مسلسل «مملكة إبليس» يعيد «صراعات الحارة المصرية» إلى الشاشة

إشادة نقدية وجماهيرية بالحبكة والتمثيل

أفيش مسلسل «مملكة إبليس»
أفيش مسلسل «مملكة إبليس»
TT

مسلسل «مملكة إبليس» يعيد «صراعات الحارة المصرية» إلى الشاشة

أفيش مسلسل «مملكة إبليس»
أفيش مسلسل «مملكة إبليس»

أعاد المسلسل المصري «مملكة إبليس»، والذي يُعرض حالياً على إحدى المنصات الإلكترونية، صراعات الحارة المصرية إلى الشاشة، وسط إشادة نقدية وجماهيرية بالحبكة والتمثيل... العمل من إخراج أحمد خالد موسى، وتأليف محمد أمين راضي، وبطولة غادة عادل، ورانيا يوسف، وإيمان العاصي، وسلوى خطاب، وأحمد داود، وأسماء جلال.
تدور قصة المسلسل في حارة تسمى «حارة الحدق»، يُقتل بها أحد الفتوات الملقب بـ«إبليس»، تقوم سيدة بأخذ الجثة والرقص لها، ومن ثم تبدأ لعنات تصيب الحارة، لموته، وعليهم أن يجدوا شخصاً يحميهم من لعنة إبليس قبل أن يدمر غضبه الحارة وأهلها.
وللحارة المصرية الشعبية تاريخ طويل في الأعمال الدرامية والسينمائية، إذ عبّر عنها في أكثر من عمل الأديب العالمي الراحل نجيب محفوظ، والكاتب الراحل أسامة أنور عكاشة، وتعد أعمال «أرابيسك» و«الشهد والدموع» و«ليالي الحلمية» و«الحارة» و«بين السرايات» و«مولانا العاشق»، و«الكابوس» من أبرز الأعمال التي تناولت الحارة المصرية.
ويرى نقاد مصريون، من بينهم الناقد طارق الشناوي، أن مسلسل «مملكة إبليس» مبشّر ويستحق المتابعة، لا سيما بعد كتابته المُحكمة، ويقول لـ«الشرق الأوسط»: «نتمنى أن يكتمل العمل بشكل جيد، مثلما بدأ، خصوصاً أن الجمهور يفضل هذه النوعية من الأعمال التي تخلق جواً من التشويق والإثارة»، مشيراً إلى أن «راضي يعد من أكثر الكتاب موهبة في جيله، لأنه يمتلك قدراً من الخصوصية، ولديه عالم مختلف وخاص وهذا مهم جداً للإبداع».
ويُعد اختفاء أمين راضي لفترات طويلة عن الساحة الدرامية من أبرز الأمور السلبية التي يرجعها الشناوي إلى حبه الابتعاد عن وسائل الإعلام.
ويسلط المسلسل الضوء على الصراعات بين سكان إحدى الحارات الشعبية، وسط أجواء يسيطر عليها التشويق والإثارة والأساطير والحكايات الشعبية، وفق النقاد.
وتقول الفنانة سلوى خطاب، إحدى الفنانات المشاركات بالمسلسل لـ«الشرق الأوسط»: «سعيدة جداً بمشاركتي في حلقات الجزء الأول من المسلسل، وبردود فعل الجمهور على شخصية (سالكة)، وأنتظر عرض الحلقات المقبلة من المسلسل»، وأضافت: «في البداية تخوفت من عرض العمل على منصة إلكترونية، لكن الجمهور أثبت أنه يذهب بنفسه لمشاهدة الأعمال الجيدة، في أي وسيلة».
وهو ما يؤكده المؤلف محمد أمين راضي، على صفحته الشخصية على موقع «فيسبوك»، قائلاً: «سعيد بردود فعل الجمهور، خصوصاً أن البعض كان يبثّ الرعب في قلوبنا قبل عرض العمل على شبكة الإنترنت، لكننا نثق بنجاحنا، بعدما اجتذبنا جمهوراً خاصاً».
ومحمد أمين راضي، كاتب سيناريو مصري، وُلد في مدينة السويس في عام 1982، ونال الكثير من النجاح الجماهيري والنقدي مع عرض أول عمل تلفزيوني له «نيران صديقة» في عام 2013، ثم تلاه بمسلسل «السبع وصايا» في عام 2014، والذي حقق نجاحاً لافتاً خلال عرضه، وأسس شركة متخصصة في كتابة السيناريوهات السينمائية والتلفزيونية وتسويقها في مصر وبعض الدول العربية.
وأشادت الناقدة ماجدة خير الله، بسيناريو المسلسل المُحكَم، وقالت لـ«الشرق الأوسط»: إن «راضي يعد أحد أهم وأجرأ كتاب الدراما المصرية حالياً، وهو مبهر ومتجدد، كذلك فريق العمل تم اختياره بعناية، ومثّل العمل لهم فرصة جيدة للتألق والصعود». ولفتت إلى أن «هذه النوعية من الأعمال ستكون ضربة قوية لكل ما هو تقليدي».
وأكدت خير الله أن «الدراما والفن أمن قومي، لكنّ البعض لا يفهم ذلك، وفي تقديري أن أي مسلسل لا يحقق نسب مشاهدة جيدة، يجب وقفه فوراً، لأن الفشل يسبب خسائر ضخمة جداً للقنوات الفضائية، أما في المنصات الإلكترونية، فإن الجمهور يدفع اشتراكات لمشاهدة عمل بعينه، ولو لم يجد مبتغاه فسوف يتوقف عن دفع الاشتراك».
وهو ما يتفق معه الشناوي قائلاً: «المنصات الجديدة ستكون الحصان الرابح، خلال الفترة المقبلة، وهي مثل أي شيء جديد يختلف عليه الناس، في البداية، ولكن سرعان ما يعتادون عليه، فمثلاً الكاتب الكبير الراحل أسامة أنور عكاشة كان يرفض الكتابة على الكومبيوتر، في بداية ظهوره، وكان يفضّل الورق، وكذلك وحيد حامد، لكن غيرهم كان يفضله، وهذا ما يحدث الآن مع المنصات الدرامية».


مقالات ذات صلة

إعلان جمال سليمان نيته الترشح لرئاسة سوريا يثير ردوداً متباينة

يوميات الشرق الفنان السوري جمال سليمان (حساب سليمان على «فيسبوك»)

إعلان جمال سليمان نيته الترشح لرئاسة سوريا يثير ردوداً متباينة

أثار إعلان الفنان السوري جمال سليمان نيته الترشح لرئاسة بلاده، «إذا أراده السوريون»، ردوداً متباينة.

فتحية الدخاخني (القاهرة)
يوميات الشرق لقطة من البرومو الترويجي لمسلسل «ساعته وتاريخه» الذي يعرَض حالياً (برومو المسلسل)

مسلسلات مستوحاة من جرائم حقيقية تفرض نفسها على الشاشة المصرية       

في توقيتات متقاربة، أعلن عدد من صُنَّاع الدراما بمصر تقديم مسلسلات درامية مستوحاة من جرائم حقيقية للعرض على الشاشة.

داليا ماهر (القاهرة )
يوميات الشرق من وجهة نظر العلاج بالفنّ (غيتي)

علاج القلق والكآبة... بالمسلسلات الكورية الجنوبية

رأى خبراء أنّ المسلسلات الكورية الجنوبية الزاخرة بالمشاعر والتجارب الحياتية، قد تكون «مفيدة» للصحة النفسية؛ إذ يمكنها أن تقدّم «حلولاً للمشاهدين».

«الشرق الأوسط» (سيول)
يوميات الشرق الفنانة مايان السيد في لقطة من البرومو الترويجي للمسلسل (الشركة المنتجة)

«ساعته وتاريخه»... مسلسل ينكأ جراح أسرة مصرية فقدت ابنتها

أثار مسلسل «ساعته وتاريخه» التي عرضت أولى حلقاته، الخميس، جدلاً واسعاً وتصدر ترند موقع «غوغل» في مصر، خصوصاً أن محتوى الحلقة تناول قضية تذكّر بحادث واقعي.

داليا ماهر (القاهرة )
يوميات الشرق سهر الصايغ خلال تسلمها إحدى الجوائز (حسابها على إنستغرام)

سهر الصايغ: تمردت على دور «الفتاة البريئة»

قالت الفنانة المصرية سهر الصايغ إنها تشارك في مسلسل «أسود باهت» بدور «شغف» التي تتورط في جريمة قتل وتحاول أن تكشف من القاتل الحقيقي.

مصطفى ياسين (القاهرة )

ميشال رميح: أغنية «عم يوجعني بلدي» ترجمت فيها أحاسيسي الحقيقية

يعد رميح الأغنية الوطنية وجهة ضرورية للفنان (ميشال رميح)
يعد رميح الأغنية الوطنية وجهة ضرورية للفنان (ميشال رميح)
TT

ميشال رميح: أغنية «عم يوجعني بلدي» ترجمت فيها أحاسيسي الحقيقية

يعد رميح الأغنية الوطنية وجهة ضرورية للفنان (ميشال رميح)
يعد رميح الأغنية الوطنية وجهة ضرورية للفنان (ميشال رميح)

قبل أسابيع قليلة، شارك المغني ميشال رميح في المهرجان الفني اللبناني في ولاية أريزونا في أميركا. تردد رميح قبل الموافقة على هذه المشاركة. وجد نفسه محرجاً في الغناء على مسرح عالمي فيما لبنان كان يتألّم، ولكنه حزم أمره وقرر المضي بالأمر كونه سيمثّل وجه لبنان المضيء. كما أن جزءاً من ريع الحفل يعود إلى مساعدة النازحين. ويعلّق لـ«الشرق الأوسط»: «كانت الحفلة الأولى لي التي أقيمها خلال هذه الحرب. وترددي جاء على خلفية مشاعري بالحزن على وطني».

خلال الحرب أصدر ميشال رميح أغنيته الوطنية «عم يوجعني بلدي». وقدّمها بصورة بسيطة مع عزف على البيانو، فلامست قلوب سامعيها بدفء كلماتها ولحنها النابع من حبّ الوطن. فهو كما ذكر لـ«الشرق الأوسط» كتبها ولحنها وسجّلها وصوّرها في ظرف يوم واحد. ويروي قصة ولادتها: «كنا نتناول طعام الغداء مع عائلتي وأهلي، ولم أتنبه لانفصالي التام عن الواقع. شردت في ألم لبنان ومعاناة شعبه. كنت أشعر بالتعب من الحرب كما كثيرين غيري في بلادي. والأسوأ هو أننا نتفرّج ولا قدرة لنا على فعل شيء».

ألّف رميح أغنيته "عم يوجعني بلدي" ولحّنها بلحظات قليلة (ميشال رميح)

وجعه هذا حضّه على الإمساك بقلمه، فكتب أحاسيسه في تلك اللحظة. «كل ما كتبته كان حقيقياً، وينبع من صميم قلبي. عشت هذا الوجع بحذافيره فخرجت الكلمات تحمل الحزن والأمل معاً».

يقول إنه لا يحب التخلّي عن مشاعر التفاؤل، ولذلك آثر تمرير ومضات رجاء تلونها. وجعه الحقيقي الذي كان يعيشه لم يمنعه من التحلي بالصبر والأمل. ويوضح لـ«الشرق الأوسط»: «في النهاية سنقوم من جديد؛ كوننا شعباً صلباً لا تشّلنا الأزمات. والفنان صاحب الأحاسيس المرهفة لا يمكنه أن يفرّق بين وجهة سياسية وأخرى، ولا بين طائفة وأخرى ينتمي إليها هذا الشخص أو ذاك. فما أعرفه جيداً هو أننا جميعنا لبنانيون، ولذلك علينا التوحّد ومساعدة بعضنا البعض. رؤية أبناء بلدي يهجرون منازلهم وقراهم المدمّرة، لامستني عن قرب، فولدت أغنيتي (عم يوجعني بلدي)؛ لأني بالفعل عشت ألماً حقيقياً مع نفسي».

حفرت في ذاكرة ميشال رميح مشاهد عدة مؤثّرة عن لبنان المهجّر والمدمّر، كما يقول. «لن أنسى ذلك المسنّ الذي بكى خسارته لزوجته وبيته معاً. اليوم لا يجد مكاناً يؤويه، كما يفتقد شريكة حياته. وكذلك تعاطفت مع الأطفال والأولاد الذين لا ذنب لهم بحروب الكبار. فهؤلاء جميعاً أعتبرهم أهلي وإخوتي وأبنائي. كان لا بد أن تخرج مني كلمات أغنية، أصف فيها حالتي الحقيقية».

ميشال ابن زحلة، يقيم اليوم في أميركا. يقول: «هاجرت إلى هناك منذ زمن طويل. وفي كل مرة أعود بها إلى لبنان أشعر بعدم قدرتي على مغادرته. ولكن بسبب أطفالي اضطررت للسفر. وعندما أغادر مطار بيروت تمتلكني مشاعر الأسى والحزن. لم أرغب في ترك بلدي وهو يمرّ في محنة صعبة جداً. ولكن الظروف مرات تدفعنا للقيام بعكس رغباتنا، وهو ما حصل معي أخيراً».

يقول بأنه لا يحب التخلّي عن مشاعر التفاؤل (ميشال رميح)

صوّر ميشال أغنيته، وسجلها في الاستوديو، في الوقت نفسه. لم يرغب في أن تكون مصطنعة بمشهديتها بل أن تمثّل واقعاً يعيشه. «الأغنية ليست تجارية، كتبت كلماتها على قصاصة ورق صغيرة. وأنا أتوجّه إلى استوديو التسجيل قمت بتلحينها».

سبق وتعاون رميح في عدة أغنيات مع مجموعة شعراء وملحنين، ومن بينهم هيثم زيات وسليم عساف. ولكن في أغنية «عم يوجعني بلدي» ترك العنان لأحاسيسه، فلحّن وكتب وغنّى من هذا المنطلق. صديقه ريكاردو عازار تسلّم مهمة عزف اللحن على آلة البيانو. «لم أشأ أن ترافقها آلات وإيقاعات كثيرة لأنها أغنية دافئة ووطنية».

يعدّ رميح الأغنية الوطنية وجهة يجب أن يتحوّل إليها كل فنان تتملّكه أحاسيس حقيقية تجاه وطنه. ويستطرد: «هكذا أنا مغنٍ أستطيع أن أقاوم عندما بلدي يشهد مرحلة صعبة. لا أستطيع أن ألتزم الصمت تجاه ما يجري من اعتداءات على أرضه. ولأن كلمات الأغنية تنبع من رحم الواقع والمشاعر، لاقت انتشاراً كبيراً».

حتى أثناء مرور لبنان بأزمات سابقة لم يوفّر ميشال رميح الفرصة ليغني له. «أثناء ثورة أكتوبر (تشرين الأول) وانفجار المرفأ غنيّت لبنان بأسلوبي وعلى طريقتي. وتركت مساحة مضيئة بأمل في الغد تبرز في أعمالي. غنيت (شعب لبنان) يومها من ألحان هيثم زيات».

تركت مساحة مضيئة بأمل في الغد تبرز في أعمالي (ميشال رميح)

ينقل ميشال رميح حقيقة أحاسيس كل لبناني اضطر إلى هجرة وطنه. «قد يعتقد البعض أن من يعيش خارج لبنان وهو في أزمة، يتمتع بالراحة. هذا أمر خاطئ تماماً. فقد عصرني الألم وأنا أغادر وطني، وكلما حلّقت الطائرة وصغرت صورة لبنان من الأعلى، شعرت بحزن أكبر. جميع أبناء لبنان ممن أعرفهم هنا في أميركا يحزّ في قلبهم ابتعادهم عن وطنهم المجروح. ولكنهم جميعهم يأملون مثلي بالعودة القريبة إليه. وهو ما يزيد من صبرهم، لا سيما وأن أعمالهم وعائلاتهم تعيش في أميركا».

أغانٍ وطنية عديدة لفتت ميشال رميح أخيراً: «أرفع القبعة لكل فنان يغني لبنان المتألم. استمعت إلى أغانٍ عدة بينها لجوزف عطية (صلّوا لبيروت)، ولماجد موصللي (بيروت ست الدنيا)، وأخرى لهشام الحاج بعنوان (بيروت ما بتموت)، وكذلك واحدة أداها الوليد الحلاني (بعين السما محروس يا لبنان)». ويعلّق لـ«الشرق الأوسط»: «أعتبر هذه الأغاني بمثابة غذاء الروح لوطني لبنان. لا شك أن ما أعنيه يأتي مجازياً؛ لأن لا شيء يعوّض خسارات بلدي. ولكن من ناحيتي أجد صوتي وأغنيتي هما سلاحي الذي أدافع فيه عن بلدي».

عندما غادر رميح لبنان منذ نحو الشهر كان في زيارته الثانية له بعد غياب. فحب الوطن زرعه في قلبه، ونما بداخله لا شعورياً. «لن أستسلم أبداً، وسأثابر على زيارة لبنان باستمرار، على أمل الإقامة فيه نهائياً وقريباً. فوالداي علّماني حب الوطن، وكانا دائماً يرويان لي أجمل الذكريات عنه. وأتمنى أن أشهد مثل هذه الذكريات كي أرويها بدوري لأولادي».