سبيل المثال AirBNB، التي تراجعت عن قرارها لاحقاً بسبب الضغوط الأميركية». واعتبر نشر القائمة في التوقيت الحالي، يأتي «بمثابة تحذير وإلقاء قفاز نحو الولايات المتحدة وإسرائيل، إثر نشر (صفقة القرن) وعشية الانتخابات الإسرائيلية، وذلك من أجل التحذير أيضاً من نية ضم مناطق من دون موافقة المجتمع الدولي».



مشروع قانون مصري يوسّع مظلة المستفيدين من «الدعم النقدي»

مجلس النواب المصري خلال مناقشة قانون الضمان الاجتماعي الجديد (وزارة الشؤون النيابية)
مجلس النواب المصري خلال مناقشة قانون الضمان الاجتماعي الجديد (وزارة الشؤون النيابية)
TT

مشروع قانون مصري يوسّع مظلة المستفيدين من «الدعم النقدي»

مجلس النواب المصري خلال مناقشة قانون الضمان الاجتماعي الجديد (وزارة الشؤون النيابية)
مجلس النواب المصري خلال مناقشة قانون الضمان الاجتماعي الجديد (وزارة الشؤون النيابية)

عقب «موافقة مبدئية»، يواصل مجلس النواب المصري (البرلمان)، مناقشة مشروع قانون «الضمان الاجتماعي والدعم النقدي»، الذي قدَّمته الحكومة، بهدف «توسيع مظلة الدعم النقدي» للفئات الفقيرة.

وأقرَّ «النواب»، مبدئياً مشروع القانون، الأحد الماضي، في حين واصل أعضاؤه مناقشة نصوصه، على مدار يومَي الاثنين والثلاثاء. وقالت وزيرة التضامن الاجتماعي المصرية، مايا مرسي، إن «القانون يعمل على تحقيق العدالة الاجتماعية، ويستهدف مأسسة منظومة الدعم النقدي، بتحويل المنظومة من مجرد برنامج ومبادرات مثل (تكافل وكرامة) إلى حق ينظمه القانون»، وفق بيان لوزارة التضامن.

وأقرَّت الحكومة المصرية عام 2015، برنامجاً للحماية الاجتماعية باسم «تكافل وكرامة» لتقديم دعم نقدي بشكل شهري للفئات الأكثر فقراً. ويصل عدد المستفيدين منه 21 مليوناً، جرى تخصيص 41 مليار جنيه مصري لهم، في موازنة العام المالي، وفق وزارة التضامن المصرية (الدولار يوازي 49.6 جنيه مصري).

ووفق البيان، عدَّدت وزيرة التضامن، أهداف التشريع الجديد، ومنها «استدامة دعم الفئات الأكثر احتياجاً، وحوكمة الدعم، والتحقق من المستفيدين سنوياً»، إلى جانب «ضمان أن يكون الدعم مقدماً من موازنة الدولة، وليس من خلال قروض ومنح مؤقتة».

وأشارت إلى أن «التشريع الجديد، يلتزم بمعايير حقوق الإنسان، بتوفير الحماية الاجتماعية والتكافل الاجتماعي لكل شخص بالمجتمع».

ومن المواد التي أقرَّها مجلس النواب، الثلاثاء، أن «لكل مواطن تحت خط الفقر القومي، ولا يتمتع بنظام التأمين الاجتماعي، الحق في التقدم للحصول على دعم نقدي»، كما أقرَّ نصّاً بشأن «درجة الفقر للأفراد والأسر بناء على خريطة الفقر والمؤشرات الدالة عليه»، على أن تحدد اللائحة التنفيذية للقانون درجات الفقر، والإجراءات المتبعة لمَن يستحق الدعم النقدي.

ووفق تقرير للبنك الدولي، في مايو (أيار) الماضي، ارتفع معدل الفقر في مصر، من 29.7 في المائة في العام المالي 2019 - 2020، إلى 32.5 في المائة عام 2022.

ويمثل مشروع القانون، «استحقاقاً دستورياً»، وفق وزير الشؤون النيابية والقانونية والتواصل السياسي بمصر، المستشار محمود فوزي، الذي أشار إلى أن «التشريع يستهدف مدَّ مظلة الضمان الاجتماعي، واستكمال الاستحقاقات الدستورية المتعلقة بشبكة الأمان الاجتماعي، والتوسع في مفهوم الفئات الأولى بالرعاية والحماية، باستحداث وضم وشمول فئات جديدة، لم تكن مستفيدة»، وفق إفادة لوزارة الشؤون النيابية.

وكانت الحكومة المصرية، أحالت التشريع الجديد، إلى البرلمان، في نوفمبر (تشرين الثاني) من العام الماضي.

وحسب تقرير لجنة التضامن بالبرلمان المصري، فإن القانون يستهدف «حماية الأسر الأفقر، والأقل دخلاً»، إلى جانب «كفالة حقوق ذوي الإعاقة، وكبار السن، والأيتام»، بجانب «إلزام الأسر المستفيدة من الدعم، بالاستثمار في صحة الأطفال، وانتظامهم في التعليم»، ولا يتوقف القانون عند تقديم الدعم، ولكنه يهدف إلى «التمكين الاقتصادي لهذه الفئات، للخروج تدريجياً من الفقر».

بدوره، يرى عضو البرلمان المصري ومقرر لجنة أولويات الاستثمار بالحوار الوطني، أيمن محسب، أن «التشريع الجديد سيسهم في تحسين شبكة الأمان الاجتماعي وتوسيع مظلته، لتشمل جميع الفئات الأولى بالدعم، وكفالة حقوقهم»، مشيراً إلى أن «القانون يتسق مع خطوات الإصلاح الاجتماعي التي تسعى لها الحكومة المصرية حالياً».

وينصُّ مشروع القانون على نوعين من المساعدات النقدية: الأول، يشمل دعماً نقدياً مشروطاً (تكافل)، ويُقدَّم للأسر الفقيرة، بما فيها الأسر التي لديها أبناء، أما الدعم الثاني فهو غير مشروط (كرامة)، ويُقدَّم للأفراد الفقراء من ذوي الإعاقة والمرضى وقدامى الفنانين والرياضيين والأدباء، وأسند القانون، لرئيس الوزراء، قرار تحديد قيمة الدعم النقدي، على أن تتم مراجعة القيمة كل 3 سنوات.

وقال محسب لـ«الشرق الأوسط»، إن «التشريع الجديد، يمهِّد الطريق أمام الحكومة المصرية، للتحول إلى نظام الدعم النقدي بدلاً من العيني». وأعاد ذلك إلى أن «القانون ينص على حوكمة برامج الدعم المُقدَّمة للحماية الاجتماعية، ويعتمد على قواعد بيانات دقيقة يتم تحديثها بشكل دوري، وسيتم ربطها بالمتغيرات الاقتصادية مثل معدلات التضخم»، عادّاً أن تلك الإجراءات، «من بين خطوات تطبيق الدعم النقدي».

وتتزامن مناقشات التشريع الجديد، مع مناقشات أخرى أعلنتها الحكومة المصرية، داخل «الحوار الوطني» (الذي يضم شخصيات عامة وحزبية وأكاديميين)، مع خبراء ومتخصصين، لبحث التحول من نظام الدعم العيني إلى نظام الدعم النقدي للفئات الأولى بالرعاية.

وتتطلع الحكومة المصرية لبدء تطبيق منظومة الدعم النقدي، مع العام المالي الجديد، بداية من يوليو (تموز) 2025. وقال رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، بداية شهر سبتمبر (أيلول) الماضي، إن «بلاده قد تبدأ في التحول من دعم السلع الأولية الأساسية، إلى تقديم مساعدات نقدية مباشرة، للفئات الأولى بالرعاية»، وربط البدء في التطبيق «بالتوصل إلى توافق في الآراء بشأن قضية الدعم النقدي في الحوار الوطني».

وتُطبِّق الحكومة المصرية منظومةً لدعم السلع الضرورية منذ عقود طويلة، بهدف خفض نفقات المعيشة للفئات الأولى بالرعاية، ويحصل المواطن على السلع المدعمة من خلال منظومة البطاقات التموينية، لكن الحكومات المتعاقبة تشكو من الأعباء الاقتصادية لمنظومة الدعم على الموازنة العامة، في ظل التوسع في عدد السلع المدعمة خلال السنوات الماضية.

من جهته، ينظر مدير «مركز القاهرة للدراسات الاقتصادية»، عبد المنعم السيد، إلى مشروع القانون بوصفه «منظماً لسياسات الحماية الاجتماعية في مصر»، مشيراً إلى أن «القانون يختلف في نصوصه عن تشريعات مماثلة في دول أخرى، وفق الأولويات الاقتصادية والاجتماعية في مصر».

ويرى السيد، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن التشريع «يحقق مرونة أمام الحكومة المصرية في تقديم الدعم النقدي خلال الأزمات والكوارث الطبيعية والأوبئة، كما حدث في جائحة (كورونا)»، مضيفاً أنه «يشمل تحت مظلته، فئات تتضرر بشكل مفاجئ مثل العاملين في القطاعات غير الرسمية، والذين يفقدون وظائفهم».