إيفرتون يضرب «المثل» في الوقوف ضد المراهنات

إذا كانت أندية الدوري الإنجليزي الممتاز تبحث عن طريقة لنيل التقدير عن جهودها خارج الملعب، فإن رفض رعاية شركات المراهنة هي السبيل الأمثل أمامها.
في ظل مناخ عام يشوبه قلق بالغ بدأ ينتبه أخيراً إلى إعلانات شركات المراهنات التي تغرق ملاعب كرة القدم، قدم نادي إيفرتون بارقة أمل نحو مستقبل أفضل أثناء مباراته على أرضه أمام كريستال بالاس السبت الماضي قبل فترة التوقف الشتوية، فبدلاً من أن يروج لاعبو الفريق لشركة المراهنة الكينية العملاقة «سبورتبيسا» الراعية له، ارتدى اللاعبون قمصاناً تتلاءم مع البرنامج الاجتماعي لإيفرتون، وكتب عليها عبارة «نادي الشعب» التي تبدو ملائمة للغاية لأبناء نادٍ يقدم نفسه باعتباره «نادي الشعب».
وبذلك حرص إيفرتون على استغلال مباراة واحدة في الموسم يمكن للأندية خلالها بوجه عام الترويج لقضية صالحة بدلاً من التركيز على مصالح الراعي التجاري للفريق. جدير بالذكر، أنه بالنسبة لـ10 من أندية الدوري الممتاز الـ20، يتمثل هذا الراعي التجاري الرسمي في شركة مراهنة عبر الإنترنت. وكان لاعبو كريستال بالاس يرتدون على قمصانهم اسم الراعي التجاري للفريق، شركة «مانبيت إكس»، وهي شركة مراهنات رياضية يملكها فلبينيون ومسجلة في مالطا، ولها أنشطة في أندية مقامرة.
وبدا ارتداء اسم البرنامج الاجتماعي الذي يحظى بتقدير واسع، تصرفاً لائقاً من جانب إيفرتون وحلاً واضحاً لتحديين رئيسيين في الدوري الممتاز الإنجليزي أشار إليهما الرئيس التنفيذي الجديد ريتشارد ماسترز خلال أولى مقابلاته الإعلامية الأسبوع الماضي. ويتمثل التحدي الأول والأهم في المراجعة التي تجريها الحكومة للقوانين المنظمة للمراهنة والقمار والتي كشف عنها النقاب بصورة دراماتيكية عام 2005 بعد سنوات من القيود، وتحمل المراجعة إمكانات أفضل بالنسبة للأندية.
وتحدث ماسترز عن رفض أي محاولة لحظر عقود الرعاية التجارية من جانب شركات مراهنات لأندية، مؤكداً أن بين كرة القدم والمراهنات تاريخ طويل ـ وبدا ذلك حجة غير جذابة وغير مقنعة من جانب مسؤولي الدوري الممتاز. ومع ذلك، اعترف ماسترز بالحاجة إلى «حكم» أقوى، «خاصة لحماية الفئات الضعيفة»، لكنه قال إنه بوجه عام لا يعتبر الدوري العام مؤسسة «متعالية أو متحيزة» بخصوص المراهنات.
وبدا ذلك توجهاً مفرطاً في التبسيط على نحو غريب. الملاحظ أن أجراس الإنذار تدق اليوم بأصوات أعلى من أي وقت مضى تجاه تحول الكيان المسيطر على كرة القدم من خلال ارتباطه بالمراهنة نحو نشاط تسويقي محموم عبر الإنترنت، وعلى القمصان، وعلى لوحات الإعلانات، وعبر شاشات التلفزيون.
وتزامن تخفيف القيود القانونية على المراهنات مع ثورة استخدام الهواتف المحمولة التي جعلت المراهنة التي توافرت في معظمها عبر تطبيقات، خياراً متاحاً على نحو أسهل وأسرع بكثير، بل ويرى بعض الخبراء أن قدرتها على إسقاط الأفراد في فخ الإدمان زادت بسبب ذلك. في هذا السياق، حذر دكتور داراغ مكغي، من جامعة باث الإنجليزية، من «صبغة المراهنات» التي يجري إضفاؤها على كرة القدم، وذلك بعدما درس حياة شباب لم يعد بإمكانهم مشاهدة مباراة كرة قدم دون المراهنة على نتيجتها، وعانوا من عواقب وخيمة جراء ذلك على الصعيد المالي والصحة الذهنية والعلاقات.
وتتمثل واحدة في أكثر الحملات وجعاً للقلب من أجل تشديد القوانين المنظمة للمراهنات في حملة «المراهنة بالحياة»، التي أطلقها تشارلز وليز ريتشي بعدما قتل نجلهما جاك الشاب الاجتماعي و«الطبيعي» المحبوب والعاشق لكرة القدم نفسه عام 2017 في سن الـ24 بعد أن أدمن المراهنة.
ويتمثل التحدي الآخر من وجهة نظر ماسترز والذي قدم له القميص الذي ارتداه لاعبو إيفرتون يوم السبت حلاً واضحاً، في مهمته الساعية لكسب مزيد من التقدير للجهود المجتمعية التي تبذلها الأندية.
جدير بالذكر، أنه قبل إنهاء البحث الطويل عن خليفة ليحل محل ريتشارد سكودامور من خلال تصعيد ماسترز من الداخل إلى هذا المنصب بعد أن كان قائماً بالأعمال، أخبر مصدر رفيع من داخل مؤسسة الدوري الممتاز «الغارديان» بأن هذا جزء من مهمة الرئيس الجديد.
جدير بالذكر، أن الأندية تنفق موارد ضخمة على البرامج المجتمعية الخاصة بها - كان أحدث رقم تم الإعلان عنه 3.6 في المائة من قيمة أحدث صفقات بث تلفزيونية لمدة ثلاث سنوات والبالغة 8.4 مليار جنيه إسترليني. واليوم ترغب هذه الأندية في نيل مزيد من الاعتراف والتقدير لجهودها. وقد تطورت البرامج الاجتماعية للأندية على نحو ملحوظ وأصبحت تتعاون مع الشرطة ومؤسسات تعليمية ووكالات معنية بالاندماج الاجتماعي لمعاونة الفئات المعوزة داخل الأحياء الفقيرة.
وتعتبر المنطقة المحيطة بغوديسون بارك (ملعب إيفرتون) واحدة من أكثر مناطق البلاد فقراً وحرماناً، ويعمل البرنامج الاجتماعي مع السكان واللاجئين والمشردين أو من يعانون مشكلات إدمان.
كان الرئيس التنفيذي لإيفرتون، دينيس باريت باكسنديل، أول من تولى إدارة البرنامج المجتمعي، ثم أعلن إيفرتون التزامه بالاستمرار في جهوده عندما انتقل النادي إلى الاستاد الجديد في براملي مور دوك. واعترف باريت باكسنديل الشهر الماضي بأنه «حال توافر ظروف مثالية» كان النادي ليفضل نمطاً من الرعاة التجاريين مختلفاً عن شركة مراهنات.
جدير بالذكر، أن «سبورتبيسا» توسعت وحققت أرباحاً ضخمة في ظل بيئة لا تخضع لتنظيم جيد بصورة نسبية داخل كينيا. وهناك، سرعان ما استشعر كبار السياسيين قلقاً عارماً إزاء مستويات إدمان المراهنات والديون بين الشباب الذين انجذبوا للمراهنة عبر الإنترنت.
والاحتمال الأكبر أن يحظى ماسترز والأندية بالتقدير الأكبر الذي يسعون خلفه إذا لم يتم النظر إلى جهودهم الطيبة باعتبارها تحمل طابعاً تجارياً؛ الأمر الذي بات جلياً في بيع هذه الأندية قمصانها لشركات مراهنة. إذا ما رفضت الأندية عقود الرعاية من شركات مراهنة ومضت في جهودها المجتمعية سيصبح ادعاؤها بأنها تحمل هموم مجتمعها في القلب أكثر مصداقية، خاصة أنها بذلك ستضخ مزيداً من الأموال في جهودها لمعاونة المجتمع.