مجلس الأمن يطالب بوقف دائم للنار في ليبيا... والبعثة الأممية ترحب

امتناع روسيا عن التصويت يعكس خلافات عميقة مع الدول الغربية

TT

مجلس الأمن يطالب بوقف دائم للنار في ليبيا... والبعثة الأممية ترحب

بعد مخاض استمر أسابيع، تمكن مجلس الأمن، ليلة أول من أمس، من تبني قرار يدعو إلى وقف دائم للنار في ليبيا، طبقاً لما جرى التوافق عليه في مؤتمر برلين الدولي، وتكليف الأمين العام للأمم المتحدة بإعداد تقرير حول نشر مراقبين في البلاد. وهو القرار الذي لاقى ترحيب بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا أمس.
وأصدر القرار الذي أعدت مسودته بريطانيا وأعطي الرقم 2510، بغالبية 14 من الأعضاء الـ15 في المجلس، مع امتناع روسيا عن التصويت. واستغرق النقاش أسابيع عدة على نص القرار، بسبب الخلافات العميقة بين الدول الغربية وروسيا حول الوضع في ليبيا، رغم الاتفاق الأخير بين زعماء العالم الذين شاركوا في مؤتمر برلين، وبينهم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، على إنهاء التدخل الأجنبي في البلاد واستمرار حظر الأسلحة.
ويحض القرار طرفي النزاع الرئيسيين على التزام الهدنة التي بدأت مطلع السنة الجارية، داعياً «مجموعة 5+5» العسكرية التي تتكون من خمسة ضباط من القوات التابعة لـ«حكومة الوفاق الوطني» برئاسة فايز السراج، وخمسة ضباط آخرين من قوات «الجيش الوطني الليبي» بقيادة المشير خليفة حفتر، إلى التوصل لوقف دائم لإطلاق النار في ليبيا «في أقرب فرصة، ومن دون شروط مسبقة». كما عبر عن «القلق من تدخل المرتزقة المتزايد في ليبيا»، علماً بأن روسيا كانت قد طالبت بتغيير مصطلح «المرتزقة» إلى عبارة «المقاتلين الإرهابيين الأجانب».
كما يشدد القرار على «التزام سيادة ليبيا واستقلالها وسلامة أراضيها ووحدتها»، مكرراً «الدعم القوي» للجهود التي يقودها رئيس بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، الممثل الشخصي للأمين العام للمنظمة الدولية، غسان سلامة، بهدف إنهاء الأزمة بين الأطراف المتحاربة. كما طلب من الأمين العام أنطونيو غوتيريش تقديم «تقرير مرحلي بشأن الظروف اللازمة والمقترحات حول رصد وقف فعَّال لإطلاق النار برعاية الأمم المتحدة»، بالإضافة إلى تقديم تقرير في شأن التقدم المحرز حول عمل لجنة المتابعة الدولية التي دعا لها مؤتمر برلين.
وبعد أن ذكَّر القرار بأن «الحل العسكري مرفوض في ليبيا»، سلط الضوء على «أهمية الدور المركزي الذي تقوم به الأمم المتحدة في تيسير عملية سياسية بقيادة الليبيين أنفسهم ومملوكة منهم»، داعياً إلى «التزام الأطراف التي شاركت في مؤتمر برلين بالتعهدات التي قُطعت، وأبرزها الامتناع عن أي تدخل أجنبي في النزاع المسلح، أو في شؤون ليبيا الداخلية، والتزام حظر التسليح»، كما عبَّر عن «قلق بالغ» من الأوضاع الإنسانية المتردية في ليبيا، ومنها «تدهور مستوى المعيشة، وعدم القدرة على توفير الخدمات الأساسية، بالإضافة إلى الوضع الذي يمر به المهاجرون واللاجئون والنازحون».
أما بخصوص الثروة النفطية، فقد أكد القرار على أن «موارد ليبيا النفطية هي لمنفعة جميع الليبيين، ويجب أن تخضع لسيطرة شركة النفط الوطنية الكاملة». وإثر صدور القرار، أوضح فاسيلي نيبينيزيا، المندوب الروسي الدائم لدى الأمم المتحدة، سبب امتناع بلاده عن التصويت، قائلاً إن «روسيا تشكك بجدية في أن يدفع القرار الليبيين نحو التوصل إلى اتفاق بشكل أسرع»، معبراً عن أمله في أن «تنفذ قرارات مجلس الأمن بشأن ليبيا، ونود أن يكون القرار قابلاً للتطبيق؛ لكن لا نعتقد بإمكانية ذلك بناء على النص، ولهذا السبب لم نستطع التصويت لصالحه».
أما المندوب الليبي الدائم لدى الأمم المتحدة طاهر محمد السني، فرحب بتبنِّي القرار، قائلاً إنه «على الرغم من تأخره كثيراً، فإننا نرحب بتأكيد مجلسكم على أن الحل السياسي للأزمة الليبية هو الحل الوحيد الذي لا مناص منه».
وتعليقاً على تحفظ روسيا على بعض الفقرات الواردة في القرار، عبر المندوب الليبي عن الأمل في «العمل مع دول المجلس لتقريب وجهات النظر وتجاوز الخلافات».
وكان مجلس الأمن قد تبنى قبل يوم من هذا القرار، قراراً آخر أعطي الرقم 2509، وأيدته أيضاً 14 دولة، بينما امتنعت روسيا عن التصويت عليه، ويهدف إلى تمديد نظام العقوبات المفروضة على ليبيا. وبموجب القرار هذا، مدد المجلس حظر تصدير السلاح إلى ليبيا حتى 30 أبريل (نيسان) 2021، مؤكداً أن «الحالة في ليبيا لا تزال تشكل تهديداً للسلم والأمن الدوليين». وعبرت روسيا عن أسفها لـ«منع الليبيين من استيراد النفط ولو بطرق غير شرعية».



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.